ساعات أمام الشاشة.. كيف تحمي طفلك من الإعلانات؟
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
يقضي الأطفال أوقاتا طويلة أمام الشاشات التلفاز ومنصات التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو والهاتف المحمول، وخلال هذه الفترة تتلاعب بهم الإعلانات المتنوعة التي يقدمها المشاهير عن المشروبات السكرية والحبوب والوجبات السريعة والألعاب وغيرها، وتأثيرها الكبير الذي يبدو واضحا أمام الآباء يمتد في الحقيقة ليؤثر في مستقبلهم أيضا، فكيف يمكن حماية الطفل من هذه الرسائل؟
خطورة الإعلانات على الأطفالقبل بلوغ الطفل سن الـ12 يفتقر إلى القدرة على التفكير النقدي، مما يجعله يستقبل الإعلانات كمصادر موثوقة.
وبالنسبة للأطفال في سن أصغر (نحو 4 سنوات) فإنهم غالبا لا يدركون أن فاصلا إعلانيا قد قطع عرض الرسوم المتحركة المفضلة لديهم.
يستغل المعلنون خصائص الأطفال النفسية مثل قدرتهم العالية على التخيل، مما يجعلهم يصدقون بسهولة أن منتجا معينا سيجلب لهم السعادة.
هذا الاعتقاد يكون قويا لدرجة أن الأطفال قد ينجحون أحيانا في إقناع والديهم بأنهم سيكونون سعداء حقا عند الحصول على ذلك المنتج.
وفي هذا السياق، نحن أمام طرف يدرك تماما الخصائص النفسية للطرف الآخر ويعرف كيف يشكل قناعاته، في حين أن الطفل (الطرف الآخر) لا يمتلك الأدوات اللازمة لتحليل الرسالة الإعلانية سوى تصديقها بشكل كامل.
تسلب الرسائل التجارية من الأطفال أفضل سنوات طفولتهم وتعلمهم في سن مبكرة أن ملء الفراغ العاطفي يتحقق باستهلاك المزيد من المنتجات وتؤثر في مفاهيم عدة لديهم:
مفهوم السعادةترسخ الإعلانات لدى الأطفال مفهوما للسعادة يرتبط بالاستهلاك والتخلص الفوري من الأشياء حين لا تحقق لهم السعادة.
حرمان الطفل من الخيالحتى سن الثامنة تقريبا يمزج الأطفال بين الخيال والواقع، ويعتبرون أن كل ما يشاهدونه على الشاشة صحيحا، لذا فهم يقتنعون بأن الحذاء الرياضي المعلن عنه سيجعلهم مشهورين مثلا، ويبدؤون التخيل.
وما يحدث في الأغلب هو أن يوضح الآباء الحقيقة لكشف تلك الحيل الإعلانية، لكن لهذا سلبياته أيضا، إذ يحرم الطفل مبكرا من العيش في عالم الخيال رغم أهميته في تطور نموه.
يميل الأطفال إلى اكتشاف ما هو متوقع منهم لنيل القبول وتجنب الرفض والشعور بالوحدة، وعندما يتعرضون لعدد كبير من الرسائل الإعلانية ويصدقون أنها معلومات حقيقية فإنهم يتكيفون بسرعة مع المفاهيم والمعايير التي تتضمنها تلك الإعلانات، وأبرزها الاستهلاكية.
هوية الطفلفي هذا العمر المبكر، حيث لا يزال مفهوم الطفل عن العالم وعن نفسه يتشكل تعزز الإعلانات لديه فكرة ما "يجب" أن يمتلكه ليكون مقبولا اجتماعيا، يبدأ الطفل في ربط هويته بما يمكنه توفيره واستهلاكه وينغمس في عالم الاستهلاك متعلما تعويض بعض احتياجاته العاطفية بالمنتجات والخدمات.
السمنةيعاني 35% من الأطفال في العالم من مشكلات السمنة، وتعتبر الإعلانات أحد العوامل التي تساهم بدرجة كبيرة في تزايدها لدى الأطفال بسبب ما ترسخه لديهم من نزعات استهلاكية، خاصة أن كثيرا منها تتعلق بالأطعمة غير الصحية الغنية بالسكريات أو الملح أو الدهون.
يواجه المراهقون مشكلة أخرى تتعلق بالوزن المثالي، فالإعلانات نفسها تسهم في الأغلب في تشويه صورة الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، وهكذا يرتبك الطفل بين إعلانات تشجع على تناول منتجات غير صحية تزيد الوزن وبين صورة مثالية تروجها عن النحافة والوزن المثالي كمعيار للجمال والقبول الاجتماعي، فيصبح الطفل عرضة لاضطرابات الأكل.
الإعلانات.. جدل أخلاقي وتشريعيوفقا لموقع "غارديان"، لا يوجد مبرر أخلاقي لتسويق أي منتج للأطفال، وهنا توضح سوزان لين -وهي مديرة حملة من أجل طفولة خالية من الإعلانات التجارية- أنه حتى الإعلانات التي تروج لطعام صحي تعلم الأطفال اختيار الطعام بناء على اختيارات المشاهير بدلا من الاعتماد على المعلومات الغذائية المكتوبة على العبوة.
بالمقابل، يرى البعض أن فعالية الإعلان تعتمد على نوعيته، في حين ترى لين أن الإعلان بحد ذاته يضر الطفل لأنه يخاطب عواطفه، مما يرسخ لديه فكرة الاختيار بناء على أسباب عاطفية، وهذا يضعف التفكير النقدي لدى الطفل ويدفعه للشراء الاندفاعي.
وبينما يعتقد بعض الخبراء أن الإعلانات قد تكون وسيلة لتوعية الطفل وتنمية التفكير النقدي لديه يؤكد المعارضون مثل لين أن الطفل غير قادر أساسا على فهم القصد التجاري من الإعلان حتى سن الـ12، لذا ليس من الصائب الاعتماد على الطفل في حماية نفسه من تأثير الإعلانات.
وفي بعض الدول يتم تنظيم محتوى الإعلانات والمنتجات المعلن عنها من خلال القوانين واللوائح، ففي إنجلترا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج وبلجيكا والنمسا وكندا تخضع محتويات الإعلانات للرقابة، وتوصي جمعية علم النفس الأميركية (إيه بي إيه) بتقييد الإعلانات الموجهة إلى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات.
بالمقابل، تمنع دول مثل السويد والنرويج توجيه أي إعلان للأطفال دون سن الـ12، ففي السويد يحظر عرض الإعلانات التلفزيونية التي تستهدف الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 12 عاما قبل التاسعة مساء، كما يمنع استخدام الأطفال أو الحيوانات الأليفة في أي حملة إعلانية بغض النظر عن المستهدف منها، لأنها تجذب انتباه الأطفال بشكل كبير.
هذا الجدال المستمر يعكس التعقيدات الأخلاقية والتشريعية المتعلقة بتسويق المنتجات للأطفال، ويبرز الحاجة المستمرة لمراجعة وتحديث السياسات لضمان حماية الأجيال الناشئة.
كيف يمكننا مواجهة ما يشاهده أطفالنا؟لا تتيح القوانين والتشريعات في كل الدول مراقبة ما يتعرض له الأطفال إذن أو منعه تماما، لذا يبقى دور الآباء مهما في هذا الصدد.
يُنصح الآباء بالتحدث مع الأطفال عما يشاهدونه ومحاولة مشاركتهم في تجربة المشاهدة، إذ تزيد معرفة الآباء مع انخراطهم مع الطفل في عالمه وتزيد إمكانياتهم في تعليمه، وفق الدليل الصادر عن وحدة مراجعة إعلانات الأطفال الأميركية (سي إيه آر يو) بالتعاون مع رابطة صناعة الألعاب (تي آي إيه).
بعد قضاء بعض الوقت مع أطفالك في المشاهدة ساعدهم ليعرفوا الفرق بين المحتوى العادي والإعلاني، وتحدث معهم عن المنتج الذي يستهدفه الإعلان، والشعور الذي يثيره فيهم، والمعلومات التي يقدمها، والطريقة التي استخدمها المسوقون لجذب انتباههم، مثل الألوان الزاهية. دع طفلك يشاركك بعض قرارات الشراء التي تتخذها بنفسك ليتعلم كيفية التفكير في هذا الصدد. شارك مخاوفك بشأن استهلاك بعض المنتجات أو الإعلانات الموجهة للأطفال مع الآباء الآخرين في محيط الطفل (في المدرسة ومع الأصدقاء). ارصد مع طفلك تلك المبالغات التي تستخدم في الترويج للمنتجات، كالقول مثلا إن مشروب الشوكولاتة الساخن سيجعل يومه سعيدا. في إعلانات الأغذية تحديدا يتعلق الأمر بصحة الطفل، لذا من المهم مناقشة ما إذا كان المنتج صحيا أم لا، والتحدث بشأن العادات الغذائية التي تظهر في الإعلان. لتنمية مهارات التفكير النقدي اطلب من طفلك أن يعرض بنفسه لعبة أو طعاما يحبه، وتحدثا معا عن أسلوبه في إعلانه وما إذا كان يستخدم حقيقة أم مبالغة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التفکیر النقدی الطفل فی فی هذا
إقرأ أيضاً:
«صلاح الآباء نجاة للأبناء».. كيف تضمن مقعدك في جنة النعيم؟
تحدث الدكتور إسلام النواوي، أحد علماء وزارة الأوقاف، عن سورة الطور وأهمية صلاح الآباء وأثره على الأبناء، مضيفا أن الله يجمع أهل الجنة مع أحبابهم دون أن ينقص من درجاتهم، مما يدل على أهمية صلاح الوالدين في حياة أبنائهم، ليس فقط في الدنيا ولكن أيضًا في الآخرة.
كما أشار خلال تقديم برنامج «وبشر المؤمنين» المذاع على قناة «صدى البلد»، إن هذا المعنى قد ورد في مواضع أخرى من القرآن الكريم، مثل قصة اليتيمين في سورة الكهف، حيث حفظ الله كنزهما بسبب صلاح أبيهما.
وأكد النواوي أن صلاح الآباء ليس رفاهية بل هو سبب في نجاة الأبناء واستقرار الأسرة.