لجريدة عمان:
2025-02-19@21:15:58 GMT

حالة من التفاؤل..

تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT

من يتمعن في مجمل الرسائل التي تتوارد إليه من كل حدب وصوب -في صباحات الأيام ومساءاتها- عبر صفحة الـ«واتس أب» يجد فيها مساحة لا متناهية من التفاؤل والسعادة، والأمل الكبير بتحقيق الأمنيات صغيرها وكبيرها، ولولا أحداث الحرب على إخوتنا في غزة وفلسطين عموما، لاختفت أيضا كل الصور التي تشير إلى الحالة الفلسطينية، وهي حالة مزرية واستثنائية -بلا شك، وبالتالي فكل الصور «البانورامية» المتداخلة عبر هذه الرسائل المتدفقة تعكس صفاء روحيا غير مسبوق، أرسلها أصحابها -هكذا من وحي الفطرة- لا يريدون منها جزاء ولا شكورا، وأقول غير مسبوق من حيث كثافته، ومن حيث تنوعه، وكأن هناك اتفاقا ضمنيا بين جميع المرسلين أن ذلك ما يعبر حقا عن الحالة النفسية المتصالحة مع ذاتها وبهذا الاتفاق الشامل الكبير، الذي يتجاوز التوقعات هذا التفاؤل -مرده أمر مهم- وعلى قدر كبير من القناعة النفسية، بأن كل ما يدور من أحداث في هذه الحياة هو أمر مسند فعله ونتيجته، أولا وأخيرا إلى رب الوجود عز وجل، وبأن ما كان كان، وبما لم يكن- لن يكون، وبهذا الاعتراف الضمني والمباشر- تسترسل النفس حيويتها، وديناميكيتها في عطاء غير محدود، ومتى وصلت الأنفس إلى هذا المستوى من القناعة والإيمان -يقينا- أن ذلك ما يدفعها، وبطريقة غير مسبوقة إلى هذا الامتثال المطلق المعبر عن الإيمان، والقناعة، والرضى، والتسليم لله عز وجل، ولذلك فهي «الرسائل» تطوف عبر الأثير بحمولتها من الآيات الكريمة أكثر.

والسؤال: أليس هناك منغصات عند الكثيرين منا؟ الجواب: بلى -ولكنها منغصات لن ينطبق عليها قول القائل: «والطير يرقص مذبوحا من الألم» لأن ما تبوح به هذه الأنفس، وبهذا الكم من التفاؤل ينفي عنها الصورة الميكانيكية لـ«مذبوحا من الألم» ويتعالى إلى أكثر من ذلك حيث ما تتوق إليه الأنفس وهو التسامي على جراحاتها النازفة في بعض الأحيان، ولذلك يمكن القول للذين يرون في هذه الرسائل وفق تعبير: «قص ولزق» أن هذه المساحة الإنسانية التي خصصها أعضاؤها لتسويق هذا التفاؤل وبهذا الكم النوعي -هو هبة إنسانية عالية القيمة، ربما -تفتقدها شعوب كثيرة تعيش مآسيها اليومية، فلا تستنشق عطر المعاني التي تحملها هذه الرسائل، وإن تناسخت في أشكالها وموضوعاتها وتنويعاتها، إلا أنها تظل تحمل قيمتها المعنوية التي تفكك بها مجموعة من الاحتقانات النفسية الزائرة للإنسان بين فترة وأخرى، أو كما يقول المتنبي: «وزائرتي كأن بها حياء- فليس تزور إلا في الظلام» وبالتالي-توهب هذه الرسائل النفس صفاء ممتدا يتوغل في كل مفاصلها التي كانت قبل قليل تلعق ما تبقى من كدرها المشحون بالألم.

في المسافة التي تفصلنا عن الآخرين تحتار النفس ماذا تقدم من عربون مودة لتحافظ على علاقاتها، حتى لا تنقطع سبل السلام بين أي طرفين، وربما- قد تمتحن في وسائل اختياراتها للوصول إلى تحقيق هذا الهدف، ولكن في لحظة زمنية فارقة تجسر هذه الرسائل جل الفوارق الطبقية والاجتماعية والوجاهية، حيث تتسامى الأنفس الواهبة نفسها للحياة، فلا تلتفت إلى هذه النتوءات المزعجة، وترى في الإنسانية مساحتها الممتدة.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذه الرسائل

إقرأ أيضاً:

الأسطول الأمريكي يكشف حجم الأضرار التي لحقت بحاملة الطائرات “هاري إس ترومان”

الأسطول الأمريكي يكشف حجم الأضرار التي لحقت بحاملة الطائرات “هاري إس ترومان”

مقالات مشابهة

  • أخبار التكنولوجيا | حيلة مفيدة.. واتساب يتيح قراءة الرسائل دون فتح التطبيق وللأندرويد والآيفون إليك كيفية حذف حساب الفيسبوك
  • حيلة مفيدة.. واتساب يتيح قراءة الرسائل دون فتح التطبيق
  • «إلى شغف».. رسائل من أمّ إلى ابنتها بلغة أدبية
  • تصنيف: أشد أنواع الألم التي نشعر بها.. الولادة ليست في الصدراة
  • العثرات التي واجهت الهلال
  • سفاح المعمورة.. قصة الصدفة التي كشفت الملاك القاتل
  • ما النقاط التي لن ينحسب منها الاحتلال جنوب لبنان؟
  • أحداث قرية شناغة.. اعتقال القوة العسكرية التي تصادمت مع الفلاحين الكورد
  • الأسطول الأمريكي يكشف حجم الأضرار التي لحقت بحاملة الطائرات “هاري إس ترومان”
  • تراجع ملحوظ في عدد الشاحنات التي تدخل قطاع غزة