حفلة الجنون ومجون الشرق الأوسط المستحيل..!
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
في زيارة للسيد وليد جنبلاط – زعيم الحزب الاشتراكي اللبناني، إلى موسكو نهاية عام 2014م، أسداه وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف نصيحة بأن (يتوخى الحذر في تصريحاته ومواقفه وأن لا ينزلق أكثر)، حيث استخدم وزير خارجية روسيا تعبيراً بليغاً (قلنا له أن عليه أن ينتبه، هناك حفلة جنون في الشرق الأوسط ومن الأفضل أن لا يتورط فيها).
وبعد هذه السنوات وما حدث فيها، بات واضحاً أن حفلة الجنون سعت إلى تقطيع أوصال الشرق الأوسط القديم (شرق أوسط سايكس بيكو)، وتركيب شرق أوسط جديد، أي التحول من شرق أوسط تتقاسم مصالحه دول الهيمنة السابقة إلى شرق أوسط جديد يهيمن عليه اللوبي الصهيوني الذي بات يتحكم بقرارات معظم دول الهيمنة السابقة.
ولقد أرادت صفقة القرن إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة كأساس للشرق الأوسط الجديد وعلى حساب القضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت القضاء على محور المقاومة والممانعة، وذلك من خلال تأسيس حلف عسكري سني صهيوني أو ناتو شرق أوسطي لمواجهة إيران وإعادة صياغة وعي المنطقة بوعي زائف يستبدل عداوة إيران محل عداوة إسرائيل. على أن يقوم هذا الشرق الأوسط الجديد على العقيدة الصهيونية العلمانية ويجري استبعاد الدين الإسلامي من ثقافة المنطقة بخطوات عملية وإحلال ثقافة اللهو والترفيه، بحيث تخصص المملكة معظم الميزانيات، التي كانت تذهب للفكر الوهابي إلى لجنة ترفيه تقوم بهذه المهمة، أي الانتقال من غسيل الأدمغة بالفكر المتطرف إلى غسيل أدمغة الشباب بنشر التفاهة والتسطيح واللهو والانغماس بملذات الحياة، وإذا كان رموز المرحلة السابقة هم شيوخ الفكر الوهابي، فإن رموز المرحلة الجديدة هم الفنانون والكتاب والمفكرون أو فئة انتلجنسيا التفاهة والمجون والانحلال الخلقي.
الشرق الأوسط الجديد الذي يأمل لوبي الهيمنة الدولي إنجازه في المنطقة يعني في المحصلة إخراج الثقافة العربية والإسلامية من المجتمعات وإحلال الفكر الصهيوني تحت غطاء قيم الفكر الليبرالي.
لكن تجري السفن بما لا تشتهي رياح المخططين، فلقد جاء طوفان الأقصى ونسف هذه المخططات التي جرى التأسيس لها منذ سنوات خلت، وبدلاً من إدماج الكيان الصهيوني الغاصب في الشرق الأوسط الجديد، فقد أضحى منبوذاً ومعزولاً يعاني أزمة وجود ليس في المنطقة، وإنما منبوذاً ومعزولاً على صعيد الرأي العام العالمي، ولم يقتصر فقط على أزمة الكيان، بل طالت الأزمة أيضاً الهيمنة الأمريكية والغربية، فلقد أضحت هذه الهيمنة قاب قوسين أو أدنى من الانحسار والتلاشي بفعل صحوة الوعي لشعوب العالم.
هناك عبارة خلدونية بليغة يقول فيها ” إذا عم الفساد في الدولة فإن أولى مراحل الإصلاح في الدولة هي الفوضى”, وهذه العبارة تصدق على النظام العالمي، فلقد عم فيه الفساد والانحلال الخلقي، وهناك سعي محموم إلى تكريس هذا الفساد وإشاعته، وما نشهده من فساد وفوضى اليوم ستفضي لا محالة إلى الإصلاح، ولقد طرح الفكر الصهيوني – وعلى لسان وزير خارجية إدارة بوش الابن في ولايته الثانية كوندوليزا رايس – مشروع الفوضى الخلاقة أساساً لإعادة بناء الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية الصهيونية، ويقيناً يستحيل أن تؤول الفوضى الخلاقة إلى إنتاج مجتمع منحل أخلاقيا وتخالف الفطرة الإنسانية، وعلمتنا الخبرة الإنسانية أن كل فوضى يعقبها بيئة صالحة، فلا استقرار للحياة يتطلب خروجاً من حالة الفوضى إلى تكوين جديد، إن الحياة عموماً – بحسب الفيلسوف اليوناني أرسطو- يحكمها مبدآ التكوين والفساد، فكل شيء في هذه الحياة يتكون تدريجياً حتى يبلغ أكمل هيئة له، ومن ثم يدركه الفساد تدريجياً وما بين التكوين والفساد هناك مرحلة تعم فيها الفوضى قبل أن يبدأ التكوين الجديد، هذا الأمر ينطبق على كل شيء مادي أو روحي، أي ينطبق على الأشياء المادية كما ينطبق على القيم الروحية والمعنوية.
وعلينا أن نتحلى بالإيمان والثقة بحكمة الله جل جلاله، فلقد روى لنا كثير من القصص في” القرآن الكريم “، حيث قص علينا قصص أقوام سالفة وهبها نعماً كثيرة، وعاشت رغد العيش، وعندما بطرت وعمّ الفساد فيها، أرسل إليهم أنبياء ورسلاً يدعونهم إلى الهداية، وفي النهاية يخسف بالكافرين وينجي المؤمنين منهم “قصة فرعون مع النبي موسى عليه السلام خير مثال “، ولذا يستحيل أن يتخلق من رحم الفوضى مجتمع فاسد يسوده انحلال خلقي، فهذه الرذائل لا تسود إلاّ في ظل الفساد والفوضى، وما نشهده اليوم من مظاهر انحلال خلقي لن تؤدي إلاّ إلى مزيدٍ من الفساد حتى يفضي إلى انهيار الوضع القائم واستبداله بوضع جديد يتفق مع الأوامر والنواهي الإلهية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
طهران تحذّر: أمريكا وإسرائيل تعملان لإثارة الفوضى في المنطقة
حذرت طهران من أن “الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان على إثارة الفوضى بالمنطقة بشكل مستمر لتحقيق مصالحهما الخاصة”.
ودعا مستشار المرشد الإيراني، علي لاريجاني، خلال استقباله رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني، في طهران، إلى “ضرورة اليقظة، قائلا: “لا ينبغي أن نعتبر أحداث العام الأخير في إطار مجرد ومنعزل عن مخطط الولايات المتحدة المقيت الذي وضعته لتغيير المنطقة، ويبدو أن الكيان الصهيوني لم يكن سوى فاعل ولاعب في هذا المخطط”.
وأضاف: “لقد أراد الأمريكيون مغادرة المنطقة والتحرك نحو احتواء الصين، ولكن بشرط أن يجعلوا إسرائيل بديلا عنهم في المنطقة بأي ثمن”. موضحا “كانوا يخططون لهذا الأمر حتى قبل عملية “طوفان الأقصى” إلا أن حماس أحبطت مخططهم ومنعت الكيان من أن يصبح شرطي المنطقة”.
وقال لاريجاني: “الآن، بعد الإبادة الجماعية التي طالت 50 ألف إنسان يقول قادة الكيان إن “حماس” تم تدميرها، نسأل إذا تم تدمير الحركة فكيف قمتم بتبادل الرهائن الفلسطينيين بالأسرى الإسرائيليين؟ مع من أبرمتم اتفاق وقف إطلاق النار؟، وأشار إلى أن “حماس” بمقاومتها التي استمرت أكثر من عام “أطاحت بسمعة إسرائيل”.
وتابع لاريجاني: “يجب أن نكون يقظين لأن أفعال أمريكا والكيان الصهيوني الشريرة مازالت قائمة، إنهما يعملان على إثارة الفوضى بالمنطقة بشكل مستمر لتحقيق مصالحهما الخاصة”، معتبرا أن “الحل لمواجهة هذه المغامرات، هو أولا الوحدة الداخلية للدول نفسها وثانيا وحدة دول المنطقة”.