إسرائيل تُعربد.. والعالم يتفرج!
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
سالم بن نجيم البادي
من يُصدق أنَّ مايحدث الآن في غزة واقع وليس كابوسًا أو فليم رعب أنتج في هوليود تتوالى فيه مشاهد القتلى والأشلاء الممزقة والأطفال الموتى والأمهات الثكالى والدموع والصراخ والدمار الواسع والهلع وانتشال بعض الأحياء من تحت الأنقاض والدماء والجثث المتناثرة في كل مكان، وقد تحولت بعض الأجساد إلى هياكل عظمية وترى الناس في صفوف طويلة ينتظرون الحصول على الطعام النادر، وقد يعودون وأوانيهم فارغة، وقد يقصفهم الطيران الإسرائيلي وهم في تلك الطوابير!
الناس في حيرة من أمرهم، لا يعرفون إلى أين يفرون، والموت يتربص بهم في كل مكان، وأسرٌ مات كل أفرادها وفقدان الآلاف من النَّاس ويُعتقد أنهم موتى تحت الركام وأطفال أيتام تائهون بعد تفرق شمل ذويهم ومآسٍ وقصص إنسانية لا يتسع المجال لذكرها كلها.
منذ أكثر من 10 أشهر، وإسرائيل ماضية في الانتقام والعربدة، والعالم بين صامت وشامت ومتواطئ ومُتفرج والذين يظهرون ما لا يضمرون قلوبهم مع إسرائيل وألسنتهم تلوك عبارات جوفاء مثل نُدين ونستنكر ونشجب وندعو إلى وقف القتال فورا وهذا كلام ممجوج ومُعاد ومكرر ومُقزز ولا فائدة منه؛ لأنه غير مقترن بالأفعال وحتى لو كانت أفعالا رمزية، مثل قطع العلاقات وطرد السفراء وفرض عقوبات وتسجيل مواقف حاسمة، وخاصة من الدول التي كنَّا نتوقع منها مواقف حازمة، والدول التي كُنَّا نظن أنها مهد حقوق الإنسان وراعية للديمقراطية والمساواة والعدل مثل فرنسا وكل دول الاتحاد الأوروبي، عدا إسبانيا التي اتخذت موقفًا يختلف قليلًا عن أقرانها في أوروبا.
من يستمع إلى تصريحات الساسة في هذه البلدان يتملكه العجب حين يتباكون على الأسرى الإسرائيليين في غزة في حين لا يذكرون إطلاقًا عشرات الآلاف من الفلسطينيين في سجون الاحتلال مع ما يعانونه من أصناف التعذيب والإذلال والقهر والمرض والاكتظاظ الفظيع في هذه السجون سيئة السمعة، وهل الإنسان الإسرائيلي أغلى من الإنسان الفلسطيني؟ والحديث عن مواقف الدول العربية والإسلامية محزن ويُدمي القلب والتفكير فيه مؤلم ويجلب ضغط الدم وربما الجلطات، ولا يمكن تفسيره وهو خارج عن حدود المنطق والمعقول والدول التي اعترفت بدولة فلسطين؛ وهو الاعتراف الذي لا يفيد شيئًا في الوقت الراهن، أين هي الدولة الفلسطينية المعترف بها وقد قضمت إسرائيل كل أراضي فلسطين وماذا أفاد هذا الاعتراف هل توقفت الإبادة الجماعية في غزة؟
عجيب وغريب كل هذا الصمت والتخاذل في مواجهة غطرسة إسرائيل وهي تمارس هذا الإجرام والوحشية والبربرية وتمعن في القتل والخراب والدمار وتمارس القتل في كل الجهات وتنتهك سيادة الدول وتضرب بالأعراف الدبلوماسية والإنسانية عرض الحائط. ولقد اعترف بعض جنودها بأنهم يمارسون النهب والسلب والقتل بدافع الانتقام إن الجيش الإسرائيلي هو عصابة من القتلة الذين لايمتلكون عقيدة قتالية ولا أخلاق لهم وهم من شذاذ الآفاق قدموا إلى فلسطين من كل أصقاع العالم، إنه الإجرام والكراهية والتعصب والعنصرية واحتقار الجنس العربي وهذه عقيدتهم التي رضعوها منذ أن كانوا أجنة في بطون أمهاتهم.
والضمير العالمي ضمير غائب حين يتعلق الأمر بإسرائيل ولو أن دولة من دول العالم الثالث فعلت ما تفعل إسرائيل لتحركت البوارج والطائرات ولحدث حظر للطيران وانهالت عليها العقوبات من كل حدب وصوب، ليس من أجل حقوق الإنسان، ولكن من أجل مصالحهم الخاصة وإسرائيل تفعل ما تشاء وتقتل من تشاء وتغتال من تشاء وتعربد وتصول وتجول ولها تعظيم سلام وليذهب الإنسان الفلسطيني إلى الجحيم والدول الديمقراطية والحامية لحقوق الإنسان، على استعداد تام للدفاع عن إسرائيل ومدها بالسلاح الذي به ترتكب كل هذه الجرائم مثال على هذه الدول بريطانيا وألمانيا وفرنسا ولذلك هم شركاء في هذه الجرائم كلها.
فهل بقي أحد منكم يصدق كل ذلك الهراء الذي صدعونا به عبر كل تاريخهم وهم يتحدثون عن حقوق الإنسان وحريته وعدم المساس بكرامته ولقد خبرتهم الشعوب في حقبة الاستعمار وسجل التاريخ وحشيتهم الطاغية ونهبهم للثروات والاستعلاء والاعتقاد بتفوق المستعمر الأبيض والدم الأزرق وأنهم هم أهل الحضارة والتمدن، وما عداهم برابرة متوحشون متخلفون ولذلك نرى أنهم اليوم يساندون إسرائيل التي تحتل فلسطين.
لعل السبب في ذلك أن إسرائيل تذكرهم بأمجادهم الاستعمارية الغابرة وحين يتكلمون عن حقوق الإنسان فهم يقصدون حريته في الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية والعدالة الدولية والتي تمثلها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية هذه العدالة تبدو عرجاء وغير فاعلة، وكذلك الأمم المتحدة وأمينها العام ومجلس الأمن الذي صار منبراً للخطب الرنانة فقط ومنظمات الأمم المتحدة؛ حيث تقف كلها عاجزة أمام الجوع وانتشار الأوبئة والأمراض والموت وقتل الأطفال وقتل الصحفيين والأطباء وهدم مقراتها وقتل موظفيها والتهجير القسري المتكرر لسكان غزة ومنع دخول الطعام والدواء إلى قطاع غزة.
وحتى لا نغمط حق كل أولئك الذين تضامنوا وتظاهروا وقاطعوا وتبرعوا من أجل الناس في غزة، تحية إجلال وتقدير واحترام لهم جميعًا على إنسانيتهم الرفيعة ووقوفهم المخلص مع إنسان غزة لمجرد أنه إنسان هذا الإنسان الذي تخلى عنه صناع القرار في العالم وتركوه يُذبح من الوريد إلى الوريد وهم يتفرجون!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ناشط حقوقي إفريقي: غزة أعادت فلسطين للواجهة وأوقفت التطبيع مع "إسرائيل"
صفا
قال الناشط الحقوقي البوركينابي عبد الرحمن سيدي بي، إن عملية "طوفان الأقصى" والإبادة الجماعية الإسرائيلية لقطاع غزة أعادتا قضية فلسطين إلى الواجهة في إفريقيا، ووضعتا حداً لمحاولات تطبيع "تل أبيب" في القارة.
وأضاف سيدي بي، أن "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 "أحدث الكثير" في إفريقيا، خصوصاً في بلدان غرب القارة، لافتًا إلى أن "شعوب دول غرب إفريقيا تفاعلت بشكل كبير على مدى عام كامل مع تطورات القضية الفلسطينية".
وتابع: "باتت القضية الفلسطينية ضمن أولويات الكثير من سكان غرب إفريقيا.. الجميع يشاركون في المسيرات والمظاهرات ومختلف الفعاليات التضامنية معها".
وسيدي بي يرأس منظمة معنية بالدفاع عن القضية الفلسطينية في بوركينافاسو، وهو عضو في "ائتلاف غرب إفريقيا لنصرة القدس وفلسطين"، وهذا الائتلاف هو هيئة أهلية تأسست في نواكشوط عام 2016، وتضم عشرات من منظمات المجتمع المدني بغرب إفريقيا وعددا من الفقهاء والعلماء بالقارة السمراء.
وتشن "إسرائيل" بدعم أمريكي حرب إبادة جماعية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، خلّفت أكثر من 144 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأزيد من 10 آلاف مفقود، فضلا عن دمار شامل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وحسب سيدي بي فإن "طوفان الأقصى أوقف بشكل شبه كامل كل أشكال التطبيع في القارة الإفريقية".
وزاد بأن "إسرائيل" سعت خلال السنوات الماضية إلى التغلغل في القارة عبر تمويل مشاريع في مجالات الزراعة"، مستطردًا: "جميع الدول الإفريقية قطعت علاقتها مع "إسرائيل" سبعينيات القرن الماضي".
وآنذاك قطعت دول إفريقية علاقتها مع "إسرائيل" رفضاً لاستمرار احتلالها أراض إفريقية، وهي شبه جزيرة سيناء المصرية منذ 1967، والصمت الغربي على نظام الفصل العنصري بدولة جنوب إفريقيا.
وفي عام 1972 قطعت أوغندا علاقاتها مع "إسرائيل"، ثم تبعتها سبع دول أخرى هي تشاد ومالي والنيجر والكونغو برازافيل وبوروندي وزائير وتوغو، ما مثّل ضربة لمساعي التطبيع الإسرائيلية.
المصدر: الأناضول