لجريدة عمان:
2025-03-03@17:01:15 GMT

الشرق الأوسط عن حافة الهاوية

تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT

الشرق الأوسط عن حافة الهاوية

لا تبدأ إرهاصات الحروب، في الغالب، دفعة واحدة، ولكنها إذا بدأت لا أحد يعلم إلا الله إلى أين يمكن أن تتجه ولا فوق أي أرض يمكن أن تشتعل حرائقها.. ومنذ أكتوبر الماضي كان صدى الحرب الشاملة يتردد في منطقة الشرق الأوسط وفي غرف صنع القرار العالمية وخاصة في الدول الغربية. كان الخطاب الظاهر أن أمريكا والغرب منشغلون لمنع أي مواجهة مباشرة بين إسرائيل وحزب الله، ثم بين إسرائيل وإيران ولكن ذلك الانشغال بدا أنه خطابي فقط أما في الجانب العملي فلم تستطع أمريكا بكل قوتها وسيادتها أن تمنع إسرائيل تسريع المواجهة لا عبر وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة ولا عبر منع سياسة اغتيال القيادات الإيرانية والفلسطينية واللبنانية.

وكانت مؤشرات الحرب تتقدم في كل يوم خطوة رغم جهود المخلصين لوقفها أو على أقل تقدير تأجيلها أكبر وقت ممكن.

ورغم أن منطقة الشرق الأوسط كانت على الدوام فوق صفيح ساخن وفي مواجهات مستمرة لكنها اليوم تبدو أقرب ما تكون إلى مواجهة شاملة المؤجلة: إسرائيل في مواجهة إيران، وإسرائيل في مواجهة حزب الله. وكما أن لا أحد يتصور أن تخوض إسرائيل حربا بمفردها فإن في منطقة الشرق الأوسط لا أحد يتصور أن تخوض إيران حربا مع إسرائيل بمفردها في ظل وجود حلفاء لها مثل حزب الله وأنصار الله والحشد الشعبي في العراق وأطراف أخرى في سوريا.. وقد تجد أطراف أخرى لأسباب كثيرة نفسها طرفا في حرب لم تبذر لها بذور في يوم من الأيام.

ومنذ اللحظة التي اغتالت فيه إسرائيل إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران ولا حديث في المنطقة إلا حديث الحرب، حيث بدا واضحا أن إسرائيل وصلت إلى ذروة طغيانها واستهتارها بالقوانين الدولية وسيادة الدول.

لا أحد يمكن أن يتصور كيف كان يفكر رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما أقدم على اغتيال القائد إسماعيل هنية، وفؤاد شُكر إلا إن كان حقا يريد جرّ إيران وحزب الله إلى حرب شاملة تنتهي بتغيير كامل لموازين القوى وشكل منطقة الشرق الأوسط وبشكل خاص فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني والقوة الضاربة لحزب الله.

فالاغتيال من شأنه أن يوقف محادثات وقف إطلاق النار واتفاقية تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، فلا يمكن أن تقتل في الليل من يفاوضك وفي الصباح تطلب مواصلة المفاوضات مع مفاوض جديد!

وإذا كانت هذه عقلية دولة الاحتلال فمن المؤسف أن تكون هذه عقلية الإدارة الأمريكية التي صرحت أكثر من مرة أنها تريد احتواء «الصراع» حتى لا يتحول إلى حرب شاملة، ورغم أن أمريكا لم تنجح في فرض هذا التوجه الاستراتيجي حيث امتدت الحرب خارج غزة لتشمل لأول مرة مواجهة مباشرة بين إيران إسرائيل، وبينها وبين لبنان وسوريا والعراق واليمن ما يكشف عن حجم التعقيد الذي وصلت إليه الحرب ضد قطاع غزة، إضافة إلى ما يكشفه من هشاشة الاستقرار في المنطقة بسبب التعنت الإسرائيلي وضعف الدور الأمريكي.

الكثير من المعطيات تشير إلى حتمية الصراع، سواء تحول إلى شامل أم بقي جزئيا ولكن ما كان مستبعدا بات اليوم منتظرا، فإيران تبدو مدفوعة للرد وهذا ما أكده مرشدها الأعلى، وكذلك حزب الله الذي قال أمينه العام إن الرد لا جدال فيه.. وهذا من شأنه أن يثير قلق المنطقة كلها بل والمجتمع الدولي الذي طالبه الجميع طوال الأشهر الماضية من أجل أن يوقف التعنت الإسرائيلي. إن التجارة الدولية التي كانت تعاني خلال الأشهر الماضية من تحديات كبيرة في منطقة البحر الأحمر تنتظرها تحديات أكبر خلال المرحلة القادمة إضافة إلى ما يمكن أن يترتب من تحديات على استقرار الأسواق العالمية.

ورغم التأكيدات من بعض دوائر مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية بأن الولايات المتحدة وإيران لا ترغبان في حرب شاملة، فإن اغتيال هنية يوضح مدى السرعة التي يمكن أن يخرج بها الأمور عن نطاق السيطرة، خاصة في منطقة مثل منطقة الشرق الأوسط التي تبدو فيها العلاقات والتحالفات شديدة التعقيد، والأمر نفسه بالنسبة للمصالح والمظالم. وأمام هذا المشهد الملتبس والهش فإن المنطقة في أمس الحاجة إلى دبلوماسية عاجلة تحاول نزع فتيل المواجهة.

إن الولايات المتحدة التي تحشد قواتها في منطقة الشرق الأوسط منذ الأسبوع الماضي مطالبة أكثر من أي وقت مضى أن تستخدم نفوذها الحقيقي لوقف إسرائيل عند حدها ومنع دخول منطقة الشرق الأوسط في حرب طاحنة ستكون أمريكا أحد المتضررين الكبار منها.

وإذا كانت الحرب لا تبدأ دفعة واحدة فإن وقفها في هذه اللحظة بحاجة إلى جهد واضح يأتي دفعة واحدة وليس على مراحل.. فإن صوت طبولها يسمع في كل أنحاء الشرق الأوسط بنفس الوضوح الذي كانت تشاهد فيه النيران من الحديدة قبل أسبوعين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: منطقة الشرق الأوسط فی منطقة یمکن أن لا أحد

إقرأ أيضاً:

ماذا بعد المشادة غير المسبوقة في المكتب البيضاوي؟

ما تناقله الاعلام عن حديث دار بين الرئيس دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس وبين الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض لم يكن مفاجئًا كثيرًا لسياسيي العالم، سواء أولئك الذين يؤيدون السياسة الأميركية الجديدة المتبعة حاليًا، أو الذين لا تتوافق نظرتهم مع "النظرة الترامبية" لطريقة إدارة الأزمات العابرة للكرة الأرضية بطولها وعرضها، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر الحرب الروسية – الأوكرانية، والحروب المتنقلة في الشرق الأوسط، وأهمها الحرب التي تشنّها إسرائيل في كل الاتجاهات في كل من قطاع غزة، واستمرار احتلالها لمواقع استراتيجية في جنوب لبنان، وتمدّد سيطرتها على أجزاء واسعة من الجنوب السوري، مع ما يرافق ذلك من قلق متزايد عن مصير فلسطينيي القطاع، ولاحقًا مصير الفلسطينيين في الضفة الغربية بعد الاقتراحات غير المطمئنة عن هذا المصير للرئيس الأميركي عبر عملية "ترانسفير" من القطاع إلى صحراء سيناء، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، مع إصرار تل أبيب على إبقاء احتلالها للمواقع الجنوبية اللبنانية بغطاء أميركي، وبالتزامن مع التوسع الممنهج في اتجاه الجنوب السوري.      وهذا النهج غير المعتاد الذي ينتهجه الرئيس ترامب مع الحرب الروسية – الأوكرانية، ومع الحرب في منطقة الشرق الأوسط، ولاحقًا في القارة السوداء وفي أميركا اللاتينية، من شأنه أن يعيد خلط أوراق التحالفات الأميركية القديمة في أكثر من منطقة من العالم، وبالأخص مع جارتي الولايات المتحدة الأميركية من حدودها الشمالية مع كندا، ومن حدودها الجنوبية – الغربية مع المكسيك، وامتدادًا إلى القارة الأوروبية وإلى آسيا الوسطى ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط، حيث لإسرائيل أطماع توسعية تعود بخلفياتها وأبعادها إلى العقيدة التوراتية القائمة على فرضية توسعية لتمتدّ حدودها من البحر إلى النهر.   ولو لم تلتقِ المصالح المشتركة ذات الخلفيات الاستراتيجية والاقتصادية بين سياستي كل من الرئيسين ترامب والروسي فلاديمير بوتين لما كان سُمح للإعلام بنقل ما دار في هذا اللقاء بين ترامب وزيلينسكي من أحاديث بدأت عادية قبل أن تتصاعد لهجتهما في شكل غير مسبوق، والذي بدأه فانس باتهام الرئيس الأوكراني بالقيام بجولات "دعائية"، فردّ عليه زيلينسكي بدعوته إلى زيارة أوكرانيا الامر الذي لم يلق ترحيبًا من جانب نائب الرئيس الأميركي.
وبدوره، صعّد ترامب من حدة خطابه قائلا: "أنت تقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة. فإما أن تبرم اتفاقًا أو أننا سنبتعد"، مضيفا: "أنت لا تتصرف على الإطلاق وكأنك ممتن. هذا ليس تصرفا لطيفا".   ونتيجة هذا التوتر غادر زيلينسكي مبكرًا البيت الأبيض وخرج وحيدا من البيت الأبيض من دون أن يرافقه ترامب لتوديعه. وتم إلغاء المؤتمر الصحافي المشترك الذي كان من المقرر أن يعقد بعد الاجتماع. كما أفيد عن إلغاء توقيع الاتفاق الذي كان من المنتظر بين الجانبين حول استغلال موارد أوكرانيا من المعادن.
بعد المواجهة، اتهم ترامب الرئيس الأوكراني بأنه "غير مستعد للسلام"، معتبرا أنه يستغل انخراط الولايات المتحدة في النزاع لتحقيق أفضلية في المفاوضات مع روسيا. وقال ترامب عبر منصته "تروث سوشال": "الرئيس زيلينسكي غير مستعد للسلام لأنه يعتقد أن انخراطنا يمنحه أفضلية كبيرة".
وأضاف: "لقد أظهر عدم احترام للولايات المتحدة في مكتبها البيضاوي الغالي. يمكنه العودة عندما يكون مستعدا للسلام".
في وقت لاحق، ذكر زيلينسكي على حسابه الرسمي في "إكس": "شكرا لأميركا، شكرا لدعمك، شكرا لهذه الزيارة. شكرا لك الرئيس ترامب.  والكونغرس والشعب الأميركي".
وأضاف: "إن أوكرانيا بحاجة إلى السلام العادل والدائم، ونحن نعمل على تحقيق ذلك بالضبط".
في المقابل، فإن ردود الفعل الدولية سواء من قِبل المسؤولين الروس أو المسؤولين الأوروبيين المعنيين مباشرة بالحرب في أوكرانيا من شأنها أن تتصاعد وتتفاعل، بحيث سيكون لها تأثير مباشر على إعادة رسم خارطة التحالفات الدولية، خصوصًا بعد انسحاب ترامب من خطة المناخ، وتلويحه من الانسحاب من منظمة الصحة العالمية ومن "الناتو". وقد ذهب البعض إلى مطالبة الرئيس الأميركي بمعاملة رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو بالطريقة نفسها التي عامل فيها الرئيس الأوكراني بعدما اتهمه بأنه يقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة. وهذا الاتهام ينطبق أكثر على نتنياهو، الذي يضرب بعرض الحائط المقررات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية، ويهدّد السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يوميًا وفي شكل مضطّرد.
فمفهوم السلام، كما يقول هذا البعض، واحد سواء أكان في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط. فهذا المفهوم المجتزأ للسلام لا يمكنه أن يكون في أوكرانيا بـ "زيت" وفي تل أبيب بـ "سمنة".
على أي حال، فإن ما شهده المكتب البيضاوي سابقة لا يمكن لأحد التنبؤ بما يمكن أن تقود إليه مستقبلًا في أي بقعة من العالم حيث يبدو السلام فيها مهدّدًا.
    المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • إيران: يمكن شراء الأمن من خارج منطقة الشرق الأوسط
  • إيران: الأمن في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم داخلياً
  • ماذا يخطط ترامب لمنطقة الشرق الأوسط؟
  • النتائج المتوقعة بعد الاجتماع العاصف بين ترامب وزيلينسكي
  • أوروبا على حافة الهاوية: الخلاف بين أمريكا وأوكرانيا يضع القارة العجوز في دائرة الضوء
  • ماذا بعد المشادة غير المسبوقة في المكتب البيضاوي؟
  • مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط يؤجل زيارة إسرائيل
  • حماس: تمديد اتفاق غزة بصيغة الاحتلال مرفوض
  • كيا الشرق الأوسط وأفريقيا تعلن عن عقد شراكة مع ريوت جيمز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • إلى ماذا يسعى ترامب حقا في الشرق الأوسط؟