تسمح صفقة تبادل السجناء التاريخية التي نفذتها دول غربية على رأسها الولايات المتحدة مع روسيا، للرئيس الأمريكي جو بايدن بتعزيز موقعه وموقع نائبته كامالا هاريس التي حلّت محله مرشحة عن الحزب الديموقراطي لانتخابات نوفمبر المقبل.

ويبقى من عودة السجناء المفرج عنهم مشهد شديد الوقع، يظهر فيه الرئيس الأمريكي والمرشحة الديموقراطية يستقبلان الصحافي في وول ستريت جورنال إيفان غيرشكوفيتش والأمريكيَّين الآخرين اللذين كانا مسجونين على غراره في روسيا، ويعانقانهم الواحد تلو الآخر على مدرج قاعدة أندروز العسكرية قرب واشنطن.

وتشكل هذه الصفقة نجاحا دبلوماسيا لافتا للرئيس البالغ 81 عاما، بعدما دُفع إلى الخروج من السباق إلى البيت الأبيض في 21 يوليو وسط مخاوف بشأن قدراته الجسدية والذهنية لتولي الرئاسة لولاية ثانية من أربع سنوات.

وهو إنجاز يحتاج إليه بايدن لترسيخ حصيلته في التاريخ السياسي الأمريكي، إنما كذلك لإعطاء دفع إضافي لحملة كامالا هاريس التي أطلقها في السباق عندما أعلن فور انسحابه دعمه لترشيحها.

وأوضح فرانك سيسنو الأستاذ في جامعة جورج واشنطن "جو بايدن قال إنه سيبذل كل ما في وسعه لمساعدة كامالا هاريس على الفوز في الانتخابات. وإشراكها في اللقاء أمام عدسات المصورين في قاعدة أندروز يندرج في هذا السياق".

وتابع سيسنو الذي كان في الماضي مراسل "سي إن إن" في البيت الأبيض "كان هذا من أكثر الأمور الملموسة التي يمكنه القيام بها، إظهارها بجانبه، كجزء من عملية اتخاذ القرار، جزء من الفريق الرابح".

من جهة اخرى، رأى الأستاذ الجامعي أن من بين طموحات بايدن الآن ضمان وصول نائبته إلى البيت الأبيض لمنع ترامب من محو حصيلته بتفكيك السياسات التي أرساها خلال ولايته الوحيدة.

وقال "من الآن وحتى الانتخابات، سيحرص بايدن على أن تكون لكامالا هاريس حصتها كلما تمكنت الإدارة من التباهي بنجاح ما".

من جهته، انتقد ترامب بشدة عملية التبادل ووصفها بأنها "انتصار" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومعتبرا أنها ستشجع أعداء الولايات المتحدة على خطف مواطنين أمريكيين.

وكان الرئيس السابق أكد في نهاية مايو أنه وحده قادر على الحصول على إطلاق سراح غيرشكوفيتش وأنه سيحقق ذلك "مباشرة تقريبا" بعد انتخابه، قبل أن يتولى حتى منصب الرئاسة.

وقال سيسنو إن "بايدن وهاريس زايدا عليه في اللحظة الأخيرة" معتبرا أنهما "مدينان لترامب بمعنى ما" لنجاحهما في التوصل إلى إطلاق سراحه.

وسئل بايدن في القاعدة لمعرفة مدى أهمية إنجاز الصفقة بالنسبة إليه مع العلم أنه بات خارج السباق، فأجاب أن لا علاقة إطلاقا بين الأمرين.

وقال ممازحا "لكنت قمت بذلك حتى لو كنت مرشحا لولاية ثانية" وتابع متوجها إلى هاريس "أنت عالقة معي في الرئاسة لفترة من الوقت".

ومن اللافت أن هاريس تركت الرئيس يحظى بكل الأضواء وأشادت بحكمته وبميزاته القيادية في تصريحاتها في قاعدة أندروز.

لكن مجرد وجودها كان تأكيدا على الرسالة التي بعثها البيت الأبيض طوال النهار، وهو أنها جزء من هذا الانتصار.

وكانت هاريس على غرار بايدن من أشد المدافعين عن دعم أوكرانيا بوجه التدخل الروسي المستمر منذ فبراير 2022.

وسئل مستشار الأمن القومي في البيت الابيض جايك ساليفان الخميس الماضي عن دور هاريس في عملية التبادل، فقال الخميس إنها كانت "عنصرا أساسيا في الفريق الذي ساهم في تحقيق ذلك".

وأوضح أنها شاركت بصورة خاصة في لقاء مع المستشار الألماني أولاف شولتس في "لحظة حرجة" في وقت سابق هذه السنة، فيما كان بايدن يسعى لإقناعه بإطلاق سراح فاديم كراسيكوف، عنصر جهاز الأمن الروسي المحكوم عليه بالسجن المؤبد في ألمانيا لإدانتها بالقتل، والذي كان الإفراج عنه عاملا جوهريا في الاتفاق.

كما أنها اتصلت الخميس الماضي بيوليا نافالنايا أرمل المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي توفي في ظروف غامضة في فبراير فيما كان معتقلا في سجن في القطب الشمالي.

وكشفت الولايات المتحدة أنها كانت تفاوض لإدراجه في صفقة التبادل وأكدت هاريس ليوليا نافالنايا خلال المكالمة الهاتفية أنه في حال انتخابها "ستواصل الدفاع عن الذين يكافحون من أجل الحرية في روسيا وبقية العالم".

وفي الشأن الانتخابي ايضا، أعلن المرشح الجمهوري للبيت الأبيض دونالد ترامب الجمعة أنه اتفق مع شبكة "فوكس نيوز" لتنظيم مناظرة مع منافسته الديموقراطية كامالا هاريس في الرابع من سبتمبر.

وكتب ترامب على منصته "تروث سوشال" للتواصل الاجتماعي "اتفقت مع فوكس نيوز على مواجهة كامالا هاريس في مناظرة الأربعاء في الرابع من سبتمبر"، من غير أن يتضح في الوقت الحاضر ما إذا كانت نائبة الرئيس وافقت على ذلك.

وصدر منشور الرئيس السابق بعد ساعات من ضمان هاريس ترشيح الحزب الديموقراطي لها لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

وانقلبت الحملة الانتخابية رأسا على عقب مع انسحاب الرئيس الديموقراطي جو بايدن (81 عاما) من السباق في 21 يوليو ودعمه ترشيح هاريس وسط مخاوف بشأن سنه وتراجعه في استطلاعات الرأي.

وجاء انسحاب بايدن بعد أدائه الكارثي في مناظرة تلفزيونية مع ترامب نظمتها شبكة "سي إن إن" في يونيو.

وكان من المقرر أن يتواجه المرشحان في 10 سبتمبر في مناظرة ثانية تنظمها شبكة "إيه بي سي".

وإذ كان من المتوقع الإبقاء على هذه المناظرة الثانية، أعلن الناطق باسم ترامب ستيفن تشانغ الأسبوع الماضي أنه "من غير المناسب" أن يتم الاتفاق على المناظرة قبل ترشيح هاريس رسميا.

وأوضح ترامب في منشوره بعض التفاصيل عن موقع المناظرة والمشرفين عليها، مشيرا إلى أنها ستقام أمام جمهور.

وكان ترامب (78 عاما) صرّح في السابق أنه لن يشارك في مناظرة مع هاريس التي تصغره بحوالى عقدين، في خروج عن التقاليد السياسية.

والشهر الماضي، تحدّت المدعية العامة السابقة ترامب للدخول معها في مناظرة وجها لوجه.

وقالت هاريس في تجمع انتخابي في أتلانتا متوجّهة إلى ترامب "آمل بأن تعيد النظر في لقائي على المنصة من أجل المناظرة، لأنه كما يقول المثل، إن كان لديك ما تقوله، قله في وجهي".

وقال ترامب في منشوره إن المناظرة ستعقد في ولاية بنسلفانيا وسيديرها بريت باير ومارثا مكالوم.

وأكدت فوكس نيوز أن المناظرة سيحضرها جمهور وستتبع القواعد المماثلة لمناظرة 27 يونيو بين ترامب وبايدن.

وأضاف ترامب "أتطلع إلى لقاء كامالا هاريس ومواجهتها في 4 سبتمبر"، مشيرا إلى أن هذا الموعد "مريح ومناسب" لأنه يأتي قبل بدء التصويت المبكر للانتخابات الرئاسية في 6 سبتمبر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کامالا هاریس البیت الأبیض فی مناظرة هاریس فی جو بایدن

إقرأ أيضاً:

خطبة وداع رئيس راحل.. بايدن لا يعترف بأي أخطاء رغم ارتكاب نصيبه الكامل منها.. الانسحاب المفاجئ من أفغانستان أدى إلى نشر الفوضى وتقويض مصداقية البيت الأبيض

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فى الأسبوع الأخير من ولايته، ألقى الرئيس الأمريكى جو بايدن خطابه الأخير، زاعمًا أن رئاسته عززت مكانة أمريكا العالمية. ومع ذلك، يكشف الفحص الدقيق عن رئاسة تميزت بأعمال كثيرة تميزت بأخطاء وتناقضات حاسمة.

سلط بايدن خلال خطاب الوداع، الضوء على ما يعتبره إنجازات إدارته. وزعم أنه ترك الولايات المتحدة أقوى مما وجدها، مؤكدًا على التفوق الاقتصادى على الصين، وتورط روسيا فى أوكرانيا، والزعامة العالمية المستدامة لأمريكا. فى خطاب ألقاه فى وزارة الخارجية، أعلن بايدن، "خلال رئاستي، زادت قوة أمريكا فى كل بُعد"، مضيفًا أن الولايات المتحدة "تفوز بالمنافسة العالمية".

وفقا لتحليل مايكل هيرش فى فورين بوليسي، شهدت فترة بايدن إنجازات ملحوظة، بما فى ذلك الاستثمارات القياسية فى الطاقة النظيفة، وتعزيز حلف شمال الأطلسي، وتعزيز اتفاقيات الأمم الآسيوية التى تشمل اليابان وكوريا الجنوبية. لا شك أن هذه الإنجازات سوف تفيد خليفته الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

الخطوات الخاطئة والانسحاب من أفغانستان

لكن رئاسة بايدن شابتها قرارات مثيرة للجدل، وخاصة الانسحاب من أفغانستان فى عام ٢٠٢١. وقد أدى هذا الخروج المتسرع، الذى سمح لطالبان بالاستيلاء على البلاد والسيطرة فى غضون أسبوعين فقط، إلى تقويض مصداقية الولايات المتحدة. وانتقد الحلفاء الأوروبيون هذه الخطوة باعتبارها أحادية الجانب، وحذر المستشارون العسكريون من الفوضى فى غياب الوجود الأمريكى المستمر.

تناقضات فى السياسات

أبرزت طريقة تعامل بايدن مع حرب أوكرانيا ميله نحو التناقضات السياسية. ففى البداية استبعد التدخل العسكرى الأمريكي، ثم صعد المساعدات العسكرية، وأعاد تعريف الصراع من صراع من أجل الديمقراطية إلى صراع حول المعايير الإقليمية. وعلى نحو مماثل، غالبًا ما تطلبت تعليقاته حول الدفاع عن تايوان توضيحًا من إدارته، مما أدى إلى ارتباك وتوتر العلاقات مع الصين.

فى الشرق الأوسط، أثارت مواقف بايدن السياسية بشأن إسرائيل وغزة انتقادات. وفى حين هدد أحيانًا باستغلال المساعدات الأمريكية لتخفيف حدة الإجراءات الإسرائيلية، إلا أنه لم ينفذ تهديده قط، مما أدى إلى تفاقم المشاعر المعادية لأمريكا فى المنطقة. وقد لاحظ بريت هولمجرين، القائم بأعمال مدير المركز الوطنى لمكافحة الإرهاب، مؤخرًا أن المواقف المعادية لأمريكا وصلت إلى مستويات غير مسبوقة منذ حرب العراق.

الفرص الضائعة

ساهم إحجام بايدن عن إحاطة نفسه بأقران قادرين على تحدى آرائه فى أوجه القصور فى إدارته. كان فريقه يتألف إلى حد كبير من مساعدين قدامى، مثل وزير الخارجية أنتونى بلينكين ومستشار الأمن القومى جيك سوليفان. وقد عززت هذه الانعزالية الثقة المفرطة، مما أدى إلى قرارات مثل محاولته المثيرة للجدل لإعادة انتخابه على الرغم من المعارضة الواسعة النطاق داخل حزبه.

مع انتهاء رئاسة بايدن، يعكس سجله المختلط نقاط قوته وحدوده. فى حين نجح فى تعزيز التحالفات وإجراء استثمارات تاريخية فى الطاقة النظيفة، إلا أنه فشل فى التكيف مع التحديات المتطورة. إن المفاوضات الفاشلة مع الصين بشأن تغير المناخ والذكاء الاصطناعى وعدم القدرة على إحياء الاتفاق النووى مع إيران هى أمثلة بارزة على الفرص الضائعة.

إن إرث بايدن هو إرث متناقض: زعيم سعى إلى إظهار القوة لكنه تعثر فى كثير من الأحيان فى التنفيذ. ومع انتقال الرئاسة إلى دونالد ترامب، فإن تأثير قرارات بايدن - سواء كانت جيدة أو سيئة - سيشكل بلا شك مسار أمريكا إلى الأمام.
 

مقالات مشابهة

  • شاهد| وسط أجواء باردة.. البيت الأبيض يتحضر لاستقبال "ترامب"
  • مصيره بيد إدارة ترامب.. البيت الأبيض يعلّق على حظر تيك توك
  • قلق في الأمم المتحدة من عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. اعرف الأسباب
  • بايدن يودِّع البيت الأبيض.. ويترك إرث "الفشل" لخليفته ترامب
  • من 3 كلمات.. إيفانكا ترامب تكشف سبب عدم عودتها إلى البيت الأبيض
  • بايدن أم ترامب؟.. البيت الأبيض يعلّق على "صاحب الفضل" في اتفاق غزة
  • فريقا بايدن وترامب يشاركان في "تمرين" البيت الأبيض
  • خطبة وداع رئيس راحل.. بايدن لا يعترف بأي أخطاء رغم ارتكاب نصيبه الكامل منها.. الانسحاب المفاجئ من أفغانستان أدى إلى نشر الفوضى وتقويض مصداقية البيت الأبيض
  • الخطاب الأخير للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن من البيت الأبيض
  • FA: هل كان دفاع بايدن عن حقوق الإنسان غطاء للوصول إلى البيت الأبيض؟