عربي21:
2025-04-16@20:29:17 GMT

صدقت الرؤيا يا إسماعيل!

تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT

قد لا نزيد في وداع الشهيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عن ما قاله هو بنفسه، فقد سبق هنية قبل كثير من صباح اغتياله الدامي في طهران، وقال نصا، إن حركة تقدم قادتها ومؤسسيها شهداء من أجل كرامة شعبنا وأمتنا لن تهزم أبدا، وتزيدها هذه الاستهدافات قوة وصلابة وعزيمة لا تلين، هذا هو تاريخ المقاومة والحركة بعد اغتيال قادتها، إنها تكون أشد قوة وإصرارا.



وقد ننادي هنية من وراء حجاب الغياب اليوم، تأسيا بما نادى رب إبراهيم نبيه في واقعة الفداء العظيم، ونقول للشهيد: لقد صدقت الرؤيا يا إسماعيل، فذهابك إلى ربك لا يعني ذهاب حركة حماس من بعدك، وقد عشت نصف سنواتك الستين، وأنت ترى ما يتركه استشهاد المؤسسين والقادة على مصير الحركة، كانت حماس بعد كل نوبة استشهاد، يصعد نجمها ويقوى عودها وتزدهر خبراتها، إلى أن افتتحت عصرا جديدا في تاريخ المقاومة بزلزلة يوم طوفان الأقصى، وعلى نحو لم يكن يحلم به القادة الشهداء الأوائل، من المؤسس الشيخ المقعد أحمد ياسين إلى عبد العزيز الرنتيسي إلى إسماعيل أبو شنب إلى عماد عقل ويحيى عياش ورائد العطار وعدنان الغول وجمال سليم وجمال منصور وسعيد صيام ومحمود أبو هنود وأحمد الجعبري وغيرهم كثير، وإلى آلاف القادة والمقاتلين في حرب غزة المتصلة لعشرة شهور إلى اليوم.

                                                                                                                                                                                   وهي الحرب الأطول في تاريخ الصراع ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي قد يفرح إلى حين بعمليات اغتياله للقادة السياسيين والعسكريين، لكنه لا يتعلم أبدا من تجارب الدم، ويعتقد أن اغتيال القادة قد يطفئ شعلة المقاومة، بينما كان العكس بالضبط هو ما حدث ويحدث، فلم تنته مقاومة حزب الله باستشهاد الأمين العام المؤسس عباس الموسوي، ولا انتهت مقاومة الجبهة الشعبية باغتيال قائدها أبو علي مصطفى، ولا انتهت مقاومة الجهاد الإسلامي باستشهاد القائد المؤسس فتحي الشقاقي، ولا تأثرت حركة حماس سلبا باستشهاد مؤسسيها الأوائل من قيادي حزب الله فؤاد شكر في ليلة واحدة، ودون أن يعني ذلك مع اختلاف الملابسات بين بيروت وطهران، سوى أن كيان الاحتلال 
هنية وشكر، ومن سبقهما، ومن قد يلحق إلى الرفيق الأعلى، كلهم من الشهداء الشاهدين معا، أمانيهم العظمى كانت أن يرزقهم الله بركة الشهادة في سبيله وسبيل القضية المقدسة، وكانت سيرهم العطرة شاهدة في الوقت نفسه على ميلاد ونهوض عصر المقاومة من نوع مختلف، وقد خلقت من العدم تقريبا قبل ما يزيد على أربعة عقود، ومن رحم الزمن الأكثر إظلاما في التاريخ العربي الحديث والمعاصر، فمن قلب محنة احتلال بيروت أواخر عام 1982، وسط صمت وتواطؤ عربي سابغ، كان الميلاد العفي لظاهرة المقاومة الجديدة، وكان نسف قاعدة المارينز الأمريكي في بيروت شارة البداية، وفي عملية استشهادية واحدة عام 1983، كان 241 من ضباط ومشاة البحرية الأمريكية قد أرسلوا للجحيم، ومن وراء المحيطات، كان الرئيس الأمريكي وقتها رونالد ريغان يصرخ من الفزع، ويأمر بسحب قواته فورا من لبنان، وكان ما جرى وقتها باكورة لملحمة تواصلت إلى رأس الألفية الثانية، حين أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الخروج من الجنوب اللبناني ذليلة مدحورة، ومن دون أن تجد أحدا يوقع لها أو معها اتفاق سلام ولا صك تطبيع، كانت المقاومة الجديدة تمشى في الاتجاه المعاكس لخيبات الزمن العربي الأسوأ، وتهزأ بمعاهدات واتفاقات السلام والاستسلام والتطبيع، وكان سند المقاومة الجديدة وباعث عنفوانها ظاهرا متحديا، فقد واجهت جبروت العدو الإسرائيلي الأمريكي، بما لم يكن في حسابه، وأدارت حروبا معه في لبنان، ثم في غزة بمعايير مختلفة، سحبت متن مقارنات الأسلحة المرئية إلى الهامش الحسابي، وجعلت الهامش المعنوي متنا جديدا، وبلورت الفوارق العظمى بين إيمان المقاتلين المقاومين وجبن جنود العدو، وأدارت سجالا حيا بين قيمة الاستشهاد، كأعلى قيمة إنسانية، واجهت بها طلائع المقاومة الأولى، أعظم قيمة تكنولوجية يملكها العدو، وفيما لم تستطع قيمة العدو التكنولوجية المتفوقة، أن تكسب جنودها ما يوازى حس الشهادة، فقد استطاع حس الشهادة بدأب، أن يكتسب في الميدان حسا تكنولوجيا متناميا، وبدأت المقاومة الجديدة تقارع تكنولوجيا واستخباراتيا، وأحسنت الاستفادة بما قدم لها من إيران ومن غيرها، وأدارت حرب عقول مضافة لذكاء النفوس الاستشهادية، وحطمت كل استحكامات العدو الاستخباراتية والتكنولوجية صباح 7 أكتوبر 2023، وكشفت خواء جيش العدو الذي زعموا أنه لا يقهر، ثم أدارت وتدير معه حربا مريرة طويلة المدى هي الأكثر شراسة، ظهرت فيها المعاني العظمى لحس الاستشهاد وحرب عقول أجيال جديدة للمقاومة من نوع مختلف.

وقد برعت على نحو مذهل في الإعداد للمعركة الجارية عبر خمس حروب مضت، وأنشأت مدن أنفاق عنكبوتية كاملة تحت أرض غزة، وورشات ومصانع للسلاح، وجعلت من أسماء القادة الشهداء عناوين لأسلحة وقذائف إبداعية تامة الصنع في غزة، من ياسين ـ 105 إلى بندقية الغول القناصة، وجعلت من دخول جيش العدو إلى غزة جحيما عسكريا، قتل فيه مئات من ضباط وجنود نخبة العدو وفرقه الأرقى تدريبا وتجهيزا.

وجرى تدمير الآلاف من آلياته ودباباته وناقلات جنده، وأصيب قادة الجيش المهزوم عسكريا بالجنون، فهم يصدرون الأوامر بتقدم القوات من الشمال إلى الجنوب في شريط غزة ضيق المساحة إلى حد الاختناق، وكلما تقدموا أدركوا أنهم يطاردون سرابا، وأنهم غرقوا في الرمال والوحل، فلا شيء ينجزونه عسكريا، وهم يعودون دائما إلى المواقع التي اجتازوها من قبل، ويواجهون المقاومة العنيدة التي توهموا أنهم أفنوها، بينما كل قائد مقاومة يذهب إلى الشهادة، يتقدم بعده الذي يليه، وبكتائب مقاومة تتمتع بحرية حركة طليقة من الشمال إلى الجنوب وبالعكس، ومن تحت الأرض وفوقها، في حرب غير متناظرة، يسكن فيها المقاومون عبر شبكة الأنفاق وتحت الأنقاض، ولا يمكنون العدو أبدا من نيل أي نصر عسكري، وبالذات في معارك القتال وجها لوجه وفي الكمائن المركبة، التي بدت فيها فوارق القتال الاحترافي لصالح قوات المقاومة، فيما استعاض جيش العدو المذعور المرتعب عن فشله العسكري بجرائم الإبادة الجماعية، وصب جام نيرانه وقصفه الهمجي على المدنيين الأبرياء العزل، وتدمير البشر والحجر والشجر، وإصدار أوامر النزوح للسكان، الذين نزح أغلبهم في غزة لعشرات المرات حتى اليوم، وقتل منهم وجرح وفقد ما يزيد على 140 ألفا إلى الآن، أغلبهم من النساء والأطفال، ومع كل هذا العذاب الأسطوري للفلسطينيين، فلم يفلح العدو في إنجاز هدفه الأصلي بطرد الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم المقدسة، ولا في القضاء على حماس وأخواتها، الذين تضاعفت أعداد قواتهم بانضمام آلاف من الشباب الفلسطيني المدني، الذين يفضلون الاستشهاد بكرامة في ميادين القتال، ويعرفون الفارق العظيم بين موت وموت، فالموت في قتال العدو أكرم عند الله والناس من الموت تحت أنقاض المباني، وهذه هي القيمة الكبرى التي زرعتها المقاومة الجديدة في نفوس الناس، وجعلت المقاومة تعبر حصار غزة إلى مدن وقرى ومخيمات القدس والضفة الغربية، وخلقت توائم غزاوية مضافة في جنين ونابلس وطولكرم والبيرة وطوباس والخليل ورام الله وغيرها، فقد أدرك الناس العاديون أنه لا خلاص بغير المقاومة، وبما ملكت الأيدي من حجارة أو سلاح، وكفروا نهائيا بوعود السلام واللبن والعسل واتفاقات أوسلو وأخواتها.

وفي غمار هذه الملحمة غير المسبوقة، تأتي أخبار استشهاد القادة، لا لتخيف أحدا، بل ليتقدم القادة البدلاء فورا، في تنظيمات جمعت حس الشهادة إلى عبقرية الهياكل، وقبل شهور، فرح العدو باغتيال القائد الفلسطيني صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، وما هي إلا ساعات، حتى ظهر بديله زاهر جبارين قائدا علنيا لحركة حماس في الضفة الغربية، وهو ما حدث ويحدث بعد اغتيال إسماعيل هنية قبل أيام في مأمنه بشمال طهران، وفي الترتيبات العسكرية الجديدة في حزب الله بعد اغتيال القيادي فؤاد شكر، فقد نحزن لاغتيال قيادات المقاومة، لكن المقاومة نفسها تقوى وتتعزز ولا تهزم أبدا باستشهاد قادتها، وهو ما عرفه إسماعيل هنية حين بادر بالنعي الملهم قبل أوان رحيل كان دائما ينتظره.
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه هنية غزة غزة هنية غزة فلسطين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الجدیدة حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة

قال وزير حرب الاحتلال، يسرائيل كاتس، إن مصر، ولأول مرة، اشترطت من أجل صفقة شاملة وإنهاء الحرب، تفكيك سلاح حركة حماس، وتجريد قطاع غزة من السلاح، وهو ما يتناقض مع حديث وسائل إعلام مقربة من القاهرة عن أنه مقترح للاحتلال وهي قامت بنقله فقط.

وأوضح كاتس في منشور عبر حسابه الرسمي على موقع إكس: "الضغط على حماس لتنفيذ الصفقة كبير، ولأول مرة اشترطت مصر من أجل إنهاء الحرب تفكيك سلاح حماس ونزع السلاح من القطاع".

وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، في ظل التجويع، قال كاتس: "سياسة إسرائيل واضحة.. لن يسمح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة، منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة هو أحد أدوات الضغط الرئيسية التي تمنع حماس من استخدامه مع السكان، ولا ينوي أحد في الواقع إدخال مساعدات إلى غزة، وليس هناك تحضيرات لذلك".

وأضاف: "يجب بناء آلية لاستخدام الشركات المدنية كأداة تمنع حماس من الوصول إلى هذا الملف مستقبلا كذلك".



وكانت قناة "القاهرة الإخبارية"، حذفت خبرا لها قبل يومين، ذكرت فيه أن مصر وحدها سلمت حركة حماس الورقة الإسرائيلية، التي تتضمن نزع سلاح المقاومة، وقامت بإضافة قطر إلى الخبر المحدث.

وكتبت القناة: "مصر وقطر تسلمتا مقترحا إسرائيليا بوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، وبدء مفاوضات تقود لوقف دائم لإطلاق النار".

وأضافت أن "مصر وقطر سلمتا حركة حماس المقترح الإسرائيلي، وتنتظران ردها في أقرب فرصة".


وفي وقت سابق، أكدت حركة حماس أن قيادة الحركة تدرس بمسؤولية وطنية عالية، المقترح الذي تسلمته من الإخوة الوسطاء، وستقدم ردها عليه في أقرب وقت، فور الانتهاء من المشاورات اللازمة بشأنه.

وجددت الحركة تأكيدها على موقفها الثابت بضرورة أن يحقّق أيّ اتفاق قادم: وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصّل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وكشف قيادي في حركة حماس، أن مصر نقلت إلى الحركة مقترحا، يتضمن نصا صريحا، بشأن نزع سلاح المقاومة، وهدنة مؤقتة لمدة 45 يوما.

ونقلت قناة الجزيرة تصريحات عن القيادي الذي لم تكشف هويته، قوله إن المقترح الذي نقلته القاهرة يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال في الأسبوع الأول من الاتفاق، وتهدئة مؤقتة لـ45 يوما مقابل إدخال الطعام والإيواء.

وأضاف: "وفدنا المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي نقلته مصر يتضمن نصا صريحا بشأن نزع سلاح المقاومة".

وتابع: "مصر أبلغتنا أنه لا اتفاق لوقف الحرب، دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة".

وشدد بالقول: "حماس أبلغت مصر أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب، وليس نزع سلاح المقاومة، وأن نقاش مسألة السلاح مرفوض جملة وتفصيلا، وأن السلاح هو حق أساسي من حقوق شعبنا ولا يخضع للنقاش".

وأثار الحديث عن مسألة نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة خلال المفاوضات الجارية في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن جهود وقف إطلاق النار وعقد صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع الاحتلال؛ ردودا واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وبدأ مغردون باستذكار تعليقات تاريخية لقادة المقاومة الفلسطينية بشأن هذا الملف، وأعادوا نشرها عبر وسم "سلاحنا_كرامتنا"، فيما وصف آخرون مقترح تسليم السلاح بأنه "نكتة سمجة".

مقالات مشابهة

  • وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
  • وزير حرب الاحتلال: مصر هي من اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
  • ملتقى عشائر غزة: سلاح المقاومة خط أحمر
  • لجان المقاومة الفلسطينية: سلاح المقاومة حق غير قابل للنقاش
  • فصيل فلسطيني يُعقّب على الشرط الإسرائيلي للتهدئة بنزع سلاح المقاومة
  • “حماس”: مصر أبلغتنا أنه لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة
  • حماس: فوجئنا بأن المقترح الذي نقل لنا يتضمن نزع سلاح المقاومة
  • دور السردية في استنهاض الوعي وتغييبه
  • حماس”: عملية الدهس هي دلالة واضحة على أن المقاومة مستمرة
  • جشي من طلوسة: المقاومة أحبطت أهداف اسرائيل من الحرب