رحلة الألف ميل نحو التطويب بدأت بعظامٍ صغيرةٍ خلفَ الأُذن... هكذا تمَّ التعرّف على رفات البطريرك الدويهي
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
أما وقد ارتفعَ "منارة العِلم والقداسة" البطريرك "مِلْفان الكنيسة" مار إسطفان الدويهي الإهدني، البطريرك السابع والخمسون على سدّة بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق، طوباوياً جديداً على مذابح الكنيسة الكاثوليكية، في احتفالٍ رأسه مساء أمس ممثل قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، نيافة الكاردينال مرشللو سميرارو رئيس مجمع القديسين في روما، وقداسٍ احتفل فيه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لا بدَّ من الإضاءة السريعة على "جنودٍ مجهولين" عملوا بعيداً عن دوائر الضوء في جمع رفات البطريرك الطوباوي والتثبّت منها تمهيداً لتحويلها الى ذخائر مقدّسة تُكرّم في الكنائس والأديرة، جرياً على عادة إعلان التطويب ومن ثم القداسة لمَن اصطفاهم الرب ليكونوا شهوداً على نور الحقيقة الإلهية وشعاع الإيمان العميق.
مسيرةُ إعلان طوباوية "قديسنا الجديد" لم تكن سهلة على الإطلاق، بل كانت مهمّة شاقة استغرقت ثماني سنوات من البحث المتواصل بعد انتهاء المرحلة الأبرشية وصولاً الى المرحلة الطوباوية.
بعد جمع ملفات الشفاءات الخارقة وعجائب البطريرك الدويهي التي تفوق ثلاثين أعجوبة وُثّقَ منها خمس اعاجيب، من بينها أعجوبة شفاء السيدة روزيت زخيا الدويهي، وبعد تسجيل الشهادات أمام اللجنة البطريركية التي عيّنها مثلث الرحمة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير ليتمَّ لاحقاً التحقيق في صحة الملفات الطبية التي جرى توثيقها وفق القوانين الكنسية المتبَعة، أمام المحكمة التي انعقدت بناءً على قرارٍ بطريركي والتي ضمّت قضاة ومحقّقين وأطباء، وبعد نقل الملفات مختومةً بالشمع الأحمر وممهورةً بختم غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى روما ليَنظرَ فيها مجمع القديسين للتأكد من صحة المرحلة الأبرشية والتحقّق بواسطة الأطباء والخبراء واللاهوتيين من الأعجوبة، أنطلقت في نيسان من العام 2018 عملية البحث عن رفات الدويهي في مغارة القديسة مارينا "ناسكة وادي قنوبين" حيث دُفنَ البطريرك، بناءً على رغبته ، الى جانب 33 شخصاً من بينهم 16 بطريركاً، على ما كان يسود الاعتقاد آنذاك، ليتفاجأ الفريق المنقِّب الذي فتحَ المدفن، بعد أخذ إذنٍ صادرٍ عن البطريرك الراعي، وبمواكبة مديرية الآثار في وزارة الثقافة، بوجود رفات 44 شخصاً من أعمار مختلفة من بينهم طفل.
" بين نيسان وحزيران من العام المذكور، عملنا على مستوى تسع طبقات أثرية داخل مغارة عميقة على جمع عظام 44 شخصاً كانت مكوّمة فوق بعضها مع ترسّبات كلسية صعّبت علينا مهمة جمع العظام وفرزها"، هذا ما تقوله إختصاصية علم الانتربولوجيا الدكتورة ندى الياس، مضيفةً أن " مشقّة العمل تمثّلت في كثرة العظام التي كان يجب أن تخضع للفحوص التحليلية والمخبرية من أجل التعرّف على جثمان البطريرك الدويهي، واذا احتسبنا أن الهيكل العظمي للإنسان يتألف من 206 عظام، يمكن تصوّر صعوبة جمع 9064 عظمة ل44 شخصاً".
العظام كلها جُمعت وتمَّ تنظيفها ووضعت في أكياسٍ قبل نقلها الى الصرح البطريركي الصيفي في الديمان حيث تمَّ فرزها ومن هناك نُقلت الى مختبرٍ خاص أُنشىء لهذه الغاية، وقد أكّدت فحوص الحمض النووي (DNA) لاحقاً أنها تعود ل 44 شخصاً تمّ تحديد هوية 38 منهم بشكلٍ كامل من بينهم البطريرك الطوباوي".
عَالِمُ الأحياء البروفسور بيار زلوعة يشرحُ أنه تمّ اكتشاف بطاركة أشقاء من بين الأشخاص المدفونين في المغارة، وأن ما سهّلَ بعض الشيء التأكد من رفات البطريرك هو أنه من أبٍ وأمٍ من آل الدويهي، ما ساعد على وضع (Data collection) أو جمع بيانات، من خلال أخذ عيّنات الأشخاص الأحياء المتحدّرين من العائلة لمقارنتها مع عيّنات الرفات العائدة للدويهي". أما عن صعوبة تكوّم العظام وفرزها، فيقول زلوعة إن"العظام حين تتكّوم ولفترة زمنية طويلة فهي تأخذ من بعضها، لذا اعتمدنا على العظمة التي تقع مباشرةً خلف الأُذن والتي لا تتفتّتُ بسهولة."
ذخائر الطوباوي الجديد وضعت في كنيسة مار جرجس- إهدن تحت مذبح يعلوه تمثال للبطريرك الدويهي، وقبالة المذبح الذي يُسجّى فوقه جثمان يوسف بيك كرم الذي فُتحت دعوى تطويبه أخيراً بموافقة سينودوس الأساقفة الموارنة برئاسة البطريرك الراعي.
رحلة الألف ميل تخطّت لحظات التطويب الى مرحلة القداسة مع "بطريركنا القديس" الذي كان يردّدُ أمام كل ضائقة مهما كانت "الله بيدبّر كل شي..."، فلنردّد بدورنا هذه العبارة الإلهية البسيطة لكن العابقة بأريج الإيمان....والله ولي التدبير. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تطييب رفات "مار مينا" في عيده بإيبارشية مسيساجا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ترأس الأنبا مينا، أسقف إيبارشية مسيساجا وڤانكوڤر وغربي كندا، صلاة عشية عيد الشهيد مار مينا العجائبي في كنيسة الشهيد مار مينا والقديس البابا كيرلس السادس في هاملتون، التابعة للإيبارشية.
وأقيمت الصلوات وسط الألحان والتماجيد، حيث ألقى الأنبا مينا، عظة روحية، بحضور القمص متياس سعيد، كاهن الكنيسة.
وفي اليوم التالي، ترأس الأنبا مينا قداس العيد في كنيسة الشهيد مار مينا بميسيساجا، حيث طَيَّبَ رفات الشهيد مار مينا، كما ألقى عظة القداس، بحضور العديد من أبناء الكنيسة، وقد شارك في الصلوات الراهب القمص بنيامين المحرقي، والقس رافائيل غالي، كاهن الكنيسة، وسط حضور شعبي كبير.