اليوم 24:
2024-12-27@03:28:46 GMT

الماء والحياة...

تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT

* الحسين اليماني

بموجب الفصل 31 من دستور المملكة المغربية، فإن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في :…الحصول على الماء…، وهو ما يوضح بجلاء، الأهمية التي أولاها المشرع للحق في الماء والتنصيص عليه في الدستور، باعتباره القانون الذي يسمو على كل القوانين الأخرى.

إلا أن تحقيق هذا الحق، في الظروف الصعبة التي يمر منها المغرب، يبدو صعب المنال، ويتطلب تعبئة استثنائية ومقاربة جديدة، تقطع مع المألوف في الاعتماد على المطر وتأجيل وضع المقاربة المبنية على اعتبار المطر تكميليا في المعادلة المائية وليس أساسيا.

ورغم كثرة الحديث عن نذرة المياه والتهديد الجدي، بخطر الانقطاعات وانعدام الماء في البيوت، بعد أن انعدم في الحقول والمراعي وقضي على أسباب العيش والكسب للفلاحين الصغار ولسكان البوادي، فإن معظم القائمين على شؤون البلد، لا يتناولون الموضوع بالجدية المطلوبة، ومستمرون في نفس الأساليب في التعاطي مع الذهب الأزرق ، واعتباره أمرا موكولا للسماء لتجود به متى شاءت، حتى ولو أن ماءنا أصبح غورا.

إن التراجع الرهيب في حجم التساقطات وما نتج عنه، من نضوب السدود وموت العيون ووكح الابار وانهيار الإنتاج الفلاحي والحيواني وبلوغ أسعار الخضر والفواكه واللحوم، لم يشهد لها المغرب مثيلا، إلا في زمن الحديث المزعوم عن الدولة الاجتماعية، واحتراق أشجار الزيتون في بعض المناطق، والتي يفوق عمرها خمسة عقود، كلها مؤشرات مرعبة ومخيفة، تدفعنا لإعلان حالة الاستنفار القصوى ، بغاية إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ورسم ما يقتضيه الموقف، من قرارات حاسمة، تروم المحافظة على الحق في الحياة وتوفير أسباب الكسب والعيش، والحد من الهجرة والإخلاء للمناطق الداخلية والجبلية والحدودية.

وإن كان عاهل البلاد، تحدث وذكر بالوضوح والصراحة اللازمة في خطاب العرش، على أهمية تظافر جهود كل المغاربة بقصد مواجهة الإجهاد المائي، الذي دخله المغرب، فإن معالجة الخصاص المائي، يمكن مباشرته، من خلال محور الزيادة في الإنتاج ومحور الاقتصاد في الاستهلاك ومحور الإطار القانوني.

1/ الزيادة في الإنتاج:

بناء على التحولات المناخية وتوالي سنوات الجفاف، في مقابل ارتفاع الطلب على الماء، في الاستعمالات المنزلية والفلاحية والصناعية، فإن استمرار الاعتماد على المطر، يعتبر مغامرة واضحة بالأمن المائي للمغرب، ولذلك يتوجب، العمل على الزيادة في الإنتاج ، ليس بغاية الجواب على الطلب فقط، وإنما من أجل الرفع من الاحتياطات للأجيال القادمة، وهو الأمر الذي يستوجب:

1_1 : بناء محطات تحلية مياه البحر على المحيط الأطلسي والأبيض المتوسط، بالاعتماد على التكنولوجيات المقتصدة لاستهلاك الطاقات وتفادي الاثار الجانبية على الوسط البحري.

2-1 : بناء السدود الجديدة وصيانة السدود القديمة، لتجميع مياه الأمطار وتحقيق هدف الصفرية من وصول مياه المطر إلى البحر.

3-1 : معالجة كل المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء في المدن والحواضر، مع إمكانية الاستعمال حتى للأغراض المنزلية والصناعية.

4-1 : استغلال المخزونات المائية المرتفعة الملوحة،من خلال معالجتها وجعلها قابلة الاستعمال والانتفاع بها.

2/ الاقتصاد في الاستهلاك:

رغم كل محاولات التحسيس والدعوة للمحافظة على الثروة المائية وعدم تبديرها، إلا أنه يبدو بأن معظم المغاربة وخصوصا جيل ما بعد الاستقلال، ألف الإفراط في استهلاك الماء ولا يستسيغ حتى الحديث عن أزمة الماء في المغرب وبالأحرى تقبل الكلام عن خطر انقطاع الماء وغيابه في المنازل للاستعمالات المتعددة. وتفاديا لوصول حالة النضوب التام للمياه السطحية والجوفية، وما سيترتب عنها من تهديد السلم الاجتماعي وللحق في الحياة، فلا بد من التوجه وبالجدية والمسؤولية المطلوبة ، للحد من التبدير والاقتصاد في استهلاك الماء، من خلال :

2-1 منع الزراعات ذات الطلب المرتفع على الماء والموجهة للتصدير، وإعطاء الأولوية للزراعات المطلوبة لضمان الاكتفاء الذاتي للمغرب وأساسا من الخضر والفواكه وتوفير الكلأ للماشية والدواب في العالم القروي.

2-2 التشديد في منح الرخص لحفر الابار واستغلال مياه الأنهار والعيون، إلا في الحالات المبررة بالضرورة القصوى.

2-3 حمل الشركات الصناعية الكبرى على اللجوء للانتاج الذاتي لحاجياتها بتحلية المياه وعدم استعمال المياه المخصصة للشرب.

2-4 مراجعة تعرفة الماء والزيادة فيها بالنسبة للشطر غير الاجتماعي وفرض الأداء على استخراج المياه من الآبار.

2-5 توجيه مياه البحر لسكان السواحل ومياه السدود والعيون والابار لسكان الداخل، والرفع من إنتاج المياه من البحر ، لتغطية الحاجيات المنزلية والصناعية وتطوير الزراعات بالسواحل ومحيطها.

3/ الإطار القانوني:

تماشيا مع المكانة التي خصها الدستور لقضية الماء، واعتباره من حقوق المواطنات والمواطنين ، واعتبار لأهمية الماء في المعيش اليومي وفي الدورة الاقتصادية للبلاد وارتباطه الوثيق بشروط استمرار الحياة ، فلا بد من تأهيل وتجميع وتحيين القوانين ذات الصلة بالماء، حتى يتماشى الإطار القانوني مع متطلبات المرحلة، من خلال:

3-1 : تجميع كل القوانين المرتبطة بالماء، في إطار مدونة جامعة (مدونة الماء) ، تشمل كل القواعد القانونية، بغاية اعتبار الماء كثروة وطنية وملك مشترك لكل المغاربة، لا يجوز تبديرها ولا التعسف في استهلاكها ، مع وضع الإجراءات القمينة، لحسن استعمالها والمحافظة عليها.

3-2 : تفويض تدبير القضية المائية لهيأة خاصة، من قبيل الوكالة الوطنية للماء، حيث يوكل اليها، رسم برامج ومخططات طويلة ومتوسطة الأمد، تروم توفير الحاجيات الأساسية للبلاد من الماء، على قاعدة تحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان الماء للجميع وتثبيت السكان في مناطقهم والحد من ظاهرة الهجرة بسبب قلة أو انعدام الماء.

3-3: تطوير وتجويد التشريعات المائية، حتى تتناسب مع وضعية الجفاف البنيوي وتقطع مع عهد تشتت القوانين وتعدد المتدخلين، وتفتح المجال لعهد جديد من المقاربة الشمولية والحديثة لقضية الماء.

إن كان الماء هو أصل الحياة ومحور التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن بلادنا، وبقدر ما تواجه التحديات في تعزيز الأمن المائي وامتلاك مفاتيح صناعات وإنتاج الماء، في ظل توالي سنوات الجفاف والرهان غير المحسوب على الفلاحة التصديرية، فهي مطالبة كذلك بتعزيز الأمن الطاقي وتخفيض كلفة الطاقة، بتنويع المزيج الطاقي ، من الطاقات البترولية والريحية و الهوائية والنووية وغيرها من الطاقات المستحدثة عبر تطور التكنولوجيا وطرق الإنتاج.

 

*الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

وإن دعتنا البوارج بانخوض المياه

عبدالسلام عبدالله الطالبي

بهذة اللهجة كان هذا الشطر ضمن الأبيات الشعرية لأول زامل شعبي استهل به المنشد المبدع عيسى الليث زوامله الجهادية وذلك بعد ست حروب ظالمة خاضتها السلطة الظالمة بحق أنصار الله المجاهدين آنذاك
حيث سبق هذا الشطر رسائل قوية عبر فيها الشاعر عن جاهزية الناس لخوض ماهو أكبر ملوحآ بأن عامل الخوف ليس له وجود في قاموسهم قائلآ:-
(عشقنا للشهادة صير المر حالي—مابقى شي نخافه في يدين الغزاة)
(بانخوض المعارك سهلها والجبالي– وإن دعتنا البوارج بانخوض المياه)
فكأن ذلك بمثابة مؤشر لحدث متوقع التعاطي معه  في المستقبل  باعتبار أهمية القضية والمشروع القرآني القائم في مناهضته لدول الغرب الكافر ممثلة في آئمة الكفر أمريكا وإسرائيل ؟
وهاهي الكلمات تترجم في الواقع العملي المعاش حيث بدى اليمانيون أكثر حضورآ وضرواة في معركة فاصلة بين الحق والباطل،معركة عرف فيها المؤمن من المنافق والصادق من الكاذب!
معركة شخصنت أصحاب المواقف المتواطئة والعميلة على حقيقتهم حيث أكدت فضح شعاراتهم الجوفاء وسياساتهم الحمقاء الملطخة بالذلة والخنوع والاستسلام والتشبث العقيم بالسلطة
نعم هاهي المعركة اليوم تتمركز في البحر كعامل أساس كان لابد منه لخلاص الأمة من شبح الطغيان الاسرائيلي والداعم الامريكي وكل من لف لفيفهم
معركة هي الأشبه بمعركة الفصل الحاسمة التي أنذرت بزوال فرعون الذي  أدعى نفسه إلهآ على شعب مصر وكان يزعم ويقول (أنا ربكم الأعلى)
بل بلغ به العتو إلى ذبح كل الابناء المواليد من الذكور بعد أن أخبره أحد المنجمين بأن ملكه سيزول على يد مولود من بني إسرائيل فبلغ به الأمر في سابقة ليس لها مثيل في بشاعة جرمها أن يقدم على ذبح كل الأطفال المواليد سوى مايحصل اليوم في غزة
نعم كان على أم موسى أن تتعاطى مع التوجيهات الربانية لتلقي بمولودها من بعد لحظة ولادته في البحر ليلتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوآ وحزنا وينعم في قصر الظالم فرعون بحياة آمنة وكريمة كحالة استثنائية إرضاءآ ونزولآ عند طلب زوجة الظالم والمستكبر الجائر فرعون اللعين والذي كانت نهايته مخزية ومدوية وهو يلحق بموسى ومن آمن معه من بني إسرائيل
معركة فارقة استدعت حضورآ كبيرآ من التسليم والصبر والتضحية والفداء والإيمان المطلق لله الغالب على الأمر ليسلم الناس شر سطوة الظلم والظالمين ودفع خطر العدو الاسرائيلي والأمريكي

وماالدور البطولي العظيم الذي تقوم به ولازالت  رجال قواتنا البحرية اليمنية اليوم إلا شاهدآ على ذلك في سابقة لم تتجرأ القيام بها أي دولة إسلامية أوعربية في إستهداف السفن الاسرائيلية أوالسفن المتضامنة معها لنجدها تتساقط وتنهار  واحدة تلو الأخرى
عزيمة وإقدام وتضحية واستبسال ومواجهة صارمة وعنيفة مع العدو الإسرائيلي في المنطقة لغرض تحقيق هدف محق وهو أن  يتوقف الاسرائيلي عن عدوانه السافر والإجرامي على إخوتنا الفلسطينين ويكون لهم الحق في حصولهم على الماء والغذاء والدواء والأمن والأمان حتى وإن غض الطرف عنهم وعن مناصرتهم والنظر في  معاناتهم للأسف غالبية كبرى من زعامات وحكومات الدول العربية والإسلامية والله المستعان!
وعبر معركة اليوم  معركة البحر الأحمر وبالتحديد (باب المندب )ستسقط العروش الكافرة  والمتواطئة الذي لن تعفى عن جرمها وصمتها المهين ، في الوقت الذي يحتشد اليمن بأكمله متمنيآ حضوره البارز اكثر في المعركة مع العدو الاسرائيلي إضافة إلى مايحرزه الجيش البحري الصامد والطيران المسير والقوة الصاروخية من حضور قوي ولافت في المعركة
معركة بحرية أنهكت العدو الاسرائيلي اقتصاديآ بل أسهمت في لوي ذراعه وكسر هيبته ليعرف حجمه وأن ظلمه وطغيانه مرهون بزواله عاجلآ أم آجلا.

معركة بحرية جعلت من الأمريكي يقف عاجزآ وحائرآ دون إتخاذ أية عقوبات دولية فكل ماكان بإمكانه الضغط به على حكومة صنعاء من خلاله هو لازال بأيديهم كونه الحليف الاستراتيجي لقوى العدوان السعودي  الذي لازال رابضآ ومتعجرفآ حتى يومنا هذا
معركة بحرية جاءت من رحم المعاناة وضيق الحصار الخانق على شعبنا اليمني الصامد المجاهد الذي رأى على نفسه أن يتحرك لزامآ مع القضية الفلسطينية وهو لم يتعافى بعد من محنته وحصاره المفروض عليه مذ تسع سنوات مضت
معركة بحرية جعلت من حكومة صنعاء  اليمن وكل اليمانين الأحرار دولة رائدة ومحط إعجابين عربي ودولي في مواقفها المشرفة واللائقة تجاه ماتقوم به من ضربات مسددة وفرض سيطرة بحرية بارزة في معركة البحر الأحمر تلوح بإخماد العدو الإسرائيلي بإذن الله تعالى
فلله أنت يايمن الإيمان والحكمة من شعب عظيم أذهلت العالم بحضورك البطولي وأرهبت كل طواغيت الأرض وأثبت حضورك ومناصرتك للمظلومين والمستضعفين في كل الأرجاء والقادم أعظم وماالنصر إلا من عند الله

مقالات مشابهة

  • اللجنة الفنية بشركة مياه أسوان كشفت أسباب انقطاع المياه
  • الموارد المائية: السدود في وضع آمن وتحت السيطرة
  • أسوان تعقد ندوة لتفعيل دور روابط مستخدمي المياه في مواجهة التحديات المائية
  • إدارة السدود بوزارة الموارد المائية: الوضع في سد القطارة الثانوي مستقر
  • «وان دعتنا البوارج با نخوض المياه»
  • إدارة السدود: الوضع العام للسدود ممتاز مع استقرار في مستويات المياه
  • وإن دعتنا البوارج بانخوض المياه
  • الموارد المائية بالحكومة الليبية: وضع منسوب المياه في السدود الرئيسية مستقر
  • الرئيس تبون: تشغيل 5 محطات تحلية مياه البحر قبل شهر رمضان
  • غرق سفينة شحن روسية في مياه المتوسط