خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ.. معنى الختم والغشاوة ولمن تحدث
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
يقول الله عز وجل في كتابة العزيز: "خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ"، فما معنى الختم والغشاوة ولمن تحدث؟
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق أن الله تعالى ذكر الختم على القلب والسمع، أما الأبصار فقال عليها غشاوة ، والختم صفة من صفات القلب ومن صفات السمع ، الله قد وصف هذه القلوب بصفات منها الختم ومنها الطبع ومنها الران ومنها القفل {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} عشر صفات كل واحدة تستر القلب عن معناً معين ، فقد شاهدنا الشخص الذى لا يؤمن بالله يشعر أنه فى جحيم فقلنا له : أخرج عن الجحيم وأمن بالله ، فيقول : لا أستطيع.
واستشهدا فضيلة المفتي السابق بقول الله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} إذًا هناك درجة من درجات الكفر لا عودة بعدها حتى لو أمره عقله بالعودة لا يستطيع ، إذًا لا حول ولا قوة إلا بالله.
ووضح جُمعة أن الختم معناه عندما كانوا يختموا الرسالة يغلقوها فلا تفتح ؛ فالختم حالة من حالات الإغلاق مع قرار بعدم الفتح -نسأل الله السلامة- ، وهنا فإنه من شدة كفره وطول مدته وإيبائه وأذيته للعالمين فإن الله عز وجل يختم له بالسوء والعياذ بالله تعالى ،وهذا تحذير للمؤمنين بل ولغير المؤمنين أن يصلوا إلى هذه الحالة ، ويجب علينا ألا نغلق الباب على أنفسنا فربنا وهو يقول : {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } يحذر الناس أجمعين أن يستدرجوا إلى هذه المرتبة المنحطة التي لا يستطيع ولو أراد أن يعود مرة أخرى .
وتابع جُمعة أن على الإنسان أن ينتبه من غفلته قبل أن تصل إلى هذا الحال ؛ لأنه لو ختم على قلبك فإنه سوف يختم على سمعك ؛ وإذا ختم على سمعك لا تستجيب للنصيحة ، لا تستجيب لنداء العقل، لا تستجيب لنداء الفطرة ، لا تستجيب لنداء الناس ممن حولك ، وتأخذ فى العناد وفى الكفر وحينئذ تودي بنفسك قبل غيرك إلى التهلكة دنيا وأخرى، {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ } فلن يرى الحق حقاً فلا يستطيع أن يقرأ ويحلل الوقائع التى أمامه ، فلم يختم على عينه فعينه ترى من رحمة الله ولكن { وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } وذلك نتيجة للعناد واستمرار الكفر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية قال الدكتور على جمعة الجمهوري مفتي الجمهوري كبار العلما ع ل ى ق ل وب ه م لا تستجیب
إقرأ أيضاً:
حقيقة مضاعفة الحسنات والسيئات في البلد الحرام "مكة المكرمة"
قالت دار الإفتاء المصرية إن حِكمة الله تعالى وسُنَّته جرت على تفضيل بعض المخلوقات على بعض، وكذلك في الأمكنة والأزمنة؛ فقد فضَّل الله تعالى جنس الإنسان من بني آدم على سائر مخلوقاته، فجعله مكرمًا مصانًا؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].
مضاعفة الحسنات والسيئات في البلد الحرام "مكة المكرمة"واصطفى الله سبحانه وتعالى مِن بين ذرية آدم وبَنيه الأنبياء والرسل، فجعلهم محلَّ وحيه وتجلي رسالته، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33].
ولم يقتصر ذلك التفضيل على الأشخاص بل جرى في الأمكنة؛ ففضَّل الله تعالى مكة المكرمة على غيرها من بقاع الأرض، فجعلها مركز الأرض، وأشرف البقاع وأجلَّها.
وقد فَضَّل الله تعالى مكة على غيرها من البلاد في الأجر والثواب وجعله مضاعفًا؛ وذلك حتى يحرص المسلم فيها على الإكثار من الطاعات، وتجنب المعاصي والمذلات، فيسود فيها الخير والنفع؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وآله وسَلَّمَ قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ، فَصَامَهُ، وَقَامَ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِئَةَ أَلْفِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِيمَا سِوَاهَا» أخرجه ابن ماجه في "السنن".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَمَضَانُ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ» أخرجه البزار في "المسند".
وقال الإمام الحسن البصري في "فضائل مكة" (ص: 21-22، ط. مكتبة الفلاح): [مَا على وَجه الأَرْض بَلْدَة يرفع الله فِيهَا الْحَسَنَة الْوَاحِدَة غَايَة ألف حَسَنَة إِلَّا مَكَّة، وَمن صلى فِيهَا صَلَاة رفعت لَهُ مائَة ألف صَلَاة، وَمن صَامَ فِيهَا كتب لَهُ صَوْم مائَة ألف يَوْم، وَمَن تصدَّق فِيهَا بدرهم كتب الله لَهُ مائَة ألف دِرْهَم صَدَقَة، وَمَن ختم فِيهَا الْقُرْآن مرَّة وَاحِدَة كتب الله تَعَالَى لَهُ مائَة ألف ختمة بغيرها.. وكلَّ أَعمال الْبر فِيهَا كل وَاحِدَة بِمِائَة ألف، وَمَا أعلم بَلْدَة يحْشر الله تَعَالَى فِيهَا يَوْم الْقِيَامَة من الْأَنْبِيَاء والأصفياء والأتقياء والأبرار وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاء وَالْفُقَهَاء والفقراء والحكماء والزهاد والعباد والنساك والأخيار والأحبار من الرِّجَال وَالنِّسَاء مَا يحْشر الله تَعَالَى من مَكَّة، وَإِنَّهُم يحشرون وهم آمنون من عَذَاب الله تَعَالَى، وليوم وَاحِد فِي حرم الله تَعَالَى وأمنه أَرْجَى لَك وَأفضل من صِيَام الدَّهْر كُله وقيامه فِي غَيرهَا من الْبلدَانِ] اهـ.
وكما ضُعِّف فيها الثواب وعُظِّم؛ قُبِّح فيها الذنوب والمعاصي عن غيرها من البلاد؛ قال الإمام النووي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 402-403، ط. دار البشائر الإسلامية): [فإِن الذنبَ فيها أقبح منهُ في غيرِها، كما أنَّ الحَسَنَةَ فيها أعظمُ منها في غيرها. وأمَّا مَن استحبَّها فلِما يحصلُ فيها من الطَّاعَاتِ الَّتي لا تَحْصُلُ بغَيرِها مِنَ الطَّوَافِ وَتَضْعِيفِ الصَّلَوَاتِ والْحَسَنَاتِ وغيرِ ذلكَ] اهـ.