قالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، إن أزمة البحر الأحمر الجارية منذ نوفمبر من العام الماضي، تعزز سيطرة جماعة الحوثي على اليمن، فيما أدى سلوكها إلى زيادة الاعتماد على إيران وتراجع الأمل في إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ عقد من الزمان.

 

وأضافت المجلة في تحليل للباحث "آشير أوركابي" ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" أن احتجاز العاملين في الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وتكثيف الهجمات على الشحن العالمي، وإثارة غضب القوى الإقليمية والعالمية.

فهل هذه هي سلوكيات دولة تتصرف بدافع اليأس أم أنها مكائد جهات فاعلة غير حكومية تعمل على تعزيز سلطتها وإظهار قوتها العسكرية المحلية غير المقيدة؟

 

وتابعت "على مدى الشهر الماضي، زادت الجماعة من هجماتها على الشحن في البحر الأحمر، وشنت هجمات متزايدة الفتك بطائرات بدون طيار تجاه إسرائيل، واحتجزت أكثر من خمسين يمنيًا يعملون مع منظمات أجنبية. كانت هذه ردود الفعل الفورية على الأزمة المالية الأخيرة الناجمة عن إغلاق البنك المركزي في صنعاء، مما وضع عقبات إضافية أمام تحويلات العملات ورواتب الموظفين المدنيين في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال اليمن".

 

وأفاد التحليل "لقد تم الحفاظ على السيولة في البنك المركزي المتشعب، مع فرعه الآخر في عدن، من خلال التمويل السعودي منذ بداية الصراع في عام 2015، مما أتاح للمملكة قدرًا من النفوذ على حكومة الحوثيين في صنعاء. لقد ساهمت المدفوعات غير المنتظمة لرواتب القطاع العام في صنعاء، نتيجة للعقوبات الاقتصادية الدورية والقيود المستمرة، لفترة طويلة في تدهور الرعاية الصحية والصرف الصحي وغيرها من الخدمات في جميع أنحاء البلاد".

 

وأكد أن قرار تصعيد أزمة البحر الأحمر قد يكون بمثابة عمل انتقامي ضد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لاستهداف القدرات العسكرية والمالية للحوثيين.

 

وقال "ومع ذلك، قد ينظر الحوثيون بدلاً من ذلك إلى إغلاق البنك المركزي في صنعاء على أنه تخلي المملكة العربية السعودية عن آخر أشكال النفوذ على أراضي الحوثيين".

 

وكلاء إيران

 

وتابع "بعد التحوط في البداية، يبدو أن الحوثيين تحولوا بالكامل تقريبًا نحو المعسكر الإيراني، على افتراض أن إيران وحلفائها يمكنهم ضمان المالية العامة للدولة في المستقبل. وبدلاً من السعي إلى المصالحة مع الحكومة المعترف بها دوليًا في عدن، سعت قيادة الحوثيين إلى عزل نفسها عن المنطقة بشكل أكبر".

 

وأردف "لقد كان مضيق باب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، مصدرًا تاريخيًا للتجارة العالمية والازدهار للدول الواقعة في جنوب شبه الجزيرة العربية. ولم يهمل الحوثيون هذا الكنز الإقليمي فحسب، بل حولوه إلى باب الموت لشركات الشحن التي تجرأت على عبور المياه القريبة من الأراضي اليمنية".

 

واستدركت المجلة في تحليلها بالقول "كما تم إغلاق البوابات الرمزية أمام المنظمات الدولية التي كانت تعمل سابقًا في صنعاء ومحيطها. تم اتهام الموظفين اليمنيين التابعين لبرنامج الغذاء العالمي والمعهد الديمقراطي الوطني وغيرهما بالتجسس وتم اعتقالهم، مما أدى فعليًا إلى إغلاق إحدى نوافذ العالم المتبقية على مجتمع معزول بشكل متزايد".

 

وقالت إن هذه التوجهات السياسية نموذجية لوكلاء إيران الآخرين في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة حزب الله وحماس، الذين أعطوا الأولوية لتدمير المجتمع على المدى القصير لتحقيق مصلحتهم الذاتية بدلاً من التركيز على التنمية طويلة الأجل".

 

صراع إقليمي

 

واستطردت "في بلد يُطلق عليه غالبًا اسم أعظم أزمة إنسانية من صنع الإنسان، عزز الحوثيون قوتهم السياسية على حساب تفاقم معاناة سكان البلاد. لقد فعلوا ذلك من خلال جر اليمن إلى صراع إقليمي مع إسرائيل وتقريب البلاد من إيران، مما جعل من الصعب على المملكة العربية السعودية وأحزاب المعارضة اليمنية إعادة عقد المفاوضات التي بدت على وشك إنهاء الصراع في وقت متأخر من سبتمبر 2023".

 

وذكرت أنه بدلاً من إضعاف حكومة الحوثيين، فإن القصف الجوي للأهداف العسكرية الحوثية من قبل الطائرات الأمريكية والبريطانية لم يؤد إلا إلى تضخيم شعور الحوثيين بالأهمية الذاتية في الشؤون الإقليمية.

 

وقالت "ناشونال أنترست" ما كان ذات يوم شعارًا فارغًا "الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل!" أصبح سياسة قابلة للتنفيذ. وعلاوة على ذلك، لا يمكن لقوات التحالف أن تأمل في الفوز في حرب من الجو، وخاصة ضد منطقة العدو المعروفة بكهوفها الجبلية التي تعبر المرتفعات الشمالية للبلاد.

 

وزادت "إن ميليشيات الحوثي التي قاتلت السعوديين حتى جمدت، والتي تنحدر من نفس القبائل التي اشتبكت مع العثمانيين والمصريين، تعرف جيدا عبثية الحملات الجوية. وعليه، فهي مستعدة للانتظار حتى ينتهي الصراع إلى الأبد".

 

ثلاثة أقاليم

 

وقالت "إذا كانت إدارة بايدن تأمل في الصمود أكثر من الحوثيين في حرب استنزاف، فإنها خسرت بالفعل. وفي حين يتمتع الحوثيون برفاهية الوقت، فإن إدارة بايدن تتعرض لضغوط "لحل" أزمة اليمن قبل نوفمبر/تشرين الثاني".

 

وبحسب التحليل فإنه وبعد ما يقرب من عقد من الحرب الأهلية، فإن الصراع الذي تجاوزته المصالح الدولية ليس أقرب إلى الحل مما كان عليه في عام 2014. بل إن الأطراف المتعارضة أصبحت أكثر ترسخا، حيث عزل الحوثيون أنفسهم وسكانهم عن العالم الخارجي. إن الحرب في اليمن لن تحلها جهات خارجية تفرض نموذجاً معيناً على البلاد، بل في نهاية المطاف الجماعات اليمنية نفسها.

 

وقالت "لسوء الحظ بالنسبة للمنطقة والشعب اليمني، يبدو الأمر وكأن الحوثيين قد اكتسبوا الشرعية الكافية والدعم الداخلي لإعلان السيطرة السياسية الوحيدة على المناطق الشمالية من البلاد. ومع ذلك، يظل من غير المرجح أن ينتشر حكم الحوثيين إلى المناطق الجنوبية المحيطة بعدن أو المناطق الشرقية من حضرموت".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الحكومة الحوثي السعودية البحر الأحمر فی صنعاء

إقرأ أيضاً:

مسقط : غروندبيرغ يبحث مع رئيس وفد الحوثيين المفاوض ومسؤولين عمانيين الاعتقالات التي طالت موظفي الأمم المتحدة في صنعاء 

 

 

حيروت – متابعات إخبارية

بحث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، اليوم الأحد، في مسقط مع كبار المسؤولين العُمانيين، ورئيس وفد جماعة الحوثي محمد عبدالسلام، الاعتقالات التعسفية الأخيرة لموظفين إضافيين من الأمم المتحدة.

وقال مكتب المبعوث الأممي، في بيانٍ نشره على منصة (إكس)، أن اللقاء “ناقش الاعتقال التعسفي الأخير لموظفين إضافيين من الأمم المتحدة، والذي يضاف إلى العديد من الآخرين الذين لا يزالون محتجزين من قبل الحوثيين”.

كما بحث اللقاء أهمية استمرار التهدئة الإقليمية كوسيلة لتحسين فرص إعادة اليمن إلى مسار السلام المستدام”.

ودعا غروندبرغ إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين، إلى جانب العاملين في المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية المحتجزين منذ يونيو 2024، بالإضافة إلى أولئك المحتجزين منذ عامي 2021 و2023″.

وأكد المبعوث الأممي التزامه بالعمل مع جميع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية لضمان تحقيق تقدم نحو حل سلمي وشامل للصراع في اليمن.

مقالات مشابهة

  • اليمن تدين التدابير القمعية التي اتخذتها مليشيا الحوثي بحق الإعلامية سحر الخولاني
  • إيران تعلن إطلاق صواريخ موجهة بالذكاء الاصطناعي بمناورات الرسول الأعظم (شاهد)
  • تحليل إسرائيلي: هجمات الحوثيين على تل أبيب تكتيك لضمان البقاء في مشهد جيوسياسي متغير (ترجمة خاصة)
  • مجلة عبرية: الدبلوماسية والغارات الجوية لم توقف الحوثيين.. فما الذي سيوقفهم؟ (ترجمة خاصة)
  • شركة أمريكية خاصة تفتش سيارات النازحين العائدين إلى شمال غزة
  • مسقط : غروندبيرغ يبحث مع رئيس وفد الحوثيين المفاوض ومسؤولين عمانيين الاعتقالات التي طالت موظفي الأمم المتحدة في صنعاء 
  • الاتحاد الأوروبي يدين "الاعتقالات التعسفية"الأخيرة التي نفذها الحوثيون بحق موظفي الأمم المتحدة باليمن
  • غوتيريش يدعو الحوثيين للإفراج عن موظفي الأمم المتحدة ويشدد على إنسانية الوضع في اليمن
  • تهديد جديد لليمن: استخدام الأدوية كأداة لتمويل الحوثيين
  • بتهمة التبشير..إيران: اعتقال 13 بهائياً في أصفهان