المبعوث الأمريكي يعلق على محاولة إغتيال البرهان ومصير اتفاق جدة ومفاوضات جنيف ويتحدث عن رؤية لفريق الأمن الدبلوماسي الأمريكي
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
تاق برس – قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو، إنه كان حريصاً جداً على زيارة بورتسودان منذ أن تولى منصبه، وقد قام ببعض المحاولات لإنجاح هذا الأمر.
مشيرا خلال لقاء مع صحفيين سودانيين ومصريين في القاهرة، نقلته صحفية السوداني، إلى انه في الآونة الأخيرة، أجرى فريق الأمن الدبلوماسي الأميركي تقييماً، وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أنه بناءً على المعلومات التي كانت لديهم في ذلك الوقت، يريدون منه البقاء في مطار بورتسودان.
وأضاف “أبلغنا القادة في السودان، بانهم يمكن أن يأتوا إلى بورتسودان ويتباحثون في المطار، لكنهم أخبرونا أن ذلك لن يكون مناسباً للاجتماع لقد احترمنا هذا القرار وما زلت ملتزماً بالوصول إلى بورتسودان في أقرب وقت ممكن، ليس فقط لمقابلة البرهان والمباحثات، ولكن أيضاً من أجل الشعب السوداني، وآمل أن أتمكن من زيارة بورتسودان ومدن سودانية أخرى”.
وقال المبعوث الأميركي، بشأن الدعوة لمفاوضات في جنيف يوم 14 أغسطس، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يعتقد أنه يجب تنفيذ الاتفاق بمُوجب الاتفاقيات العامة السابقة، في منبر جدة، وينبغي أن يكون ذلك واضحاً حتى قبل العودة إلى المحادثات.
وأضاف “لكننا نعتقد أنّ الطريقة الأسرع والأكثر فعاليةً لحمل الأطراف على تنفيذ الالتزامات السابقة بموجب اتفاقيات جدة، هي العودة إلى الطاولة وإجراء مناقشة حول بنود جدول الأعمال الثلاثة التي حدّدها الوزير بلينكن بناءً على مشاوراتنا مع الأطراف ومع الشعب السوداني، وهو وقفٌ شاملٌ للعنف من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع الولايات الثماني عشرة وآليات المراقبة والإنفاذ”.
وبشأن محاولة اغتيال البرهان قال توم بيرييلو: “كنا بالطبع قلقين للغاية بشأن محاولة الاغتيال، نحن نتابع عن كثب، لأنّه يهمنا أن تكون الواقعة قيد التحقيق.
نحن نعتقد بالتأكيد أن هذا النوع من الحوادث لن يؤدي إلا إلى تصعيد الوضع، في الوقت الذي كان يأمل فيه الشعب السوداني الذهاب إلى مفاوضات سلمية، واستعادة حلم مستقبل يقوده المدنيون والذي بدأ في عام 2019. قلوبنا بالتأكيد مع العائلات التي فقدت أحباءها ومع عائلة البرهان التي عاشت عاماً مأساوياً للغاية. نأمل أن تظهر الحقيقة قريباً وتظهر الإجابات إلى النور، ولكننا سنستمر أيضاً في رؤية التقدم نحو الحل السلمي الذي يطلبه الشعب السوداني بوضوح من قادته”.
وبرر بيرييلو تقديم الدعوة إلى البرهان بقائد الجيش وليس رئيس مجلس السيادة قائلا: يؤمن، أنه من الأفضل خلال الممارسات العامة في مفاوضات وقف إطلاق النار يجب أن تكون في البدء بين المتحاربين”.
وأضاف: “يجب أن تتعامل معهم كأطراف متحاربة، أما الخطاب السياسي والعديد من القضايا المُحيطة تحدث في أماكن مختلفة، وهذا الأمر لقد سمعناه من الشعب السوداني وحتى في الحديث مع الأطراف الأخرى، ولذلك تم توجيه الدعوات إلى القائد العام للجيش، الفريق أول البرهان، وليس الأمر تقليلاً من صفة رئيس مجلس السيادة”.
ونوه إلى أنه اذا كان الجيش السوداني همه الأكبر هو إمكانية تنفيذ الاتفاقيات السابقة، فهذه محادثة رائعة، لأننا نريدهم أن يأتوا إلى جنيف حتى نتمكّن ليس من فعل ذلك فحسب، بل أكثر من ذلك بكثير.
واضاف “من ناحية أخرى، إذا لم نشهد التزاماً جدياً بعملية السلام، فعندئذٍ – سنتخذ نهجاً مختلفاً ولكن في الوقت الحالي، أعتقد أن ارتباطاتنا مع القوات المسلحة السودانية كانت بنّـاءة، ونأمل أن يؤدي ذلك إلى المزيد من الخُطط الرسمية هنا قريباً جداً، من الواضح أنّ الشعب السوداني يأمل أن يشارك الفريق أول البرهان وفريق القوات المسلحة السودانية في المُحادثات، وكذلك حميدتي وقوات الدعم السريع، لقد تلقّينا الرد مُباشرةً من أولئك الموجودين على الإنترنت، ومن المدنيين السودانيين وكانت الاستجابة ساحقة (نعم للسلام) من المؤكد أن الناس لديهم الكثير من الغضب بشأن الفظائع وأشياء أخرى، ولكن عندما يتعلّق الأمر بمسألة الذهاب إلى مُحادثات السلام، أعتقد أنّ الرأي السائد للشعب السوداني والدول في جميع أنحاء العالم هو أنّ هذا هو الوقت المناسب للتفاوض والتفاوض من أجل وقف إطلاق النار”.
المبعوث الأمريكي الخاص للسودانمحاولة إغتيال البرهانالمصدر: تاق برس
كلمات دلالية: المبعوث الأمريكي الخاص للسودان محاولة إغتيال البرهان الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
"إذ نؤمن بضرورة رفع المعاناة عن كاهل شعبنا والتوصل إلى حلول للأزمة السودانية، تنهي الحرب التي بدأت في الخامس عشر من إبريل 2023، والتي يستلزم وقفُها تكاتف أبناء الشعب السوداني بمختلف مكوناته وانتماءاته. وإذ نقرّ بأن الأزمة السودانية منذ الاستقلال هي أزمة سياسية، وأمنية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية شاملة يجب الاعتراف بها وحلّها حلاً جذرياً. وإذ ندرك أنّ الحرب الحالية قد سبّبت خسائر مروّعة في الأرواح ومعاناة إنسانية لم يسبق لها مثيل، من حيث اتّساع النطاق الجغرافي، وأنها دمّرت البنيات التحتية للبلاد، وأهدرت مواردها الاقتصادية، لا سيّما في الخرطوم ودارفور وكردفان. وإذ نؤكد رغبتنا الصادقة في تسوية النزاع المستمر على نحوٍ عادل ومستدام عبر حوار سوداني/ سوداني، يُنهي جميع الحروب والنزاعات في السودان بمعالجة أسبابها الجذرية، والاتفاق على إطار للحكم يضمن لكل المناطق اقتسام السلطة والثروة بعدالة، ويعزّز الحقوق الجماعية والفردية لكل السودانيين" ... بهذه الديباجة، وأكثر، تبدأ اتفاقية المنامة الموقّعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 20 يناير/ كانون الثاني 2024، وجاءت بعد خمسة أيام من رفض قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان لقاء قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتأكيده أنه لا حاجة لأيّ تفاوض جديد، بل يجب تنفيذ نتائج قمة "الإيقاد"، التي عُقدت في جيبوتي في ديسمبر/ كانون الأول 2023، على نحوٍ طارئ لمناقشة حرب السودان. وخلصت إلى التزام من قائد الجيش وقائد "الدعم السريع" بالاجتماع الفوري ووقف الأعمال العدائية.
في خطابه إلى القمة العربية الطارئة، أكد البرهان أن أولوليات حل الأزمة (الحرب) هي الالتزام بإعلان جدّة للمبادئ الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وإزالة معوقات تقديم المعونات الإنسانية، وتعقب ذلك عملية سياسية شاملة للتوصل إلى توافق وطني لإدارة المرحلة الانتقالية ثم الانتخابات، لكن في 20 يناير 2024، وفي يوم توقيع اتفاق المنامة الذي وقّعه عن القوات المسلّحة الفريق أول شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش، وعن الدعم السريع "الفريق"(!) عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، الذي حصل مثله ومثل غيره من قادة المليشيات على رتب عسكرية من الجيش السوداني، في اليوم نفسه، جمّد السودان عضويته في منظمة الإيقاد! وتحوّلت المنظمة التي كانت قبل أيام "صاحبة دور مهم في الوصول إلى السّلام" إلى "منظمة الجراد" في الخطابات الشعبوية التي تطلقها السلطة العسكرية.
مرّ اتفاق المنامة من دون ضجيج. وربما لو لم يتسرّب خبر التفاوض الذي أكده بعد ذلك تصريح أميركي، لظلّ الأمر في دائرة الشائعات. رغم الحضور الدولي والمخابراتي في التفاوض.
اتفق الطرفان، في البند السابع من وثيقة المنامة، على "بناء وتأسيس جيش واحد مهني وقومي، يتكوّن من جميع القوات العسكرية (القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، وحركات الكفاح المسلح)، ولا يكون له انتماء سياسي أو أيديولوجيّ، يراعي التنوع والتعدّد، ويمثل جميع السودانيين في مستوياته كافّة بعدالة، وينأى عن السياسة والنشاط الاقتصادي"، واتفق الطرفان في البند 11 على "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 في مؤسسات الدولة كافّة"، أما البند 19 فقد نصّ على "حوار وطني شامل للوصول إلى حل سياسي، بمشاركة جميع الفاعلين (مدنيين وعسكريين)، دون إقصاء لأحد، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية التابعة له وواجهاته، بما يؤدي إلى انتقال سلمي ديمقراطي".
بمقارنة اتفاق المنامة بين الجيش و"الدعم السريع" مع إعلان أديس أبابا الموقّع بين تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية و"الدعم السريع" في 2 يناير 2024 (قبل 18 يوم من توقيع اتفاق المنامة) يصعب فهم إدانة الجيش إعلان أديس أبابا! فالإعلان نصّ على أن التفاهمات الواردة فيه "ستطرح بواسطة تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية لقيادة القوات المسلحة لتكون أساساً للوصول إلى حل سلمي ينهي الحرب"، وهو الحل السلمي نفسه الذي نصّت عليه اتفاقية المنامة قائلة: "نجدّد قناعتنا بأن التفاوض هو السبيل الأفضل والأوحد للتوصل إلى تسوية سياسية، سلمية شاملة للنزاعات والحروب في السودان"، وهو ما أكده قائد الجيش في خطابه إلى قمة "الإيقاد"، قبل أن ينقلب على المنظمة ويجمّد عضوية السودان فيها، مدّة قاربت العام.
... سيبقى ما حدث لغزاً للسودانيين فترة طويلة، ضمن ألغاز أخرى تحيط بهذه الحرب. كيف دار هذا التفاوض؟ لماذا لم يجرِ الإعلان عنه، لماذا وقّع عليه نائبا البرهان وحميدتي ثم تجاهله الجميع؟
نقلا عن العربي الجديد