يوما بعد يوم يزداد الوضع الأقتصادي تدهوراً بالسودان، وبات الحديث عن شبح المجاعة يتردد بالداخل والخارج في ظل استمرار الحرب التي تسببت في فشل الموسم الزراعي بأكبر مشروع بالبلاد وهو مشروع الجزيرة، بجانب تأثر الولايات الأخرى بالحرب المندلعة منذ أكثر من عام بين الجيش والدعم السريع، إضافة لأرتفاع تكلفة الإنتاج في القطاع المطري في كردفان ودارفور والقضارف وسنار والنيل الأبيض والأزرق.

تقرير: التغيير

وكانت 3 وكالات تابعة للأمم المتحدة وهي منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي، حذرت من التدهور السريع في أوضاع الشعب السوداني، وخصوصاً الأطفال، مع انهيار الأمن الغذائي جراء الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام.

وقالت منظمة الأغذية والزراعة إن السودان يواجه فعليا خطر المجاعة وأن هناك ضرورة ملحة لوقف فوري لإطلاق النار وتجديد الجهود الدولية – الدبلوماسية والتمويلية – وكذلك إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق وبشكل مستدام، لتمكين توسيع نطاق أعمال الإغاثة الإنسانية والسماح للوكالات بإنجاز عملها بالسرعة المطلوبة.

ووفقاً لأحدث بيانات التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، أسفر التدهور السريع في الأمن الغذائي في السودان عن وصول 755 ألف شخص إلى أوضاع كارثية (المرحلة 5 في التصنيف) حيث يلوح خطر المجاعة في 14 ولاية سودانية.

حديث مبكر

يقول طارق الحاج، من تجمع مزارعي الجزيرة، من المبكر الحديث عن مجاعة بالسودان بسبب فشل الموسم الزراعي بمشروع الجزيرة فقط، لافتا إلى أن أمتداد المناقل خارج سيطرة الدعم السريع ومساحته تعادل ثلثي مساحة المشروع، ايضا هنالك مايعادل (10%) من مساحة المشروع خارج سيطرة الدعم السريع، على حد قوله.

وأوضح الحاج أن المساحة الصالحة للزراعة بالسودان تبلغ (200) مليون فدان معظمها في القطاع التقليدي المطري صالحة للزراعة، وأن مشروع الجزيرة يضم (2) مليون فدان لذلك لايمكن الحكم علي بلد بهذه الإمكانيات بالمجاعة بسبب  مشروع واحد فقط.

وأضاف: “المخزون الإستراتيجي للقمح من الموسم السابق كان جيد جداً، والآن الموسم الصيفي يواجه عقبات ولكننا كمزارعين نتطلع لموسم شتوي قادم تنتهي فيه أزمات البلاد السياسية والأمنية”.

وأوضح الحاج لـ (التغيير) أن الصعوبات الأخرى متعلقة بشح الجازولين وقطع الطرق المرتبطة بالجزيرة من الخرطوم وسنجة.

مركز الملك سلمان يوزع مواد إغاثية في السودان – إرشيفية مناشدة

وناشد الحاج مجلس السيادة ووزارة المالية وبنك السودان والبنك الزراعي بالوقوف علي المشكلات التي تواجه مشروع الجزيرة وحلها للحاق بالموسم الشتوي القادم باعتباره الأهم في توفير الغذاء خاصة القمح وأن مساحات كبيرة كانت في مرحلة الحصاد خلال الموسم السابق لكنها أصبحت تالفة.

وأضاف: “كذلك طبيعة المشروع المروية تعتمد على التمويل المالي للتقاوي والأسمدة والمبيدات”.

من جانبه شدد الأكاديمي والباحث في الاقتصاد عبدالله يعقوب لـ (التغيير) على ضرورة النأي بالمزايدات السياسية فيما يتعلق بالوضع الأقتصادي وما وصلت إليه البلاد من تدهور حتى باتت على حافة الجوع.

وأضاف: “توفر السلع سواء كانت زراعية أو صناعية ليس معناه أن البلاد لا تمر بحالة أقرب للمجاعة ولكن المقياس هو مقدرة المواطن على الشراء في ظل التضخم الجامح”.

حصاد السمسم بولاية القضارف مهددات

أحمد محمد، وهو أحد قادة المزارعين بولاية القضارف قال  لـ (التغيير) إن التضخم وأرتفاع الأسعار هو المهدد الحقيقي للزراعة المطرية بالولاية. وأوضح أن أرتفاع أسعار الجازولين والسماد والمبيدات يعتبر مهدداً للموسم الزراعي.

وأضاف محمد: “نعم هنالك مهددات أمنية فالكثير من المزارعين احجموا عن الزراعة في كامل المساحات وبعضهم قام ببيع وترحيل المعدات من جرارات وآليات ولكن في المقابل  هنالك مساحات كبيرة تمت زراعتها لكنها ربما لاتساوي ما كان يُزرع في أسواء الأوقات سابقاً.

عزيمة وأصرار

القيادي المعروف بمشروع الجزيرة ورئيس جمعية الهدى الزراعية سفيان النعمة البشير الباشا، قال لـ (التغيير) أن المهدات والمخاطر الأمنية التي تواجه المشروع معلومة للجميع وأبرزها حصار قوات الدعم السريع.

وأضاف: “نحن كمزارعين سلاحنا هو الزراعة حتى لا يجوع أهل السودان”، مؤكدا أن المهددات الأمنية ونقص الجازولين والتقاوي والأسمدة وتخريب البنيات التحتية لن تثنيهم عن الزراعة.

ودعا الباشا المزارعين لزراعة الذرة وفق ماهو متاح من إمكانيات، وأوضح أنهم الآن في مرحلة (الكديب) ولن يتركوا الزراعة

مناشدة للسلام

الصحفي المتخصص في قضايا مشروع الجزيرة أيوب السليك، كتب منشوراً على منصة (فيسبوك) قال فيه: “يجب أن يذهب الجيش للتفاوض ليس انكسارا ولاخوفا من هزيمة بل رأفة بحال المواطن المسكين”.

وأضاف: “من لم يموت بالرصاص مات بالجوع والمرض”، مشيراً إلى أن مشروع الجزيرة يعاني من مشاكل كبيرة آخرها إغلاق بوابات الترع (قنوات الري) الرئيسية لمشروعي الجزيرة والمناقل.

وتابع: “اصبحنا كل يوم نصبح على هموم جديدة حتى المزارعين الذين تمكنوا من الزراعة الآن اُغلقت في وجههم المياه”. فيما أكد على أن الحرب انهكت الزراعة والمزارعين وبات الحديث عن شبح المجاعة لايُخفي علي أحد.

قناة ري بمشروع الجزيرة مكابرة

ويُرجح الأكاديمي عبد الله يعقوب في حديثه لـ (التغيير) بأن حديث المنظمات الدولية عن شبح المجاعة بالسودان صحيح ومبني على دراسات ويجب أن يأخذ مآخذ الجد وأي حديث آخر مجرد مكابرة.

وقال: “بجانب ما ذكرت عن مقدرة المواطن على الشراء كمقياس للجوع، ازيد بأن الحكومة والقطاع الخاص يمكن أن تستورد جميع النواقص بالعملة الأجنبية وبالتالي يعني ذلك مزيد من الأرتفاع لسعر الدولار مما ينعكس سلبا على الأسعار.

وفيما يتعلق بالزراعة والموسم أكد يعقوب أن فشل الموسم الصيفي بمشروع الجزيرة وسنار سيؤثر سلبا علي المخزون الغذائي.

وأوضح أن الزراعة المطرية التقليدية في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق والأبيض والقضارف تواجه ظروفاً مشابه تتمثل في أرتفاع تكلفة الإنتاج، مؤكداً أن كافة هذه العوامل ستقلل من الأنتاج.

وقال يعقوب: “حتى لو افترصنا نجاح الموسم الزراعي بمناطق الزراعة التقليدية فإن الذرة والبقوليات والسمسم والدخن كيف ستصل هذه المنتجات لبقية الولايات في ظل الحرب والأمطار والسيول، الوضع في السودان يتطلب معالجات سياسية توقف الحرب بأي طريقة دون الخوض في التفاصيل لتجنب المجاعة المحتملة”.

الوسومآثار الحرب في السودان القضارف المجاعة في السودان انتهاكات الدعم السريع في الجزيرة شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة مشروع الجزيرة الزراعي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان القضارف المجاعة في السودان انتهاكات الدعم السريع في الجزيرة مشروع الجزيرة الزراعي الموسم الزراعی بمشروع الجزیرة مشروع الجزیرة الدعم السریع فشل الموسم فی السودان

إقرأ أيضاً:

التحول الرقمي في القطاع الزراعي.. ثورة جديدة لدعم الثروة الحيوانية

تلعب وزارة الزراعة دورًا محوريًا في دعم وتنمية قطاع الثروة الحيوانية والداجنة، باعتباره أحد الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الوطني. وتعمل الوزارة على تنفيذ استراتيجيات متكاملة تستهدف تحسين الإنتاجية، وضمان استدامة الموارد، وتعزيز قدرات المربين والمزارعين. 

الدكتور طارق سليمان: الزراعة تواصل متابعتها اليومية لأنشطة مشروعات الثروة الحيوانية والداجنة وزير الزراعة: الشباب هم عماد المستقبل والقوة الدافعة نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة

أولًا: توفير الدعم الفني والبيطري : 

تحرص الوزارة على تقديم الخدمات البيطرية لحماية الثروة الحيوانية من الأمراض الوبائية من خلال: - تنفيذ حملات تحصين دوريةضد الأمراض المتوطنة والمستجدة. - إنشاء وتطوير وحدات بيطرية متنقلةللوصول إلى صغار المربين في القرى والمناطق الريفية. - دعم الأبحاث والتطوير في مجال اللقاحات والأدوية البيطرية. ثانيًا: دعم المربين وصغار المستثمرين: لتحفيز الإنتاج المحلي، تقدم الوزارة حزمًا من الحوافز والتسهيلات، تشمل: - 

تقديم القروض الميسرة للمربين ضمن مبادرات التمويل الزراعي. - توفير الأعلاف المدعمة بأسعار تنافسية لتقليل تكاليف الإنتاج. - إطلاق برامج التدريب والإرشاد الزراعي لتعريف المربين بأحدث أساليب التربية والتغذية والرعاية الصحية. ثالثًا: تنمية صناعة الدواجن وزيادة الإنتاج المحلي: تعد صناعة الدواجن من أهم مصادر البروتين الحيواني، وتسعى الوزارة إلى: - دعم مشروعات التوسع في الإنتاج الداجني لزيادة المعروض المحلي وتقليل الاستيراد. 

- تطبيق نظم الأمان الحيويفي المزارع للحد من انتشار الأمراض. - تعزيز عمليات التصدير من خلال تطوير البنية التحتية واعتماد المزارع للتصدير. رابعًا: تعزيز الاستثمارات وتطوير المشروعات الكبرى تدعم الوزارة دخول القطاع الخاص والمستثمرين في مشروعات الثروة الحيوانية والداجنة عبر: - تخصيص أراضٍ زراعية لإقامة مزارع متكاملة. - توفير التراخيص والتسهيلات لإنشاء مشروعات إنتاجية جديدة. 

- دعم المزارع الكبرى والمجمعات الإنتاجية لضمان استقرار الأسعار وتحقيق فائض للتصدير. خامسًا: التحول الرقمي في القطاع الزراعي حرصت الوزارة على رقمنة الخدمات المقدمة للمربين، مثل: - إنشاء قاعدة بيانات لحصر الثروة الحيوانية وتقديم الدعم المستهدف. - إطلاق منصات إلكترونية للإرشاد الزراعي وتحقيق التواصل المباشر مع المربين. 

- تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الإنتاج والتنبؤ بالتحديات المستقبلية. دعم الاقتصاد الوطني: يمثل دعم وزارة الزراعة لقطاع الثروة الحيوانية والداجنة رافدًا أساسيًا للاقتصاد الوطني، ويعزز قدرة الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم والألبان والدواجن. ومع استمرار الجهود الحكومية في التطوير والتحديث، يُتوقع أن يشهد هذا القطاع نموًا مستدامًا يسهم في تحسين مستوى معيشة المربين، ودعم الاستثمارات، وتحقيق الأمن الغذائي للمواطنين.


 

مقالات مشابهة

  • آمنة الضحاك: الحراك الزراعي يصبّ في صالح جهودنا الوطنية
  • وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تواصل توزيع السماد على المزارعين في إدلب ضمن مشروع القرض الحسن
  • «الأغذية العالمي» يحذر من عرقلة الجهود الإنسانية في السودان
  • التحول الرقمي في القطاع الزراعي.. ثورة جديدة لدعم الثروة الحيوانية
  • المجاعة تنهش السودان حيث “لا طعام ولا دواء ولا أي شيء”
  • «7» قتلى في قصف على مخيم أبوشوك بدارفور غرب السودان
  • المجاعة تنهش السودان… «لا طعام ولا دواء ولا أي شيء»
  • السودان: تصاعد انتهاكات الدعم السريع ضد النساء في ولاية الجزيرة
  • حزب الأمة القومي يجيز “مشروع الخلاص الوطني” لإنهاء الحرب
  • مستقبل القبائل العربية بعد هزيمة الدعم السريع في السودان