ابن رشد وتأسيس الفلسفة الأوروبية
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
من المعروف، بل من نافل القول، إن المفكرين العرب والمسلمين أدّوا دورا بارزا ومهما في نقل الفلسفة اليونانية إلى الغرب. ومن المعروف أيضا، أن قلّة قليلة من الأخصائيين الأوروبيين (وفي بقاع أخرى من العالم) يتحملون عناء قراءتهم والاطلاع على أعمالهم التي عالجوا فيها هذه الفلسفة، التي تميزت بمفاهيم كبيرة وعالية.
فالحداثة الأوروبية تدعي أنها تفتحت مع ديكارت عبر تنويعه على «الكوجيتو» («أنا أفكر إذن أنا موجود») الذي يبدو أنه يشمل كلّ شيء. ومع ذلك، لم تتكون هذه الحداثة إلا من خلال تداخل ما أنتجته القرون السابقة، التي شهدت ولادة شخصية المثقف، وربما الأصح المفكر، باللغتين العربية ثم اللاتينية.
الفيلسوف الفرنسي المعاصر، جان -باتيست برونيه، منذ بداياته، قرر أن يقطع مع هذا «التقليد» الغربي «المتجاهل» ليقدم من جديد كتابا آسرا عن الفلاسفة العرب وفي طليعتهم ابن رشد في كتابه (بالفرنسية) «ما معنى التفكير؟ العرب واللاتين» (منشورات «ريفاج»).
قد يكون السؤال البديهي الذي يطرح نفسه: ما هذا الأمر «المزعج» الذي دفع بالغربيين المعاصرين تجاهل ذاك الفكر، بينما كانت عصورهم الوسطى تغرف منه وتدعم فكره وتغرف منه؟ إنها نقطة انطلاق برونيه، وهذا ما يبحث عنه في كتابه، عبر مداخل متعددة، عبر خمسة عشر فصلًا، يقدم فيها المؤلف العديد من التعريفات الفكرية، لتشكل خليطًا، أو نسيجًا، كتلك التي أطلق عليه الفيلسوف اليوناني كليمان (إكليمندس) السكندري «ستروماتا» (البُسُط). لا شيء أكثر من هذا التشابه مع ذاك الكتاب العائد لواحد من آباء الكنيسة الغربية، لأننا بالطبع في عالم فكري آخر وزمن مختلف. لذا لا يكمن هدف برونيه في إظهار الاختلاف في العلاقة بالمسيحية بل يكمن في التقاليد الفلسفية التي نشير إليها. لا يوجد هنا من «معلم» يوناني سوى أرسطو ومن محللين سوى أولئك الذين استطاعوا أن يتلاءموا مع أفقه. استُبعدَت الأفلاطونية من هذه المناقشات على الرغم من أن بعض الموضوعات التي أثيرت لا تختلف أبدا عن الأفلاطونية -مثل الأهمية المعطاة لموضوع «الواحد».
لا يشكل ما قلته في جملتي الأخيرة اكتشافا، ولا مأخذا على برونيه، إذ هذا هو بالفعل ما حدث في العالم الفكري العربي في القرنين الحادي عشر والثاني عشر: إعادة اكتشاف أرسطو ضد الأفلاطونية التي هيمنت لفترة طويلة، وما هيمنة الأرسطية سوى السبب الحقيقي في تشكل النهضة الأوروبية لاحقا.
كان لهذا التحول عواقب فكرية كبيرة، في أصل ما سُمي فيما بعد بـــ «السكولائية» (المدرسية)، والتي كان توما الأكويني، في القرن الثالث عشر، الشخصية الأكثر حضورا فيها. لقد تأسس فكر الفلاسفة العرب على الترجمات التي حصلت من اليونانية إلى العربية، لكن شعبيتهم بين العلماء المسيحيين الغربيين كانت لدرجة أن نصوصهم تُرجمت إلى اللاتينية. وهكذا أصبحت هذه اللغة «العربية -اللاتينية»، كما يقول برونيه، لغة الأرسطية في العصور الوسطى، مع كلّ التأثيرات التي يمكن تخيلها فيما يتعلق بالترجمة المزدوجة.
علاوة على ذلك، فإن هذه التأثيرات في الغالب لم تكن تفاسير خاطئة بل هي نوع من «الانزلاق»، إذ كانوا يضيفون إليها تحديدا ما، ويزيلون آخر. مثال تمييز الجوهر والصُدفة الذي يظهر على أنه فارق بسيط يمكن تخفيفه إلى حدّ المحو.
يمكن فهم العنوان والعنوان الفرعي لكتاب برونيه على أنهما مكملان لبعضهما البعض، فالواحد يحدد الآخر. يمكننا أيضًا رؤية مشروعين يتأرجح بينهما المؤلف. في بعض الأحيان، يتعلق الأمر بشكل أساسي بقول ما ينطوي عليه فعل التفكير؛ وأحيانًا يكون التحدي في إظهار ثراء الفكر العربي الكلاسيكي. لا يتعارض الاثنان بالتأكيد، لكن اللهجة ليست هي نفسها تمامًا.
إذا كان السؤال هو الوحيد الذي يشير إليه العنوان، فإن الغياب التام للجانب الأفلاطوني من الفلسفة سيكون نقصًا مؤسفًا. ومن هنا تأتي أهمية العنوان الفرعي: فهو في الحقيقة مسألة تتعلق برؤية ما قاله التقليد «العربي -اللاتيني» في العصور الوسطى عن هذا الموضوع. الافتراض بالطبع هو أن هذا هو الحال وأن ابن رشد والفلاسفة العرب الآخرين يستحقون القراءة. لكنه في الواقع أكثر من مجرد افتراض: التحدي الرئيسي لهذا الكتاب هو جعلنا نحس بهذه الأشياء.
كيف، في الواقع، لا يمكن الانتباه إلى وضوح ما يقترحه حين يميز بين التفكير والتأمل والفهم والتذوق أو حين يقرب بين فعل التفكير والسلوكيات مثل اللمس، أو تكوين زوجين، أو أن تصبح أبدية، أو نقل أو «أن تكون كل الأشياء بمعنى واحد»؟
لا بد أن تلفت انتباهنا في هذا الكتاب أيضا، التطورات التي أثارتها ملاحظة عرضية في كتاب أرسطو De anima (النفس) حول هذه «الأضواء المشعة» ليلا «بأشياء معينة»، مثل قشور الأسماك، أو اللون البني الداكن للحبار أو بؤبؤ العين.
تحدث باسوليني عن اليراعات التي، ذات ليلة من النشوة الحلوة، «شكلت بساتين من النار في بساتين الشجيرات، وحسدناها لأنها أحبت بعضها البعض، لأنها بحثت عن بعضها البعض في رحلاتها العاطفية وأضوائها».
لا بدّ أن يدعونا استحضار هذه الأشياء التي لا يمكن رؤيتها إلا في الليل إلى التساؤل عن الامتياز المعترف به عادة في صورة الضوء الكامل للتفكير بالفكر.
أكثر من إجابة قاطعة على سؤال «ماذا يعني التفكير»، يحتفظ قارئ هذا الكتاب بسلسلة جميلة من الصور المعروضة على التوالي في بضع صفحات، والتي نجد أن العديد منها، وربما كلها، تمسنا عن قرب.
ففي كل مرة، يقول برونيه في جوهره إن هذه الصور الجميلة وصلت من أرسطو إلى سكولائية ألبرت الكبير وتوما الأكويني عبر عربية -لاتينية ابن رشد والمفكرين العظماء الآخرين في التقليد العربي.
لا شك في أن لا أحد ممّن درس فكر القرون الوسطى يشك في أهمية الفلسفة العربية في القرن الثاني عشر ولا في أهميتها الكبيرة في عملية نقل الأرسطية إلى السكولائية.
ولكن إذا لم يكن أي مؤرخ لفلسفة العصور الوسطى يجهل هذه الأهمية، فمن الصحيح أيضا أن هذا التخصص محجوز لعدد قليل جدا من العلماء، الذين يمثلهم برونيه تمثيلا جيدا، بعد أستاذه آلان دي ليبرا.
لذلك يمكننا قراءة كتابه كحافز مرحب به للذهاب لرؤية هذا الجانب، وهو حافز أكثر فاعلية لأن القراءة أكثر من سهلة: ماتعة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يؤكد أهمية تركيا في مبادرة البحر الأسود وآسيا الوسطى
أنقرة (زمان التركية) – أكدت مارتا كوس، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع، أن تركيا تحتل مكانة مركزية في جهود الاتحاد الأوروبي ضمن مبادرة البحر الأسود وآسيا الوسطى.
جاء ذلك خلال بيان صحفي أدلت به في بداية اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، حيث أعلنت عن عقد أول اجتماع شامل يضم دول المنطقتين.
أوضحت كوس أن الاجتماع الوزاري الإقليمي للأمن والتواصل سيتضمن جلستين رئيسيتين: الأولى تركز على “الأمن والاستقرار والمرونة في منطقة البحر الأسود”، بمشاركة تركيا وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا ومولدوفا وأوكرانيا، والثانية تهدف إلى “تطوير أجندة التواصل الإقليمي” بمشاركة كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان. وأشارت إلى أن هذا الاجتماع يمثل خطوة أولى لتعزيز التعاون الإقليمي.
شددت كوس على الدور الاستراتيجي لتركيا، موضحة أن موقعها الجغرافي يجعلها مركزًا طبيعيًا يربط أوروبا بآسيا والشرق الأوسط.
وأكدت أنها ستلتقي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لتعزيز التعاون مع أنقرة بهدف ضمان أمن منطقة البحر الأسود والاستقرار طويل الأمد في جنوب القوقاز.
كما أشارت إلى أن اقتراب أرمينيا وأذربيجان من تحقيق السلام يوفر فرصة فريدة لتطوير طرق تجارية موثوقة تربط أوروبا وتركيا وآسيا الوسطى.
أعلنت كوس أن الاتحاد الأوروبي سيواصل تعزيز التنسيق مع هذه الدول، مشيرة إلى أن الاجتماع القادم سيعقد في أوزبكستان الشهر المقبل.
وأكدت أن هذه المبادرة تهدف إلى تعميق التعاون الإقليمي لضمان الأمن والاستقرار في المناطق المذكورة، مع التركيز على الدور المحوري لتركيا في هذه العملية.
AB: Karadeniz ve Orta Asya girişiminde Türkiye çalışmalarımızın merkezinde yer alıyor
Avrupa Birliği (AB) Komisyonunun Genişlemeden Sorumlu üyesi Marta Kos, Karadeniz ve Orta Asya ülkeleriyle ilk kez kapsamlı bir toplantı düzenlediklerini belirterek, Türkiye’nin AB’nin söz konusu bölgelere dair çalışmalarının merkezinde yer aldığını söyledi.
AB: Karadeniz ve Orta Asya girişiminde Türkiye çalışmalarımızın merkezinde yer alıyor
AB Komisyonunun Genişlemeden Sorumlu üyesi Kos, Lüksemburg’da yapılan AB Dışişleri Bakanları Toplantısı’nın girişinde basına açıklamalarda bulundu.
Kos, bakanların kendi aralarında yapacağı toplantının ardından “Karadeniz Bölgesi’nde Güvenlik, İstikrar ve Dayanıklılık” ve “Bölgeler Arası Bağlantı Gündeminin Geliştirilmesi” konulu iki oturum halinde “Bölgelerarası Güvenlik ve Bağlantı Bakanlar Toplantısı”nın düzenleneceğini bildirdi.
İlk oturuma Türkiye, Ermenistan, Azerbaycan, Gürcistan, Moldova ve Ukrayna’nın, ikinci oturuma bu ülkelere ek olarak Kazakistan, Kırgızistan, Tacikistan, Türkmenistan ve Özbekistan’ın katılacağını dile getiren Kos, “Ermenistan ve Azerbaycan barışa yaklaşırken, Avrupa, Türkiye ve Orta Asya’yı birbirine bağlayan güvenilir ticaret yolları inşa etmek için eşsiz bir fırsata sahibiz.” dedi.
“Bugün ilk adım.” ifadesini kullanan Kos, bu ülkelerin hep birlikte ilk kez bir araya geldiğini vurgulayarak, “Türkiye çalışmalarımızın merkezinde yer alıyor. Coğrafyası, Avrupa’yı Asya ve Orta Doğu’ya bağlayan doğal bir merkez konumunda. Bu nedenle Dışişleri Bakanı Hakan Fidan ile görüşeceğim. Bölgenin güvenliğini sağlamak için Ankara ile çalışacağız. Karadeniz’de güvenliği sağlamak ve Güney Kafkasya’da uzun vadeli istikrarı sağlamak için koordinasyonumuzu derinleştirmeye devam edeceğiz.” diye konuştu.
AB ve söz konusu ülkelerin gelecek ay da Özbekistan’da bir araya geleceğini duyurdu.
.“
AB: Karadeniz ve Orta Asya girişiminde Türkiye çalışmalarımızın merkezinde yer alıyor
Avrupa Birliği (AB) Komisyonunun Genişlemeden Sorumlu üyesi Marta Kos, Karadeniz ve Orta Asya ülkeleriyle ilk kez kapsamlı bir toplantı düzenlediklerini belirterek, Türkiye’nin AB’nin söz konusu bölgelere dair çalışmalarının merkezinde yer aldığını söyledi.
AB: Karadeniz ve Orta Asya girişiminde Türkiye çalışmalarımızın merkezinde yer alıyor
AB Komisyonunun Genişlemeden Sorumlu üyesi Kos, Lüksemburg’da yapılan AB Dışişleri Bakanları Toplantısı’nın girişinde basına açıklamalarda bulundu.
Kos, bakanların kendi aralarında yapacağı toplantının ardından “Karadeniz Bölgesi’nde Güvenlik, İstikrar ve Dayanıklılık” ve “Bölgeler Arası Bağlantı Gündeminin Geliştirilmesi” konulu iki oturum halinde “Bölgelerarası Güvenlik ve Bağlantı Bakanlar Toplantısı”nın düzenleneceğini bildirdi.
İlk oturuma Türkiye, Ermenistan, Azerbaycan, Gürcistan, Moldova ve Ukrayna’nın, ikinci oturuma bu ülkelere ek olarak Kazakistan, Kırgızistan, Tacikistan, Türkmenistan ve Özbekistan’ın katılacağını dile getiren Kos, “Ermenistan ve Azerbaycan barışa yaklaşırken, Avrupa, Türkiye ve Orta Asya’yı birbirine bağlayan güvenilir ticaret yolları inşa etmek için eşsiz bir fırsata sahibiz.” dedi.
“Bugün ilk adım.” ifadesini kullanan Kos, bu ülkelerin hep birlikte ilk kez bir araya geldiğini vurgulayarak, “Türkiye çalışmalarımızın merkezinde yer alıyor. Coğrafyası, Avrupa’yı Asya ve Orta Doğu’ya bağlayan doğal bir merkez konumunda. Bu nedenle Dışişleri Bakanı Hakan Fidan ile görüşeceğim. Bölgenin güvenliğini sağlamak için Ankara ile çalışacağız. Karadeniz’de güvenliği sağlamak ve Güney Kafkasya’da uzun vadeli istikrarı sağlamak için koordinasyonumuzu derinleştirmeye devam edeceğiz.” diye konuştu.
AB ve söz konusu ülkelerin gelecek ay da Özbekistan’da bir araya geleceğini duyurdu.
Tags: آسياالاتحاد الأوروبيتركيا