ناقش دبلوماسيون وخبراء أمريكيون بارزون حسابات الاحتلال الإسرائيلي من وراء شن هجمات بارزة في هذا الظرف الحالي، وآثارها المحتملة على المحادثات المتعلقة بالأسرى في غزة، وحاجة إيران المحتملة لرد عسكري لحفظ ماء الوجه، وغيرها.

وبحسب الخبراء (دينس روس, وديفيد ماكوفسكي, ونعومي نيومان, وفرزين نديمي) يبدو أن القاسم المشترك الوحيد بين استهداف القائد البارز في "حزب الله" فؤاد شكر في بيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في في طهران، هو أن الرجلين كانا عضوين بارزين في "محور المقاومة".



وبحسب الخبراء الذين تحدثوا لمعهد واشنطن فإن اغتيال شكر يسهل تبريره لأي شخص مطلع على خلفيته العملياتية والحملة الإسرائيلية القائمة منذ وقت طويل ضد شخصيات مماثلة في "حزب الله"، بينما يبدو اغتيال هنية أكثر غموضاً للوهلة الأولى. صحيح أن تحميل جميع زعماء "حماس" المسؤولية عن هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر قد يعكس قناعة عامة بين الإسرائيليين، إلا أن هنية كان يسافر كثيراً، مما أتاح فرصاً عديدة لاستهدافه، وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا الآن، ولماذا في طهران؟


ربما تكمن الإجابة في رغبة "إسرائيل" في إعادة ترسيخ صورة لما يمكن أن تفعله بأعدائها. فقد أدت عشرة أشهر من الحرب في غزة إلى تراجع صورة القوة العسكرية الإسرائيلية في الشرق الأوسط. ومن خلال قتل شخصيتين كبيرتين من مسافة قريبة، في موقعين بارزين، واستخدام قدرات عسكرية واستخباراتية واضحة لا تمتلكها أي جهة أخرى في المنطقة، ربما كانت "إسرائيل" تأمل في إعادة تأكيد قوتها بأسلوب دراماتيكي. ووفقاً لهذا النهج من التفكير، كان لزاماً على إيران و"حزب الله" و"حماس" أن يعرفوا أن "إسرائيل" قادرة على قتل أي شخص يهدد مواطنيها بشكل مباشر أو يجيز شن هجمات عليهم، مع توجيه رسالة شاملة مفادها أنه ليس هناك شخص أو مكان بعيد عن متناولها. ويتمثل الهدف العملي لمثل هذا النهج في جعل الردع مسألة شخصية، أي العمل بأن يكون القادة وغيرهم من كبار الشخصيات على علم بأنهم يعرضون حياتهم لخطر مباشر بمجرد التخطيط لهجمات على الإسرائيليين أو الموافقة عليها.

لكن وبغض النظر عن رغبة "إسرائيل" في إعادة ترسيخ قوة الردع، لا يزال يتعين على القادة في "تل أبيب" وواشنطن التفكير في الطريقة التي من المرجح أن ترد بها إيران و"حزب الله".

بالنسبة لإيران، حسب الخبراء، يستدعي اغتيال هنية جواباً شافياً كونه حدث في طهران، مما يعني ضمناً أن النظام لا يستطيع حماية ضيوفه وحلفائه في "المحور". وبالنسبة لـ"حزب الله"، لا يُعد اغتيال شكر مسألة إذلال بقدر ما هو تذكير بنقاط ضعفه الحرجة. وهو، على غرار إيران، سيبحث باهتمام شديد عن التسريبات والجواسيس في أجهزته الاستخباراتية والأمنية في الأيام المقبلة. لكنه سيرغب أيضاً في فرض ثمن على "إسرائيل" عاجلاً وليس آجلاً. ولا يبدو أن طهران ولا وكيلها الرئيسي يريدان حرباً مع "إسرائيل"، لكن من الضروري لهما أيضاً أن يتجنبا الظهور بمظهر الضعيف.

إلى أين تتجه محادثات وقف إطلاق النار في غزة؟
رجح الخبراء أن تطلب طهران من "حماس" وقف جميع التحركات من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار لتجنب إعطاء الانطباع بأن الضربات الإسرائيلية والضغط العسكري قد نجحا. وهذا لا يعني أن الصفقة لن تؤتي ثمارها قط، لكن التأخير شبه مؤكد.

في المقابل يرى الخبراء اغتيال هنية يعزز النظرية القائلة بأن نتنياهو لن يتنازل عن شروطه فيما يتعلق بصفقة الأسرى، فهو لم يبدِ أي إشارة إلى استعداده لتقديم تنازلات عندما التقى بالرئيس بايدن الأمريكي في واشنطن الأسبوع الماضي. وبدلاً من استغلال رئيس الوزراء لعطلة الكنيست كفرصة للتوصل إلى تسويات صعبة، ظهرت دلائل تشير إلى أن نتنياهو قد يأذن بشن المزيد من الهجمات على كبار الشخصيات في "حماس".

من غير الواضح ضمن قيادة "حماس" الأوسع نطاقاً ما إذا كانت وفاة هنية ستوقف أو ببساطة ستؤخر الاتصالات مع إسرائيل بشأن قضية الرهائن. فقد كان عنصراً رئيسياً في تلك المفاوضات نظراً لعلاقاته مع قطر، ولكن من المتوقع أن تحل محله شخصية أخرى من "حماس" في مرحلة ما. وتجدر الإشارة إلى أن عمليات الاغتيال السابقة التي شهدها هذا العام لقادة آخرين من "حماس" مثل مروان عيسى، وصالح العاروري، لم تمنع استئناف المحادثات.


التأثير على المصالح الأمريكية؟
أما بالنسبة لكيفية تأثير عمليات الاغتيال التي وقعت هذا الأسبوع على العلاقة الثنائية مع واشنطن، فربما سعت "إسرائيل" إلى التأكيد على أن الولايات المتحدة لن تتمكن من ردعها. وفي هذه الحالة، لم يكن المقصود من هذه الرسالة أن تشكل تحدياً لأقرب حلفائها، بل وسيلة أخرى لإعادة فرض الردع تجاه إيران و"حزب الله". ربما يمكن لمثل هذا النهج الحازم والمثير للدهشة أن ينجح على المدى الطويل، لكن لا ينبغي أن يكون لدى نتنياهو ولا الرئيس بايدن أي أوهام بشأن ما قد تفعله إيران و"حزب الله" على المدى القريب.

وفي الأيام المقبلة، ستركز إدارة بايدن بطبيعة الحال على منع تصعيد النزاع. ولكن من المفارقات أن خوف إيران من جر أمريكا إلى القتال يشكل الوسيلة الفضلى للتخفيف من حدة الإجراءات التي قد يتخذها النظام بعد ذلك، وبالتالي ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تستغل هذا الخوف لصالحها. وقد يشير التصعيد الحالي في الخطاب الإيراني ضد الولايات المتحدة إلى أن طهران تريد ردع "إسرائيل" بشكل غير مباشر عن الرد بقوة على أي انتقام من المحور من خلال زيادة خطر التصعيد على نطاق أوسع.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال إيران حزب الله إسماعيل هنية إيران حزب الله الاحتلال إسماعيل هنية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله

إقرأ أيضاً:

عراقجي: إيران أرسلت رداً على رسالة ترامب

أعلن وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي، الخميس، لوكالة الانباء الرسمية (إرنا) أن بلاده أرسلت رداً على الرسالة التي بعث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ودعا فيها طهران إلى مفاوضات حول برنامجها النووي.

وقال عراقجي: "لقد تم إرسال رد ايران الرسمي على رسالة ترامب أمس الأربعاء بشكل مناسب وعبر سلطنة عمان"، موضحاً أن "هذا الرد الرسمي يتضمن رسالة تم فيها شرح وجهات نظرنا بشأن الوضع الحالي، ورسالة ترامب بشكل كامل، وجرى نقلها إلى الطرف الآخر".

#Iran FM says Tehran has officially sent the response to US President’s letter through Oman, adding that the letter addresses current situation & content of #Trump’s letter. He said Iran won’t engage in direct talks under pressure/threats, but indirect negotiations can continue. https://t.co/oRFPa3R8Oe pic.twitter.com/ekXnsvIfgY

— Iran Nuances (@IranNuances) March 27, 2025

وأكد وزير الخارجية الإيراني، في وقت سابق اليوم، بأن بلاده تتعامل بقدر كبير من التوجس مع المقترحات السياسية الأخيرة التي قدمتها الولايات المتحدة، في تصريح جديد يعكس موقف طهران الحذر من التحركات الدبلوماسية الأمريكية.

وقال عراقجي عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، إن "الناس في جميع أنحاء العالم – بما في ذلك الأمريكيون أنفسهم – باتوا يرون بوضوح كيف تتعامل السلطات الأمريكية مع القضايا العالمية".

وأشار إلى أن سياسات واشنطن تكشف عن "انعدام كفاءة شديد، والأهم من ذلك، تجاهل كامل لحياة البشر في اتخاذ القرارات المصيرية"، وفق تعبيره.

وأضاف عراقجي أن هذا النهج الأمريكي قد يكون سبباً إضافياً يجعل طهران تتعامل بحذر مع أي مبادرات سياسية جديدة قادمة من واشنطن، لا سيما في ظل استمرار التوترات بين الجانبين حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية.

People around the globe—including Americans—now see how US officials look at world affairs.

Some highlight severe incompetence and, more importantly, total disregard for human life in the decision making.

As for Iran, we see perhaps another reason to take the recent political… pic.twitter.com/WUohafTZG9

— Seyed Abbas Araghchi (@araghchi) March 27, 2025

ويأتي هذا التصريح وسط تكهنات حول إمكانية استئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي والملفات الإقليمية العالقة.

ومن جانبه، أعلن مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، كمال خرازي،  في وقت سابق اليوم، أن طهران لم تغلق جميع الأبواب لحل الخلافات مع الولايات المتحدة، مؤكداً استعدادها لبدء مفاوضات غير مباشرة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

مقالات مشابهة

  • ترامب إلى خامنئي: مستعدون للسلام لكن الرد سيكون حاسماً إذا استمر التصعيد
  • محللون: نتنياهو يريد نزع سلاح حماس وحزب الله وفرض معادلة جديدة بالمنطقة
  • إيران تكشف مضمون الرد على رسالة ترامب
  • غداة الرد على رسالته.. ترامب يتوعد إيران بـ"الأمور السيئة"
  • إيران تردّ على رسالة «ترامب».. ماذا قالت؟
  • سفير إيران لدى العراق: رسالة ترامب لطهران تضمنت طلبا بحل الحشد الشعبي
  • مصدر إيراني يوضح لـبغداد اليوم: لماذا ردت إيران على رسالة ترامب عبر عٌمان وليس الإمارات
  • وزير الخارجية الإيراني يعلن الرد على رسالة ترامب إلى طهران
  • عراقجي: إيران أرسلت رداً على رسالة ترامب
  • طهران تعلن إرسال رد على رسالة ترامب عبر عُمان