من يتمعن في مجمل الرسائل التي تتوارد إليه من كل حدب وصوب -في صباحات الأيام ومساءاتها- عبر صفحة الـ«واتس أب» يجد فيها مساحة لا متناهية من التفاؤل والسعادة، والأمل الكبير بتحقيق الأمنيات صغيرها وكبيرها، ولولا أحداث الحرب على إخوتنا في غزة وفلسطين عموما، لاختفت أيضا كل الصور التي تشير إلى الحالة الفلسطينية، وهي حالة مزرية واستثنائية -بلا شك، وبالتالي فكل الصور «البانورامية» المتداخلة عبر هذه الرسائل المتدفقة تعكس صفاء روحيا غير مسبوق، أرسلها أصحابها -هكذا من وحي الفطرة- لا يريدون منها جزاء ولا شكورا، وأقول غير مسبوق من حيث كثافته، ومن حيث تنوعه، وكأن هناك اتفاقا ضمنيا بين جميع المرسلين أن ذلك ما يعبر حقا عن الحالة النفسية المتصالحة مع ذاتها وبهذا الاتفاق الشامل الكبير، الذي يتجاوز التوقعات هذا التفاؤل -مرده أمر مهم- وعلى قدر كبير من القناعة النفسية، بأن كل ما يدور من أحداث في هذه الحياة هو أمر مسند فعله ونتيجته، أولا وأخيرا إلى رب الوجود عز وجل، وبأن ما كان كان، وبما لم يكن- لن يكون، وبهذا الاعتراف الضمني والمباشر- تسترسل النفس حيويتها، وديناميكيتها في عطاء غير محدود، ومتى وصلت الأنفس إلى هذا المستوى من القناعة والإيمان -يقينا- أن ذلك ما يدفعها، وبطريقة غير مسبوقة إلى هذا الامتثال المطلق المعبر عن الإيمان، والقناعة، والرضى، والتسليم لله عز وجل، ولذلك فهي «الرسائل» تطوف عبر الأثير بحمولتها من الآيات الكريمة أكثر.
والسؤال: أليس هناك منغصات عند الكثيرين منا؟ الجواب: بلى -ولكنها منغصات لن ينطبق عليها قول القائل: «والطير يرقص مذبوحا من الألم» لأن ما تبوح به هذه الأنفس، وبهذا الكم من التفاؤل ينفي عنها الصورة الميكانيكية لـ«مذبوحا من الألم» ويتعالى إلى أكثر من ذلك حيث ما تتوق إليه الأنفس وهو التسامي على جراحاتها النازفة في بعض الأحيان، ولذلك يمكن القول للذين يرون في هذه الرسائل وفق تعبير: «قص ولزق» أن هذه المساحة الإنسانية التي خصصها أعضاؤها لتسويق هذا التفاؤل وبهذا الكم النوعي -هو هبة إنسانية عالية القيمة، ربما -تفتقدها شعوب كثيرة تعيش مآسيها اليومية، فلا تستنشق عطر المعاني التي تحملها هذه الرسائل، وإن تناسخت في أشكالها وموضوعاتها وتنويعاتها، إلا أنها تظل تحمل قيمتها المعنوية التي تفكك بها مجموعة من الاحتقانات النفسية الزائرة للإنسان بين فترة وأخرى، أو كما يقول المتنبي: «وزائرتي كأن بها حياء- فليس تزور إلا في الظلام» وبالتالي-توهب هذه الرسائل النفس صفاء ممتدا يتوغل في كل مفاصلها التي كانت قبل قليل تلعق ما تبقى من كدرها المشحون بالألم.
في المسافة التي تفصلنا عن الآخرين تحتار النفس ماذا تقدم من عربون مودة لتحافظ على علاقاتها، حتى لا تنقطع سبل السلام بين أي طرفين، وربما- قد تمتحن في وسائل اختياراتها للوصول إلى تحقيق هذا الهدف، ولكن في لحظة زمنية فارقة تجسر هذه الرسائل جل الفوارق الطبقية والاجتماعية والوجاهية، حيث تتسامى الأنفس الواهبة نفسها للحياة، فلا تلتفت إلى هذه النتوءات المزعجة، وترى في الإنسانية مساحتها الممتدة.
أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذه الرسائل
إقرأ أيضاً:
فاسدة وغسر شرعية..ترامب يهاجم ووسائل الإعلام التي تنتقده
هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، وصب جام غضبه على وسائل الإعلام المنتقدة له، وعلى خصومه السياسيين، في خطاب ألقاه من وزارة العدل التي أعيد تشكيلها إلى حد كبير منذ عودته إلى البيت الأبيض.
وفي حملته الانتخابية، شبّه ترامب الإجراءات الجنائية ضده بممارسات وزارة العدل ضده في عهد سلفه جو بايدن لطالما وصفها باضطهاد.BREAKING: Trump just literally gave a speech at the US Department of justice and stated that CNN and MSNBC are “illegal”.
These are the words you’d hear from a fascist dictator. Imagine if Joe Biden went to the DOJ and declared that Fox News and Newsmax were illegal.
First,… pic.twitter.com/3QonZswSNz
وقال ترامب: "لقد تجسسوا على حملتي الانتخابية، وأطلقوا الكثير من الخدع وعمليات التضليل"، وأضاف "انتهكوا القانون على نطاق هائل، واضطهدوا عائلتي وفريقي ومؤيديَّ، وفتشوا مقر إقامتي في مار آ لاغو، وفعلوا كل ما في وسعهم لمنعي من أن أصبح رئيسا للولايات المتحدة"، في إشارة إلى الإجراءات الفدرالية التي كانت تستهدفه بتهمة حجب وثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض في 2021.
وشنّ ترامب هجوماً لاذعاً على وسائل الإعلام التي تنتقده، متهماً إياها بالضغط على القضاة "بشكل غير قانوني".
Kari Lake, who joined the USAGM in February, says she is canceling the agency's contracts with news services including AP, Reuters, and Agence France-Presse (Agence France-Presse)https://t.co/KxohwSVHAshttps://t.co/ivAZtZgPHP
— Mediagazer (@mediagazer) March 14, 2025وقال الرئيس الأمريكي، إن شبكتي "سي.إن.إن"، و"أم.أس.إن.بي.سي" وصحفاً لم يحددها "تكتب حرفياً بنسبة 97,6% أموراً سيئة عني" و"هذا الأمر لا بد أن يتوقّف. لا بدّ أن يكون غير شرعي".
وفي خطاب ألقاه أمام مدعين عامين وعناصر أجهزة إنفاذ القانون في مقر وزارة العدل، وصف ترامب وسائل الإعلام هذه بـ "أذرع سياسية للحزب الديموقراطي. وفي رأيي هي فاسدة حقاً وغير شرعية. ما تفعله غير شرعي".
وقال إن وسائل الإعلام هذه "تؤثر على القضاة وتغيّر القانون حقاً، وهذا الأمر لا يمكن أن يكون شرعياً. لا أعتقد أنه شرعي. وهي تفعل ذلك بالتنسيق مع بعضها البعض".
وجعل ترامب توجيه الانتقادات الحادة إلى وسائل إعلام أمريكية معارضة له جزءًاً أساسياً من خطابه منذ انتخابه رئيساً لولاية أولى في 2016.
وفي ممارسة غير مسبوقة لرئيس بلد كرس حرية الصحافة في دستوره، يصف ترامب بشكل روتيني صحافيين لا يتّفق معهم بـ"أعداء الشعب" ويروجون "أخباراً مضلّلة".
منذ بداية ولايته الرئاسية الثانية في يناير (كانون الثاني) سارع ترامب للضغط على وسائل إعلام رئيسية على غرار وكالة "أسوشيتد برس" مع تمكين وسائل إعلام يمينية من تغطية أخبار البيت الأبيض بأريحية أكبر.