اغتيال هنية.. قراءة في سلوك نتنياهو وماذا بعد؟
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
أراد نتنياهو أن يحقق خارج غزة ما عجز عن تحقيقه داخلها، فبعد جرائم مروعة وضغط هائل ومعركة طويلة؛ توصل إلى قناعة ثابتة مؤداها أن كل ذلك لن يدفع الحاضنة الشعبية لحماس للثورة عليها، ولن يقود الحركة إلى الانكسار والاستسلام، وبالتالي لا بد من البحث في خيارات أخرى تحقق له ما لم يحققه من قبل، وهو صورة النصر التي يريد، وإضعاف حماس أكثر، وعزلها عن مناصريها الأكبر تأثيرا.
وقد يتساءل البعض عن سر التهور الكبير لنتنياهو في مواجهة إيران ومحور المقاومة، ولهذا في تقديري ثلاثة أسباب، وتتمثل في التجربة التاريخية لإيران في مواجهة الاحتلال، حيث غلب على سلوكها تجاهل جرائمه، وعدم المسارعة للرد عليها بكل قوة، والشعور الصهيوني بالخطر الوجودي، وهو ما يدفعه لتهور كبير على أمل تجاوز المعضلة التي صنعها نجاح المقاومة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ورغبة نتنياهو والمؤسسة العسكرية في تحقيق إنجازات فاقعة تمحو سوأة إخفاقها السابق.
نتنياهو سيواصل خلال الفترة القادمة ما بدأه بقصف ميناء الحديدة، ثم الاغتيالين في بيروت وطهران، وسيكثف ضرباته التي ستزداد قوة وتأثيرا، ليضع المحور أمام لحظة الحقيقة القاسية
ويبدو أن نتنياهو يريد وضع محور المقاومة أمام واحد من خيارين، إما أن يتخلى عن قطاع غزة، ويترك حماس لمصيرها، وإما سيصعد بشكل كبير أمام المحور، ليجبي منه أثمانا كبيرة وقد يخطط لتكون لاحقا ضربات استراتيجية، وإما أن يختار المحور التصدي للاحتلال وعقابه، وبالتالي سيكون الذهاب إلى حرب إقليمية يتصور نتنياهو أن الولايات المتحدة وحلفاءها قد تحسمها لصالح كيانه.
ولذا يغلب على تقديري أن نتنياهو سيواصل خلال الفترة القادمة ما بدأه بقصف ميناء الحديدة، ثم الاغتيالين في بيروت وطهران، وسيكثف ضرباته التي ستزداد قوة وتأثيرا، ليضع المحور أمام لحظة الحقيقة القاسية، فإما الحرب الواسعة وإما التخلي عن غزة، وذلك ما لم يفاجئ المحورُ الاحتلالَ برد كبير وغير متوقع، ورادع. والحقيقة أن الاحتلال هو أكثر من يستجيب للردع، ويخضع له، وما كان له أن يتجرأ على قصف طهران واغتيال ضيوفها لو أنها تصرفت سابقا بطريقة مختلفة.
وتقديري أن إيران سترد على الإهانة الكبيرة التي وجهت لسيادتها وكرامتها، كما سترد جماعة أنصار الله على قصف الحديدة، وحزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر، وغالبا سيكون الرد موحدا ومنسقا، وأكثر قوة من الرد الإيراني على قصف القنصلية في دمشق، لكن ذلك الرد لن يكون في الأغلب ردا واسعا يقود إلى حرب إقليمية واسعة، وهو ما سيشجع الاحتلال على القيام بعمليات نوعية جديدة.
الحرب الإقليمية قادمة لا محالة ما لم يغير أحد الطرفين موقفه، بمعنى ما لم ينهِ نتنياهو الحرب على غزة، أو يتخلى المحور بكل مكوناته عن الفلسطينيين
وفي المقابل، سيستمر إسناد المحور للمقاومة الفلسطينية، وربما يتوسع أكثر، وسيتواصل موقفه الرابط بين وقف المواجهة بوقف العدوان على قطاع غزة، وستواجه كل جريمة صهيونية برد لا يصعد الأمور إلى حرب.
لكن الحرب الإقليمية قادمة لا محالة ما لم يغير أحد الطرفين موقفه، بمعنى ما لم ينهِ نتنياهو الحرب على غزة، أو يتخلى المحور بكل مكوناته عن الفلسطينيين، لكن ما لا يدركه نتنياهو أنه يقود كيانه إلى خطأ استراتيجي كبير، فحالة الاستنزاف والإنهاك والاستنفار التي يعيشها حاليا، تستهلك طاقته بشكل كبير، وهو ما يستمر خلال الأشهر القادمة، فإذا ما انتهت حرب الاستنزاف الحالية بمواجهة إقليمية كبرى فإنه سيخوضها في أضعف حالته -مع التأكيد على أنه يملك قوة هائلة دون شك- لكن طاقته البشرية المحدودة نقطة ضعفه الكبرى، حيث يفقد جنوده كل يوم مزيدا من استعدادهم للقتال وقدرتهم على الاستمرار في ظل استنفارهم الواسع، وتعطيل حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو غزة حماس إيران الحرب إيران حماس غزة نتنياهو الحرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ما خيارات نتنياهو في ظل رفض حماس التمديد للمرحلة الأولى من اتفاق غزة؟
لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل مناوراته وتهديداته باستئناف الحرب على قطاع غزة، مستغلا في ذلك عدم توصل مباحثات القاهرة إلى ما كان يصبو إليه، وهو تمديد المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، الشرط الذي ترفضه حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ووفق القناة الـ13 الإسرائيلية، سيبحث نتنياهو الليلة خيارات عسكرية عند انتهاء وقف إطلاق النار، وهو القرار الذي يأتي بعد محادثات القاهرة، التي قال مسؤولون إسرائيليون إنها "لم تكن جيدة".
وفي هذا السياق، يعتقد الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن "نتنياهو يضع المسدس على طاولة المفاوضات ويشحنه"، ولم يستبعد أن يقوم بمناورات عسكرية ميدانية فعلية، بعد أن تنتهي المرحلة الأولى من الصفقة، ولذلك يجب أخذ تصريحاته حول إمكانية استئناف الحرب بجدية.
غير أن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي -يضيف جبارين- يتوقف على موقف الوسطاء، وخاصة المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف، الذي قال جبارين إنه كانت له تصريحات إيجابية تتعلق بضرورة الذهاب إلى مفاوضات المرحلة الثانية.. لكن هل سيعبأ نتنياهو بهذا الموقف؟ يتساءل المتحدث نفسه.
ولفت جبارين في السياق ذاته إلى أن البيت الأبيض أعطى قبل عدة أيام نوعا من التفويض لرئيس الوزراء الإسرائيلي ليدير هذه المرحلة وفق ما يراه مناسبا، وجاء ذلك على لسان الرئيس دونالد ترامب ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ويتكوف.
إعلانغير أن هذا التفويض الأميركي يبدو مكبّلا من الداخل الإسرائيلي الذي يطالب بإعادة الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، حسب جبارين.
ومن جهته، يقول الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، سعيد زياد إن هناك "حالة انقلاب" على الاتفاق، لأن نتنياهو يريد أن يأخذ الأسرى لدى المقاومة ثم يكمل أهداف الحرب، ولا يريد الذهاب إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لعلمه أن ذلك يعني بقاء حماس في الحكم وعلى الأرض، وأن الحرب ستتوقف تماما وينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة.
وحسب زياد، يعمل الوسطاء حاليا على محاولة ضبط سياق التفاوض على المرحلة الثانية ومنح الأطراف الوقت اللازم لذلك، ورجح أنهم يسعون إلى تمديد المرحلة الأولى لأسبوعين على الأقل حتى يكون المناخ مناسبا لمفاوضات المرحلة الثانية، مشيرا إلى أن حماس لن تقبل بالإفراج عن أسرى مقابل تمديد المرحلة الأولى.
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية أن الوسطاء حذروا إسرائيل من أنه إذا لم تبدأ محادثات المرحلة الثانية فلا تمديد لوقف النار.
وحول ما إذا كانت واشنطن ستسمح باستئناف الحرب في غزة، زعم تيم كوسنتين، نائب رئيس تحرير صحيفة " الواشنطن تايمز"، أن "الإدارة الأميركية لا تسيطر على إسرائيل، ولا يمكن أن تجبر نتنياهو على القيام بأي شيء".
لكنه أكد أن "نتنياهو يتعرض لضغوط أميركية كبيرة كي يواصل خط السير من أجل السلام"، مشيرا إلى أن ترامب حتى قبل استلامه السلطة كان يتعاون مع مصر وإدارة سلفه جو بايدن لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة.
وقال إن "حماس تريد أن تستمر كحزب سياسي ضمن الشعب الفلسطيني، لكن إذا كان الهدف هو السلام فلا بد أن تقبل بالتنحي".
وتنتهي غدا السبت المرحلة الأولى التي استمرت 6 أسابيع، وقد امتنعت إسرائيل عن الدخول في مفاوضات بشأن المرحلة الثانية، وتسعى لتمديد الأولى لاستعادة مزيد من أسراها في غزة دون التعهد بإنهاء الحرب.
إعلانوقالت حركة حماس في وقت سابق إنه مع انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، تؤكد الحركة "التزامها الكامل بتنفيذ كافة بنود الاتفاق بجميع مراحله وتفاصيله".