مارسيليا بين التاريخ وتحديات الحاضر.. شباب الأحياء الفقيرة لم يطأ البحر يوما ويسعى للخروج من التهميش
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
في مشهد يجسد التنوع والحيوية، قفزت فتاة ترتدي حجابًا أسود إلى مياه البحر الأبيض المتوسط المتلألئة من رصيف خرساني في أحد مراسي مرسيليا، ثم عادت بسرعة إلى الشاطئ وصعدت على لوح تجديف ضخم لتستمتع بجولة مع مجموعة من الأصدقاء المتحمسين.
اعلانهؤلاء الأطفال، الذين جُلبوا من مركز خدمات اجتماعية يقع الأحياء الفقيرة شمال المدينة الساحلية والتي ينحدر أغلب سكانها من دول المغرب العربي، يمثلون جزءًا من برنامج لتعليم السباحة في المدينة التي ستستضيف منافسات الإبحار الأولمبي لعام 2024.
تعتبر مرسيليا، المدينة الساحلية العريقة التي تحمل بين طياتها تاريخًا يمتد لآلاف السنين، ملتقى لثقافات وأديان متعددة، حيث يظل البحر عنصرًا دائم الحضور، لكنه ليس دائمًا متاحًا للجميع. في هذا السياق، قال ماتياز سينتيس، مشرف في مرسى كوربيير لجمعية غراند بلو، "هناك أطفال يرون البحر من نوافذهم ولكنهم لم يلمسوه قط." وتقوم الجمعية بتدريب الأطفال المهمّشين، حيث يُقدر أن 50% منهم لم يتعلموا السباحة بعد.
أطفال يحضرون مخيم سباحة تنظمه جمعية غراند بلو التي تسهل وصول الأطفال المهمشين إلى البحر في مرسيليا، فرنسا، الجمعة، 26 يوليو 2024Daniel Cole/Copyright 2024 APتأسست الجمعية على يد إبراهيم تيمريشت، الذي نشأ في الأحياء الشمالية لمرسيليا، بهدف تمكين الأطفال من الاستمتاع بمياه البحر الذي يلمع على سفح المنحدرات الصخرية حيث الأبراج السكنية المتهالكة. وقد أدرك تيمريشت أن العديد من الأطفال لم يتعلموا السباحة في المدارس، مع أنها مهارة ضرورية، وقرر استغلال فصل الصيف لتعليمهم هذه الرياضة الحيوية.
وأضاف الناشط: "أخبرتنا الأمهات أنهن لا يذهبن إلى الشاطئ بسبب خوفهن من عدم معرفتهن للسباحة، لذا بدأنا برامج تعليمية لهن أيضًا." هذا الواقع يسلط الضوء على النقص في حمامات السباحة كدليل على "الانفصال الاجتماعي والاقتصادي"، حيث يقول جان كوجييه، معلم التربية البدنية في الأحياء الشمالية: "نقلنا الطلاب لمدة 45 دقيقة إلى حمام سباحة حيث خصصت لهم مسارات محددة، وهو نموذج غير مستدام."
وبينما تناقش المدينة إمكانية استخدام المرسى الأولمبي بعد الألعاب، يظل البحر باردًا للسباحة في معظم فصول السنة الدراسية، ما يجعل الحاجة لبناء المزيد من حمامات السباحة أكثر إلحاحًا. وتواجه جهود تعليم هذه الرياضة تحديات إضافية بسبب الشهادات الطبية المزورة التي يستخدمها بعض الأهالي حتى لا يرسلوا أطفالهم إلى حمام السباحة، في ظل الجدل المستمر حول مفهوم "العلمانية" في فرنسا.
الألعاب النارية تنطلق بينما تدخل السفينة الشراعية بيليم، السفينة الشراعية ذات الثلاثة صواري التي تحمل الشعلة الأولمبية من اليونان، الميناء القديم في مرسيليا، جنوب فرنساAP Photoلكن رغم التحديات، تظل الرياضة وسيلة لتفادي التهميش والانخراط أكثر في المجتمع. ولنأخذ كمثال زين الدين زيدان، المنحدر من أصول جزائرية وأحد أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم الفرنسية. فقد نشأ في أحد الأحياء الشمالية الفقيرة في مارسيليا. ويظل شغف المدينة بكرة القدم رابطًا موحدًا بين سكانها.
بالنسبة للأطفال في مرسى كوربيير، كانت تجربة البحر فرصة لتوسيع آفاقهم ومقابلة أشخاص جدد. هم "لا يريدون الرحيل"، قالت صفورة سعيد، إحدى قادة المجموعة، التي ارتدت الحجاب أثناء النشاطات، بما في ذلك أثناء التجديف.
تجسد مرسيليا العلاقة الوثيقة بين البحر والمدينة، التي تأسست قبل 2600 عام كميناء تجاري، وتُعتبر أقدم مدينة في فرنسا والثانية في المساحة بعد العاصمة باريس. قال فابريس دينيس، مدير متحف تاريخ مرسيليا: "قبل أن تكون مدينة، كانت مرسيليا ميناءً." اليوم، يُعد ميناء مرسيليا، ثالث أكبر ميناء في البحر الأبيض المتوسط من حيث حجم الشحن، وهو مركز حيوي يشمل المصافي والسفن السياحية.
أشخاص يستمتعون باحتساء القهوة على شرفة في ميناء مرسيليا القديم في جنوب فرنسا، الثلاثاء 7 مايو 2024Daniel Cole/Copyright 2024 APبدأت القصة يوما في خليج صغير، وهو يُعتبر حاليا من أبرز معالم السياحة في المدينة، حيث كانت السفن الخشبية تنقل شحنات مثل كروم العنب إلى مناطق شمالية تُعرف الآن بإنتاج النبيذ الرفيع. ومع مرور الوقت، تطور الميناء ليصبح مركزًا حضريًا عظيمًا، وفي القرن السابع عشر، تمت إضافة الحصون لحمايته.
تتربع كنيسة نوتردام دو لا غارد المعروفة بلقب "الأم الطيبة" على قمة تل مرسيليا كرمز حقيقي لحماية المدينة. تستقطب الكنيسة حوالي 2.5 مليون زائر سنويًا، لتقدم لهم إطلالة ساحرة تجمع بين الميناءين القديم والجديد، والأحياء المحيطة بالمرسى الأولمبي، وكذلك الأبراج البارزة في الأحياء الشمالية.
يقول الأب أوليفييه سبينوسا، راعي الكنيسة: "يمكنك رؤية مرسيليا، والبحر، والأفق، كل ذلك تحت نظرتها الرؤوفة." وأضاف: "من الأسهل رؤية الجمال من الأعلى، ويشجعنا ذلك على العمل على أشياء جميلة عندما نكون في الأسفل."
المصادر الإضافية • أب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية اتهموها بأنها رجل.. جدل في أولمبياد باريس حول الملاكمة الجزائرية إيمان خليف بعد انسحاب غريمتها يوسف ديكيتش: النجم التركي الذي لفت الأنظار في باريس 2024 تهديد بالقتل والاغتصاب في افتتاح أولمبياد باريس: "دي جي" تطلب الحماية بعد عرض وُجد مسيئًا للمسيحية مياه ساحلية باريس الألعاب الأولمبية باريس 2024 اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next إسرائيل تعزز دفاعاتها الجوية وتجري تجربة صاروخية بحرية وأمريكا ترسل للمنطقة سفنا وطائرات لحمايتها يعرض الآن Next بوتين: روسيا لن تنسى عملاءها الأمنيين في الخارج يعرض الآن Next بنغلاديش: "تسقط المستبدة" تجدد احتجاجات الطلاب المطالبة بالعدالة تزيد الضغط على حكومة الشيخة حسينة يعرض الآن Next الصحة العالمية: الحرّ الشديد يحصد أرواح 175 ألف أوروبي سنويّاً يعرض الآن Next البرلمان الأوروبي الجديد: رقم قياسي في عدد الرجال على حساب النساء اعلانالاكثر قراءة قطر تُودع إسماعيل هنية "أكسيوس" يكشف: الموساد يغتال هنية بتقنية الذكاء الاصطناعي في طهران جبنة فيتا في خطر: اليونان تواجه "طاعون الماعز" الذي يهدد صناعة الألبان مراسم تشييع هنية: حضور رسمي قطري وإسلامي وغياب عربي واضح اتهموها بأنها رجل.. جدل في أولمبياد باريس حول الملاكمة الجزائرية إيمان خليف بعد انسحاب غريمتها اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليوم إسماعيل هنية تركيا الحرس الثوري الإيراني أمطار رياضة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الألعاب الأولمبية باريس 2024 غرائب experience amazing علم النفس فلاديمير بوتين احتجاجات Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024المصدر: euronews
كلمات دلالية: إسماعيل هنية تركيا الحرس الثوري الإيراني أمطار رياضة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسماعيل هنية تركيا الحرس الثوري الإيراني أمطار رياضة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني باريس الألعاب الأولمبية باريس 2024 إسماعيل هنية تركيا الحرس الثوري الإيراني أمطار رياضة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الألعاب الأولمبية باريس 2024 غرائب علم النفس فلاديمير بوتين احتجاجات السياسة الأوروبية یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
محمد رحيم.. رحيل درامى لـ«مبدع الألفية» الذى عانى التهميش
مشوار فنى عظيم، نجاحات متتالية، شخصية هادئة ورحيل مفاجئ وصادم، هو ملخص حياة الملحن والمطرب محمد رحيم، الذى فجع الوسط الفنى برحيله الدرامى دون أى مقدمات، الحزن والصدمة كانا العنوان للأيام القليلة الماضية بعد وفاة «رحيم».
رحيم بدأ مشواره الفنى «كبيرا» فى النجاح، ففى نهاية التسعينيات وتحديدا فى صيف عام ١٩٩٨، أطلق أول أغنية من ألحانه لعمرو دياب وهى أغنية «وغلاوتك» والتى بالصدفة تصدرت «التريند» بعد ٢٦ عامًا من إطلاقها وقبل أيام قليلة من وفاته، وكان لأغنية «غلاوتك» قصة، حيث إنه تعرف هو وصديقه محمد رفاعى على الفنان حميد الشاعرى فى كلية التربية الموسيقية حيث كان يدرس، وذهب «رحيم» مع «الشاعرى» للاستوديو وكان عمرو دياب هناك واختار «وغلاوتك» ضمن أعمال اسمعها «رحيم» للشاعرى وقتها، وكان يبلغ من العمر ١٨ فقط، ومن بعدها فى بداية الألفينيات فى ٢٠٠٠ و٢٠٠١ قدم «رحيم» عددًا كبيرًا من الأغنيات الناجحة، وكانت بداية نجاحاته مع النجوم العرب، حيث لحن «الليالى»، و«نجوم السما» لنوال الزغبى، واخبارك إيه» لمايا نصرى، «يانى من غرامه» باسكال مشعلانى، وغيرها من الأغنيات التى كانت دليلًا على تعاون ونجاح «رحيم» مع نجوم العرب وليس المصريين فقط.
وفى عام ٢٠٠٢ كانت النقلة فى مشوار «رحيم» التلحينى بعد أغنية «أجمل إحساس» للمطربة اللبنانية اليسا، ومنذ هذا الوقت وحتى وفاته كان من أكثر الملحنين نجاحا فى الوسط الغنائى إن لم يكن أنجحهم على الإطلاق، خاصة أنه لم يشتهر بلون واحد فقط فى التلحين كعدد كبير من أبناء جيله من الملحنين، بل كان يقدم جميع الألوان الغنائية سواء طربًا شرقيًا، رومانسيًا، حزينًا، مقسومًا، شعبيًا، دينيًا وغيرها من أنواع الألحان، بل نجح أيضا فى تقديم الأغنيات «التجارية» بشكل جديد، وأبرز هذه الأغنيات كانت «ليه بيدارى كده» لروبى، و«إلعب» لبنانية ماريا وكانت سببًا فى نجاح وشهرة كل منهما، وفى اللون الشعبى قدم «رحيم» أنجح أغنيات «حكيم» وأشهرهم «إيه ده بقى»، «أه من حلاوته» و«تيجو تيجو».
«رحيم» اتجه للغناء ونجح فيه بشكل كبير وقدم عددًا من الأغنيات كمطرب وأبرزها «عارفة»، «ارجع يلا»، «حبيبة حبيبك»، «وأنا مالى»، «أجمل ما شافت عين»، والأغنية الدينية «يا ليتنى براقا»، محمد رحيم هو المحلن الوحيد وسط أبناء جيله الذى كان سببًا فى انطلاقة وشهرة عدد كبير من نجوم العرب بأغنياته التى قدمها لهم كملحن، وعلى الرغم من كل هذه النجاحات التى استمرت لأكثر من ربع قرن، الا أن محمد رحيم فجأة فى أوائل عام ٢٠٢٤ وتحديدا فى شهر فبراير الماضى، أعلن اعتزاله بهذه الكلمات: «تعليق كل نشاطاتى الفنية لأجل غير مسمى حتى إشعار آخر مع احتمالية اعتزال المهنة والسفر خارج البلاد» وهو ما شكل صدمة لجمهوره وزملائه، وكان ذلك القرار بسبب إحساس «رحيم» بعدم التقدير نظرا لعدم دعوته لحضور حفل «ليالى سعودية مصرية» الذى أقيم فى دار الأوبرا المصرية، وأعلن استنكاره بعد دعوة عدد كبير جدا من صناع الموسيقى، كما أن عددًا كبيرًا من الأغنيات التى تم غناؤها على المسرح من ألحانه، وهو ما سبب له حالة نفسية سيئة.
ولكن سرعان ما تراجع «رحيم» عن قراره بالاعتزال، فبعد أسبوعين، قرر الرجوع مرة أخرى بسبب مطالبات ورسائل الجمهور له، والتى وصفها «رحيم» باكيا فى إحدى الندوات بأنها السبب فى رجوعه عن هذا القرار، وتأثر «رحيم» كثيرا بسبب كلام جمهوره والذى كان أبرزه أن صوته وأغنياته بمثابة العلاج النفسى لهم.
«رحيم» على المستوى الشخصى كان شخصًا «متواضعًا» على الرغم من نجاحاته الكبيرة عكس غيره من صناع الموسيقى، لم يدخل فى صراعات أو مشكلات مع أحد من زملائه، ولم نشهده إلا طيب السيرة طوال سنوات عمله الفنى، حتى فى خلافه الوحيد لم يعرف إلا بعد رحيله، حيث أعلن المطرب «فارس»، أنهما تخاصما لمدة عشر سنوات، وطوال العشر سنوات أكد «فارس» أن «رحيم» لم يذكره بأى سوء على الرغم من خلافهما. وعلى الرغم من هدوء «رحيم» فى مشواره الفنى والشخصى، إلا أن رحيله لم يكن بهذا الهدوء، حيث إن وفاته فجأة عن عمر، ٤٥ عاما، أثارت حالة من الجدل والشكوك حول سبب الوفاة، بعد إعلان شقيقه طاهر رحيم، تأجيل الجنازة لحين إشعار آخر، لوجود خدوش فى جثته.
وأمرت النيابة بإجراء الكشف الطبى الظاهرى على الجثمان. ولكن الوفاة كانت طبيعية وبحسب تقرير الصحة فإن الوفاة مر عليها أكثر من ٢٤ ساعة وهو ما تسبب فى وجود انتفاخ فى البطن، بالإضافة للاشتباه فى وجود خدوش وجروح بمنطقة الساقين والقدمين، مما دفع النيابة لفتح تحقيق فى الوفاة وتأجيل تصريح الدفن، واستدعاء السائق وحارس العقار لأخذ أقوالهما بشكل رسمى.
وبعد التحقيقات أصدرت النيابة المصرية بيانا قالت فيه إن وفاة محمد رحيم «كانت طبيعية»، وأن الفحوصات الأولية التى أجراها مفتش الصحة، أكدت أن الإصابات التى ظهرت على الفم واليد والساق سطحية وظاهرية ولا تدل على وجود شبهة جنائية. وأثناء دفن جثمانه، كان هناك خلاف كبير بين زوجته «أنوسة كوتة» مدربة الأسود، وبين شقيق وعائلة «رحيم»، وأصابها حالة من الانهيار التام، وكانت تردد كلمة واحدة لشقيقه «أنت اللى موته»، مما آثار جدلا كبيرًا.
وعلى الرغم من كل هذه الاحداث، لا نستطيع إلا أن نقول إن «رحيم» حفر لنفسه اسمه فى التاريخ، وسيظل واحدًا من أعظم الملحنين الذين كانوا سببًا فى خروج جيل كامل من المطربين الجدد الذين أصبحوا من أهم نجوم الغناء حاليا.