المفتي يوضح المُتغير والثابت في الشريعة الإسلامية ومقاصدها
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الثابت يمثل نسبة قليلة جدًّا من الشريعة الإسلامية، كما أنَّ الأخلاق كذلك ثابتة لا تتغيَّر، فهي خلق فطري تغذيه الأديان، بينما المتغير في الشريعة الإسلامية يحتلُّ مساحةً واسعة وقابلة للتطور بتطور الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "مع المفتي" مع الإعلامي الدكتور أسامة رسلان على فضائية قناة الناس، مضيفًا فضيلته أنَّ منهجية دار الإفتاء تراعي السياق المجتمعي والواقع المعيش فيه والقوانين مع مراعاة ضوابط وأحكام الشرع وقت إصدار الفتاوى، وهذا يؤكد عراقة دار الإفتاء التاريخية باعتبارها المؤسسة الأهم في مجال الفتاوى ومعالجتها، مشيرًا إلى أن العرف مقبول ما دام لا يتعارض مع الشرع الشريف.
وأكد فضيلته أن هناك جملة من المعاني تؤكد عدمَ جمود الفقهاء في المجالات العملية خاصة في الفتوى على رأي واحد، بل راعَوْا الرأي الآخر المخالف ولم ينكروه ولم ينسبوه إلى الخطأ والقصور، وقد نظروا في كيفية الاستفادة منه باعتباره يمثل فسحة وَسَعة على المكلف، ما دام قد صدر عن مجتهد من أهل الاختصاص، وها هو الإمام القرافي يدعو للإفتاء بعرف المستفتي فيقول: "وعلى هذا تراعى الفتاوى على طول الأيام؛ فمهما تجدد في العرف اعتبره، ومهما سقط أسْقِطه ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك؛ بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تُجْرِه على عرف بلدك واسأله عن عرف بلده، وأَجِرِه عليه وأفته به دون عرف بلدك والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح والجمود على المنقولات أبدًا ضلالٌ في الدين وجهلٌ بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين".
وأشار فضيلة المفتي إلى أن الفتوى الصحيحة لها دور كبير في استقرار المجتمعات، حيث إن المقاصد الكلية للشريعة لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود فتوى صحيحة رشيدة.
وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية أنَّ هناك أهمية كبيرة لمراعاة سياق الفتوى القديمة مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية حققت "الفتاوى المهدية في الوقائع المصرية" للعلَّامة المفتي محمد المهدي العباسي، رغم أن أغلبها لا يصلح لزماننا الحالي لاختلاف الزمن والسياق، وهو أمر ينتبه له المتصدرون للفتوى بدار الإفتاء. وتحقيق هذه الفتاوى القديمة يوفر تدريبًا متقنًا للمتدربين على الفتوى.
فمن خلال دراسة الفتاوى السابقة وتحليلها، يكتسب المتدربون مهارات فقهية عميقة، ويتعلمون كيفية التعامل مع النصوص الفقهية وتطبيقها بحكمة على القضايا المعاصرة؛ مما يعني أن التغيرات الزمنية والسياقية يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مدى ملاءمة الفتاوى القديمة للتطبيق في العصر الحديث. فالقضايا التي كانت تُطرح في زمن الشيخ العباسي قد تكون مختلفة تمامًا عن القضايا التي نواجهها اليوم، سواء من حيث طبيعتها أو تعقيدها.
واختتم فضيلة المفتي حواره بالتأكيد على أن القول الشرعي بجواز توسعة بعض أماكن المناسك اعتمد على أدلة ودراسات وبحوث علمية وشرعية دقيقة ومعتبرة لعلماء معاصرين وقدامى، منها -على سبيل المثال لا الحصر- قول الإمام القرافي المالكي: "اعلم أنَّ حكم الأهوية تابع لحكم الأبنية؛ فهواء الوقف وقف، وهواء الطلق طلق..."، وكذلك دراسات وبحوث لعلماء كُثر، منهم علماء مصريون معاصرون، فضلًا عن السادة العلماء الأفاضل في المملكة العربية السعودية الذين أجازوا هذه التوسعة انطلاقًا من القواعد الإفتائية والفقهية التي تراعي تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية دور وهيئات الإفتاء الدكتور شوقي علام الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء مفتي الجمهوري الثابت المتغير الشريعة الإسلامية الشریعة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
المفتي العام بالبوسنة والهرسك: الأمن الفكري ضرورة ملحة في مواجهة التطرف الديني
قال الشيخ أنس ليفاكوفيتش، نائب رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك، في كلمته أمام الندوة الدولية الأولى بمناسبة "اليوم العالمي للفتوى" التي تنظمها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، تحت عنوان "الفتوى وتحقيق الأمن الفكري"، إن الأمن الفكري يشكل ضرورة ملحَّة في عصر يواجه فيه المجتمع الإنساني تحديات عديدة، أهمها التطرف
أمين عام مكتب الإفتاء بعمان: التمكين الاقتصادي يعدُّ ركيزةً أساسية لتحقيق الأمن شوقي علَّام: الندوة الدولية لدار الإفتاء تمثِّل فرصة كبيرة لتبادل الأفكار والآراءوأكد الشيخ ليفاكوفيتش أن السلام والتسامح هما جوهر مبادئ الإسلام، مشيرًا إلى التجربة الفريدة للشعب البوسني الذي تعرض للظلم والتطرف في أعقاب الإبادة الجماعية، لكنه تمسك بقيم الإسلام في دعوته للسلام والعدالة. وأشار إلى أهمية الالتزام بتعاليم الدين كخطوة ضرورية لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمعات الإسلامية والعالم أجمع.
وفي حديثه عن التطرف الديني، أضاف الشيخ أن هذه الظاهرة تُعَدُّ من أكبر المشكلات التي تُواجه المجتمعات في عصرنا الحالي. وأكد على ضرورة فهم جذور هذه الظاهرة وعدم إلقاء اللوم على الإسلام، مشددًا على أن الدين يدعو إلى التسامح والاعتدال. ولفت الانتباه إلى ضرورة وضع مكافحة التطرف ضمن الأولويات الوطنية والدولية، لأن التطرف بجميع أشكاله يُشكِّل تهديدًا للسلام المجتمعي.
وأكد على أهمية الحوار والتفاهم بين الثقافات والأديان، مستشهدًا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعو إلى الرحمة والتفاهم، مشددًا على أن الإسلام يرفض التطرف بكل أشكاله. وخلص الشيخ إلى أن الأمن الفكري يتحقق من خلال الفتوى التي تُرشد المسلمين نحو القيم السامية، وتساعدهم على مواجهة الفكر المتطرف.
وفي ختام كلمته، دعا نائب رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك إلى تكثيف الجهود الجماعية لتعزيز الأمن الفكري، مؤكدًا أن الفتوى ليست مجرد رد على الأسئلة الدينية، بل هي أداة فاعلة لتحقيق التعايش السلمي والتصدي للتحديات التي تواجه المجتمع الإسلامي والعالمي.
انطلاق الندوة الدولية الأولىوكان شهد مركز مؤتمرات الأزهر الشريف انطلاق الندوة الدولية الأولى التي تنظمها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، بعنوان "الفتوى وتحقيق الأمن الفكري"، تُعقد الندوة على مدار يومين، في الفترة من 15 إلى 16 ديسمبر الجاري، بمشاركة واسعة من العلماء والمفتين من مختلف دول العالم، إلى جانب نخبة من الوزراء وكبار رجال الدولة، بالإضافة إلى عدد من علماء الأزهر الشريف.
وتأتي هذه الندوة في وقت بالغ الأهمية، حيث تسعى دار الإفتاء المصرية من خلال هذا الحدث الدولي إلى تسليط الضوء على دَور الفتوى في تعزيز الأمن الفكري، ومواجهة التحديات الفكرية المعاصرة، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
كما تهدُف الندوة إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الإفتائية والعلمية على مستوى العالم، وصياغة رؤى ومقترحات لتطوير منهجية الإفتاء بما يتلاءم مع التحديات المعاصرة.
ويشارك في الندوة مجموعة من العلماء البارزين من مختلف دول العالم الإسلامي، فضلًا عن حضور مجموعة من الوزراء وكبار المسؤولين من الدولة المصرية، مما يعكس أهمية الحدث في تعزيز الدور المحوري الذي تلعبه الفتوى في بناء المجتمعات المستقرة والمزدهرة.
يشار إلى أن الندوة تأتي في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها دار الإفتاء المصرية لنشر الفكر الوسطي، وتعزيز قيم الاعتدال والتعايش بين مختلف الثقافات والأديان، بما يساهم في مكافحة الفكر المتطرف ويعزز من دور المؤسسات الدينية في نشر الأمن الفكري على مستوى العالم.