نص: فرانس24 تابِع | مارك ضو إعلان اقرأ المزيد

لم تحقق محادثات جدة حول الحرب في أوكرانيا والتي احتضنتها السعودية في 5 و6 أغسطس/آب اختراقا يذكر، على صعيد حلحلة الأزمة التي اندلعت منذ الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط 2022.

حيث إن المناقشات التي جمعت وفودا من أكثر من أربعين دولة ومنظمة دولية وشارك فيها خصوصا كل من الولايات المتحدة والصين والهند ودول أوروبية، لم تسفر عن أي تقدم فعلي لتسوية هذا النزاع.

كما لم يتم نشر بيان ختامي مشترك في نهاية الاجتماع الذي لم تتم دعوة روسيا، الطرف الرئيسي في الحرب، لحضوره.

رغم كل هذا، يرى خبراء متخصصون بشؤون منطقة الشرق الأوسط، بأنه وبالنسبة إلى الرياض التي وجدت نفسها في قلب المشهد الدولي بعطلة نهاية الأسبوع، فإن مخرجات محادثات جدة هي أبعد من النزاع الروسي الأوكراني بحد ذاته.

"فرصة سانحة لتسجيل النقاط"

في هذا الصدد، يقول ستيفن كوك الخبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث ومؤسسة فكرية مستقلة مقرها نيويورك: "بالنسبة إلى محمد بن سلمان، فقد كان المهم خصوصا أن تُعقد هذه القمة الكبرى حول ما يمكن اعتباره القضية الأبرز على الساحة الدولية في جدة بحضور وفود من القوى الغربية الرئيسية، إضافة إلى ممثلين عن دول الجنوب".

يضيف الباحث: "خلال السنوات القليلة الماضية، حرص ولي العهد على إظهار أن المملكة العربية السعودية هي لاعب دولي أساسي، ليس فقط بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، ولكن أيضا على الساحة الدبلوماسية. لهذا، فإن هذا المؤتمر الكبير هو إذا بمثابة الوسيلة التي تتيح لولي العهد تحقيق مراده بمنح السعودية دورا دوليا أكبر".

لكن بالنسبة لكريم صادر خبير سياسي ومستشار متخصص في دول الخليج، فإنه "لم يكن ينبغي أن نتوقع الكثير" من هذا الحدث الدبلوماسي. ليضيف "قمة جدة كانت شكلية هدفها قبل كل شيء إظهار إرادة وجود فاعلين جدد، أو ما يطلق عليهم القوى البديلة، للتأثير على الساحة الدولية. هذه القوى -ومن بينها السعودية- وجدت في هذه الأزمة الأوكرانية والاضطرابات الدبلوماسية فرصة سانحة لتسجيل النقاط".

وحسب كريم صادر، فإن النظام البتروموني (الدول الملكية المصدرة للنفط) السعودي "يستغل هذا الوضع والنزاع بين أوكرانيا وروسيا، وبشكل أوسع التوترات بين الغرب وموسكو، ليكون ضمن هؤلاء اللاعبين الأساسيين" دوليا.

وقد تمركزت الرياض بشكل استراتيجي وبدعم من حلفائها الغربيين، بين موسكو وكييف في سعيها لتوسيع نفوذها على الساحة الدولية. فمن جهة، لعبت المملكة لعبة روسيا وجهدها الحربي، عبر ممارسة سياسة نفطية تهدف إلى رفع الأسعار في الأسواق العالمية، ما أثار استياء واشنطن. ومن جهة أخرى، ساندت المملكة -وهي أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم- قرارات مجلس الأمن الدولي التي تندد بالغزو الروسي لأوكرانيا.

حتى إن الأمير محمد بن سلمان كان قد استضاف في منتصف مايو/أيار الماضي، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على إثر زيارة مفاجئة قادته إلى جدة، فيما كانت جامعة الدول العربية تعقد قمتها.

يلحظ كريم صادر في هذا الشأن: "رفضت الرياض منذ البداية لعب لعبة الغرب، والاصطفاف بطريقة كاريكاتورية مع موقف حلفائها التقليديين، وهو ما يعد موقفا ثوريا تماما لأننا نعتبر دول الخليج -وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية- حلفاء طبيعيين للغرب".

"رسالة مبطّنة من السعودية إلى الغرب"

اعتبرت روسيا، التي كانت في الأصل منزعجة من زيارة الرئيس الأوكراني إلى السعودية، أن الاجتماع الذي تم تنظيمه في عطلة نهاية الأسبوع على شواطئ البحر الأحمر، والذي لم تتم دعوتها للمشاركة فيه، هو "عديم الفائدة".

في هذا السياق، نقلت وسائل إعلام روسية رسمية الأحد، عن نائب وزير الدفاع الروسي سيرغي ريابكوف وصفه محادثات جدة بأنها "انعكاس لمحاولات الغرب لمواصلة جهوده الفاشلة وغير المجدية" لحشد دول الجنوب مع موقف كييف.

ويرى كريم صادر بأن غياب الممثلين الروس عن هذا الاجتماع هو "رسالة مبطّنة من السعودية إلى الغرب" للدلالة على إعادة ضبط موقف الرياض من الحرب في أوكرانيا.

وهو يقول في هذا الإطار: "اتهمنا السعوديين بأنهم أصبحوا بعض الشيء مؤيدين لروسيا. إذا وبسبب هذه الطريقة في التصرف معهم، فإنهم باتوا يظهرون رغبتهم في إعادة التوازن أكثرلتوجهاتهم كما يظهرون للغربيين بأن السعودية ليست متحالفة مع روسيا بطبيعة الحال، بل أنها تلعب دور الموازن والوسيط".

وفيما كان لافتا غياب روسيا عن محادثات جدة، فإن وجود قوة كبرى أخرى عضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كان الحدث الأبرز. فقد تمكن السعوديون أخيرا من إقناع الصين، العضو البارز في منظمة بريكس، بأن تشارك عبر مبعوثها إلى أوكرانيا، لي هوي.

يرى ستيفن كوك، بأن حضور المبعوث الصيني الخاص "هو انتصار دبلوماسي كبير للسعوديين". ويضيف بأن السعوديين قد كرّسوا "كثيرا من الوقت والجهد لتطوير علاقاتهم مع الصينيين"، لتفادي أن ترتبط بكين ارتباطا وثيقا مع منافستهم الإقليمية إيران.

اقرأ أيضاشي جينبينغ في السعودية.. ما مصلحة الدول العربية في التقارب مع الصين؟

هذا، وكانت السعودية قد استضافت الرئيس شي جينبينغ في ديسمبر/كانون الأول، زيارة نظم خلالها قمة اقتصادية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي الست. وتم بمناسبتها توقيع عقود بمليارات الدولارات خصوصا في مجالات الطاقة والبتروكيماويات.

الأجندة الشخصية للأمير محمد بن سلمان

فيما يستغل إعادة البناء الجيوسياسي العالمي لوضع بلاده في مصاف القوى الكبرى، تمكن محمد بن سلمان أيضا من العودة إلى واجهة المشهد الدولي الذي تم استبعاده منه بعد اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018.

في هذا الشأن، يوضّح ستيفن كوك: "قبل نحو خمس سنوات، كان محمد بن سلمان معزولا من المجتمع الدولي على خلفية اغتيال الصحافي السعودي الذي كان يعمل بصحيفة الواشنطن بوست. واليوم يجد نفسه مضيفا لقمة كبرى لما قد يكون أهم قضية في السياسة الدولية حاليا".

ففي تقرير لوكالة المخابرات المركزية سي.آي.إي رفعت عنه السرية من البيت الأبيض في فبراير/شباط 2021، تم اتهام محمد بن سلمان بأنه أعطى "موافقته" على عملية "القبض أو قتل" جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا.

وبالنسبة إلى كريم صادر فإن "من المؤكد بأن أجندة السعودية تتداخل مع الأجندة الشخصية لولي العهد الذي يسعى شخصيا إلى الاستفادة من هذا الوضع. عندما ظهر محمد بن سلمان، اكتشفه الغرب على أساس أنه الشخصية المثيرة للحرب: مهندس الحرب الرهيبة في اليمن، ومؤلف الضربات ضد قطر، في سوريا ولبنان. اليوم، هذه هي الصورة التي يحاول تلميعها عبر تقديم نفسه على أنه الأمير الوسيط والدبلوماسي، بعد أن كان يُعتبر قبل هذه الأزمة الأوكرانية، منبوذا من جو بايدن شخصيا، في أعقاب القضية المروعة لاغتيال جمال خاشقجي".

كذلك، يذكّر الخبير المختص في دول الخليج بأن السعودية وفي ظل الزخم الذي يحيط بولي العهد، قد اقتربت أكثر من إيران، وحصلت على إعادة بشار الأسد إلى الصف العربي، فيما لعبت دور الوسيط بين الروس والأوكرانيين.

ويختم كريم صادر بالقول: "أعتقد أن محمد بن سلمان يستعد ببساطة لتتويجه، ومن ثمة يظهر في دور المثبت للاستقرار حتى يكتب صفحة جديدة له كملك مستقبلي".

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: النيجر الحرب في أوكرانيا مونديال السيدات ريبورتاج محمد بن سلمان بن عبد العزيز السعودية دبلوماسية الحرب في أوكرانيا روسيا نفط للمزيد الصين محمد بن سلمان محادثات جدة على الساحة فی هذا

إقرأ أيضاً:

“اغاثي الملك سلمان” يشارك في بروكسل في اجتماع كبار المسؤولين الإنسانيين حول أوكرانيا

شارك مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ممثلًا بمستشار معالي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومدير إدارة الشراكات والعلاقات الدولية الدكتورة هناء عمر في الاجتماع الخامس لكبار المسؤولين الإنسانيين حول أوكرانيا، الذي انعقد بتاريخ 28 يناير 2025م في مقر المفوضية الأوروبية بالعاصمة البلجيكية بروكسل.

 

ورأس الاجتماع مدير شؤون الجوار والشرق الأوسط وآسيا الوسطى في المفوضية الأوروبية أندرياس باباكونستانتينو، بحضور المفوضة الأوروبية للمساواة والاستعداد وإدارة الأزمات حجة لحبيب، ونائب رئيس مكتب رئيس أوكرانيا إيرينا فيرشوك، ونائب وزير السياسة الاجتماعية الأوكرانية للتكامل الأوروبي إيرينا بوستولوفسكا، ونائب وزير الصحة الأوكراني للتكامل الأوروبي ماريانا سلوبودنيتشينكو.
وخلال الاجتماع شاركت الدكتورة هناء عمر في جلسة بعنوان “استدامة التمويل الإنساني في عام 2025م” استعرضت فيها جهود المملكة العربية السعودية ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة التي تضمنت تقديم حزمة من المساعدات الإنسانية للاجئين الأوكرانيين في بولندا من خلال اتفاقيتين مع منظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بعشرة ملايين دولار أمريكي، مشيرة إلى دعم المملكة السخي بتوجيه من القيادة الرشيدة – حفظها الله – بـ 400 مليون دولار أمريكي، وتسيير جسر جوي بعدد 21 طائرة لنقل المساعدات الإنسانية من مستلزمات صحية ومولدات كهربائية وإيوائية، إلى جانب توفير 125 سيارة إسعاف لدعم القطاع الصحي، متطرقة إلى الاتفاقيات التي أبرمتها المملكة مع المنظمات الأممية لدعم الشعب الأوكراني وتوفير خدمات الحماية والرعاية الصحية للفئات الأكثر ضعفًا، مؤكدة أهمية تعزيز تنسيق المساعدات الدولية لتحقيق استجابة إنسانية فعالة ومستدامة وتوسيع دائرة المانحين.

 

ويأتي هذا الحضور لتأكيد التزام المملكة بدورها الرائد في دعم القضايا الإنسانية وتعزيز التعاون الدولي، بما ينسجم مع مبادئ العمل الإنساني والتنمية المستدامة، فيما ركزت مداولات الاجتماع على الاحتياجات الإنسانية العاجلة في أوكرانيا، وأهمية توطين الاستجابة الإنسانية، والتحديات المرتبطة بتقديم المساعدات الإنسانية في ظل تزايد الاحتياجات.

مقالات مشابهة

  • أحمد الشرع يتوجه للسعودية في أول زيارة خارجية
  • الشرع يتوجه للسعودية الأحد في أول زيارة خارجية
  • نتنياهو : سنعيد كل المختطفين من غزة ونحقق كافة أهداف الحرب
  • محادثات جادة بين ترامب وبوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية السادسة عشرة لمساعدة الشعب السوري التي يسيرها مركز الملك سلمان
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية الـ 16 لمساعدة الشعب السوري
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية السادسة عشرة لمساعدة الشعب السوري التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة
  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية السادسة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري الشقيق
  • “اغاثي الملك سلمان” يشارك في بروكسل في اجتماع كبار المسؤولين الإنسانيين حول أوكرانيا
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يشارك في اجتماع كبار المسؤولين الإنسانيين حول أوكرانيا