جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-17@22:50:24 GMT

تصعيد إلى الهاوية

تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT

تصعيد إلى الهاوية

 

حاتم الطائي

 

الاحتلال الإسرائيلي يواصل بربريته وسط صمت دولي غير مسبوق

غيوم "الحرب الكبرى" تُلبِّد سماء المنطقة.. والصهيونية لن تتوقف عن تفخيخ الإقليم

ضرورة بناء موقف عربي ودولي مُوحَّد يرفض الحرب ويُرسي السلام

 

تقترب منطقة الشرق الأوسط من السقوط في هاوية سحيقة، في ظل ما يقترفه الكيان الصهيوني من جرائم شنيعة تطال الدول والأشخاص والكيانات، وتُهدد بتفجُّر حرب إقليمية كُبرى لا نُبالغ إذا حذَّرنا من تحولها إلى حرب عالمية ثالثة، لن تُبقي ولن تذر!

الاحتلال الإسرائيلي ما يزال يُمارس بربريته الفجَّة، وسط صمت إقليمي ودولي غير مسبوق؛ إذ لم يكتفِ هذا الكيان الغاصب المُجرم بتدمير قطاع غزة وتنفيذ أبشع جريمة إبادة جماعية في العصر الحديث، علاوة على احتلال الأراضي الفلسطينية بأكملها؛ بل تمادى في غطرسته الكاذبة عبر الاعتداء على سيادة الدول وتنفيذ عمليات عدوانية على الآخرين، واغتيال الشخصيات السياسية، في جريمة مُنكرة تتطلب تحقيقًا دوليًا من أجل تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة.

ومن المُؤسف أن نجد المُجتمع الدولي عاجزًا عن مواجهة هذا المُحتل الوقح الذي يمارس جرائمه بكل خسة ونذالة، فقد فشل مجلس الأمن حتى في إصدار بيان يُدين حرب الإبادة الجارية في غزة، وأخفقت منظومة العدالة الدولية- سواء محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية- في إرساء ولو أبسط قواعد العدالة، من خلال إلزام الاحتلال بوقف حربه الشعواء على القطاع المُحاصر، ووقف قتل المدنيين العُزَّل، ووقف حرب التجويع اللاإنسانية.. لقد تعرَّت الإنسانية عن بكرة أبيها وظهرت سوأتُها وتبيّن لأصحاب الضمائر اليقظة أن لا عدالة في العالم الذي تُهيمن عليه قوة عظمى ظالمة بمُساعدة دول أخرى متواطئة ومُلطّخة يديها في دماء الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق. لقد تأكدت الشعوب الثائرة ضد الإجرام الصهيوني أنَّ "شريعة الغاب" ما تزال تحُكم وتتحكم في مجريات عالم اليوم، رغم أنَّ الإنسان البدائي بصورته النمطية لم يعُد متواجدًا بيننا، لكن يتواجد بتوحُّش داخل إدارات وحكومات القوى العظمى. أما الكيان الاستيطاني الغاصب المُجرم، فيقوده زُمرة من السفّاحين والقتلة وآكلي لحوم البشر.

نعيش حاليًا فترة من الترقُّب والتوجُّس من مغبة اندلاع حرب كُبرى، تأكل الأخضر واليابس، وتقضي على ما تبقى من مظاهر تنمية في دول الشرق الأوسط.. حربٌ يستفيد منها فقط الكيان الإسرائيلي الخسيس، ومن ورائه الدول العظمى التي تجني أرباحًا خيالية من مبيعات السلاح والذخائر والمعدات العسكرية، فضلًا عن نهب ثروات وخيرات الدول، في مشهد يُعيدنا إلى العصور الوسطى!

وأقولها بصراحة إنَّ إسرائيل ومن وراءها من قوى عظمى ظالمة ومُتجبِّرة، لم تكن لتنتظر عمليات اغتيال سياسي أو شن عدوان وحشي على الأبرياء أو حتى ارتكاب أبشع جرائم الحرب وجرائم الإبادة، لكي تُشعل فتيل حرب كُبرى في المنطقة، تحقق من خلالها أهدافًا ملعونة؛ إذْ إنَّ النيّةَ مُبيَّتةٌ منذ قيام الصهيونية وحتى اليوم، للانقضاض على الشرق الأوسط ودُوَلِهِ الآمنة التي تنعم في الخيرات التي حباها الله بها، لكن هذه الصهيونية العالمية تُخطط منذ عقود وتحيك المؤامرات واحدة تلو الأخرى- من "سياكس- بيكو" إلى اتفاقيات السلام المزعومة إلى التنظيمات الإرهابية المُمَوَّلة وجماعات حقوق الإنسان المشبوهة- من أجل تمزيق المنطقة وتحويلها إلى دويلات ضعيفة مُرتَهِنَة للقوى العظمى وإسرائيل، ومن ثمَّ السيطرة عليها كاملةً وسرقة مُقدّراتها وتجويع شعوبها وإفقار ما تبقى منها.

لقد مثَّلَت عملية اغتيال القيادي البارز والمُناضل الكبير إسماعيل هنيّة على الأراضي الإيرانية، منعطفًا شديد الخطورة، ونقطة تحوُّل ربما لن تتمكن المنطقة من الرجوع عنها. فَقَدْ سبق هذه العملية الاغتيالية الخسيسة، عمليات اغتيال مُتعددة، استهدفت المُناضلين والقوى التي تسعى لإلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني المُجرم؛ حيث نفذت دولة الإجرام الصهيوني عمليات اغتيال مماثلة في العراق وسوريا ولبنان، وشنَّت هجمات عدوانية وغارات على مقرات دبلوماسية ومؤسسات، واخترقت السيادة الوطنية لهذه الدول، عبر نهج إجرامي يفوق أساليب عصابات المافيا.

اليوم.. تقفُ منطقة الشرق الأوسط على حافة الهاوية، فإمَّا سقوط عنيف نحو قاعٍ لا قرار له، وإمَّا انتشالها من براثن الحجيم التي لن تترك دولةً إلّا وأحرقتها بلهيبها المُستَعِر. وما يُبرهن هذه الرؤية الاستشرافية، مواقف زعيم عصابة الصهاينة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي لا ينفك أن يُشعل بارود الحرب يومًا تلو الآخر، وساعة بعد ساعة. فهذا المُجرم الإرهابي يسعى لإطالة فترة بقائه في الحُكم للهرب من المُحاكمة المحتومة، والتي ستقضي على ما تبقى من حياته قابعًا داخل زنزانة حقيرة يستحقها عن جدارة، لذلك نجده يُماطل في مفاوضات وقف إطلاق النَّار، ولو على حساب الأسرى الإسرائيليين الذين يقضون واحدًا وراء الآخر، في ظل القصف العشوائي والهمجي على قطاع غزة. كما إنه يُنفِّذ سياسات الاغتيال بحق شخصيات بارزة لها ثقلها الإقليمي والدولي، ويُهدد كل ساعة بضرب دول إقليمية وعلى رأسها لبنان.

وفي ظل هذه التطورات الخطيرة، لا بُد من تشكيل موقف عربي ودولي مُوحَّد، يُندد بأيِّ عدوان، ويسعى عبر الطرق الدبلوماسية إنهاء هذه الحرب الظالمة على قطاع غزة، وإلزام الكيان الإسرائيلي بالقانون الدولي، وأول ما يجب تنفيذه هو إجراء تحركات داخل مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، ودعوة دول العالم المُحبة للسلام أن تنزع فتيل الحرب، وتُنقذ المنطقة من البربرية الإسرائيلية، وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية، كما يتعين على المحكمة الجنائية الدولية أن تستجيب لطلب مدعيها العام، بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، لكي تتخلص المنطقة من شبح الحرب، لأن وجود هذا المجرم في السلطة يدفع بالمنطقة والعالم نحو الهاوية بلا أدنى شك.

وهُنا ينبغي أن نُشير إلى حكمة الدبلوماسية العُمانية ومكانتها الدولية، وحرصها على إقامة السلام الشامل والعادل، وتقديم المسؤولين عن جرائم الحرب الإسرائيلية إلى العدالة الدولية، بالتوازي مع تأكيد موقف سلطنة عُمان الراسخ من القضية الفلسطينية، والحرص على بذل الجهود من أجل تحقيق تطلعات وضمان حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ولقد كان موقف سلطنة عُمان من اغتيال القائد البارز الشهيد إسماعيل هنية، مدعاة للفخر؛ حيث نددت السلطنة بأشد العبارات عملية الاغتيال، كما أكد معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية أنّ "عملية الاغتيال المشينة تُقوِّض من جهود الوساطة والسلام التي بذلتها الأطراف الفاعلة في المنطقة والتي أبدت من خلالها حركة حماس استعدادها للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النَّار"، وهُنا يُمكن استقراء الحكمة العُمانية، التي تُدرك أن السلام لن يتحقق إلّا بتوافر النوايا السليمة والأفعال الصادقة، غير أن دولة الاحتلال المُجرمة تُضمِر أخبث النوايا وأنها غير مستعدة على الإطلاق لخوض مفاوضات سلام جادة.

ويبقى القول.. إنَّ القوى العالمية باتت اليوم مُطالبة أكثر من أي وقتٍ مضى، بنزع فتيل الحرب فورًا، ومنع الاحتلال من التسبب في تدمير المنطقة، والولايات المتحدة على رأس هذه القوى، خاصةً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وسعي كل مُرشّح إلى الاستفادة من تطورات القضية الفلسطينية والأمن في الشرق الأوسط، لتحقيق مصالح انتخابية، غير أنَّ هذه المصالح لا يجب أن تدفع أيٍ من المرشحين لمشاهد الحرب؛ بل يتعين التدخل الحاسم لإنقاذ العالم من سياسة "حافة الهاوية" التي بلغت ذروتها باغتيال القيادي الفلسطيني إسماعيل هنية، وكُلنا أمل في تحكيم العقل والمنطق، وفرض مبادئ السلام والاستقرار، بدلًا من الإرهاب والعنف الهمجي الذي تُمارسه إسرائيل بلا محاسبة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خبير: ضرب أمريكا لـ الحوثيين يستهدف السيطرة على التجارة الدولية والضغط على إيران

في خطوة تصعيدية جديدة، أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن إطلاق عملية عسكرية قوية ضد الحوثيين في اليمن، مؤكدا أن الولايات المتحدة ستستخدم جميع قدراتها لتحقيق أهدافها في هذه الحملة. 

عملية عسكرية ضد الحوثيين فى اليمن

وجاء هذا الإعلان في منشور نشره ترامب على منصته "تروث سوشيال"، حيث شدد على أن الحوثيين أصبحوا هدفا رئيسيا للرد الأمريكي بعد استهدافهم لمصالح بلاده وحلفائها.

وفي هذا الصدد، يقول عبداللة نعمة، المحلل السياسي اللبناني، إن في ظل تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر خلال الأيام الماضية، وربط استهدافها للسفن الأمريكية والاسرائيلية بما يجري في غزة الأنظار اتجهت على الفور إلى الرئيس الامريكي دونالد ترامب كيف سيتعامل هل سيواصل اتباع سياسة جو بايدن تجاه الحوثيين أم أن هناك منحى جديد للولايات المتحدة في البحر الاحمر. 

وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الولايات المتحدة خلال الشهور الماضية وصلت لطريق مسدود وأن ضرباتها المحدودة مع حلفاءها البريطانيين التي تشنها لم تحقق أهداف قوية ضد الحوثيين وقراره بتصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية يؤكد أن هناك قرار لتهشيم الحوثيين بالقوة الساحقة، كما تسعى الولايات المتحدة للسيطرة على البحر الأحمر وخاصة لمنع الصين من امتلاك نفوذ في المنطقة،  كما أن هناك منافسة عسكرية في البحر الأحمر مع الصين. 

وأشار نعمة، إلى أن لهذا الولايات المتحدة تتخذ سياسة منحى جديدا يتبنى منظورا أمنيا اكثر ، وترتكز بشكل كبير على السيطرة على التجارة الدولية ما يفعله ترامب في هذه المنطقة المهمة بحيث تتغير فيها موازين القوى بما يتناسب لتعزيز هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية وبما يخدم حلفاءها ويعزز نفوذهم السياسي والأمني والعسكري في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ومنطقة البحر الأحمر بشكل وخاص. 

وتابع: "وفي نفس الوقت للضغط على إيران  ببدء المفاوضات تحت الشروط الأمريكية او الحرب عليها وان ترامب حذر إيران من دعمها للحوثيين مما يعني أن الحرب  وصلت إليها ولم يعد مسموح لإيران التمدد في المنطقة".

قائد الحرس الثوري الإيراني: نحذر أعداء إيران من أي تهديد.. وردنا سيكون صارمًا ومدمرًاإيران تتهم واشنطن ولندن بدعم إبادة الفلسطينيين عبر هجماتهما في اليمنتمويل هذه الهجمات من قبل إيران

والجدير بالذكر، أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أعلن أنه وجه بإطلاق عملية عسكرية قوية وحاسمة ضد الحوثيين في اليمن.

 وكتب ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال" السبت، أن الولايات المتحدة ستستخدم جميع إمكانياتها لتحقيق هدفها في مواجهة الحوثيين.

 وأوضح الرئيس السابق أن الحوثيين استهدفوا الطائرات والسفن والقوات الأمريكية وحلفاءها، وقد تم تمويل هذه الهجمات من قبل إيران.

وأشار ترامب إلى أن الوقت قد حان لإنهاء هجمات الحوثيين، مؤكدا أنها يجب أن تتوقف من اليوم، وإلا فإنهم سيواجهون جحيما لم يسبق لهم أن رأوه، كما أكد أن القوات الأمريكية بدأت بالفعل في استهداف قواعد الحوثيين، بما في ذلك قادتهم ودفاعاتهم الجوية، وذلك بهدف حماية السفن الأمريكية واستعادة حرية الملاحة في المنطقة.

توقفوا فورا.. ترامب يحذر إيران من دعم الحوثيينإيران ترفض بيان مجموعة السبع وتصفه بـ المتحيز وغير الواقعي

مقالات مشابهة

  • قاذفة B-52 الأمريكية تنطلق نحو اليمن وسط تصعيد عسكري حاسم.. ماذا يجري؟
  • ماذا تريد إسرائيل من تصعيد عدوانها على غزة؟
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • عون: لا يمكن أن تعود الحياة الطبيعية إلى المناطق المتضررة من الحرب دون تطبيق القرارات الدولية
  • خبير: ضرب أمريكا لـ الحوثيين يستهدف السيطرة على التجارة الدولية والضغط على إيران
  • حماس: المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش العدو في بيت لاهيا تصعيد خطير
  • حماس: مجزرة بيت لاهيا تصعيد خطير يكشف نوايا الاحتلال
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • الخارجية: مصر تتابع باهتمام المشاورات الدولية لوقف الحرب الروسية الأوكرانية
  • تصعيد إسرائيلي خطير في مدن وبلدات الضفة الغربية