الحراك الطلابي العالمي ضد الحرب على غزة.. هل حقق مطالبه أم تم احتواؤه؟
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
كانت بداية الحراك الطلابي من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية، يوم 17 ابريل/نيسان 2024، حيث نظم طلاب الجامعة اعتصاما مفتوحا احتجاجا على المجازر الدموية، ورفضا لحرب الإبادة التي يقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، والمطالبة بوقف تلك الحرب فورا.
ثم توسعت رقعة تلك الاحتجاجات الطلابية لتشمل عدة جامعات أمريكية، كجامعة ولاية تكساس، وجامعة جنوب كالفورنيا في لوس انجلوس، وجامعة ميشيغان في مدينة آن أربور، وعشرات الجامعات الأمريكية الأخرى التي انخرطت في الحركة الاحتجاجية ضد الحرب على غزة، وإعلان تضامنها مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.
لم يقتصر الحراك الطلابي على الجامعات الأمريكية بل امتد إلى العديد من الجامعات الأوروبية والغربية، في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيرلندا والسويد وكندا والدنمارك تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة، ومطالبا بوقف فوري لإطلاق النار، ومحاسبة إسرائيل على جرائم حرب الإبادة التي ارتكبتها في غزة، ويدعو إلى مساندة الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة واسترداد حقوقه المسلوبة.
وبعد ثلاثة شهور من بداية الحراك الطلابي في أمريكا وأوروبا ضد الحرب على غزة، ما الذي تمكن الحراك من تحقيقه في مناصرة القضية الفلسطينية، ومساندة الشعب الفلسطيني، وإدانة الحرب على غزة وتفكيك الرواية الصهيونية؟ وهل حافظت فعالياته على ذات الوتيرة التي بدأت بها أم أنها تراجعت ما يعني نجاح السلطات في محاصرتها واحتوائها؟
وبحسب مراقبين فإن حراك طلاب الجامعات الأمريكية والأوروبية امتداد للحراك في الشارع الأمريكي والأوروبي الرافض للعدوان الإسرائيلي على غزة، بعد اطلاعه على حقيقة ما يجري في غزة، ومشاهدته لعشرات المقاطع وصور المجازر الدموية، وفصول حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد غزة، ما يشكل امتحانا حقيقيا لقيم الديمقراطية ومفاهيم حقوق الحقوق الإنسان والحريات ويضعها في مأزق كبير.
من جهته رأى الصحفي المختص بالشأن الأمريكي، عبد الرحمن يوسف، والمقيم في واشنطن، أن المظاهرات الطلابية جاءت في سياق طبيعي، ما ينفي وجود جهات محركة وراءها، بمعنى أيادي خفية، فقد رأينا انطلاق الشرارة الكبرى جاءت كرد فعل على ما جرى من محاولات فض اعتصام الطلاب في جامعة كولومبيا، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الطلاب، لشعورهم بتهديد جوهر الديمقراطية وحرية التعبير".
وأضاف: "ومن المعروف أن جامعة كولومبيا مشهورة تاريخيا بالمظاهرات كما حدث ضد الحرب في فيتنام، وضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ما يعني أنها لعبت الدور التاريخي لها، وحينما تم محاولة التعامل معها بمنطق شرق أوسطي من قبل رئيسة جامعة قادمة من الشرق الأوسط (نعمت شفيق) كان هناك رد فعل متصاعد من طلاب الجامعات الأمريكية".
وتابع: "ونتيجة الممارسات القمعية من قبل الإدارات الأمريكية المتحالفة مع الجانب الإسرائيلي تصاعد الحراك الطلابي، وبدأ التفتيش عن التعامل ما بين هذه الجامعات والروابط المصلحية مع إسرائيل، ومن ثم المطالبة بوقف ذلك التعامل، وبالتالي كبرت كرة الثلج، وتوسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل العديد من الجامعات الأمريكية".
وردا على سؤال "عربي21" بشأن فعاليات الحراك الطلابي إن كانت حافظت على وتيرتها أم أنها تراجعت وتم احتواؤها، قال يوسف "حافظت الحراكات على ذات الوتيرة التي انطلقت بها، لكن لا بد من ملاحظة أن فعاليات الحراك بدأت في أواخر العام الدراسي، ثم انتهت الدراسة، فكان على الطلاب أن يرحلوا بشكل قانوني من الجامعة".
عبد الرحمن يوسف صحفي مختص بالشأن الأمريكي مقيم في واشنطن
وأردف "إضافة إلى أن فض الاعتصامات جرى بعد وعود بمراجعة الشبكات العلمية والشراكات الاستثمارية ما بين تلك الجامعات ومثيلاتها الإسرائيلية والمؤسسات المختلفة في إسرائيل، وبعدها تم الفض العنيف للاعتصامات، لكن الطلاب لم يصعدوا لأنهم كانوا في نهاية العام الدراسي".
ولفت يوسف إلى أن المظاهرات التي حدثت كردة فعل على زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن، "كان غالبية المشاركين فيها من طلبة الجامعات" حسب تغطيته الصحفية لها، متوقعا أن "تعود المظاهرات من جديد بعد أن تبدأ الدراسة في نهاية أغسطس إن استمرت الحرب على غزة، واستمرت إسرائيل في عدوانها الوحشي وارتكاب مجازرها الدموية في غزة".
وعن الأهداف التي حققها الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية رأى يوسف أنها "حققت كثيرا منها، فقد أثبتت أن الجيل القادم لن يكون مثل الجيل الأقدم الذي يعتبر الصهيونية جزءا من تربيته السياسية، كما أنه استطاع أن ينقل الرسالة إلى مساحات أوسع، ففي العاصمة واشنطن دي سي، على سبيل المثال بات غالبية الشارع الواشنطي يتفهم القضية الفلسطينية بشكل جيد، ويتضامن معها، ولا يساند الاحتلال الصهيوني".
وأكمل فكرته بالقول: "كما استطاع الحراك الطلابي كسر الجمود في النظر إلى القضية الفلسطينية، فضلا عن قدرتهم على البحث والتنقيب، وتسليط الضوء على العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، والشراكات العلمية بين العديد من المؤسسات الأمريكية الكثيرة، والجامعات في القلب منها، وما بين مختلف مؤسسات الاحتلال الإسرائيلي، كما أفضى ذلك الحراك إلى تفكيك الرواية الصهيونية، وإضعاف تهمة معاداة السامية، التي لم تعد تجدي نفعا كأداة ابتزاز في النقاشات والحديث عن الاحتلال كما كان الحال سابقا".
وفي ذات الإطار قال الكاتب والإعلامي، المختص بالشؤون الأوروبية، حسام شاكر "نحن نتحدث في هذا المقام عن فعل تراكمي في مساندة القضية الفلسطينية، ودعم الحرية والعدالة والحقوق للشعب الفلسطيني في أوساط متزايدة في البيئات الغربية، مثلت اعتصامات ومظاهرات طلاب الجامعات الذروة في هذا الحراك القائم في مناصرة القضية الفلسطينية".
وأضاف: "فما يجري ليس توجيها من طرف أو جهة ما، إنما هو نتيجة أفعال ومواقف تراكمية، واختمار التجارب وتبادل الخبرات وتناسخها وتناقلها عبر بيئات متعددة، وتعميم الأفكار من خلال أوساط فاعلة في الميادين والجامعات والمنصات التي تقوم بتنظيم مثل هذه الفعاليات والتحركات، وهي متعددة الروافد، وتتميز بالتنوع في مكوناتها، تنوعا فكريا ومجتمعيا وهو ما يعطيها قوة وزخما متزايدا".
وتابع شاكر في تصريحاته لـ"عربي21": "وهي تعبر عن صعود نداء الضمير في تلك الأوساط، طوال حرب الإبادة وانفضاح واقع الاحتلال، وانكشاف الجرائم والمجازر التي اقترفها هناك، واتضاح كفاح الشعب الفلسطيني ونضاله العادل وصموده، ما دفع لانخراط قوى وأوساط متباينة في دعم القضية الفلسطينية، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني".
حسام شاكر كاتب وإعلامي مختص بالشؤون الأوروبية
وإجابة عن واقع الحراك الطلابي الجامعي في أوروبا حاليا ومدى محافظته على قوته كما كان في بداياته وهل حافظ على زخمه أم تراجعت فعالياته ما يعني نجاح السلطات في احتوائه، قال شاكر "فيما يتعلق بالمظاهرات فما زالت مستمرة بشكل عام في البيئات والأوساط الأوروبية المعنية، لكن الحراك الطلابي في الجامعات يمر حاليا بمرحلة سكون بسبب توقف الدراسة في الصيف، ومن المتوقع أن يعود الحراك بقوة بعد انتهاء العطلة الصيفية واستئناف الدراسة الجامعية من جديد".
وعن نجاح الحراك الطلابي في تحقيق بعض أهدافه لفت شاكر إلى أن "هذه التحركات أطلقت صيحة في العالم، وصنعت الحدث، وأبرزت أن فلسطين ليست وحدها، بل هناك من أحرار العالم من يساندها في المطالبة بحقوقها المشروعة، لا سيما في أوساط النخب الجامعية، وهذا بكل تأكيد أقلق الاحتلال، وأثار الذعر في حكومة نتنياهو، واعتبروا هذا التطور شديد الخطورة".
وأنهى كلامه بالإشارة إلى أن "الحراك الشعبي في أمريكا وأوروبا، والحراك الطلابي في القلب منه، أكد لكل من يتابع ما يجري أن الاحتلال خسر ما يسميه معركة العقول والقلوب، وأن فلسطين تربح أخلاقيا ومبدئيا، وأن الشعوب إن سئلت عن موقفها من قضية فلسطين فستقول كلمتها بكل وضوح، لكنها لا تسأل للأسف الشديد، كما أن الحراكات أظهرت فقدان الشعوب لثقتها بخيارات النخبة السياسية وصانعي القرار في العديد من الدول الغربية فيما يتعلق بقضية فلسطين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير الفلسطينيين المظاهرات أوروبا مظاهرات فلسطين أوروبا تقديرات تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجامعات الأمریکیة القضیة الفلسطینیة الحراک الطلابی فی الشعب الفلسطینی الحرب على غزة العدید من ضد الحرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
منظمة: الحرب التجارية الأميركية تهدد النمو الاقتصادي العالمي وترفع التضخم
تواجه الاقتصادات العالمية خطرا متزايدا بسبب التصعيد الحاد في الحروب التجارية التي تقودها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع التضخم، مما يجبر البنوك المركزية على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع التكاليفوتشير أحدث تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن النمو العالمي سيتباطأ من 3.2% في 2024 إلى 3.1% في 2025 ثم 3% في 2026، وهو ما يمثل تراجعًا عن التوقعات السابقة التي صدرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقد أرجعت المنظمة هذا الانخفاض إلى تزايد الحواجز التجارية وتصاعد حالة عدم اليقين، مما يعيق الاستثمار التجاري ويؤدي إلى انخفاض إنفاق المستهلكين.
على المستوى الإقليمي، تعاني الاقتصادات الرئيسية من تداعيات هذه الحرب التجارية:
الولايات المتحدة: من المتوقع أن يتباطأ نموها الاقتصادي إلى 2.2% في 2025 ثم إلى مستوى 1.6% في 2026، وذلك مقارنة بمايعادل 2.4% و2.1% في التقديرات السابقة. كندا: من المتوقع أن يتراجع النمو إلى 0.7% فقط خلال 2025 و2026، وهو أقل بكثير من التقديرات السابقة البالغة 2%. المكسيك: ستعاني من ركود اقتصادي حيث من المتوقع أن ينكمش اقتصادها بنسبة 1.3% في 2025 و0.6% في 2026، مقارنةً بتقديرات سابقة توقعت تحقيق نمو 1.2% في 2025 و1.6% في 2026. إعلانكما خفضت المنظمة توقعاتها لنمو منطقة اليورو:
يُتوقع أن يحقق الاقتصاد الألماني نموًا ضئيلا بنسبة 0.4% فقط في 2025، مقارنة بتوقعاتها السابقة البالغة 0.7%. ستشهد فرنسا نموًا بنسبة 0.8%، بانخفاض قدره 0.1% عن تقديرات ديسمبر/كانون الأول.النمو في اليابان والصين:
خفّضت المنظمة توقعاتها بشأن نمو اقتصاد اليابان، أحد أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وذلك الى 1.1% (بانخفاض 0,4%). وشذت الصين عن التوقعات، حيث ينتظر أن تحقق نموا بنسبة 4.8% في 2025، بزيادة طفيفة (0.1%)مقارنة بتوقعات ديسمبر/ كانون الأول الماضي التضخم يواصل الضغطوإلى جانب تباطؤ النمو، تؤدي الرسوم الجمركية إلى رفع الأسعار، مما يفاقم التضخم العالمي. ووفقًا لحسابات منظمة التعاون، فإن الرسوم الجمركية الأميركية المفروضة بنسبة 25% على السلع القادمة من الصين وكندا والمكسيك، إلى جانب الزيادات المحتملة في الرسوم على واردات الألمنيوم والصلب، ستؤدي إلى رفع الأسعار بشكل دائم.
وأكدت المنظمة أنه في ظل هذا السيناريو، سيحتاج الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وغيره من البنوك المركزية إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، مما قد يؤدي إلى تباطؤ أكبر في النمو الاقتصادي وزيادة الضغوط على أسواق المال العالمية.
ضغوط إضافية من ترامبوتضيف التقارير الصادرة عن بلومبيرغ أن إدارة ترامب لا تستبعد دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، حيث قال الرئيس في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز: "ما نقوم به هو إعادة تشكيل الاقتصاد الأميركي بالكامل، وقد تكون هناك مرحلة انتقالية صعبة، لكن ذلك ضروري لتحقيق مستقبل أكثر ازدهارًا."
ورغم محاولات ترامب لطمأنة الأسواق، فإن حالة عدم اليقين تفاقمت، حيث انخفض مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 10% منذ منتصف فبراير/شباط، وهو ما دفع بعض المحللين إلى التحذير من احتمال انهيار ثقة المستثمرين.
الحاجة إلى استقراروأكد ماتياس كورمان، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في مقابلة مع بلومبيرغ أن استمرار التصعيد التجاري قد يؤدي إلى آثار كارثية على الاقتصاد العالمي، قائلاً: "إذا استمرت القرارات الحالية وزادت الرسوم الجمركية، فقد نضطر إلى مراجعة توقعاتنا مجددًا وخفضها أكثر."
إعلانوأضاف أن هناك بعض العوامل التي قد تعزز النمو الاقتصادي، مثل زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي، لكنه حذر من أن ذلك سيؤدي أيضًا إلى تفاقم الأعباء المالية على الحكومات.
ورغم تصاعد التوترات التجارية، أشارت بلومبيرغ إلى أن الاقتصاد الصيني قد يكون أكثر قدرة على تحمل تأثير الرسوم الجمركية، حيث يتوقع أن ينمو بنسبة 4.8% في 2025، مدعومًا بتدابير حكومية تهدف إلى تعويض آثار التعريفات الأميركية.
أما أوروبا، فإنها تواجه مخاطر أقل مباشرة من الحرب التجارية الأميركية، لكنها لا تزال متأثرة بحالة عدم اليقين العام في الاقتصاد العالمي، حيث خفضت منظمة التعاون والتنمية توقعاتها للنمو في منطقة اليورو، مشيرة إلى أن اقتصادات مثل ألمانيا وفرنسا ستظل تعاني من ضعف الاستثمار وتباطؤ الصادرات.
مستقبل غير مؤكدتظهر البيانات والتقارير أن الحروب التجارية التي تقودها إدارة ترامب تهدد الاستقرار الاقتصادي العالمي، حيث تؤدي إلى:
تباطؤ النمو. ارتفاع الأسعار زيادة عدم اليقين كل ذلك سيجبر البنوك المركزية على تبني سياسات نقدية أكثر تشددًا.وفي ظل هذه الظروف، فإن الأسواق العالمية والمستثمرين يواجهون تحديات غير مسبوقة، مع استمرار التوترات التجارية والسياسات الاقتصادية غير المتوقعة، مما يجعل المستقبل الاقتصادي أكثر ضبابية من أي وقت مضى.