قال فضيلة أ.د/ محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن تمكين الشباب ليس مصطلحا براقًا يوشك أن يذهب بريقه، ولكنه أصل من الأصول، وركن ركين، دعا إليه الإسلام، ومارسه رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وعاشت عليه الأمة في أزمنة ريادتها، مؤكدا أننا قادرون بإذن الله- إن أدركنا مكانتنا، وفهمنا أسباب التمكين وأدواته- على أن نستعيد أمجادنا، ونقوم بواجبنا تجاه خالقنا وتجاه أمتنا وتجاه الناس.

 

وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم بمنتدى الطلاب الإندونيسيين بالشرق الأوسط وأفريقيا، والذي ينعقد تحت عنوان «تمكين الأفراد ومستقبل الأوطان»، أن التمكين يدور حول زيادة القدرة الروحية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للأفراد والمجتمعات، وإعطاء الأفراد والمجتمعات مزيدا من الفرص لاتخاذ خيارات يمكن تحويلها  إلى إجراءات ونتائج، لافتا إلى أن التمكين ليس كلمة طنانة تقال فتستولي على الأسماع فحسب، ولكنها منهج حياة عاقل عادل، لا يحابي ولا يجامل، فمن بذل أسباب التمكين وكان نظره إلى المستقبل استحق السناء والرفعة.

 

وأضاف وكيل الأزهر، أن هذا التمكين العادل ينادي على أبناء الأمة أن يملكوا أسباب الدنيا، وأن يجعلوها في أيديهم، يديرونها بما يستطيعون معه القيام بواجب الاستخلاف

 

القيم الدينية والأخلاق الحضارية


مشددا على أننا مأمورون أن نصطحب معنا في رحلتنا في الحياة، القيم الدينية والأخلاق الحضارية، التي تتأكد الحاجة إليها في ظل هذا الواقع المر الذي ينظر إلى الدين على أنه مشكلة أو أنه جزء من المشكلة، فاستبدل به حرية حمقاء أدت إلى انفلات وكفر وإلحاد ومثلية ومادية مفرطة، واستهلاك جشع.


وشدد الدكتور الضويني، على أن الواجب الضروري الآن هو أن تعي الأمة أن التمكين له أسبابه، ويجب عليها أن تكون واعية بقضيتها الأولى، وألا تشغل بما يريد أعداؤها أن يشغلوها به، فلا تؤخر ما حقه التقديم، أو تقدم ما حقه التأخير، فلقد أخرجنا رب العالمين للناس: نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر: عقيدة وعبادة وعملا، وسياسة واقتصاداً واجتماعاً وثقافة، وهذا كله مع الإيمان بالله، مؤكدا أن ما تمر به الأمة الآن من استضعاف ينبغي أن يكون سبب يقظة وهمة وعمل، لا قعود وكسل.


مبينا أن العناية بالشباب من مظاهر التحضر والرقي لدى الأمم التي تهيئ لهم ما يجعلهم رجالا أكفاء أقوياء تقوم الأوطان على سواعدهم.

 

وأكد الدكتور الضويني، أن الأزهر الشريف منحة ربانية مَنّ الله بها على الأمة، لتحمل لواء الدعوة الإسلامية، وتتخذ الوسطية سبيلا ومنهجا، فلا إفراط ولا تفريط، ولا مغالاة ولا تهاون، شكل حصناً حصينا، وسدا منيعا أمام الدعوات المتطرفة، والمناهج الهدامة، مشددا على أن هذه المؤسسة ستظل مقاومة ومدافعة عن الإسلام الحنيف ما بقي الليل والنهار دون ضعف أو تخاذل، مضيفا أن الأزهر ظل على مدار تاريخه. ولا يزال . يفتح أبوابه للظامئين إلى العلم والمعرفة من العلماء والطلاب من داخل مصر وخارجها دون تمييز أو إقصاء؛ فهو القبلة العلمية لجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، والنمط المتفرد عن غيره من الجامعات على مر العصور بعالمية رسالته التي تقوم على منهج شامل يضم إلى جنب العلوم الإسلامية والعربية العلوم العقلية والتطبيقية.

 

أوصى وكيل الأزهر الطلاب الإندونيسيين بأن يكونوا خير سفراء للأزهر الشريف، قائلاً لهم «أنتم أبناء الأزهر الشريف وفي قلبه، إن عدتم لأوطانكم تذكروا أن رسالة العلم لا تتوقف، وأن أبواب الأزهر مفتوحة لكم ولأبنائكم أبد الدهر، فانقلوا الرسالة التي حملتم أمانتها لبلادكم وأوطانكم»، مؤكداً أن الشباب هم ثروة الأمة التي تعتز بها، ورصيدها الذي تدخره لمستقبلها، وقوتها التي تبني مجدها عليها، وأملها المرتجى على الدوام.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر وكيل الأزهر تمكين الشباب الإسلام رسول الله وکیل الأزهر على أن

إقرأ أيضاً:

وكيل الأزهر: منطقتنا العربية تعرضت لكوارث متلاحقة نتيجة أفكار وانحرافات عن جادة الصواب

قال الدكتور  محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن العالم يمر بأزمات يندى لها جبين البشرية، وإن عالمنا الإسلامي والعربي ليس بمعزل عنها، موضحا أن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارث متلاحقة أصابت كثيرا من الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، نتيجة أفكار وانحرافات عن جادة الصواب استغلها المغرضون لتدمير عقول الشباب وتفكيك وحدة الأوطان فغاب الأمن والأمان، وذلك في الوقت الذي نقر فيه أن الشريعة الإسلامية بما فيها من أحكام مختلفة تحرص على تحقيق الأمن والطمأنينة في حياة الأفراد والمجتمعات.


وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم بالندوة الدولية لدار الإفتاء المصرية، والتي تقام تحت عنوان «دور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري»، أوضح أن ظهور متطفلين على الفتوى؛ ساهم في تعميق أزمات عالمنا العربي والإسلامي، مبينا أن ما أتاحه الإعلام ووسائله المتنوعة، وخاصة وسائل التواصل التي سهلت انتشار الفتوى، ونشرها في الآفاق، ربما ساعد على هذا التطفل، كاشفا عن أنه كلما كانت الفتوى أكثر شذوذا وغرابة، ازداد الاهتمام بها وتناقلتها الوسائل المشبوهة وصورت للناس أن هذا هو الإسلام وأحكامه.

حكم مناداة الإنسان لوالده باسمه مجردا.. الإفتاء توضححكم السجود على العمامة أو الطاقية.. الإفتاء توضح
وبيّن الدكتور الضويني، أن الناظر إلى واقع الناس في تعاملهم مع الفتوى يرى فوضى لا ضابط لها، فمن فتوى موجهة، إلى فتوى عمياء، إلى فتوى صحيحة ولكنها غير محاطة بأسوارها الفقهية، إلى فتوى تنشر حيث ينبغي أن تمنع! قائلا: "ليت الأمر مقصور على العلماء المتخصصين أو مؤسسات الإفتاء الرسمية، وإنما يزاحم هؤلاء دخلاء على الإفتاء من كل حدب وصوب، ممن لم تتوفر فيهم شروط الفتوى، وليست لديهم ملكة فقهية، موضحا أن موطن الداء في هذه الفتاوي غير المؤصلة وهؤلاء المفتين المفتونين بالشاشات والصفحات أنها لا تعبر إلا عنهم أو عن مذهبهم أو عن جماعتهم، وأنها قد تغفل أبعادا أخرى ضرورية في صناعة الفتوى.


وأكد وكيل الأزهر أن الإسلام وأحكامه لا يعرف إلا من خلال أهل العلم المعتبرين الذين أوجب الله تعالى على العامة الرجوع إليهم، وأن الفتوى البصيرة عامل مهم من عوامل استقرار النفوس، وأمن المجتمعات، إذا وضعت في إطارها الصحيح ووجدت من يقدمها بعيدا عن الأهواء والشهوات ومحاباة الاتجاهات الفكرية وغيرها.
العلماء الأجلاء.


وشدد وكيل الأزهر على أن حاجة المجتمعات إلى الأمن لا تقل عن حاجتها إلى الطعام والشراب، مبينا أن الإسلام قد حرص على تحقيق الأمن الفكري، وعده من المطالب الأساسية للمجتمعات الآمنة.


وقال وكيل الأزهر، إن الوصول إلى مجتمع آمن فكريا لا يكون بأماني العاجزين، ولا بأحلام الكسالى، وإنما يكون بصيانة الفتوى من الاختطاف بعيدا عن حياض العلم والشرع، وإن من الخطورة بمكان أن تستخدم الفتوى كسلاح لتمرير ممارسة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك، مؤكدا أن ذلك هو أول طريق الهزيمة للأوطان وللأمة، وأن الجماعات –وحتى الأفراد- التي تستخدم الفتوى سلاحا في يدها ترهب به كل معارض ظالمة لنفسها ولدينها ولأمتها.


كما أضاف وكيل الأزهر، أنه في الوقت الذي نعاني فيه من الفكر المنغلق، ووجهة النظر الأحادية نؤكد أن صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان نابعة من مرونتها التي استطاعت أن تقابل المتغيرات بأحكام منضبطة وفق ركن ركين من القواعد والأصول المقررة، وأن الفتاوى المعلبة لا تفي بحاجات المجتمعات المتغيرة في ظل سياقات الزمان والمكان والإنسان والحال المتغيرة.


ودعا وكيل الأزهر إلى إقرار قوانين وضوابط ومعايير تعنى بضبط وتصحيح مسيرة الإفتاء ووقاية المجتمع من تداعيات الانحراف بها عن جادة الصواب، والسعي لتأكيد ثقة الناس في المؤسسات الرسمية، بدلا من هذه الهوة المقصودة التي تسعى اتجاهات وأجندات لتجذيرها.


كما أكد الدكتور الضويني، ضرورة أن يعهد بالفتوى إلى الأمناء الذين يدركون الواقع بعين الفقيه المتشرع وعين العالم المتمرس، والذين يلتزمون في فتواهم بأصول الفتوى وضوابطها، ويؤسسونها على أدلة صحيحة معتبرة، والذين يختارون الأيسر للناس دون أن يتجاوزوا الأحكام المستقرة، ودون أن يوقعوا الناس في الإثم أو الحرمة، والذين يحققون مقاصد الشريعة الكلية، والذين يتجردون عن الهوى، مؤكدا أن ذلك وغيره من المعايير كفيل بأن يجعل المستفتي يقبل على الدين، يأوي به إلى ركن آمن، ويطمئن إلى صحة عقيدته وعبادته، ويتعامل به مع الناس وفق سعة الشريعة وسماحتها، فيحبهم ويحبونه، ويأنس إليهم ويأنسون إليه، فتتحقق المصلحة له ولهم، وتتحقق السعادة في الدارين للجميع.

مقالات مشابهة

  • للمصريين بالخارج.. رابط التسجيل لحفظ القرآن بالأزهر الشريف
  • مفتى البوسنة والهرسك السابق: الأزهر الشريف علَّمنا مواجهة التحديات بالإيمان والعقل
  • سياسي عراقي يكشف أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة بغداد
  • وكيل الأزهر: منطقتنا العربية تعرضت لكوارث متلاحقة نتيجة أفكار وانحرافات عن جادة الصواب
  • سياسي عراقي يكشف أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة بغداد- عاجل
  • وكيل الأزهر: ظهور متطفلين على الفتوى ساهم بتعميق أزمات عالمنا العربي والإسلامي
  • أئمة الإفتاء يجتمعون في رحاب الأزهر الشريف لمناقشة "دَور الفتوى في تعزيز الأمن الفكري"
  • المؤتمر الدولي للإفتاء.. وكيل الأزهر: الإمام الأكبر يتمنى الخروج بتوصيات جادَّة تحمي المجتمع
  • وكيل الأزهر: حاجة المجتمعات إلى الأمن الفكري لا تقل عن حاجتها للطعام والشراب
  • وكيل الأزهر: منطقتنا العربية تعرَّضت لكوارث نتيجة أفكار وانحرافات عن جادَّة الصواب