الرعاية والتربية للأطفال هما عمليتان مكملتان ومترابطتان، لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض في تنشئة الطفل وتحقيق نموه الشامل، فالرعاية تؤمن البيئة الآمنة والمستقرة للتربية، بينما التربية تساهم في بناء شخصية الطفل وإعداده ليكون عضوا إيجابيا في المجتمع، وقد استطلعت «عمان» آراء عدد من المختصين للحديث بشكل أعمق حول مفهومي التربية والرعاية في تنشئة الأبناء.

المؤسسات التربوية والتعليمية

قالت أسماء بنت عبد الله البلوشية، من لجنة دعم الأعضاء في جمعية الاجتماعيين العُمانية: يمكن تعريف المؤسسات التربوية بأنها البيئة أو الوسط الذي يساعد الأجيال على النمو في مختلف جوانب شخصياتهم وتفاعلهم مع من حولهم، والتكيف مع مختلف الأوضاع والظروف، ومن أبرز المؤسسات التربوية في المجتمع هي الأسرة والمدرسة والأصدقاء، إلى جانب المسجد ووسائل الإعلام والأندية وغيرها من الجهات المختلفة التي تؤثر على تربية الأجيال سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. موضحة أنه يأتي دور هذه المؤسسات التربوية والتعليمية فيما يلي: الأسرة «المنزل»: فهي اللبنة الأولى التي يتكون منها نسيج المجتمع، حيث إنها الوسط الطبيعي الذي يشعر الطفل بالرعاية والعناية منذ سنوات عمره الأولى، ومنها حث الإسلام على تكوينها والاهتمام بها لما لها من أثر أساسي في بناء شخصية الطفل وتحديد معالمه منذ الصغر. وعلى صعيد آخر تعتبر الأسرة من أهم المؤسسات التربوية الاجتماعية، كما أن الأجيال تستقي من الأسرة العقيدة والأخلاق والأفكار والعادات والتقاليد وغيرها من السلوكيات إيجابية كانت أو سلبية.

ومن الجانب الديني يأتي دور المسجد: حيث يعد المسجد جامعا أو جامعة، لنشر الوعي في المجتمع وهو يعتبر أفضل مؤسسة تتم فيها تربية الأجيال وتنشئتهم ليكونوا جيلا صالحا في المجتمع حاصلا على التوعية الشاملة، بالإضافة إلى المدرسة التي أنشأها المجتمع للعناية بالتنشئة الاجتماعية من خلال تربيتهم وتهيئتهم وإعدادهم للحياة، حيث إنها تعمل على نقل الجانب المعرفي والثقافي من المعلمين إلى الطلاب بما يتوافق مع استيعابهم وقدراتهم المختلفة، ليكون الناتج جيلا متعلما ومثقفا. والمدرسة تعمل أيضا على استكمال ما تم البدء فيه من تربية منزلية للطفل، ثم تقوم على تصحيح المفاهيم المغلوطة وتعديل السلوك الخاطئ، وكذلك الأندية: فهي مؤسسات تكون في الغالب «ثقافية ورياضية واجتماعية»، وتكون ملتقى للأجيال حيث إنها تقوم بتقديم إمكانات هائلة لحياة اجتماعية يتفق عليها الأفراد باختياراتهم وطواعيتهم. وللأندية أشكال مختلفة في تنشئة الأجيال مرتبطة بمستوى وعي وثقافة المجتمع. ومنها ما يكون مخصصا للرياضة البدنية وممارسة الألعاب والأنشطة المتنوعة، ومنها ما يكون مخصصا للعناية بالجوانب الثقافية والأنشطة الأدبية والفعاليات الفكرية، ومنها ما هو اجتماعي حيث يهتم بخدمة المجتمع وتلبية احتياجاته.

وأكدت البلوشية أن التقنيات الحديثة تلعب دورا أساسيا في تنشئة الأجيال وتربيتها، سواء من خلال الأجهزة اللوحية أو الألعاب أو عن طريق البرامج المعدة والموجهة للطفل من مختلف قنوات شبكات التواصل الاجتماعي. وينعكس هذا التأثير في عدة جوانب من حياة الأجيال بشكل خاص والمجتمع بشكل عام. ولا يخفى على الجميع أن هذه التقنيات الحديثة تعتبر سلاحا ذا حدين، بسبب الغزو الفكري من الخارج، ففي الزمن السابق كانت الوسائل التربوية التي يسلكها أولياء الأمور محدودة ومعروفة وكانت الأجيال جميعها متشابهة ولا تختلف في التفكير أو الثقافة. ولكن مع تقدم الزمن وبروز عصر التكنولوجيا، بات هناك جيل لديه أفكار وقناعات مختلفة عما سبقه من الأجيال وبصورة واضحة، فالتقنيات الحديثة أصبحت من المؤثرات والعوامل الرئيسية في التربية ولها تأثير ملموس في حياة الناشئة في عصرنا هذا. فطفل الأجيال السابقة يختلف عن طفل هذا العصر من حيث الطباع والسلوك وكذلك في العادات والتقاليد. بسبب ما يتابعه هذا الجيل سواء الرسوم المتحركة أو البرامج أو حتى في الألعاب المتطورة تقنيا. مشيرة إلى الجانب الإيجابي في التقنيات الحديثة حيث تعد مصدرا للتعلم، وبابا للمعرفة، ومسارا للبحث والتجربة، فتصبح الآثار الإيجابية أكثر ظهورا وبروزا، ولكن عندما يتم استخدام هذه التقنية لممارسة ألعاب العنف والتنمر الإلكتروني، فهي تضيف العنف والانفعالات وزعزعة في شخصية الطفل، وتنعكس على حياته الاجتماعية سلبا بلا شك.

ممارسات ناجحة

من جهتها قالت فهيمة بنت حمد السعيدية- من لجنة الدراسات والبحوث بجمعية الاجتماعيين العمانية: يعتبر مصطلح الرعاية والتربية من المصطلحات المرتبطة ببعضهما البعض رغم اختلافهما؛ ويُنظر للرعاية على أنها جزء من كُل، فهي جزء بسيط من التربية؛ حيث أشار جان جاك روسو في كتابة «الطفولة من المهد إلى الرشد» إلى أنه «حين ينجب الأب أبناءه وينفق عليهم ليغذيهم، فما يقوم إلا بثلث واجبه نحوهم». وتشير الرعاية إلى توفير الأسرة للمتطلبات والاحتياجات الأساسية للأبناء والعناية بهم ومتابعتهم؛ من خلال توفير المأكل والمشرب والمسكن، والاهتمام بصحة الأبناء، ومتابعة واجباتهم واستذكار دروسهم، وإظهار الأبناء بأحسن مظهر، كما تتضمن الرعاية كذلك توفير بيئة آمنة وصحية تحافظ على سلامة الأبناء. أما التربية فهي بناء وتشكيل شخصية الأبناء؛ من خلال اهتمام الأسرة بغرس القيم والأخلاق والمبادئ الحسنة، وتقديم التوجيه والإرشاد، وتعزيز السلوكيات والعادات المجتمعية الإيجابية، والاهتمام بالوجدان والروحانيات، وما يتطلبه ذلك من ترسيخ لبعض القناعات والمعارف والأفكار الإيجابية، وتنمية للمهارات، وتوجيه للاهتمامات لدى الأبناء، وتشجيعهم على التعلم والنمو الشخصي. وبشكل عام يتطلب من الآباء والأمهات الموازنة بين رعاية الأبناء وتربيتهم.

موضحة أن أفضل الممارسات والنماذج الناجحة في توفير الرعاية والتربية للأبناء تبدأ من توفير الأسرة بيئة آمنة ومستقرة ماديا واجتماعيا ونفسيا للأبناء؛ يشعر فيها الأبناء بالأمان، وتشجعهم على التعلم والنمو بشكل صحي ومتوازن مع فهم الوالدين أن لكل طفل احتياجات تختلف عن الطفل الآخر. يليها أن يكون الوالدان قدوة حسنة في كافة نواحي الحياة بحيث يتصرفان بما يتماشى مع القيم والمبادئ التي يريدان غرسها في الأبناء مثل الاحترام، والأمانة، والتعاون، والمثابرة؛ بحيث يتعلم الأبناء أهمية هذه القيم في حياتهم اليومية من خلال النماذج والقدوات في محيطهم الاجتماعي. يليها الحوار وبناء الثقة المتبادلة بين الوالدين والأبناء، التي يساهم في تعرف الآباء والأمهات على مشكلات الأبناء، ودعم الأبناء سواء من خلال المشورة أو مجرد الاستماع في التعامل مع هذه المشكلات، مما يساعد الأبناء على تجاوز التحديات، والشعور بالقبول والدعم، وتعزيز التماسك الأسري، وبناء علاقة قوية مع الوالدين. ومن الممارسات الناجحة في توفير الرعاية والتربية للأبناء أيضا الاهتمام بتنظيم الأنشطة الأسرية المشتركة مع الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والرحلات، ومشاهدة بعض البرامج على التلفزيون أو المنصات الرقمية التي تساعد على تطوير مهارات الأبناء، وتعزيز الروابط الأسرية، وتشجيع الأبناء على التفاعل الاجتماعي والاستقلالية من خلال إسناد بعض المهام والقرارات لهم. وأيضا يعد تشجيع الأبناء على التعلم المستمر من خلال توفير موارد تعليمية متنوعة، مثل الكتب، والدورات، والأنشطة الثقافية من الممارسات الناجحة في توفير الرعاية والتربية للأبناء، لمساهمتها في مساعدة الأبناء على اكتشاف مواهبهم ونقاط قوتهم، وتوجيه اهتماماتهم نحو الاستغلال الأمثل لإمكانياتهم ومهاراتهم الرياضة والتعليمية والاجتماعية وغيرها من المهارات.

كما يعد موضوع تدريب الأبناء منذ سنواتهم الأولى على وضع القواعد والحدود مع تفسيرها من الممارسات الناجحة في توفير الرعاية والتربية للأبناء، فهي تساعد على توجيه سلوك الأبناء، وتدريبهم علة تحمل المسؤولية، واحترام الآخرين. بالإضافة إلى ذلك يساهم تدريب الأبناء على التعبير عن ذواتهم اجتماعيا وانفعاليا باعتباره من الممارسات الناجحة في توفير الرعاية والتربية للأبناء ووقاية الأبناء من الوقوع في العديد من المشكلات، ويعزز من قدرتهم على إدارة مشاعرهم وتفاعلاتهم مع الآخرين.

تحديات

وأفادت هنية بنت سعيد الصبحية - من لجنة الدراسات والبحوث بجمعية الاجتماعيين العمانية بأنه مما لا شك فيه أن الأسرة العمانية تواجه العديد من التحديات الرئيسية في توفير الرعاية والتربية السليمة للأبناء، ويمكن تحديد هذه السياقات وتلخيصها في سبعة أبعاد تتمثل في التحديات النفسية والاجتماعية، والثورة التكنولوجية، والضغوط الاقتصادية والمادية، والتغيرات الاجتماعية والثقافية التي تتعرض لها الأسرة ونقص الوقت، وقلة الوعي والتعليم في تربيتهم والإلمام بذلك، وأخيرا نقص الدعم المجتمعي.

وأضافت الصبحية: نظرا للضغوط النفسية والعاطفية التي يتعرض لها الآباء فإنها تؤثر على قدرتهم في على تقديم الرعاية الفعالة لأبنائهم، وتحديدا ضغوط العمل والحياة اليومية وكيفية الموازنة بينها، وهنا يمكن تحديد دخول المرأة لسوق العمل، مع العمل لساعات طويلة، إذ يمكن الإشارة إلى أن دور المربية أو ما يسمى بعاملة المنزل أحد التحديات المؤثرة والكبيرة على تربية الأبناء ورعايتهم حيث إن الوالدين يأتيان من العمل منهكين ومتعبين ويحتاجون للراحة فيمكثون أوقاتا قليلة مع أبنائهم وهذه تعتبر غير كافية في السنوات الأولى لمرحلة طفولة الأبناء، كما يعد غياب الوالدين أحد التحديات التي حلت محلها العاملة أو المربية فيكون التعلق بها أكثر من الأم والأب. مؤكدة أن الثورة التقنية والاعتماد المفرط عليها يؤدي إلى قلة التفاعل الاجتماعي بين الأطفال وآبائهم، مما يؤثر على جودة رعايتهم وتربيتهم، وقد أشرنا إلى أن الاعتماد على الشاشة وعدم لقاء الأطفال بذويهم يقلل من الاعتماد على أنفسهم وعدم تفاعلهم مع المحيط الاجتماعي من ذويهم فتستغل التكنولوجيا بشكل سلبي عليهم وأحيانا يمثل تسليم الشاشة للطفل الحل الأسهل للوالدين، ناهيك عن الاضطرابات الأخرى التي قد تؤثر على شخصية الطفل مستقبلا. وجديرا بالذكر أن الأسرة تواجه أحيانا ضغوطا اقتصادية تؤثر على نوعية الحياة والقدرة على تلبية احتياجاتهم، وأحيانا تفرض على نفسها نمطا معينا من الاستهلاكيات وفيما بعد لا تستطيع الاستمرار على تلبية الاحتياجات ولا تستطع التعامل مع ذلك، بسبب مظاهر الاستهلاكية المفرطة في المجتمع والمقارنات التي تعيشها الأسرة العمانية والأسر ككل فإنها لا محالة تؤثر عليها في تربية النشء، وبذلك تشكل إحدى التحديات العقيمة التي تجعل الطفل طفلا استهلاكيا.

وأشارت إلى أن التغيرات في القيم والمعايير الاجتماعية تؤثر على طرق التربية والرعاية، مما يتطلب من الآباء التكيف مع هذه التغيرات. على سبيل المثال الاستخدام التكنولوجي وطرق التواصل مع الأطفال والأسر أحيانا مما ينشئ صراعا بين الطفل وأسرته كون الأسرة غير قادرة على التكيف وتوفير ما دخل عليها من أجهزة كهواتف وشاشات وغيرها أيضا الصراع الذي تعيشه الأسر أحيانا لاختلاف ثقافة الأم عن ثقافة الأب فيواجه الطفل صراعا في اتباع أي من الوالدين إذا لم يتفقا على الطريقة السوية للتربية الفعالة للطفل. وكذلك دخول ثقافة تربية المربية في الأسرة ولغتها التي تؤثر على اللغة والهوية والدين وكل ما هو مرتبط بتربية ورعاية الطفل.

وكما أوضحنا أن العديد من الآباء والأمهات يعمل لساعات طويلة، مما يقلل من الوقت المتاح لهم للتفاعل مع أطفالهم واللعب معهم أي أنه لا يوجد وقت كاف للمكوث مع الطفل حيث غالبية جلوس الطفل مع العاملة أو المربية أو على الشاشات. قد يكون هناك نقص في الوعي والمعرفة لدى الآباء حول أفضل طرق التربية والرعاية، مما يؤدي إلى استخدام أساليب غير فعالة وغير سوية. وهذا يحتاج لفهم حالة الطفل ويكون الوالدان غير مدركين لأنواع الذكاء عند طفلهم أو غير واعيين بالمتخصصين والمستشارين إذا حصلت مع طفلهم أي مشكلة أو سلوك غير سوي وربما لا يدركون أهمية ذلك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المؤسسات التربویة التقنیات الحدیثة الأبناء على شخصیة الطفل فی المجتمع فی تنشئة تؤثر على من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

Euroviews. هل يُشكّل الجوع السلاح الأكثر فتكًا في الصراعات الحديثة؟

يجد الطاهي أندريس توريس أن حجم المجاعة على الصعيد الدولي هو دليل على فشلنا الجماعي حتى الآن في الوفاء بالتزاماتنا الإنسانية.

اعلان

وفي القرن الخامس الميلادي، كتب صن تزو عن كيفية استخدام التجويع كتكتيك حرب، لتجويع العدو حتى ييأس من الاستسلام. وبينما تغيرت الجوانب الأخرى للحرب، وانتقلت من الخيل إلى الدبابات والسيوف ثمّ إلى المدافع الرشاشة، يبدو أن طرق استهداف الاحتياجات الأساسية التي تساعد في البقاء على قيد الحياة لا تزال مستخدمة.

فحوالي 783 مليون شخص حول العالم لا يحصلون على ما يكفي من الطعام، ويعيش أكثر من 85% من هؤلاء الأشخاص في البلدان المتأثرة بالنزاعات. ويبدو أن هذه ليست مصادفة، فالمعتدون يستخدمون التجويع عمدًا في مناطق النزاع من غزة وأوكرانيا إلى اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

في العام 2018، أصدرت الأمم المتحدة القرار 2417، الذي يعترف بالصلة بين النزاع والمجاعة. واليوم، لا يزال النزاع هو المحرك الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن.

الجوع "سلاح فتّاك"

لا بدّ من الجهات الرئيسية الفاعلة مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الاعتراف بأن الجوع يتحوّل إلى سلاح. ورغم أننا شهدنا ارتفاع كبيرة في الأموال المخصصة للمساعدات الغذائية الإنسانية، لا سيما في أوكرانيا، إلا أن عدم الاعتراف بهذه الصلة لا يزال يعيق الدعم الفعال.

لا تزال المفاوضات بشأن المساعدات الإنسانية تثير الشكوك حول قيمة المساعدات الغذائية على المدى الطويل مقارنةً بأنواع المساعدات الأخرى، ومع ذلك فإن معالجة انعدام الأمن الغذائي هو جوهر الحل.

فلسطينيون نزحوا بسبب الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة يسيرون في شوارع مدينة خان يونس الجنوبية، يوليو 2024AP Photo/Jehad Alshrafi

في آب/أغسطس، أشار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى أن التجويع المتعمد لسكان غزة يمكن أن يكون ”مبررًا وأخلاقيًا“ لتحقيق أهداف البلاد، وذلك في أعقاب اتهام المحكمة الجنائية الدولية للقيادة الإسرائيلية باستخدام الجوع عمدًا كتكتيك حرب.

وقد أدت الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية وتدمير البنية التحتية الحيوية إلى إعلان خبراء الأمم المتحدة عن مجاعة في جميع أنحاء غزة.

وقد وُصفت وفيات الأطفال في جميع أنحاء القطاع بسبب سوء التغذية والجفاف بأنها جزء من ”حملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل".

وقد واجهت روسيا اتهامات مماثلة في نزاعها مع أوكرانيا، حيث تعمدت تدمير نقاط توزيع المساعدات وتقييد إيصال المساعدات الإنسانية، على سبيل المثال، إلى ماريوبول أثناء هجومها على المدينة في أوائل عام 2022، مما ترك المواطنين دون الحصول على الغذاء أو مياه الشرب الآمنة.

Relatedفيديو: 5 أشهر كاملة من الحرب على غزة.. إسرائيل تستخدم التجويع كسلاح ومشاهد كارثية للنازحين والجوعىشاهد: تحول إلى هيكل عظمي.. مقتل 15 طفلا فلسطينيا بسبب الجوع والجفاف من بينهم يزن الكفارنة حرب غزة في يومها ال165: شمال القطاع بين مخالب الجوع ونتنياهو ماض في تهديداته بشأن الهجوم على رفحاستغلال أزمة الجوع

في السودان، يغرق أكثر من 2.5 مليون سوداني في ”أسوأ أزمة جوع في العالم"، حيث تواصل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تجويع المدنيين العالقين بينهما خلال النزاع الدائر منذ أكثر من عام ويتهم الطرفان بعضهما بعرقلة إيصال المساعدات.

وتقدر منظمة ”أنقذوا الأطفال“ أن ثلاثة من كل أربعة أطفال سودانيين يعانون الآن من الجوع يومياً. ويتم استغلال هذا الجوع في حد ذاته، إذ يتم إغراء الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية للانضمام إلى الجماعات المسلحة مقابل الطعام، ثم يُطلب منهم المشاركة في أعمال عنف مروعة.

وعلى الرغم من هذه الكارثة الإنسانية، إلا أن الاستجابة الدولية لم تواكب الحاجة. فبينما تم التعهد بتقديم ملياري دولار أمريكي في مؤتمر مخصص في نيسان/ أبريل 2024، تم تخصيص أقل من نصف هذا المبلغ للمساعدات الإنسانية.

وتشير التقديرات إلى أن 60% من الوفيات في الحرب الأهلية المستمرة منذ عقد من الزمن في اليمن ناتجة عن المجاعة. ومع ذلك، فقد انخفضت جهود جمع التبرعات الإنسانية في عام 2023 عن الهدف الذي حددته الأمم المتحدة بمبلغ 3.1 مليار دولار.

وخلال عام 2023، أدى النقص في التمويل إلى سحب المساعدات الغذائية من 10 ملايين أفغاني بين أيار /مايو وتشرين الثاني/ نوفمبر.

وفي نهاية المطاف، إن السبيل الوحيد لإنهاء مجاعة النازحين بسبب العنف هو تأمين السلام والاستقرار الدائمين، ويجب أن تُعطى أي خطة طويلة الأجل الأولوية لجهود بناء السلام. وكذلك بالنسبة للوقاية من الوفيات الناجمة عن المجاعة، فهي تتطلب اتخاذ إجراءات فورية وعملية وفعالة.

اعلانمقاتلو طالبان يقومون بدورية في كابول، أغسطس 2021AP Photo/Rahmat Gulفشل جماعي

مع وصول الصراع إلى مستويات عالية بعد الحرب العالمية الثانية، يتزايد انعدام الأمن الغذائي عاماً بعد عام. وإن الحماية من الجوع وسوء التغذية حق أساسي من حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

في الوقت الذي تتزايد فيه الشكوك حول موثوقية الحلفاء الرئيسيين، من الضروري أن يثبت الاتحاد الأوروبي على موقفه ويواصل السعي نحو القضاء على الجوع. وإن حجم المجاعة على الصعيد الدولي هو شهادة على فشلنا الجماعي حتى الآن في الوفاء بالتزاماتنا الإنسانية.

وبطبيعة الحال، فإن توفير المساعدات الإنسانية الضرورية أمر في غاية الصعوبة، ولكنه ليس مستحيلاً. كما أنه ليس أمراً اختيارياً، حيث أن حياة الملايين من الناس الذين يعيشون في أشد الحالات بؤساً تعتمد على ذلك.

كتب هذا المقال الطاهي أندريس توريس، وهو مؤسس المنظمة غير الحكومية ”غلوبال هيومانيتاريا“ ومالك ورئيس الطهاة في مطعم ”كاسا نوفا“ الحائز على نجمة ميشلان الخضراء في سانت مارتي ساروكا في برشلونة. وقد حصل على جائزة الباسك العالمية للطهي لعام 2024 تقديراً لتأثير طبخه وجهوده في مجال الاستدامة والعمل الإنساني.

اعلانشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: طوابير للحصول على طعام شحيح والجوع يفتك بالنازحين في مخيم المواصي جنوب قطاع غزة شاهد: وصول إمدادات غذائية إلى دارفور لأول مرة منذ أشهر والجوع يحاصر الملايين حوالي 20 مليون شخص يواجهون الجوع بسبب الجفاف في الجنوب الأفريقي حروب أفغانستان Euroviews الغزو الروسي لأوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. قصف بلا هوادة على غزة وبن غفير يطالب بإدراج القضاء على الفصائل الفلسطينية بالضفة إلى أهداف الحرب يعرض الآن Next زيلينسكي: نحن بصدد نقل الحرب إلى داخل روسيا بعد التوغل الأوكراني في كورسك يعرض الآن Next الجزائر تفتح صناديق الاقتراع للرئاسة غدًا وسط أجواء انتخابية باهتة وضعف في الحملات الدعائية يعرض الآن Next بسبب "خطر الاعتقال التعسفي".. فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى أذربيجان وباكو ترد "حملة تشويه" يعرض الآن Next خط حافلات خاص باليهود في لندن لمواجهة المخاوف الأمنية المتزايدة اعلانالاكثر قراءة تقرير: كيم جونغ أون أمر بإعدام 30 مسؤولاً حكومياً بسبب فشلهم بمنع الفيضانات الشرطة الألمانية تقتل مسلحاً خلال تبادل لإطلاق النار قرب القنصلية الإسرائيلية في ميونيخ ماكرون يكلّف ميشيل بارنييه برئاسة الوزراء البرازيل: حرائق يشتبه أنها متعمدة تلتهم 20% من الغابات الوطنية في برازيليا زيلينسكي: أوكرانيا تعتزم الاحتفاظ بالأراضي الروسية التي سيطرت عليها كييف لأجل غير مسمى اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم فرنسا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قتل قطاع غزة غزة فولوديمير زيلينسكي حكومة دونالد ترامب اغتصاب روسيا الجزائر إسرائيل Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • الأبناء الأربعة والمعيشة الصعبة
  • شؤون الأسرة لـ"اليوم": تفعيل الإطار الوطني لحماية الطفل في العالم الرقمي هذا العام
  • توفير الطعام للأطفال وحده لا يكفي..استشاري: الأهم تناول الطعام بمكوناته الصحية
  • غادة عبد الرازق تلعب دور تحية كاريوكا في رمضان 2025
  • مفتي صور وجبل عامل: كل القوى السياسية تستطيع ان تلعب دوراً داعماً للمقاومة
  • أستاذ طب نفسي: المشاكل الأسرية تدفع الأبناء إلى السلوك العدواني
  • Euroviews. هل يُشكّل الجوع السلاح الأكثر فتكًا في الصراعات الحديثة؟
  • أمريكا تعتزم فرض قيود على تصدير التقنيات الخاصة بالحوسبة الكمية والرقائق الإلكترونية
  • أستاذ عبري: مصر كان لها دورا كبيرا في انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005
  • واعظ بـ«الأزهر العالمي»: للأمهات الدور الأكبر في تنشئة جيل سوي دينيًا ونفسيًا