الطليعة الشحرية
استنكر فيما مضى وصفة الحمرنة والاستحمار، وأتعجب من استخدامها بكثرة عند توبيخ الكبار للصغار بجملتهم المشهورة "أنت حمار ما تفهم!" أو قولهم "انتبه يا حمار"؛ إلّا أن أدرك اليوم أن العالم يُقاد ويُدار من قبل مجموعة من القرود اغتصبوا السلطة ويفرضون وضع الاستحمار على جميع سكان الكرة الأرضية.
بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران انقسم المثقفون والإعلاميون والمتصهينون إلى معسكرين طائفيين شامتين، وهو انحراف فكري متصهين خطير بحصر الاغتيال في خندق الطائفية والشماتة، منتزعًا من عملية الاغتيال والمغتال غيلة كل الشرعية والحقوق الإنسانية في أقل صورها.
لم يكن الاختراق الأمني والاعتداء على إيران باعتبارها دولة ذات سيادة أمرًا يسيرًا يضرب بكل الأعراف والأسس والاتفاقيات الدولية عرض الحائط. وليس لإسرائيل تلك القوة- وهي المُنهكة والمُستنزفة في حرب على جبهتي غزة ولبنان- والقدرة على تخطيط وتكتيك عملية بالغة التعقيد والدقة دون مساعدة ودعم أمريكي فاضح واختراق. ومن البديهي التساؤل عن مدى الاختراقات في الدول الأخرى ذات الإمكانيات المتواضعة مقارنة بإيران. الصورة الأشمل للتحولات العالمية لا تحصرها خنادق طائفية ولا اختراقات أمنية ولا معسكرات عرقية.
لكل الصامتين والمتفرجين والمثقفين المتصهينين وغيرهم، فإن هناك من يقود دفة السلطة العالمية يشاهد مذابح وتطهيرًا عرقيًا وتجارب أسلحة على شعب أعزل.. شعب يتم تجوعيه وقمعه، بل وترتفع مطالب الصهيونية لاغتصاب الأسرى بشكل فاضح وقذر، وهم يعلمون يقينًا أن لن تردعهم منظمة حقوقية أو تُجرِّمهم مؤسسة دولية أو قوة عظمى تدّعي حفظ الحريات الإنسانية!
ما هي قيمتك كعربي دون النظر إلى طائفتك وعقيدتك؟ أقلت المروءة فيكم! بخروج مثقفين عرب يُشيطنون إيران بعد مقتل هنية؛ باعتبارها معسكرًا شيعيًا، وخروج المستهزئ الذي يسأل عن الرد واضعًا صورة كاريكاتيرية حبات من الخيارات على شاكلة صواريخ متناسيًا أنه أول من فتح برنامجهم والبيت للاستماع إلى المتحدث الرسمي لجيش الاحتلال.. أي استحمار للعقول؟!
الفارس العربي مات في صفحات كتب التاريخ وما تبقى أولئك الذين تم استحمارهم بشعارات غربية وتطور غربي وثقافة وحضارة غربية.
المُستحمَر العربي الجديد أرضخته الثقافة الغربية ودعاة التحرير والتغريب وأصبح يستنسخ كل شيء، تعليم باهت وحريات زائفة، والبعض اعتاد سفك دماء إخوتهم بالدم وبالعقيدة!
أشد سرطان يفتك بهذه الأمة هي تبعية الاستحمار دون مُساءلة، دون الوعي بالدور الإنساني للفرد في المجتمع والأمة، الكل يتكئ وينكفئ على الدعاء بالفرج، متقيدين بالقاعدة الذهبية "انظر لمن هم دونك أولئك الأسوأ حظًا في الحياة منك، فيهون عليك حالك ويقوى صبرك على ما أنت فيه"، ولكن الحقيقة أن من يرضى بالظلم يُظلم، فما بالكم بمن يُعين الظالم.
من مهام عمل المتصهينين الجدد ولجانهم الإلكترونية إلهاء الإنسان وإشغاله فيما لا يسمن ولا يغني عن جوع، وتعدد آليات وأساليب الإلهاء بين دينية وترفيهية وعلمية مزيفة؛ ليبقى الفرد مُنشغلاً بسفاسف الأمور واتفهها، والهدف هو الإبعاد عن طلب حقك الأساسي الذي به يتحقق وجودك الإنساني.
تُساق الشعوب بإغفالها عن حقوقها الأساسية وتشغل بحقوق أخرى ليست بذات القدر من الأهمية. كحادث اغتيال هنية يتم تُعمد إشغال الجميع في صراع طائفي عرقي عمدًا والابتعاد عن تساؤل جوهري: كم عدد الدول المخترقة؟ وهل سلسلة الاغتيالات ستطال كل من لا يأتي على مزاج إسرائيل؟ ومن يُساعد من الداخل؟
لماذا يتم خلق جبهة صراع طائفية عرقية بعيدًا عن المبادئ العقدية المتأصلة بين إخوة الدين؟ لأن الغبي إذا انتبه أدرك أنه سيكون الضحية التالية!
الرضا بالتطهير العرقي يفتح أبواب التحرير الغربي بعقليته العلمانية الماسو- صهيونية والتي ستخلق معارك وحروبًا وهمية لإلهاء المُستحمَرين الجُدد وتتعدد مُسمياتها وشعارتها، من تجديد الدين والصراعات الطائفية وتحرير المرأة وسيطرة الموروث الثقافي وإطلاق الاتهامات الباطلة، وتدليس العقيدة والتشريعات.. وكل ذلك لاستقطاب نموذج التحرير الغربي السام!
كل ما نراه في الواقع الحالي ليس سوى نزعة فردية استهلاكية مُتخمة بالذاتية دون وجه حق المساءلة أو التمحيص في كل تلك الدعوات، وبذلك ينشأ بيننا مُستحمَرون قابلون لفكرة التحضُّر والتحرر وفق منظور غربي شاذ.
هناك ارتباط عضوي بين التحولات العالمية الكبرى والتحولات المجتمعية الثقافية. وقد أبصرت أعين بعض المُستحمَرين الاصطفاف العالمي بقيادة مُشعلي نيران الفتن وأحلافهم من اتباع العلمانية الماسو- صهيونية، وخلط المتعقدات وتدليس الحقائق وعمليات الإلهاء العقلي وإشغال المُستحمَرين عن الانتباه لحقوقهم المشروعة؛ ليقف هذا العالم المُتفرِّج، فإن رجحت كفة أعداء البشرية نُجبَر جميعًا على أن يَمسك زمام الأمور ويدير دفة السفن، المتحولون جنسيًا، وستُفرض قوانين تُجرِّم من يرفض قبول هؤلاء المتحولين الشواذ، وسيكون العالم بمثابة موطن للمُستحمَرين يحكمهم متحولون جنسيًا، ويفرض عليهم قبول الشذوذ والتحوُّل الجنسي بصدر رحب!
كلها سلسة عِقْدٍ تنفرط حباته، وسيكون هناك مُستحمَرون يشاهدون نارًا عظيمة في عُقر دارهم وسيطالبون بقية المُستحمَرين بالإكثار من الدعاء، وستعظُم النار وتأكل الأخضر واليابس، وسيُقدِّم المُستحمَر الولاء والطاعة لمُتحوِّل يستحمِره!!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«آي صاغة»: 1.8 % ارتفاعًا في أسعار الذهب بالبورصة العالمية خلال أسبوع
استقرار أسعار الذهب بالسوق المحلية خلال تعاملات اليوم السبت، تزامنًا مع العطلة الأسبوعية للبورصة العالمية، بعد أن حققت الأوقية مكاسب بنسبة 1.8 % خلال تعاملات الأسبوع، مع ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن وسط تكهنات خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي وضعف الدولار، وفقًا لتقرير منصة «آي صاغة»
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب بالأسواق المحلية شهدت حالة من الاستقرار خلال تعاملات اليوم، ومقارنة بختام أمس، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 4120 جنيهات، في حين حققت الأوقية مكاسب بنحو 52 دولارًا ، خلال تعاملات الأسبوع، لتسجل 2910 دولارات.
وأضاف، إمبابي، أن جرام الذهب عيار 24 سجل 4709 جنيهات، وجرام الذهب عيار 18 سجل 3531 جنيهًا، فيمَا سجل جرام الذهب عيار 14 نحو 2747 جنيهًا، وسجل الجنيه الذهب نحو 32960 جنيهًا.
ووفقًا للتقرير اليومي لمنصة «آي صاغة»، فقد شهدت أسعار الذهب بالأسواق المحلية حالة من الاستقرار خلال تعاملات أمس الجمعة، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 4120 جنيهًا، واختتم عند نفس المستوى، في حين استقرت أسعار الذهب بالبورصة العالمية حيث افتتحت التعاملات عند 2910 دولارات، واختتمت التعاملات عند نفس المستوى.
أوضح، إمبابي، أن ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن وسط تكهنات خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي وضعف الدولار الأمريكي، عزز من قوة الذهب.
أضاف، أن الأسواق تفاعلت مع حالة عدم اليقين الاقتصادي، وتباطؤ نمو الوظائف في الولايات المتحدة، ما عزز رهانات خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي.
لفت، إلى أن انخفاض الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر، جعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين، إذ كان انخفاض الدولار مدفوعًا بتقرير الوظائف غير الزراعية، والتكهنات المتزايدة حول خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وأظهر سوق العمل الأمريكي علامات على التباطؤ، حيث كشفت بيانات الوظائف غير الزراعية في فبراير عن إضافة 151 ألف وظيفة، وهو أقل من 160 ألف وظيفة متوقعة، وعزز هذا التقرير توقعات السوق بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ في خفض أسعار الفائدة بحلول يونيو المقبل.
ومع ذلك، تبنى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول نبرة حذرة، حيث صرح بأن البنك المركزي يحتاج إلى "مزيد من الوضوح" قبل اتخاذ أي خطوات بشأن أسعار الفائدة، وتظل مخاوف التضخم قضية رئيسية، حيث من المتوقع أن تقدم بيانات مؤشر أسعار المستهلك المقبلة رؤية جديدة حول معدلات التضخم.
وتظل التوترات التجارية عاملاً رئيسيًا يؤثر على الذهب، حيث فرضت الولايات المتحدة مؤخرًا تعريفات جمركية جديدة بنسبة 25٪ على الواردات من المكسيك وكندا، إلى جانب زيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية، في حين أضاف الإعفاء المؤقت من التعريفات الجمركية على السيارات لبعض الشركات المصنعة حالة من التعقيد، مما ترك الأسواق في حالة من الضبابية وعدم اليقين بشأن توقعات السياسة التجارية طويلة الأجل.
أشار، إمبابي، أن تحركات أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة ستعتمد على معدلات التضخم عقب صدور تقرير أسعار المستهلك يوم الجمعة المقبل، بجانب إشارات توجهات سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي.
أضاف، أن مخاوف التوترات التجارية واستمرار تراجع الدولار، يعززان من قوة الذهب، لكن تعرض السوق لعمليات جني الأرباح، أو تغير توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يؤدي إلى توقف استمرار موجة صعود الذهب.
في حين واصلت الصين موجة شراء الذهب للشهر الرابع على التوالي في فبراير، مما يشير إلى استمرار الطلب من قبل البنك المركزي على المعدن، وفي الوقت نفسه، قدمت المخاطر الجيوسياسية وعدم اليقين التجاري المزيد من الدعم للملاذ الآمن.
وفقًا لمجلس الذهب العالمي، اشترى بنك الشعب الصيني نحو 10 أطنان في أول شهرين من عام 2025، في حين كان أكبر مشترٍ هو البنك الوطني البولندي، الذي زاد احتياطياته بمقدار 29 طنًا، وهي أكبر عملية شراء له منذ يونيو 2019، عندما اشترى 95 طنًا.
وفي سياق متصل، تترقب السواق إصدار مؤشر معنويات المستهلك لجامعة ميشيجان يوم الجمعة، بعد الانخفاض الحاد في فبراير بسبب المخاوف المتعلقة بالتعريفات وعدم اليقين الاقتصادي.