رغم التحول التاريخى فى الرأى العام العالمى بشأن إسرائيل، فإنه لا يزال لا يمثل أى أهمية تذكر بالنسبة لمن فى غزة الذين لا يدركون حتى ما يحدث وهم يحاولون تفادى القنابل، والبحث عن الطعام، واستخراج جثث القتلى. وكل ما حدث هو المزيد من التحدى والعدوان من جانب إسرائيل، وإدانة الأحكام القضائية من جانب حلفائها، وتشويه سمعة أعداد كبيرة من الناس الذين يريدون فقط وقف القتل وتجاهلهم.
ولكن كيف يبدو التعود على هذا؟..يبدو الأمر كأنه قبول حقيقة مفادها أن هناك مجموعات معينة من الناس يمكن قتلها. وأن من المعقول والضرورى فى واقع الأمر أن يموت هؤلاء من أجل الحفاظ على نظام سياسى مبنى على عدم المساواة فى حياة البشر. وهذا ما يسميه الفيلسوف أكيلى مبيمبى «سياسة الموت» ممارسة السلطة لإملاء الكيفية التى يعيش بها بعض الناس والكيفية التى يجب أن يموت بها آخرون.
إن سياسة الموت تخلق «عوالم الموت» حيث توجد «أشكال جديدة وفريدة من الوجود الاجتماعى، حيث تخضع أعداد هائلة من السكان لظروف معيشية تمنحهم وضع الموتى الأحياء». وفى عوالم الموت هذه، فإن قتل الآخرين وتدمير موائلهم من خلال القدرات العسكرية الملحمية التى لا يشعر مواطنو البلدان المسئولة بتأثيرها قط، يضفى المزيد من القيمة على إنسانية أولئك الذين يعيشون فى الغرب «المتحضر». إنهم معفون لأنهم طيبون، وليس لأنهم أقوياء. يموت الفلسطينيون لأنهم أشرار، وليس لأنهم ضعفاء.
إن تخفيض قيمة الحياة الفلسطينية يستلزم فصل حياتنا عن حياتهم، وفصل العالمين القانونى والأخلاقى إلى عالمين عالم نعيش فيه ونستحق الحرية من الجوع والخوف والاضطهاد، وعالم آخر أظهر فيه آخرون بعض الصفات التى تثبت أنهم لا يستحقون نفس الشيء. ولهذا السبب من الأهمية بمكان أن يزعم المدافعون عن حرب إسرائيل أنه لا يوجد أبرياء فى غزة، وأن حماس تختبئ وراءهم، وأن أولئك الذين تتعاطف معهم سوف يكونون أول من يضطهدك إذا كنت مثلياً أو امرأة. إنهم ليسوا مثلنا. وبمجرد أن يتم تعليمك التوقف عن التماهى مع الآخرين على أساس إنسانيتهم، فإن عمل السياسة القمعية يصبح مكتملاً.
النتيجة هى عالم يبدو كأنه فى منتصف هذا التحول المزعج. حيث تتحرك الأحداث السياسية إلى الأمام بسرعة، ما يؤدى إلى طى غزة إلى الوضع الطبيعى. وتتنافس الصور والروايات من غزة، وأحدثها لأطباء أمريكيين يخبرون شبكة سى بى إس نيوز عن أطفال مصابين بجروح قناص فى الرأس والقلب.
أى عالم سيظهر بعد هذا؟...إن الحرب على غزة ضخمة للغاية، وحيوية للغاية، ولا هوادة فيها إلى الحد الذى يجعل من المستحيل تطبيعها قسراً دون عواقب غير مقصودة. والنتيجة النهائية هى تدهور البشرية جمعاء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى محمود غزة الحياة الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
سياسة ترامب في مسألة الرسوم الجمركية أثرت على التجارة الدولية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت وكالة "نوفوستي" استنادا إلى بيانات دائرة الإحصاءات الأمريكية أن سياسة الرسوم الجمركية التي اعتمدها الرئيس الأمريكي أثرت على التجارة العالمية بمقدار 2.1 ترليون دولار.
وأشارت الاحصاءات إلى أن أول من وقع تحت "محدلة الرسوم الجمركية" الجديدة كان الصين. ففي فبراير، فرضت الولايات المتحدة رسوما بنسبة 10% على واردات السلع الصينية بقيمة 439 مليار دولار، وفي أوائل مارس رفعت النسبة إلى 20%. وفي الوقت ذاته، دخلت الرسوم الجديدة على البضائع من كندا (بقيمة 413 مليار دولار) والمكسيك (بقيمة 506 مليار دولار) حيز التنفيذ. كما فرضت في منتصف شهر مارس، رسوم على الألومنيوم والصلب، مما أثر على سلع بقيمة 100 مليار دولار على الأقل.
ومن المقرر أن تدخل حزمتان أخريان من الرسوم الجديدة حيز التنفيذ في الولايات المتحدة اعتبارا من 2 أبريل على واردات السيارات وقطع الغيار، والتي ستؤثر على تعاملات تجارية بقيمة 307 مليار دولار، وضد مشتري النفط والغاز من فنزويلا. وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عنها في نهاية شهر مارس الماضي، ولكن لا توجد حتى الآن قائمة رسمية بالبلدان التي ستفرض عليها.
ووفقا لحسابات وكالة "نوفوستي" استنادا إلى إحصاءات الولايات المتحدة، فإن من بين الدول التي يمكن أن تندرج تحت هذه الرسوم والتي لا تملك الولايات المتحدة نظاما منفصلا للرسوم الجمركية ضدها الهند وإيطاليا وإسبانيا وبولندا. وقد زودت هذه الدول مجتمعة الولايات المتحدة بسلع بقيمة 199 مليار دولار.
وبالتالي، تبلغ قيمة السلع المستوردة التي تندرج تحت رسوم ترامب الجمركية حوالي 1.964 تريليون دولار. وقد كانت الإجراءات الانتقامية حتى الآن متواضعة، 158 مليار دولار فقط، منها رسوم كندية، أثرت على شحنات بقيمة 108 مليار دولار، ورسوم صينية بـ22 مليار دولار، ورسوم الاتحاد الأوروبي بـ28 مليار دولار.