كتير بنعاتب الحاضر ولا أسفا علي الماضي
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
جبير بولاد
.. نمضي نحو الشهر السادس عشر في خضم هذه الحرب و التي تجاوزت مصطلح العبثية، و لكننا بطبعنا نغرق في الوصفيات و التصورات حتي و لو تجاوزتها الاحداث و انتقلت في المراحل، و هذه سِمة شكلت تفكير العقل السوداني الجمعي من قمته(النخبوية) و الي قاعدته التي تلوك الوهم دون هوادة .
.. أسفرت هذه الحرب عن سردية للوهم موغلة في الرغبوية يمثلها ما تبقي من قادة الجيش ( تركة نظام الاسلامويين ) و مجموع من المؤيدين سمهم إن شئت بلابسة او كيزان فلم يعد الفرق بينهم كبيرا علي كل حال، ثم جيش موازي يمثله الدعم السريع و الذي اصبح حقيقة كالشمس لا ينكرها إلا مكابر و يثبت كل يوم انه ليس مليشيا يمكن سحقها و إعلان الإنتصار عليها من القصر القديم وسط إحتفالات و زغاريد و اعلام ترفرف و بعدها يعود السودانيين من شتاتهم الجبري ليفتحوا بيوتهم و يفرشوا الجديد لتعود حياتهم الي مجراها القديم، هذا وهم و باطل من الأباطيل التي ظلت تعشعش في عقول الكثيرين و منهم نخبة كانت تملأ الفضاء ضجيجا بالتحليل و التعليل و ما زالت ، و هذا مشهد يمثل الذهنية الرغبوية في أعلي تجلياتها، ذهنية لم تتعلم و تصد كل أسباب التعلم عن الدخول الي مسامات عقلها الذي هزته هذه التجربة العنيفة التي لم تسجلها ذاكرتهم في التاريخ القريب.
.. الحرب حرب منذ عرفها و عرّفها التاريخ البشري، الحرب موسم للتحلل عن القيم و الأخلاقية المجتمعية التي شيدتها مراحل استقرار المجتمعات البشرية علي أسس بُنيت من خلال التعايش المشترك الطويل، و رغما عن إشكاليات صاحبت هذا التعايش من إدارات الدولة في تعدد حكوماتها ما بعد المستعمر ، الا انها كانت مهددة بخطر المجابهة في يوم من الأيام، و كانت هنالك بعد العقول السودانية التي اصطفاها الله بالنور المُفاض في عقلها و فلبها لتنبه لخطورة الدرب الذي سلكه من حكموا البلاد ما بعد المستعمر و لكن كما يقول المثل السوداني( المقتولة لا تسمع الصيحة) ، و جاءت الطامة الكبري بعد فقط ثلاثة و ثلاثون عاما من استقلال البلد لتحكم قوة جديدة ايدولوجيتها الإسلام السياسي و هو خطيئة في التاريخ منذ إنتقال نبي الامة عليه الصلاة و التسليم في سقيفة بني ساعدة و التاريخ أرادنا ان نتعظ و لكننا لا نتعظ و لا نتعلم و وجدت الخطيئة لها مؤول و محط في ارضنا التي اهملها أصحاب العقد و الحل و الذين عقّدوا كثيرا و لم يحلوا ابدا ، و الامر الوحيد الذي حلوه هو ما كان مربوطا كعروة وثقي بين السودانيين في تطلعاتهم البسيطة في وطن يحفظ عليهم كرامتهم و حياتهم و قيمتهم بين شعوب الدنيا .
.. الحرب اخرجت أثقالها و كل غِبن تراكم عبر السنين حتي مُضغت الاحشاء و انتهكت الأعراض و هُجّر الناس من بيوتهم و تِركوا نهباً للمسغبة و الإذلال و ضياع القيمة و الكرامة .
.. اي حل يفترض إنتصار لطرف في هذه الحرب هو مجرد ترهات و أوهام و رغبات لن تتحقق و علي جميع السودانيين ان يفهموا ان خيار الإستمرار في الحرب هو مزيدا من النيران التي ستأكل ما تبقي من ادمغتهم الفاسدة و تحلل اجسادهم و جسد الوطن الذي ضيعته نزوات الرغبات و الاستعلاء و عدم معرفة الذات .
.. العالم الذي هو مشغول الآن بملفات عديدة كلها ساخنة، التفت إليكم في سانحة قد لا تتكرر قريبا ليطلب منكم التفاوض حول إيقاف حربكم التي هي من ُُصُنع أياديكم الآثمة، تجنبا لمجاعة بدأت نذرها تظهر الآن و ستكون ضارية و طاحنة و قد تُفنِي ثلُثين هذا الشعب، الآن هي فرصة لأصحاب الأوهام و العقول الخَرِبة لمراجعة ماضيهم المليء بالأخطاء و لمرة واحدة اعملوا صوابا ليس لكم فقط، بل لأجيالكم القادمة و أبنائكم الحاليين الذي ذاقوا التُشرد و ذُل الحياة و ضياع المستقبل أمام اعينهم .
.. علي الشعب ان لا ينساق الي أوهام الرغبويين و ان يشكلوا الطريق الثالث الذي يضغط في إتجاه إيقاف الحرب و يقف مع من ينادون بهذا الطريق .
# لا للحرب .
jebeerb@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً: