بغداد اليوم - بغداد

في صباح الثاني من أغسطس/ آب من عام 1990، قبل (34) عاماً اندلعت حرب الخليج الأولى، بعدما اتجهت القوات العراقية عبر الحدود إلى الكويت وسيطرت على العاصمة، تبعاً لذلك الغزو أطلق تحالف تقوده الولايات المتحدة وبقرار من الأمم المتحدة، حملة جوية استمرت 6 أسابيع تلتها 4 أيام من القتال البري ما أدى إلى انسحاب الجنود العراقيين من الكويت في 28 فبراير/شباط من عام 1991 فيما بات يعرف لاحقاً "بعاصفة الصحراء"، وفيما يلي لمحات سريعة عن أسباب وخسائر غزو الكويت.

الأسباب:

ظلت منطقة الخليج -منذ أن خرج منها الاستعمار البريطاني بالتدريج إثر الحرب العالمية الثانية– منطقة حساسة بالنسبة للحسابات الاستراتيجية الأميركية، وكان الغزو العراقي للكويت (حرب الخليج الثانية) إحدى المحطات التي تبين جانبا من طبيعة التدخل الأميركي في هذه المنطقة.

فقد كانت الولايات المتحدة تتخوف من السياسة العراقية في المنطقة، لا سيما بعد خروج العراق شبه منتصر في الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 (حرب الخليج الأولى)، واكتسابه أثناءها خبرات علمية وعسكرية صناعية كان خصومه يخشون أن تقوده إلى حيازة برنامج تسليح متطور يهدد المصالح الأميركية بالمنطقة المتمثلة في تأمين تدفق النفط وحماية أمن إسرائيل.

وقد برز إلى السطح منذ انتهاء الحرب مع إيران توتر شديد في علاقات العراق ببعض دول الخليج وخاصة الكويت، وتجلى ذلك في القمة العربية الاستثنائية التي عُقدت في بغداد يوم 28 مايو/أيار 1990 واتهم فيها صدام حسين الكويت بـ"سرقة نفط حقل الرملة العراقي" على الحدود بين البلدين.

كما اشتكى العراق من أن الكويت زادت إنتاجها النفطي على الحصة المقررة لها من طرف منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وهو ما سيؤثر على اقتصاد العراق ويخفّض أسعار النفط التي كانت بغداد تطمح لارتفاعها إلى 25 دولارا للبرميل، لكي تجني موارد مالية أكبر تمكّنها من إعادة إعمار ما دمّرته الحرب، ولذلك سلمت بغداد يوم 16 يوليو/تموز 1990 مذكرة إلى جامعة الدول العربية تتضمن شكواها بهذا الشأن.

وقد دفع السجال بين الطرفين الملك السعودي آنذاك فهد بن عبد العزيز إلى دعوتهما لعقد مباحثات في جدة للتوصل إلى حل بشأن خلافاتهما؛ فعُقدت مباحثات يوم 29 يوليو/تموز 1990 بين وفد كويتي يرأسه ولي العهد حينها الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح ووفد عراقي برئاسة عزة الدوري، ولكن الجهود الدبلوماسية لم تثمر في تخفيف حدة التوتر بين البلدين.

والظاهر أن واشنطن اتخذت سياسة مزدوجة لاستغلال هذا التوتر، حيث شجعت ضمنيا السفيرة الأميركية لدى العراق يومئذ (أبريل غلاسبي) صدام حسين على تنفيذ تهديداته للكويت، وذلك حين قالت له -خلال لقائهما يوم 25 يونيو/حزيران 1990- إن حكومة بلادها "ليس لها رأي بشأن الخلافات العربية/العربية"، لكن أميركا تزعمت لاحقا التحالف المناهض للعراق عندما غزا الكويت.

خسائر العراق:

تعرض العراق -خلال مدة الحرب البالغة 40 يوما- للقصف بأكثر من مائة ألف طن من المتفجرات، بما في ذلك مئات الأطنان من ذخائر اليورانيوم المنضّب، وهو ما أدى إلى سقوط ما بين سبعين ألفا ومئة ألف شهيد في صفوف الجيش العراقي (مقابل 505 جنود من قوات التحالف، 472 منهم أميركيون)، وجرح قرابة 300 ألف جندي، وأسر ثلاثين ألفا آخرين.

وإضافة إلى ذلك خسر العراق من مقدراته العسكرية: أربعة آلاف دبابة، و3100 قطعة مدفعية، و240 طائرة (وأودع قبيل اندلاع الحرب 144 طائرة أمانة لدى إيران)، و1856 عربة لنقل القوات، وتم تدمير دفاعاته الجوية ومراكز اتصالاته وقواعد إطلاق صواريخه ومراكز أبحاثه العسكرية وسفنه الحربية في الخليج.

كما دمر القصف الجوي مرافق البنية التحتية العراقية مثل المدارس والمعاهد والجامعات، ومراكز الاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني، ومنشآت تكرير وتوزيع النفط والموانئ، والجسور والسكك الحديدية، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتصفية المياه، وبلغ عدد المنشآت الحكومية التي دمرت تدميرا كاملا 8230 منشأة، والمنشآت التي تضررت ضررا جزئيا أكثر من 2000، إضافة إلى تدمير أو تضرر أكثر من 20 ألف وحدة سكنية وتجارية أهلية.

وجمّد مجلس الأمن الدولي مبالغ كبيرة من الأرصدة العراقية في البنوك العالمية لدفع التعويضات للمتضررين نتيجة الغزو (نحو مئة دولة ومنظمة دولية في مقدمتها الكويت) المقدرة بـ52 مليار دولار، وفرض اقتطاع نسبة 5% من عوائد بغداد النفطية لدفع هذه التعويضات.

لكن أشد آثار الحرب تدميرا للعراق تجلت في مضاعفات الحصار الذي فُرض عليه بمجموعة من قرارات أصدرها مجلس الأمن الدولي (خاصة القرارات 661 و665 و670)، وحولت نظام العقوبات إلى حصار شامل وقاسٍ دام أكثر من 12 عاما.

وكان من نتائج هذا الحصار انخفاض الناتج المالي الإجمالي في العراق إلى ما لا يزيد على ثلث المستوى الذي بلغه قبل عام 1991، وتدمير البنى التحتية الاقتصادية والصناعية للعراق بواسطة القصف الأميركي البريطاني المستمر حتى بعد انتهاء الحرب، وموت أكثر من مليون طفل عراقي دون سن الخامسة نتيجة لسوء التغذية وضعف الخدمات الصحية التي خلفها الهجوم العسكري والحصار المستمر.

خسائر الكويت:

تسبب الغزو العراقي في خسائر بشرية ومادية للكويت، وحسب الأرقام الرسمية الكويتية فإن الغزو أدى إلى مقتل 570 شخصا ونحو 605 من "الأسرى والمفقودين"، وخلف خسائر وأضرارا هائلة تمثلت في إشعال 752 بئرا نفطية مما أنتج كوارث بيئية جسيمة وأوقف إنتاج النفط مدة طويلة.

وقالت "الهيئة العامة لتقدير التعويضات" بالكويت -في إحصائية لها عام 1995- إن الخسائر الثابتة للكويت من الغزو العراقي بلغت 92 مليار دولار، إضافة إلى تدمير البنية التحتية في البلاد والمؤسسات والمنشآت الحكومية ومصادرة وثائق الدولة وأرشيفها الوطني.

تعويضات عن الاضرار:

دفعت الحكومة العراقية تعويضات إجمالية بلغت 52.4 مليار دولار كتعويض لـ 1.5 مليون مطالب لأفراد وشركات وحكومات تمكنوا من إثبات تعرضهم لأضرار بسبب الغزو، وكانت الدفعة الأخيرة من قبل لجنة التعويضات في 13 كانون الثاني/يناير 2022، وبهذا يكون العراق قد سدد للكويت كامل التعويضات المطلوب سدادها والتي أقرّتها لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التابعة لمجلس الأمن الدولي بموجب القرار 687 لعام 1991.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !

تراكم أخطاء إتفاقيات السلام …
وثمارها المرة الحرب الحالية … 2023 – 2025م … وفي الحروب التي ستأتي !
إن هذه الحرب بكل فظاعاتها وإجرامها المرتكب من القوات المتمردة هي نتيجة حتمية للأخطاء التفاوضية الكارثية لكل إتفاقيات السلام منذ 1972م ، ومن هذه الأخطاء مثالا لا حصرا :
+ قبول التفاوض مع الحركات المتمردة.
+ دمج المتمرد في الجيش والأسوأ أن يكون ضابطا في الجيش ويتمرد ثم يعاد دمجه من جديد.
+ تعيين قيادات التمرد في المناصب القيادية في الدولة.
+ السكوت عن إنتزاع إقرار بتجريم استهداف الممتلكات العامة :
في كل الإتفاقيات سكت المفاوض الحكومي عن إنتزاع إقرار واعتذار من الحركات المتمردة عن إستهدافها وتخريبها للبنيات التحتية والممتلكات العامة وهذا التخريب للممتلكات العامة تحديدا ظل ممارسة كل الحركات المتمردة ، وليت الأمر توقف عند ذلك فقد وصل إلى أن يتحول المتمرد السابق إلى مفاوض حكومي في تمرد تال !
+ السكوت عن ترويج المتمرد السابق لسرديته الخاصة وتاريخه الشخصي الذي يسميه كفاحا ونضالا.
فبعد إنضمام المتمرد السابق لأجهزة الدولة تم السكوت عن قيام المتمردين السابقين بالترويج لقتالهم ضد الجيش السوداني باعتباره كفاح ونضال وإسباغ هالات البطولة على قياداتهم ما يعني تجريما ضمنيا للجيش السوداني وهضما لتضحيات ضباطه وجنوده.
كل هذه التفريطات شجعت التكاثر المتزايد للحركات حتى تضخمت أعداد الحركات المسلحة ووصلت العشرات وصارت بارعة في تكتيكات الإنشقاقات بحيث يتفاوض منها جزء وينضم لإجهزة الدولة بيننا يظل شقهم الآخر متمترسا في الميدان.
ولكل هذه الأخطاء المتراكمة لا ييأس التمرد الحالي 2023م – 2025م وداعميه من إرتكاب الجرائم والانتهاكات لأن لديهم سوابق لا يختلف عنها إلا باختلاف القوة والكم وجميعها تم السكوت عنها في مفاوضات السلام بل وتم لاحقا إصدار قرارات بالعفو أو إلغاء العقوبات عن مرتكبيها.
وحتى لا تتواصل دورات الحروب فلا مناص لكل الحركات المتمردة حاليا أو التي وصلت للمناصب من التبروء والإعتذار عن كل ما مارسته من استهداف للممتلكات العامة وتحريضها على الحصار الاقتصادي للسودان والمؤسسات السودانية مع تجريم استخدام مصصطلحات التهميش والعدالة والمساواة كمبررات لحمل السلاح.
#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • صحة الدبيبة: رفضنا عروضًا كندية وفرنسية.. وأدوية الأورام العراقية آمنة وتطابق المواصفات العالمية
  • مصدر سياسي:مقتدى كل دقيقة له “موقف”يختلف عن الدقيقة التي قبلها وسيشارك في الانتخابات المقبلة
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • الخارجية: الحرب التي تخوضها ميليشيا الجنجويد بالوكالة عن راعيتها الإقليمية موجهة ضد الشعب السوداني ودولته الوطنية
  • رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية في العراق خلال عاميين
  • السوداني: أهمية إسهام الشركات الإيطالية في النهضة الشاملة التي يشهدها العراق
  • رسالة سريعة من جوارديولا إلى ليفربول
  • قراءات سريعة (١) المشكلة الفلسطينية
  • كارثة ميناء بندر عباس.. تفاصيل انفجار مدمر يهز إيران وخسائر بشرية جسيمة
  • تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !