عربي21:
2024-09-09@07:14:03 GMT

بين إسماعيل هنية وأحمد ياسين.. مصر التي لا نعرفها

تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT

"هذا عمل إجرامي وجبان".. بهذه العبارات تحدث الرئيس المصري الراحل حسني مبارك يوم 23 آذار/ مارس 2004 تعليقا على عملية اغتيال إسرائيل لمؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.

يومها ظهر مبارك في مؤتمر صحفي ليرد على أسئلة الصحفيين، موضحا أن استهداف الشيخ أحمد ياسين وهو رجل قعيد وأحد الرموز الفلسطينية الكبيرة؛ هو عمل جبان سيدمر كل مساعي السلام والمفاوضات التي تعمل من أجلها مصر على مدار سنوات.



أعلن حسني مبارك وقتها إلغاء مشاركة مصر في احتفالات الكنيسيت الإسرائيلي بذكرى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل قائلا: "الدنيا والعة احتفالات ايه اللي نشارك فيها".

تذكرت حديث مبارك وإشارته بالاسم للشيخ ياسين وتنديده المعلن بعملية اغتياله؛ وأنا أقرأ البيان الهزيل الذي صدر عن وزارة الخارجية المصرية بعد ساعات من عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أثناء زيارته لطهران.

تذكرت حديث مبارك وإشارته بالاسم للشيخ ياسين وتنديده المعلن بعملية اغتياله؛ وأنا أقرأ البيان الهزيل الذي صدر عن وزارة الخارجية المصرية بعد ساعات من عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أثناء زيارته لطهران
بيان الخارجية المصرية عبّر عن مصر التي لا نعرفها في عهد عبد الفتاح السيسي، فكان بيانا هزيلا ضعيفا لم يشر إلى إسماعيل هنية بالاسم ولم يتحدث عن عملية اغتياله ولم يدنها صراحة، وإنما أشار على استحياء إلى ضرورة توقف عمليات الاغتيالات السياسية التي تقوم بها إسرائيل.

فما الذي تغير في مصر بين اغتيال ياسين واغتيال هنية؟

على المستوى الرسمي والرئاسي كانت مصر مبارك تتعامل بذكاء شديد مع الملف الفلسطيني بما فيه حركة حماس، كانت مصر تدعم عملية السلام والمفاوضات، وكانت أحيانا تنسق مع إسرائيل قبل العدوان على غزة، مثلما حدث قبل عدوان 2008 عندما أعلنت تسيبي ليفني الحرب على غزة من القاهرة وهي برفقة وزير الخارجية المصري آنذاك أحمد أبو الغيط، ولكن كان نظام مبارك في المقابل يفتح المجال العام الشعبي والإعلامي والسياسي للتعبير عن الغضب الشديد من جرائم الاحتلال.

يوم اغتيال الشيخ أحمد ياسين في آذار/ مارس 2004، انفجر الشارع المصري بمظاهرات لا حصر لها، فتحت الجامعات المصرية أبوابها للطلاب لتمتلئ جامعة القاهرة وعين شمس والإسكندرية وغيرها بهتافات طلاب مصر الغاضبين الرافضين لبلطجة الاحتلال الاسرائيلي.

إعلاميا، نقلت الصحف المصرية تنديدات رئيس الجمهورية بعملية اغتيال الشيخ ياسين، نشرت تصريحات لمرشد الإخوان المسلمين آنذاك محمد مهدي عاكف، فُتحت المواقع والقنوات لرموز مصر السياسية ورؤساء الأحزاب لنقل نبض الشارع المصري والتنديد بجريمة اغتيال الشيخ ياسين.

بعد عشرين سنة، استيقظ العالم على جريمة أخرى من جرائم الاحتلال الإسرائيلي وهي اغتيال إسماعيل هنية أثناء زيارته إلى طهران، ولكن هذه المرة لم تعد مصر هي مصر التي نعرفها
سياسيا، أصدرت الأحزاب المصرية، مثل الوفد والتجمع والعربي الناصري والعمل، بيانات حمّلت فيها الإدارة الأمريكية برئاسة جورج بوش الابن المسؤولية عن العربدة الإسرائيلية، ودعت إلى غضبة عربية ودولية لردع الاحتلال عن الاستمرار في ارتكاب جرائم مشابهة.

شيخ الأزهر، الراحل محمد طنطاوي، أصدر أيضا بيانا شديد اللهجة دعا فيه الأمة العربية والإسلامية للتحرك فورا لإنهاء هذه البلطجة الإسرائيلية ومعاقبة القتلة.

يومها فتح الجامع الأزهر أبوابه لتظاهرة ربما كانت الأكبر في التاريخ المصري، جاء آلاف المصريين من كل محافظات مصر للتظاهر داخل حرم الأزهر الشريف لإيصال رسالة مفادها الغضب وأن فلسطين هي جزء لا يتجزأ من الهوى الشعبي المصري.

بعد عشرين سنة، استيقظ العالم على جريمة أخرى من جرائم الاحتلال الإسرائيلي وهي اغتيال إسماعيل هنية أثناء زيارته إلى طهران، ولكن هذه المرة لم تعد مصر هي مصر التي نعرفها.

عبد الفتاح السيسي كان مشغولا باستقبال الرئيس الإماراتي محمد بن زايد في مدينة العلمين الجديدة واصطحابه في جولة حميمية سيرا على الأقدام، ورئيس وزرائه مصطفى مدبولي كان مشغولا بترتيبات استقبال الشريحة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 820 مليون دولار بعد معاناة ورفض تكرر أكثر من مرة، حتى رضخت حكومة السيسي لأوامر الصندوق ورفعت أسعار الوقود والمحروقات والكهرباء أيضا.. ووزير خارجيته أصدر بيانا تافها هزيلا لم يجرؤ فيه على الإشارة الى اسماعيل هنية باسمه؛ وهو من جلس أكثر من مرة مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل.

مصر الآن ليست مصر التي نعرفها، مصر الآن حولها السيسي للأسف إلى مسخ وقزم لا دور لها ولا رأي ولا وزن ولا قيمة، تمتثل لأمر إسرائيل، تنتظر الإذن الأمريكي لاتخاذ هذا الموقف أو ذاك
سياسيا، عفوا الرقم المطلوب غير موجود بالخدمة منذ تولي السيسي، فلا توجد سياسة أو أحزاب أو رموز أو أي مساحة للتعبير عن موقف سياسي غير الذي تراه السلطة، وما حدث من اختطاف المهندس يحيى حسين عبد الهادي من الشارع وإحالته للنيابة العامة وحبسه على ذمة قضية جديدة؛ منا ببعيد.

إعلاميا، أطلق السيسي لجانه الإلكترونية تطعن في ذمة إسماعيل هنية، تتحدث عن ثروته المزعومة، تخوض في سيرته ظلما وبهتانا وادعاء بأن حماس تورطت في دماء الجنود المصريين في سيناء، وهو ما لم يحدث أبدا.

شعبيا، من يتجرأ على التظاهر أو رفع العلم الفلسطيني فمصيره داخل السجن أو مقتولا في قبر أو مطاردا في الداخل أو الخارج.

مصر الآن ليست مصر التي نعرفها، مصر الآن حولها السيسي للأسف إلى مسخ وقزم لا دور لها ولا رأي ولا وزن ولا قيمة، تمتثل لأمر إسرائيل، تنتظر الإذن الأمريكي لاتخاذ هذا الموقف أو ذاك.

يوما ما ستعود مصر التي نعرفها وسيهتف فيها الشباب المصري داخل قطاع غزة هتافهم الشهير في 2012: يا فلسطيني يا فلسطيني دمك دمي ودينك ديني.

x.com/osgaweesh

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري مبارك أحمد ياسين إسماعيل هنية السيسي مصر السيسي مبارك إسماعيل هنية أحمد ياسين مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخارجیة المصری عملیة اغتیال إسماعیل هنیة أثناء زیارته أحمد یاسین مصر الآن

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن للمعارضة المصرية في الخارج الاستفادة من زيارة السيسي إلى تركيا؟

تمثل زيارة السيسي إلى تركيا تحولا دبلوماسيا مهما في العلاقات بين البلدين بعد سنوات من التوتر والقطيعة السياسية. منذ عام 2013، شهدت العلاقات المصرية التركية توترا كبيرا؛ بسبب الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، الذي كان مدعوما من حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية. ومع ذلك، شهدت الفترة الأخيرة بوادر تهدئة وإعادة تقارب، والتي اختتمت بهذه الزيارة.

لتحليل هذه الزيارة ووضعها في سياقها لا بد من فهم عدة أبعاد:

1- البعد الإقليمي

- تمثل زيارة السيسي إلى تركيا خطوة نحو إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة. فتركيا تسعى لتعزيز علاقاتها مع مصر لتحقيق التوازن في البحر المتوسط وشرق المتوسط، خصوصا فيما يتعلق بملفات الطاقة والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الملف الليبي الذي يشكل نقطة خلاف رئيسية بين البلدين.

تمثل زيارة السيسي إلى تركيا خطوة نحو إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة
- بالنسبة لمصر، فإن التقارب مع تركيا يعزز من موقفها الإقليمي، ويتيح لها مساحة للمناورة مع قوى أخرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا؛ تشجع التهدئة بين البلدين لتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

2- البعد الاقتصادي

- تشكل الزيارة فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، حيث تسعى كل من القاهرة وأنقرة للاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة. حيث تتطلع القاهرة وأنقرة إلى زيادة حجم التجارة الثنائية لتصل إلى خمسة عشر مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

- تركيا تواجه تحديات اقتصادية، وتحتاج إلى توسيع أسواقها وتعزيز صادراتها، بينما تبحث مصر عن استثمارات جديدة وفرص للتعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

3. البعد الأمني

- يتضمن التقارب بين مصر وتركيا تبادلا محتملا للمعلومات والتعاون في القضايا الأمنية مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، مما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.

والسؤال المهم كيف يمكن للمعارضة المصرية في الخارج الاستفادة من هذه الزيارة؟

1- إعادة تقييم العلاقة مع الحكومة التركية

- المعارضة المصرية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تتخذ من تركيا مقرا رئيسيا لها، قد تواجه تحديات نتيجة هذا التقارب. ومع ذلك، يمكن للمعارضة استغلال هذه الزيارة لإعادة تقييم علاقتها مع الحكومة التركية والعمل على تحسين ظروفها في تركيا أو إيجاد بدائل أخرى للتحرك في دول مختلفة.

2- زيادة الضغوط الدولية

- تستطيع المعارضة المصرية استخدام الزيارة لتسليط الضوء على سجل حقوق الإنسان في مصر، ودفع الدول الأوروبية والولايات المتحدة للضغط على كل من تركيا ومصر لتحسين أوضاع حقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين السياسيين.

3- تعزيز الحضور الإعلامي والسياسي
زيارة السيسي إلى تركيا قد تكون فرصة للمعارضة المصرية لإعادة تنظيم استراتيجيتها، والضغط على الحكومات والمنظمات الدولية لتحقيق أهدافها
- يمكن للمعارضة المصرية في الخارج استغلال الزيارة لتعزيز حضورها في المشهد السياسي والإعلامي، من خلال تنظيم فعاليات وندوات تسلط الضوء على قضاياها، وتطالب بتغيير السياسات.

4- التأكيد على الانقسام الداخلي

- استخدام الزيارة كدليل على انقسام النظام المصري الداخلي ووجود ضعف سياسي يدفعه إلى محاولة تحسين علاقاته الخارجية مهما كان الثمن، وهو ما يمكن أن يستغل لتسويق فكرة ضعف الشرعية الداخلية للنظام الحالي.

ختاما:

زيارة السيسي إلى تركيا قد تكون فرصة للمعارضة المصرية لإعادة تنظيم استراتيجيتها، والضغط على الحكومات والمنظمات الدولية لتحقيق أهدافها. ومع ذلك، يعتمد نجاح المعارضة في الاستفادة من هذه الفرصة على قدرتها على التحرك بشكل منسق وذكي، بالإضافة إلى طبيعة التغيرات السياسية في كل من مصر وتركيا خلال الفترة القادمة.

مقالات مشابهة

  • ‏نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني: رد ⁧إيران⁩ على اغتيال هنية سيكون في التوقيت المناسب
  • مدير الاستخبارات البريطانية: أشك أن إيران ستحاول الانتقام لاغتيال إسماعيل هنية
  • رئيس المخابرات البريطانية: إيران تعتزم الثأر لمقتل إسماعيل هنية
  • الجنائية الدولية تسقط قضيتها ضد الشهيد إسماعيل هنية
  • قرار أخير من الجنائية الدولية بحق الشهيد إسماعيل هنية
  • الجنائية الدولية تسقط قضية ضد إسماعيل هنية
  • صبا مبارك وماجي بو غصن وأحمد زاهر أبرز الحضور في مهرجان الديرجست
  • الجنائية الدولية تسقط قضية ضد إسماعيل هنية بعد اغتياله في طهران
  • كيف يمكن للمعارضة المصرية في الخارج الاستفادة من زيارة السيسي إلى تركيا؟
  • الجنائية الدولية تسقط قضيتها ضد إسماعيل هنية