يجلس النازح الفلسطيني حمادة شقورة على أرضية خيمته في جنوب غزة، يتفحص علب الفاصوليا واللحوم المعلبة لتحضير أي طبق يمكن أن يعطيه إحساسا بأنه في المنزل.

وقد اختار هذا المدوّن الثلاثيني المتخصص في المحتوى المرتبط بالأكل تحضير الطعام لأطفال غزة ليعطيهم بعض "الأمل" في ظل الحرب المتواصلة بالقطاع.

قبل تدمير منزله وتهجير عائلته 3 مرات منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان هذا "اليوتيوبر" البالغ 32 عاما ينشر مقاطع مصورة تُظهر أفضل مطاعم البرغر والبيتزا والمعكرونة في مدينة غزة.

What does “Zaki” mean?! They keep saying “Shukran”, is that a “Thank you”? ❤️

You keep asking these questions in the comments.. so I thought to myself, why not help you understand those words and much more?!

Would you want to learn Arab in the Levantine dialect? The one that’s… pic.twitter.com/HlvnDsW9Tg

— Hamada Shoo (@Hamadashoo) July 29, 2024

لكنه اضطر لتعلم الطبخ وحده بعد 5 أشهر من النزاع، كي لا يُضطر للاكتفاء بما يصل إليه من حصص غذائية في زمن الحرب.

ويقول لوكالة فرانس برس في مكالمة فيديو من خان يونس "خطرت لي فكرة تحويل هذا الطعام المعلّب الذي نتناوله منذ أشهر من المساعدات (…) إلى شيء مختلف، وتحضير طعام لذيذ للأطفال".

وبالاعتماد على حزم المساعدات وأي خضروات طازجة يمكنه جمعها، تمكّن شقورة من تحضير تاكو لحم البقر "على الطريقة الغزية"، وشطائر البيتزا وأنواع مختلفة من الساندويتشات أطلق على أحدها اسم "الساندويتش الذهبي" المقلي. وقد صوّر نفسه وهو يطبخ ويقدّم الطعام لأطفال المخيم الجائعين.

"زاكي" تعليق يعني "لذيذ" باللهجة الفلسطينية يدلي به صبي صغير مبتسما في مقطع فيديو وهو يأكل فطيرة مقلية محشوة بالتفاح ومغطاة بالشوكولاتة في أحد مخيمات النازحين في قطاع غزة.

Every Friday, Gazan families gather on one table to eat Fattah together.. this is what majority of us used to do before all this started! Not anymore! But for this one time, I made meat Fattah and tried to get that sense of Friday togetherness again..

Fattah Ghazawi contains… pic.twitter.com/O3ptimvCcQ

— Hamada Shoo (@Hamadashoo) July 26, 2024

مع هاتفه المحمول وشبكة الإنترنت المتقطعة، يلتقط شقورة جانبا مختلفا من الحرب وصعوباتها المتعددة، لا يوثق سقوط الصواريخ ولكن "الصمود والمثابرة".

وقد استطاع شقورة، أو "حمادة شو" كما يُعرف على الإنترنت، جذب الجمهور إلى محتواه، وبات لديه ما يقرب من نصف مليون متابع على إنستغرام.

يصطف أطفال من مخيمات النزوح في مناطق خان يونس، ثاني أكبر مدينة في القطاع، في صف غير منتظم حاملين أنواعا مختلفة من الأواني في مناطق دُمّرت بيوتها جراء الحرب، بالقرب من الأنقاض.

ويقول شقورة "أريد إطعام أكبر عدد ممكن من الأفواه الجائعة"، ولكنه يتحدث عن صعوبات تواجهه في خان يونس مقارنة برفح التي كان يطبخ في مخيماتها في السابق.

ويضيف "خان يونس عبارة عن ركام ويصعب أن أقيم فيها مطبخا أو أن أصنع فيها الكثير. المواصلات صعبة وكل شيء فيها غال، وأنا أعمل على أشياء إلى حد ما متواضعة".

مجاعة

ويوضح شقورة أنه يعتمد بدرجة كبيرة على المعلبات لإعداد أطباق وتوزيعها، مشيراً إلى أن جنوب قطاع غزة لا يزال يضم كميات من الغذاء أكبر من شمال القطاع الذي فرّ منه لكونه يعاني "مجاعة حقيقية"، إذ "لا توجد فيه مياه صالحة للشرب أو طعام صالح للأكل".

بينما لم تعلن الأمم المتحدة رسميا المجاعة في غزة، يقول الخبراء إن الجوع منتشر في المنطقة المحاصرة من إسرائيل، مع وصول القليل من المساعدات الغذائية إلى السكان البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

وقد توفي أكثر من 30 فلسطينيا بسبب سوء التغذية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتسبّب هجوم إسرائيل على قطاع غزة باستشهاد 39 ألفا و480 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع.

View this post on Instagram

A post shared by Hamada Sho (@hamadashoo)

ويقول شقورة إن هدفه الأساسي من الطبخ هو "توفير الأكل للأطفال"، مضيفا "لدي هاجس خوف من أن يأتي إليّ طفل في مثل هذه الظروف ولا يجد طعاما".

مثابرة

شقورة، الذي كان قد تزوج لتوه عندما اندلعت الحرب وخطّط للعمل في صناعة الأغذية، واحد من كثيرين يقدّمون محتوى عبر الإنترنت عن الطعام في غزة، خصوصا لبثّ بعض الإيجابية في ظل الظروف المأساوية في القطاع خلال الحرب.

ويقول إن هدف هذا النشاط يتمثل في محاولة توفير "الكرامة" لسكان غزة وإعادة "الشعور بإنسانيتهم" من خلال الطعام.

وتقول خبيرة الأغذية ليلى الحداد إن طهي الأطباق المحببة لدى السكان جزء من "النضال اليومي للبقاء بشرا والحفاظ على الكرامة"، لافتة إلى أن غزة طورت مطبخا "متميزا"، بروح إبداعية صاغها عقدان من الحصار الإسرائيلي.

ويؤكد شقورة أنه يقدم "الأمل على طبق من الطعام"، كعلاج للحرمان والحزن الذي يخيّم على قطاع غزة.

وفي عيد الأضحى، أعد الكعك للأطفال لمساعدتهم على الشعور "بأنّ هناك شيئا يستحق الاحتفال".

وفي الأيام الحارة، يقدم لهم عصائر الليمون المنعشة. ويقول إن مقاطع الفيديو التي ينشرها للعالم تهدف الى إظهار أن أهل غزة "أشخاص أقوياء ومثابرون"، مضيفا "نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على وجودنا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات خان یونس قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: إسرائيل جوعت سكان غزة خلال أثناء الحرب

اتهم مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، في تقرير له اليوم السبت 7 سبتمبر 2024، إسرائيل بتنفيذ "حملة تجويع" ضد الفلسطينيين أثناء حربها على قطاع غزة ، التي دخلت شهرها الـ12 على التوالي.

تغطية متواصلة على قناة وكالة سوا الإخبارية في تليجرام

فيما اعتبرت حركة حماس في بيان السبت، هذا التقرير دليلا جديدا على ارتكاب إسرائيل وجيشها "أبشع الجرائم ضد المدنيين في إطار حرب الإبادة الشاملة" على غزة؛ ما يستدعي من المجتمع الدولي "تدخلا عاجلا لإغاثة شعبنا، ووقف ما يتعرض له من انتهاكات وفظاعات، ومحاسبة مجرمي الحرب" الإسرائيليين.

وقال فخري في التقرير الذي قدمه للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، إن "حملة التجويع" الإسرائيلية في غزة بدأت بعد يومين من بدء تل أبيب حربها على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والتي خلفت حتى الآن أكثر من 135 ألف شهيد وجريح فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

وأشار المقرر الأممي إلى أن غالبية "المساعدات المحدودة" التي دخلت إلى غزة ذهبت في البداية إلى جنوب ووسط القطاع، وليس إلى الشمال حيث دعت إسرائيل الفلسطينيين إلى التوجه لهناك.

وأضاف "بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2023، أصبح الفلسطينيون بغزة يشكلون 80% من سكان العالم الذين يعانون من المجاعة أو الجوع الكارثي".

وأكد أن هذا الوضع "لم يحدث في تاريخ الحروب السابقة أن جاع شعب ما بهذه السرعة وعلى هذا النطاق الواسع كما حدث مع 2.3 مليون فلسطيني في غزة".

وأشار فخري في تقريره إلى أن استخدام إسرائيل لـ"سياسة التجويع" بحق الفلسطينيين "ترجع إلى 76 عاما عندما تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل عام 1948" على أراضي فلسطينية تم تهجير سكانها الفلسطينيين منها.

وأضاف أن إسرائيل منذ ذلك الحين استخدمت "مجموعة من تقنيات الجوع والتجويع ضد الفلسطينيين".

وقال فخري إنه منذ بدء الحرب على غزة، تلقى تقارير مباشرة عن تدمير النظام الغذائي في القطاع، بما في ذلك الأراضي الزراعية وصيد الأسماك، وهو ما وثقته واعترفت به منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" وغيرها.

وأضاف أن "إسرائيل استخدمت المساعدات الإنسانية كسلاح سياسي وعسكري لإلحاق الأذى وقتل الشعب الفلسطيني في غزة".

من جهتها، ذكرت حركة "حماس" أن تأكيد فخري تنفيذ إسرائيل حملة تجويع ضد الفلسطينيين في غزة "هو دليل جديد يُضاف إلى العديد من التقارير والحقائق المثبتة عن ارتكاب حكومة الاحتلال وجيشها الإرهابي أبشع الجرائم ضد المدنيين، في إطار حرب الإبادة الشاملة التي تشنها على القطاع".

وأكدت أن "حملة التجويع الإجرامية بحق أكثر من مليونَي مواطن، والمستمرة منذ أحد عشر شهرا، خصوصا في محافَظَتَي غزة والشمال؛ بدأت بإعلان رسمي" من وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت "بفرض إجراءات حصار مشدد" على غزة، تم خلاله "منع الماء والغذاء والدواء والوقود والكهرباء عن القطاع في جريمة بشعة غير مسبوقة".

ولفتت إلى أن "تقرير فخري، إضافة لتقارير أممية وحقوقية عدة صدرت خلال الأشهر الماضية، وما تنقله الصور من مجازر مستمرة وجرائم يندى لها جبين الإنسانية، تضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة، أمام حقيقة هذا الكيان الفاشي المارق عن الأنظمة والقوانين".

وشددت على أن يستدعي من المجتمع الدولي والأمم المتحدة "تدخلا عاجلا لإغاثة شعبنا، ووقف ما يتعرض له من انتهاكات وفظاعات، ومحاسبة مجرمي الحرب الصهاينة على هذه الجرائم".

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة ضحايا غزة إلى 136 ألف قتيل وجريح
  • تقارير: مقتل 1664 إسرائيليا ونزوح 143 ألفا منذ 7 أكتوبر
  • طريقة عمل جاتوه ملفيه بالشوكولاتة| وصفة لذيذة وسهلة التحضير
  • منذ بدء العدوان الإسرائيلي الهمجي على القطاع.. “الصحة الفلسطينية”: استشهاد وإصابة 135733 فلسطينيًا بـ”غزة”
  • تنظيف الأوراق النقدية البالية.. حرفة جديدة بغزة في ظل الحرب
  • الأمم المتحدة: إسرائيل جوعت سكان غزة خلال أثناء الحرب
  • خلال زيارته لمركز إصلاح وتأهيل بدر.. النائب العام يشيد بالرعاية الصحية المقدمة لأطفال النزيلات
  • إعلام فلسطيني: استشهاد 5 أشخاص جراء استهداف إسرائيلي لمنزل وسط خان يونس جنوبي قطاع غزة
  • وسط حالة طوارئ وحرب مدمرة.. أطفال غزة يتلقون لقاح شلل الأطفال في خان يونس
  • بنموسى يعلق على مشاركة الأساتذة في الإحصاء ويقول إن وزارته مولت شراء أجهزة الـ"تابليت"