واشنطن– تلعب جماعات الضغط المعروفة بـ"اللوبيات" دورا حاسما في رسم ملامح السياسات العامة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. كما تمثل أنها مؤسسات من قطاعات مختلفة مثل الشركات الكبرى والجمعيات المهنية والمنظمات غير الربحية، التي تسعى لفرض سيطرتها على صناعة القرار باستعمال قوة المال بدرجة أولى، وعبر وسائل التأثير على الرأي العام.

ولا يزال نفوذ الأموال يمثّل كابوسا للحزبين الجمهوري والديمقراطي، إذ يظهر تأثير هذه المنظمات بوضوح من خلال المبالغ الطائلة التي ترصدها للإنفاق على حملات المرشحين المؤيدين لمصالحها، كما تستثمر ملايين الدولارات لضرب واستهداف حملات المعارضين لسياساتها، سواء خلال انتخابات الرئاسة أو الكونغرس.

وخلال انتخابات عام 2020، بلغ حجم الإنفاق المعلن على الحملات الانتخابية نحو 15 مليار دولار، جزء كبير منه جاء من تبرعات جماعات الضغط والشركات الأميركية الكبرى. ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم خلال انتخابات هذا العام، في ظل منافسة محتدمة ومثيرة للانقسام بسبب التغيرات التي يشهدها العالم.

جانب من مؤتمر الرابطة الوطنية للبنادق "إن آر إيه" في هيوستن في يونيو/حزيران الماضي (الفرنسية) لوبي السلاح

يستثمر لوبي السلاح منذ عقود ملايين الدولارات لحماية حق التسلح الذي يعتبر واحدا من الحقوق الدستورية الأكثر جدلا في أميركا. وتعتبر الرابطة الوطنية للبنادق المعروفة اختصارا بـ"إن آر آي" من أكثر جماعات الضغط نفوذا في البلاد، وأنفقت عام 2020 حوالي 23 مليون دولار لدعم المرشحين الجمهوريين المؤيدين لحمل السلاح.

وبالرغم من التحديات القانونية والمالية التي تواجهها، تستمر الرابطة الوطنية للبنادق في دعمها القوي للمرشحين الجمهوريين خلال انتخابات هذه السنة، وتتمسك بمعارضتها -على مدى عقود من الزمن- لإجراءات تقييد ملكية الأسلحة وتضغط في سبيل سن تشريعات تشجع على انتشار الأسلحة في الولايات المتحدة.

غرفة التجارة الأميركية

في خطاب حالة الاتحاد الأخير، أعلن الرئيس جو بايدن عن جملة من التشريعات التي سيدافع عنها، وتروم بالأساس إلى زيادة الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات والأثرياء، حيث دعا إلى رفع الحد الأدنى للضريبة إلى 21%، وهو ما يجعل هذه المؤسسات تميل بشكل كبير إلى الجمهوريين.

فقد دعمت غرفة التجارة بانتخابات 2020 دونالد ترامب في جهوده لتقليص الضرائب على الشركات وتعزيز التجارة الحرة، كما تنفق ميزانية ضخمة سنويا للدفاع عن مصالح الشركات ودعم السياسات الاقتصادية التي تخدم قطاع الأعمال، وتؤثر بشكل كبير على التشريعات المتعلقة بالضرائب والتنظيمات التجارية.

اللوبي الإسرائيلي

تشكّل قضية تمويل إسرائيل في حربها على قطاع غزة نقطة الاختلاف البارزة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي اللذين يسيران مع توجّه أميركا العام وتمسكها بـ"حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها".

وقد غيّرت الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 المعادلة فيما يتعلق باتجاهات الدعم التقليدية المعروفة لجماعات الضغط الإسرائيلية الكبرى بأميركا. فقد ساهم الصراع في تأجيج موقف منتقدي إسرائيل خاصة من تيار التقدميين داخل الحزب الديمقراطي، حيث تُظهر استطلاعات الرأي تزايدا مستمرا في التعاطف مع الجانب الفلسطيني.

وهذا ما جعل لجنة "الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية" المعروفة اختصارا بـ"آيباك" تزيد من حجم إنفاقها لدعم المرشحين المعتدلين في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، بهدف ضمان فوزهم على المرشحين المؤيدين للقضية الفلسطينية.

الجمعيات المهنية

أحرج اتحاد حرس الحدود الرئيس بايدن، عندما خرج مكذبا مزاعم دعمه للمرشح الديمقراطي، الذي قال -خلال المناظرة التي جمعته بترامب نهاية يونيو/حزيران- إن الاتحاد يدعمه خلال الانتخابات. ونشر تدوينة تم تداولها بشكل واسع على حسابه في منصة إكس قائلا "لنكن واضحين، لم ندعم مطلقا بايدن ولن نفعل ذلك أبدا".

ورغم انسحاب بايدن من السباق، يظل "الحدود والهجرة" من الملفات الحاسمة التي تكتسي أهمية بالغة عند الناخبين، لذلك يستغلها الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء للتأثير على الرأي العام من خلال محاولة كسب تأييد اتحاد حرس الحدود.

جمعية البحوث الصيدلانية تنفق نحو 28 مليون دولار سنويا للدفاع عن مصالح شركات الأدوية (شترستوك) لوبي الأدوية

خلال فترة رئاسة ترامب، استفادت شركات تصنيع الأدوية الكبرى والتأمين الصحي من سياسات خفض الضرائب واللوائح التنظيمية التي ساهمت في زيادة أرباحها بشكل كبير.

لكن مع وصول بايدن إلى السلطة، تزايدت المخاوف من إمكانية فرض قيود جديدة على أسعار الأدوية، مما جعل هذه الشركات تزيد من حجم إنفاقها على الحملات الانتخابية لدعم المرشحين الذين يتبنون سياسات صديقة لها.

فعلى سبيل المثال، تنفق جمعية البحوث الصيدلانية ومصنعي أميركا (PhRma) نحو 28 مليون دولار سنويا للدفاع عن مصالح شركات الأدوية وتعزيز تمويل الأبحاث الطبية الجديدة، على الرغم من الانتقادات الكبيرة التي تواجهها بسبب غلاء الأدوية.

شركات التكنولوجيا

من القضايا النادرة التي يتفق فيها الجمهوريون والديمقراطيون أن شركات التكنولوجيا الكبرى أصبحت غنية وقوية أكثر من اللازم، ورغم أنهم -كمعظم الأميركيين- يحبّون منتجاتها، فإن نفوذ هذه الشركات يؤرق الحزبين.

وتعتبر غوغل تحت مظلة "ألفابيت إنك" أكثر الشركات إنفاقا على أنشطة الضغط بنحو 21.7 مليار دولار سنويا، وتستخدم نفوذها للتأثير على التشريعات المتعلقة بالخصوصية وحقوق النشر والابتكار وتنظيمات الإنترنت.

وتتمتع شركات التكنولوجيا الكبرى، وأبرزها غوغل وأمازون وآبل وميتا ومايكروفوست، بقدرة كبيرة على التأثير في السياسة الأميركية، ليس فقط من خلال الإنفاق لكن أيضا عبر السيطرة على منصات التواصل الاجتماعي حيث يدور الجزء الأكبر من النقاش العام في البلاد.

ومع وجود أغلبيات حزبية ضئيلة في غرفتي الكونغرس، يكون مصير مشاريع القوانين التي تهدف إلى الحدّ من تغوّل هذه الشركات هو التجميد، بسبب عمق الانقسام بين المجتمع الأميركي الذي ينقسم لنصفين متحاربين: الليبراليون والمحافظون.

لوبي النفط

نشرت صحيفة واشنطن بوست، في مقال لها، تفاصيل اللقاء الذي جمع دونالد ترامب بكبار المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط في البلاد، خلال أبريل/نيسان الماضي، إذ وعدهم بإلغاء سياسات الرئيس بايدن بشأن السيارات الكهربائية وطاقة الرياح، وطلب منهم في المقابل توجيه مليار دولار لحملته.

كما ذكرت الصحيفة أن أحد المسؤولين التنفيذيين اشتكى -خلال نفس اللقاء- من استمرار مواجهتهم للوائح البيئية المرهقة، على الرغم من إنفاق 400 مليون دولار للضغط على إدارة بايدن عام 2023.

ويعتبر لوبي النفط من أهم القوى الاقتصادية للولايات المتحدة إن لم يكن أهمها على الإطلاق. إذ يسعى للحفاظ على مصالحه في ظل التحولات الكبيرة نحو الطاقات المتجددة. وتمتعت هذه الشركات بدعم قوي من إدارة ترامب -خلال فترة رئاسته- التي سعت لتقليص القيود البيئية.

لكن بعد فوز بايدن وصعود نجم الديمقراطيين عام 2020 تزايدت مخاوفها من تأثير السياسات البيئية على الأرباح، خاصة أن الرئيس الحالي وضع قضية التغير المناخي في صلب أولوياته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات خلال انتخابات ملیون دولار هذه الشرکات

إقرأ أيضاً:

إفلاس شركة الخطوط الجوية الأميركية سبيريت إيرلاينز: هل تنقذها إعادة الهيكلة أم تسقط إلى الأبد؟

تقدمت شركة الطيران الأميركية سبيريت إيرلاينز، أكبر شركة للطيران الاقتصادي في الولايات المتحدة، بطلب لحماية إفلاسها بموجب الفصل 11، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة عملياتها وسط تحديات مالية تفاقمت بسبب تداعيات جائحة كورونا وزيادة المنافسة مع شركات الطيران الكبرى وفشل صفقة الاستحواذ مع شركة جيت بلو.

اعلان

وعلى الرغم من تسجيل خسائر تجاوزت 2.5 مليار دولار منذ عام 2020، فإن الشركة تواجه ديونًا مستحقة تتجاوز مليار دولار بحلول عامي 2025 و2026.

وفيما تحاول الشركة الحفاظ على استمرارية عملياتها، أكدت سبيريت لعملائها أن الحجوزات وبرامج المسافرين الدائمين لن تتأثر، مشيرة إلى أنها ستواصل تشغيل رحلاتها بشكل طبيعي. كما أعلنت عن تأمين استثمار بقيمة 350 مليون دولار من حملة السندات الحاليين، وتحويل 795 مليون دولار من ديونها إلى أسهم في الشركة المعاد هيكلتها. وستوفر هذه الترتيبات، إلى جانب قرض بقيمة 300 مليون دولار والنقد المتبقي لدى الشركة، الدعم اللازم لضمان استمرارية التشغيل خلال فترة إعادة الهيكلة.

يقف المسافرون في طابور للحصول على المساعدة عند مكتب تذاكر خطوط سبيريت الجوية في مطار تامبا الدولي.Chris O'Meara/Copyright 2023 The AP. All rights reserved.

ومع ذلك، تواجه سبيريت تحديات كبيرة. فبالرغم من زيادة عدد الركاب بنسبة 2% في النصف الأول من عام 2024 مقارنة بالعام السابق، إلا أن الإيرادات لكل ميل طيران شهدت انخفاضًا بنسبة 20% تقريبًا، مما أدى إلى تفاقم الخسائر. كما تزايدت تكاليف التشغيل، وخاصة المتعلقة بالعمالة، في ظل منافسة شرسة من شركات الطيران الكبرى التي بدأت تقديم خيارات اقتصادية مماثلة.

Relatedواشنطن تفتح تحقيقًا بالإفلاس.. المصرف الوصي على "سيليكون فالي" يحض المودعين على العودةبعد انهيار كريدي سويس وسيليكون فالي.. البنوك تطرح مشكلات ما بين سوء الإدارة والإفلاسللمرة الثالثة.. آخر سلسلة متاجر كبرى في ألمانيا تقدم طلباً لحمايتها من الإفلاس

وعلى صعيد آخر، تسعى سبيريت إلى استعادة توازنها المالي من خلال إدخال تغييرات استراتيجية، مثل تقديم أسعار شاملة تشمل خدمات إضافية وإلغاء رسوم الإلغاء، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا عن نموذجها التقليدي الذي اعتمد على الأسعار المنخفضة مع خدمات مدفوعة إضافية. لكن هذه الخطوات لم تؤتِ ثمارها بعد.

وعلى الرغم من هذه التحديات، قررت الشركة تقليص جدول رحلاتها بنسبة 20% خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر مقارنة بالعام الماضي، في محاولة لدعم استقرار الأسعار. ومع ذلك، قد تستفيد شركات الطيران المنافسة مثل فرونتير وجيت بلو وساوث ويست من هذا القرار بشكل أكبر.

قدمت شركة خطوط سبيريت الجوية طلباً للإفلاس بسبب الخسائر المتزايدة وفشل اندماجها مع شركة جيت بلو. وأكدت الشركة أنها ستواصل عملياتها التشغيلية.

أما على الجانب التشغيلي، تواجه سبيريت ضغوطًا إضافية بسبب إصلاحات مطلوبة لمحركات برات آند ويتني، مما أدى إلى خروج عشرات الطائرات من الخدمة مؤقتًا. ومع ذلك، بفضل حداثة أسطول طائراتها، تظل سبيريت هدفًا جذابًا للاستحواذ من قبل الشركات المنافسة.

لقد كان إفلاس شركات الطيران الأميركية أمرًا شائعًا خلال التسعينيات وبداية الألفية، لكنه أصبح نادرًا في السنوات الأخيرة. ويعد قرار سبيريت خطوة حاسمة للحفاظ على استمرارية عملياتها، وسط سوق يشهد تحديات متزايدة وتنافسًا متصاعدًا.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية خطوط جوية تلغي رحلات وتغير مسار أخرى والصين تطلق صواريخ باليستية قرب تايوان خطوط جوية تايوانية تنظم رحلات إلى الـ"لامكان" شركة خطوط جوية أمريكية تمنع فتيات من الركوب بسبب سراويلهن الضيقة الولايات المتحدة الأمريكيةإفلاس شركاتخطوط الطيراناعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. قصف منطقتي حاصبيّا والخيام بجنوب لبنان.. ونتنياهو يستبعد تسوية في لبنان ويدرس إقالة رئيس الشاباك يعرض الآن Next بعد الضوء الأخضر الأمريكي بضرب العمق الروسي.. الصين تدعو للتهدئة وفرنسا تتحفظ والكرملين يتوعد يعرض الآن Next غانتس يدعو للتعامل مع جنوب لبنان كمناطق "أ" في الضفة الغربية.. ماذا يعني ذلك؟ يعرض الآن Next محكمة بنغلاديش تمهل المحققين شهراً في قضية الشيخة حسينة يعرض الآن Next ليلة مظلمة في سومي: قصف روسي يحصد 11 قتيلًا بينهم طفلان و89 مصابًا اعلانالاكثر قراءة اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما فندق إيطالي يرفض حجز سائحيْن إسرائيلييْن بسبب "الإبادة الجماعية" في غزة حب وجنس في فيلم" لوف" 1000 يوم من الحرب: روسيا توسّع هجماتها باستهداف مطار عسكري وأوكرانيا تصدّ هجمات متعددة فضيحة في جهاز الخدمة السرية.. فصل عميل بعد اقتراح إقامة علاقة في حمام ميشيل أوباما اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29روسياالحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامبقطاع غزةفلاديمير بوتينجو بايدنالسنة الجديدة- احتفالاتعيد الميلادضحايامتحفالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • 1.121 مليار درهم إنفاق «دورينا» في 10 سنوات
  • من المصارعة إلى التعليم.. هذه مرشحة ترامب للوزارة التي يريد إلغاءها
  • هل تستطيع الشركات الناشئة المغربية دخول نادي "يونيكورن"؟
  • إجبار اللاجئين في ألمانيا على العمل.. ما العوامل التي تؤثر في تنفيذ القانون؟
  • إفلاس شركة الخطوط الجوية الأميركية سبيريت إيرلاينز: هل تنقذها إعادة الهيكلة أم تسقط إلى الأبد؟
  • أسامة زرعي: موجة تراجع الأسعار صحية والتضخم الورقة الرابحة
  • ما هي الأهداف التي يمكن لأوكرانيا ضربها في روسيا بعد قرار بايدن؟
  • "سبيريت إيرلاينز" الأميركية تتقدم بطلب الحماية من الإفلاس
  • «سبيريت إيرلاينز» الأميركية تقدم طلباً للحماية من الإفلاس بسبب تراكم الخسائر
  • "سبيريت إيرلاينز" الأميركية تتقدم بطلب الحماية من الإفلاس