تونس 2024.. الاستمرارية مع قيس سعيد أم بداية جديدة لتونس؟
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
مع إصدار الأمر الرئاسي لدعوة الناخبين للاقتراع يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأول القادم، دخلت تونس المنعرج الأخير في الأجندة السياسية التي ضبطها قيس سعيد – الرئيس المنتهية ولايته – في سبتمبر/أيلول من سنة 2021 بعد أشهر قليلة من إعلانه يوم 25 يوليو/تموز عن إجراءاته الاستثنائية لإدارة شؤون البلاد، وأهمها تجميد عمل البرلمان المنتخب سنة 2019، وغلق مقراته بدبابة عسكرية وإقالة الحكومة وتجميع كل السلطات التشريعية والتنفيذية والرقابية وحتى القضائية.
أغلقت إجراءات قيس سعيد وطريقة تدبيره للشأن العام قوس تجربة الانتقال الديمقراطي التونسية التي استمرت عشر سنوات (2011-2021) عرفت فيها تونس العديد من النجاحات وخاصة في المسار السياسي الديمقراطي وفي مجال الحريات، كما عرفت فيها الكثير من الخيبات؛ نتيجة تعثر الانتقال الاقتصادي والاجتماعي، ما جعل المواطن الذي استبشر بالثورة والتفّ حولها في البداية يداخله الشك فيها، ويضعف أمله في قدرتها على تغيير حياته نحو الأفضل بتحقيق مطالبها في الكرامة والعدالة الاجتماعية.
نجح قيس سعيد في تفكيك منظومة الثورة والانتقال الديمقراطي لبنةً لبنةً حتى لم يبقَ منها شيء يذكر. حلّ سعيد الهيئات المنتخبة، فألغى بعضها مثل هيئة مكافحة الفساد، وأعاد تشكيل بعضها الآخر، مثل؛ المجلس الأعلى للقضاء، وهيئة الانتخابات، كما نجح في إخراج الأحزاب السياسية -وخاصة منها الفاعلة زمن عشرية الانتقال الديمقراطي – من العملية السياسية، بمنعها من المشاركة في الانتخابات بصفتها، والتضييق عليها بالملاحقات والمحاكمات، وغلق المقرّات مثلما حصل مع حركة النهضة وجبهة الخلاص الوطني.
رغم كل هذه الإجراءات "القوية" من جهة قيس سعيد، نجحت المعارضة وخاصة جبهة الخلاص الوطني وتنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية في إثبات وجودها والمحافظة على ديناميكية معارضة لحكم سعيد، الذي تصفه بالانقلاب على الديمقراطية، من خلال تحريك الشارع الديمقراطي في مناسبات عديدة والدعوة لمقاطعة الاستحقاقات الانتخابية التي نظمها قيس سعيد: (الاستشارة الوطنية، الاستفتاء على الدستور، الانتخابات التشريعية وأخيرًا انتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم) ما جعل، لأسباب أخرى، نسبة الاقتراع في كل هذه المحطات الانتخابية هي الأضعف على الإطلاق ليس تونسيًا فقط بل عالميًا أيضًا إذ لم تتجاوز 8 و11 بالمائة.
تونس في مفترق طرقمع الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها بداية أكتوبر/ تشرين الأول القادم، فإن تونس، أكثر من أي وقت مضى، في مفترق طرق يفتح على طريقين متقابلين يتحدد على أساس كل واحد منهما مستقبل معين لتونس لعقود قادمة.
الطريق الأول، طريق الاستمرارية؛ حيث يفتح على عهدة رئاسية ثانية لقيس سعيد، والطريق المقابل، طريق التغيير، الذي يفتح على إنقاذ تونس من مخاطر الانهيار الاقتصادي، والانفجار الاجتماعي، وعلى استعادة الديمقراطية والحريات.
تبدو هذه الانتخابات لحظة مفصلية بين زمنَين تبدو فيها الرهانات كبيرة، زمن بدأ مع إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 سعى فيه قيس سعيد إلى تغيير النظام السياسي، وأسس التعاقد الاجتماعي من خلال دستور (2022) صاغه بنفسه وفصّله على مقاسه، غيّر فيه النظام السياسي من برلماني معدّل (دستور 2014) إلى نظام رئاسي تجتمع فيه كل السلطات بين يدي رئيس يفعل ما يريد بدون محاسبة ولا رقابة ولا مساءلة.
كما غيّر فيه منظومة الحكم من سلطة تشريعية بغرفة واحدة (البرلمان) إلى سلطة تشريعية بغرفتين: (البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم)، واستبدل فيه الديمقراطية التمثيلية وأساسها الأحزاب، بالديمقراطية المباشرة وأساسها الأفراد، كما همّش الأجسام الوسيطة من أحزاب ومنظمات وهيئات وجمعيات وحلّ بعضها وجعل بعضها الآخر تحت الضغط والتهديد بالملاحقات والمحاكمات، ووصم الجميع بالخيانة والتآمر والتعطيل.
يدخل قيس سعيد المنتهية ولايته سباق الانتخابات الرئاسية بحصائل ضعيفة جدًا لا تكاد تذكر، رغم جمعه كل السلطات وتصرفه في كل الموارد. فقد تراجعت فيه عهده الحريات الفردية والجماعية وخاصة بعد إصدار المرسوم 54 الذي ضيّق على حرية التعبير حدّ إلغائها، إذ كانت كلفته إلى اليوم أكثر من ألف وسبعمائة سجين رأي، حسب مصادر رسمية.
كما تراجعت الحياة الحزبية والجمعيّاتيّة إلى حدود لم تبلغها حتى في أحلك زمن الرئيسين الأسبقَين؛ بورقيبة وبن علي، والأخطر كان من نتائجه تراجع المشاركة المواطنية في الاهتمام بالشأن العام، ويبقى الأسوأ في حصائل حكم سعيد في المجالين؛ الاقتصادي والاجتماعي، حيث تراجعت كل المؤشرات إلى مستويات غير مسبوقة، تعاظمت معها مخاطر الانهيار الاقتصادي، وفتحت الباب على مخاطر الانفجار الاجتماعي.
فقد زادت خيارات وسياسات قيس سعيد منذ 25 يوليو/تموز، وطريقته في تدبير الشأنين؛ الاقتصادي والاجتماعي من خطورة الأزمة الاقتصادية والمالية، وجعلت الإصلاح وإعادة التوازن أمرًا صعبًا، ما جعل نظام سعيد يواجه تحديات كبرى لتفادي النتائج الكارثية لهذه الأزمة.
ورغم تعاظم المخاطر يومًا بعد يوم، اختارت سلطة الأمر الواقع عدم تطبيق الإصلاحات المطلوبة؛ مخافة اندلاع أزمة اجتماعية تضاف إلى الأزمة السياسية الحادة. اختار سعيد الطريق الأسهل سياسيًا وهو المماطلة وكسب الوقت عبر اتخاذ إجراءات جزئية لتأجيل الانهيار، مقابل الإعراض عن أخذ الإجراءات اللازمة للإصلاح الكلي ما سيؤدّي على الأرجح حسب الخبراء إلى تفاقم الأوضاع على المدى المتوسط، وإلى الاقتراب أكثر نحو الانهيار الاقتصادي في المستقبل، خاصة بعد تسجيل نسبة نمو سلبية في النصف الأول من سنة 2024 الانتخابية، لا تزيد عن 0.02 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.
تبدو حصائل حكم قيس سعيد في كل المجالات "صفرية"، حتى التي جعل منها وقودًا يوميًا لخطابه الشعبوي، مثل؛ مقاومة الفساد، ومحاربة الاحتكار، وتحسين الخدمات، فقد استشرى الفساد أكثر من قبلُ، وافتقد المواطن العديد من المواد الأساسية من الأسواق، وارتفعت أسعارها بما في ذلك المواد التي تحتكر الدولة، توريدها وتوزيعها، مثل؛ القهوة والسكر وغيرهما.
حصيلة صفريةكما تراجعت خدمات المرفق العام في الصحة والتعليم والنقل، وتوسعت الهوة في التنمية بين الجهات، وارتفعت معدلات البطالة في أوساط الشباب، وزادت معها الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، يضاف إلى كل ذلك فشل السلطة في إدارة ملف الأفارقة الوافدين من دول جنوب الصحراء بأعداد كبيرة ومتزايدة ولّدت حالة من الاحتقان الشعبي، والشعور بعدم الأمان على الأرواح والأرزاق.
الأخطر من هذه الحصائل الصفرية، هو خطاب الاستمرار والمواصلة في اعتماد نفس المقاربات التي أدّت إلى هذه الوضعية الكارثية من طرف قيس سعيد، وحالة الإنكار التي تملأ خطابه؛ إنكار الفشل البيّن في كل شيء، بما في ذلك تراجع شعبية قيس سعيد، وتراجع نوايا التصويت له في الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى حدود 10 بالمائة حسب العديد من استطلاعات الرأي.
أدخل قيس سعيد تونس في ديناميكية سلبية في كل المسارات، حتى لم يعد العارفون بتونس يعرفونها بعد أن استحكمت في شعبها – وربما نخبها وشبابها أيضًا – مشاعر عدم الرضا عن الواقع والمخاوف من المستقبل، في ظل تواصل نمط حكم سعيد بدون أفق حقيقية في التغيير نحو الأفضل.
الزمن الثاني، هو زمن استعادة الأمل في التغيير بغلق قوسَي حكم قيس سعيد، ووضع تونس على سكة المستقبل، عبر استعادة الحريات والديمقراطية، وبلورة عرض اقتصادي واجتماعي لإنقاذها من الانهيار والانفجار الوشيكَين أولًا، ثم بناء مشروع نهضوي يستفيد من ممكنات الحالة التونسية، ومن تجارب المراحل السابقة، ومن تطورات المشهدين؛ الوطني والخارجي، ثانيًا.
لا يخلو هذا الزمن المأمول من صعوبات ونقائص تضعف من حظوظه في كسب الرهان الانتخابي الرئاسي القادم، وأهمها:
تراجع ثقة الناخب التونسي عامة – وخاصة الشباب – في الأحزاب السياسية، وخاصة منها الفاعلة في عشرية الانتقال الديمقراطي؛ لتواضع أدائها وللحملة المضادة ضدها من الإعلام أولًا، ثم من قيس سعيد وتنسيقياته ثانيًا، واتهامها بالخيانة والتآمر، واقتسام غنائم الحكم وسرقة أموال الشعب وغير ذلك من الوصمات السلبية.
لم تتقدم الأحزاب السياسية في استعادة ثقة المواطن والناخب التونسي، خاصة بعد تهميشها ومحاصرتها ووضعها تحت ضغط الاعتقالات والمحاكمات فترة حكم سعيد، سوى خطوات قليلة بعضها نتيجة مواقفها، وأغلبها نتيجة فشل قيس سعيد في إدارة الحكم وتحقيق انتظارات الشارع التونسي منه.
تشتت المعارضة الديمقراطية المعتدلة رغم انتماء أغلبها إلى حزام مقاومة حكم سعيد؛ نتيجة تواصل اختلافها في تقييم تجربة عشرية الانتقال الديمقراطي، وربما ما قبلها أيضًا، وتواصل استحكام الأيديولوجيا ونزعة الإقصاء وعدم الاعتراف بالمخالفين.
أطراف خفيةنجحت المعارضة في أن تقترب من بعضها في الموقف من عملية 25 يوليو/تموز 2021 باعتبارها انقلابًا على الديمقراطية، ومشروعًا لحكم فردي استبدادي، رغم أن أغلبها (المعارضة) قد رأى فيها في البداية تصحيحًا للمسار، وفرصة يمكن التعاون فيها مع قيس سعيد؛ لإرساء تجربة جديدة في الحكم بدون حركة النهضة خصمهم السياسي الذي فشلوا في هزيمته انتخابيًا.
بقي، حتى الآن، تقارب المعارضة في الموقف من حكم قيس سعيد على مستوى الخطاب فقط دون أن يتطور إلى عمل مشترك في إطار هيكلي واحد، أو على الأقل التنسيق بين مختلف هياكل المعارضة من أجل بناء الأرضية المشتركة على الحدّ الأدنى الديمقراطي، وعلى الحد الأدنى لمشروع الإنقاذ الاقتصادي.
ولكن هل تنحصر إمكانات التغيير في جهة المعارضة فقط، أم أن هنالك أبوابًا أخرى يمكن أن تأتي منها رياح التغيير وتفاجئ الجميع؟
يدرك المتابع للحالة التونسية أنّ للمشهد العام وجهين، هما: وجه ظاهر نراه في السلطة والمعارضة وانكفاء الشارع على نفسه، ووجه خفي يعتمل في هدوء ويراكم المواقف ويختزنها. المعادلة في الوجه الظاهر بسيطة، وطرفاها معلوما المواقف والإستراتيجيات بنقاط ضعفها وقوتها، وهما السلطة والمعارضة. أما بالنسبة للوجه الخفي، فتبدو المعادلة أعقد لتعدد أطرافها وتنوع وحجم أدوارها، بعض هذه الأطراف معلوم يمكن التنبؤ بموقفه، وبعضها غير معلوم ولا يمكن التنبؤ بموقفه وحقيقة دوره في حسم الانتخابات في هذا الاتجاه أو ذاك.
استئناسًا بالتجربة التونسية، وخاصة ما حصل في عملية 25 يوليو/تموز 2021، واستقراء لخط سير حكم قيس سعيد، واستفادة من التجارب الشبيهة، يمكن التوقف عند أربعة أطراف "خفية" قد تترك أثرًا في الاستحقاق الرئاسي القادم:
القوى الصلبة التي دعّمت قيس سعيد فيما قام به يوم 25 يوليو/تموز 2021 وبعده، أملًا في الخروج من حالة الانسداد السياسي التي وصلت إليها تونس، وخاصة بعد انتخابات 2019، وبحثًا عن حالة من الاستقرار تسمح بإعادة تشغيل أجهزة الدولة بشكل يكون له أثر في تحسين عيش المواطنين.غير أنّ ما قام به سعيد قد يثير مخاوف لدى هذه القوى، وهو ترى حرصًا منه على تغيير هيئة الدولة، والتعاقد الاجتماعي والفضاء التاريخي لعلاقات تونس الخارجية، وربما الزج المتدرج بها في قلب سياسة المحاور الدولية، إضافة إلى فشل سعيد في إدارة الحكم في كل مجالاته؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلًا على التخبط الكبير في تعيين المسؤولين، ثم عزل بعضهم في نفس اليوم، وهي حالة شبيهة بما وصلت إليه البلاد في آخر فترة حكم بورقيبة (1987)، فوصلت البلاد معه بعد ثلاث سنوات من الحكم المطلق على مشارف الانهيار الاقتصادي والانفجار الاجتماعي، وتعطل أجهزة الدولة وتدني خدمات المرفق العام.
فرصة للتغييرهل ستبقى القوى الصلبة تراهن على قيس سعيد أم أنها قد تقبل بتغييره عبر الانتخابات؟
الأطراف الخارجية المؤثرة في السياسة التونسية، ولو بصيغ ودرجات متفاوتة، وأهمها فرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأميركية. تختلف انتظارات كل طرف من هذه الأطراف من الحكم في تونس، ولذلك تختلف مقارباتها ومواقفها في التعامل مع قيس سعيد.لئن اتفقت فرنسا وإيطاليا على مساندة قيس سعيد فيما قام به يوم 25 يوليو/تموز 2021 ودعمته في العديد من السياسات والإجراءات، فقد اختلفتا لاحقًا في موقفهما من مشروعه السياسي، ومن بعض خياراته في إدارة الشأنين؛ الداخلي والخارجي لتونس.
لن ترضى فرنسا من سعيد بغير تمتين الروابط بينها وبين تونس، وتنفيلها بامتيازات تاريخية ثقافية واقتصادية تبقي تونس في رحاب فرنسا وتحت "إدارتها" وعلى ذمتها. غير أن بعض مواقف وسياسات قيس سعيد أدخلت الشك لدى فرنسا في احتمال خروج تونس عن مدارها، ولو جزئيًا، وهو ما لا تقبله فرنسا أبدًا. فهل يدفع هذا الشك فرنسا إلى دعم ترشح بديل عن سعيد؟
أما إيطاليا التي تعاني أكثر من غيرها من دول جنوب أوروبا من الهجرة غير النظامية الوافدة من السواحل التونسية، فإنها تبدو متمسكة بقيس سعيد الذي قبل بوضع تونس في خدمة إيطاليا، وأمضى معها اتفاقيات تجعل تونس حارسًا للسواحل الإيطالية من الهجرة غير النظامية، وتُلزم تونس باستعادة مهاجريها غير النظاميين مقابل مبالغ زهيدة. فهل تنجح إيطاليا في تثبيت قيس سعيد وتساعد في فوزه بعهدة ثانية؟
المعارضة الديمقراطية إذا ما تعاملت مع الانتخابات الرئاسية كفرصة للتغيير والقطع مع تجربة حكم سعيد. هناك مشهد للمعارضة لا نراه اليوم، وهي مختلفة ومتنافرة، هو مشهد الالتقاء الانتخابي في الدور الثاني للرئاسيات لدعم المرشح المنافس لقيس سعيد في صورة حصول دورة ثانية يكون سعيد طرفًا فيها مقابل مرشح ديمقراطي. فهل تنجح المعارضة الديمقراطية في طي خلافاتها ولو مؤقتًا وتتوحد وراء المرشح المنافس لقيس سعيد؟ عموم الناخب التونسي أو ما يسمى عادة الأغلبية الصامتة التي قاطعت كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة التي نظمها قيس سعيد. هل ستواصل هذه الأغلبية مقاطعة الانتخابات الرئاسية بما قد يخدم بالنتيجة قيس سعيد، رغم أن شرعيته ستكون هشّة ومهزوزة لاحتمال ضعف نسب التصويت؟ أم أنها ستغادر موقع "الحياد" وتنخرط في الاقتراع وتحدث المفاجأة بالتصويت لمنافس قيس سعيد؛ أملًا في فرصة جديدة؟قد تختلف إرادات هذه الأطراف لاختلاف مقارباتها ومصالحها، وقد تتفق ضمنيًا في اتجاه واحد لا يمكن التنبؤ به الآن؛ لأن الزمن الانتخابي لا يزال في بداياته، وهو مفتوح على أكثر من مستقبل.
هل تسير تونس نحو طريق الاستمرارية رغم مخاطره، أم في طريق أخذ فرصة التغيير رغم تحدياته الكبرى؟ أم يبقى الحال على ما هو عليه في صورة تعليق المسار الانتخابي؛ نتيجة طعن قضائي في قانونه وفي الإجراءات المنظمة له، وتدخل تونس في مجاهيل جديدة ستزيد من معاناة المواطن، وستعصف بما تبقى من إمكانات الإصلاح والإنقاذ؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الانتخابات الرئاسیة الانتقال الدیمقراطی الانهیار الاقتصادی قیس سعید فی العدید من حکم سعید فی إدارة أکثر من تونس فی سعید ا
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة المنوفية يفتتح فاعليات الندوة التوعوية لمفتي الجمهورية «بداية جديدة»
افتتح اليوم الدكتور أحمد القاصد رئيس جامعة المنوفية فاعليات الندوة التوعوية التي نظمتها الإدارة العامة لرعاية الطلاب حول بناء الإنسان المصري ألقاها الدكتور نظير محمد عياد مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء بالعالم وذلك ضمن فاعليات المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الانسان، وذلك بحضور الدكتور صبحي شرف نائب رئيس الجامعة لشئون خدمه المجتمع وتنمية البيئة والدكتور ناصر عبد الباري نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب والدكتور إكرامي جمال أمين عام الجامعة.
رحب الدكتور أحمد القاصد رئيس الجامعة بالدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية خلال كلمته والتي نقل خلالها ترحيب جميع منسوبي الجامعة من مجلس الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب بتشريف فضيلته لجامعة المنوفية متمنيا تكرار الزيارات التوعوية من دار الافتاء المصرية ودعم سبل التعاون بين الجامعة ودار الإفتاء لتقديم ندوات توعوية للطلاب، كما قدم التهنئة للدكتور نظير عياد عن توليه منصب الافتاء ورئاسة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء بالعالم الاسلامي، كما قدم التهنئة لفضيلته وللجامعة والأمة الإسلامية بمناسبة الاحتفال بليلة النصف من شعبان وحلول شهر رمضان المعظم. كما أثني الدكتور أحمد القاصد بدور الافتاء المصرية في ترسيخ قيم المواطنة الانسانية في المواطن المصري وذلك في ضوء العقيدة الاسلامية السمحة عملا بالكتاب والسنة النبوية الشريفة.
وأشار القاصد بدور دار الإفتاء التي تُعد من أعرق المؤسسات الدينية، وتُعتبر في طليعة المؤسسات الإسلامية في جمهورية مصر العربية والعالم العربي، وتقوم بدورها التاريخي والحضاري من خلال وصل المسلمين المعاصرين بأصول دينهم، وتوضيح معالم الإسلام الوسطية على مر العصور، ومواجهة الأفكار المتطرفة، وحماية المجتمع من التحديات الفكرية والاجتماعية، مما يعزز دور مصر الديني و الريادي في العالم الإسلامي.
كما أعرب الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية عن بالغ سعادته بتواجده بمحافظة المنوفية ممثلة في اللواء ابراهيم ابو ليمون محافظ المنوفية والدكتور أحمد القاصد رئيس جامعة المنوفية ونواب رئيس الجامعة وامينها العام واساتذة الجامعة وطلابها والعاملين متمنيا للجميع كامل التوفيق والسداد في جميع المجالات ومهنئا جامعة المنوفية بليلة النصف من شعبان واقتراب شهر رمضان المبارك وداعيا المولى عز وجل بان يعم على مصرنا الحبيبة والعالم الاسلامي بالأمن والأمان والسلامة وأعلاء كلمة الحق في جيمع قضايا الامة وعلى رأسها بناء الانسان المصري لتنمية المجتمع المصري وتحقيق التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
حيث أكد الدكتور نظير محمد عيَّاد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم إنَّ الحديثَ عن الإنسان في الإسلام في هذا الوقت لهو مِن أوجب الواجبات، وإننا في عالمنا المعاصر هذا الذي يمكننا أن نَصِفَه بأنه حادٌّ في أحكامه وسريع في اتجاهاته وتطوراته، نجد أنَّ هذه الظروف تؤثر على الإنسان سلبًا أو إيجابًا حيث إن بناء الإنسان لا يتحقَّق إلا من خلال مجموعة من الجوانب التي تتعلق بأعمال القلوب وأعمال الجوارح والأهداف والمقاصد والغايات والتمايز بين المخلوقات. مشيرا بأن الحديث عن بناء الإنسان يستدعي التوقف عند عدة نقاط هامة تتعلق بالبناء العَقدي والتعبُّدي والرُّوحي والبدني والعقلي والعلمي، لكي نحقق بناء الإنسان بالشكل المثالي الذي يمكن من خلاله أن نصل إلى العمران ونحقق البناء والتشييد، وأشار إلى أن ذلك يتطلب العودة إلى المبادئ الأساسية للإيمان بالله.
وأوضح المفتي أن بناء الإنسان يبدأ أولًا من العقيدة، حيث لا يمكن للإنسان أن ينطلق نحو أهدافه ويسعى لتحقيق مقاصده إلا إذا كان ذلك مستندًا إلى مجموعة من العقائد والتصورات التي تحفِّزه وتدفعه للبحث عن الذات والطموح، وذكر قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]، وأوضح أن العقيدة هي الأساس الذي يجب أن يثبت في القلب لتجعل الإنسان قادرًا على تحمُّل الأعباء ومواجهة الصعاب.
كما تطرق مفتي الجمهورية إلى العديد من الظواهر السلوكية التي تنتج عن الإنسان الضعيف عقديًّا، مشيرًا إلى أن العقيدة الحقيقية تشجِّع على مواجهة الآلام والصعاب بثبات وإيمان بالله، كما تناول مسألة الحرية، مؤكدًا أن الحرية الحقيقية لا تضر بالفطرة السوية ولا تدفع الإنسان للخروج عن القيم والأخلاق، كما أشار إلى أن العقيدة تجعل الإنسان قادرًا على مواجهة التحديات، والنقد البنَّاء للأفكار التي قد تبدو مغرية في البداية، مثل الدعوات التي تؤدي إلى تهدم القيم.
وأشار مفتي الديار إلى الجانب الثاني المتعلق بالعبادة أو الشريعة، حيث أوضح أنها هي الجانب الذي يربي النفس البشرية ويدفعها إلى العمل الصالح، مؤكدًا أن العبادة لم تشرع من الله لنفع يعود عليه عز وجل بل هي وسائل للإصلاح والترقية الروحية والفكرية، وأضاف أن العبادة تحقِّق الأهداف النبيلة مثل تربية النفس وتهذيب الأخلاق، وتساعد في بناء مجتمع متكامل، كما أشار إلى أن التعاون والتكامل بين المسلمين يتحقق من خلال العبادة التي تجمعهم على هدف واحد وتوحدهم في علاقاتهم وأعمالهم.
كما أكد عياد علي الجانب الثالث من البناء وهو الذي يتمثَّل في الأخلاق، مشيرًا إلى أنَّ من أهم مقاصد بعثة الأنبياء الدعوةَ إلى التحلِّي بالفضيلة وترك الرذيلة. وتحدث عن الحضارة الإسلامية التي اعتمدت على الأخلاق في بناء أمتها،
وأكد أن الحضارات لا تستمر إلا إذا كانت تقوم على أسس أخلاقية قوية. وأكد أن الإسلام لا يترك مجالًا للقفز على الثوابت أو الاستغناء عنها، وأن بناء الإنسان لابدَّ أن يكون على أُسس ثابتة من العقيدة والشريعة والأخلاق، كما لفت إلى أن الإسلام بنى الإنسان على خمس ركائز رئيسية: العقيدة، والشريعة، والأخلاق، والبدن، والعقل، مشيرًا إلى أن الإنسان مسؤول عن جسمه وأمانته، وأن الإسلام يحرم كل ما يضر بالبدن، مثل: الخمر والمخدرات والعلاقات الشاذة.
كما أوضح الفرق بين الشخص القوي والضعيف، مؤكدًا أن الحضارات تقوم على سواعد منسوبيها، وأن الإنسان القوي هو الذي يتحمل الصعاب ويسعى لتحقيق الهدف الأسمى.
ثم تناول عياد شرح البناء الفكري، مؤكدًا أن الله ميز الإنسان بالعقل الذي يعد أداة حاسمة في فهم الكون وتحقيق الغايات، فالعقل قانون وميزان ومقصد وحكمة، ولذا نجد الله تبارك وتعالى يُثني عليه وعلى أهله، بل إنه يجعله الأداة التي بها وبمقتضاها سخر عناصر الكون للإنسان وأنه لا يمكننا الحديث عن البناء بدون أن يكون العلم هو المحرك والموجِّه لهذا البناء، فالعصر الذي نعيشه هو عصر العلم والمعلومات، ومن الضروري أن نبحث عن أمة "اقرأ"، فهناك أمر يجب أن يكون حاضرًا في الأذهان، وهو أن توجيه الله للإنسان، ممثلًا في آدم، كان من خلال العلم، ثم عندما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته، كان الإعلان عنها بصورة غير مألوفة، وهي الدعوة إلى القراءة.
وأشار إلى أن الجانب العَقدي يحتاج إلى العلم، وكذلك الجانب التعبدي، لأن العلم هو ما يوجهنا في عبادتنا، وقد أكد القرآن أن المعرفة لا تأتي إلا عن طريق العلماء، كما جاء في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
أما في الجانب التعبدي، فالعلم مرتبط أيضًا، فلا يمكن للإنسان أن يعبد الله وَفْقًا لما يراه هو فقط، بل يجب أن يتبع ما علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَخُذُوا عَنْي مَنَاسِكَكُمْ»، مضيفًا أنه بالنسبة للأخلاق، فهي أيضًا تحتاج إلى العلم، لأن الأخلاق دون علم لا يمكن أن تكون فاعلة، ومن ثم فإن بناء الإنسان يحتاج إلى علم، وكذلك الإعداد البدني يحتاج إلى العلم، وعلى سبيل المثال، إذا توقفنا عند ما يتعلق بالطعام والشراب، نجد أن الله تعالى يقول: {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31].
وفي الختام أكَّد المفتي أننا أمام مجموعة من المراحل أو الحلقات، وكل مرحلة تؤدي إلى المرحلة التي تليها، حتى نصل في النهاية إلى بناء إنسان صالح ملتزم، يشارك في البناء والتشييد والعمران.
وأضاف أن البناء المعنوي للإنسان هو ما يبقى ويستمر، إذ إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم، بل إلى قلوبكم وأعمالكم، فمن يبني الإنسان بشكل صحيح يساهم في تأسيس الحضارات، لذلك يجب علينا أن نولي اهتمامًا كبيرًا بتكوين النفس وصقلها، ويجب على مَن وجد في نفسه شيئًا من العلم ألا يهمل نفسه في تطويره، مشددًا على أن الإنسان مطالب بأن يستفيد من كل ما يحيط به ومن تجاربه، لأنها تعدُّ خير معلِّم له.
هذا وقد قدم الدكتور أحمد القاصد رئيس جامعة المنوفية درع الجامعة لفضيلة الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية تقديرا لفضيلته ولتشريفة في رحاب جامعة المنوفية لالقاء ندوة هامة حول بناء الانسان المصري في العقيدة الاسلامية متمنيا تكرار زيارة فضيلته للجامعة في العديد من الندوات التوعوية البناءه.
كما اختتمت الندوة بالرد على استفسارات الطلاب والطالبات حول عدد من المسائل الشرعية حول الصلاة والصيام واخلاقيات التعامل بين الرجل والمرأة.