باغتيال قائدين من وزن ثقيل، في حزب الله وحركة حماس، يبدو أن بنيامين نتنياهو بصدد صناعة مسارات جديدة للصراع في المنطقة، أو تجريب خيارات من خارج الصندوق. واللافت أن هذه التطورات تحصل مباشرة بعد عودته من زيارة واشنطن ولقائه بالمسؤولين الأمريكيين على مستويات مختلفة.
يدرك نتنياهو، الذي كان على صلة مباشرة بإدارة الحرب طوال الشهور العشرة الماضية، الخطوط الحمر في هذه الحرب وطبيعة قواعد الاشتباك، وإن كانت على الجانب اللبناني أكثر وضوحا منها في الجانب الفلسطيني، أن قتل فؤاد شكر، القائد العسكري الأول في حزب الله، واغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، هما حدثان من نوع اللعب على حافة الهاوية، ليس بالنظر لأهمية الشخصيتين داخل تنظيماتهما، بل لأن استهدافهما سيولد دينامية جديدة في الصراع قد تنسف مختلف الضوابط التي تم مراعاتها حتى الآن، فلا حماس ولا حزب الله استهلكا جميع أوراقهما في هذه الحرب، ولا إسرائيل، وكما ثبت بالتجربة العملانية، قادرة على الخروج من مأزق غزة أو الانخراط بحرب جديدة.
كما يعلم نتنياهو، وبخبرته المديدة، أن اغتيال القيادات لا ينهي حروبا ولا يعطل مسارات، والتجربة الفلسطينية خير مثال على ذلك، حيث اغتالت إسرائيل عشرات القادة والمؤسسين، من الشيخ أحمد ياسين الى عبد العزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي، وخليل الوزير وصلاح خلف، استهدافهما سيولد دينامية جديدة في الصراع قد تنسف مختلف الضوابط التي تم مراعاتها حتى الآن، فلا حماس ولا حزب الله استهلكا جميع أوراقهما في هذه الحرب، ولا إسرائيل، وكما ثبت بالتجربة العملانية، قادرة على الخروج من مأزق غزة أو الانخراط بحرب جديدةورغم أهمية هؤلاء القادة إلا أن حماس وفتح والجهاد الإسلامي لم تحصل لها حالة انهيار وبقيت قوة وازنة وفاعلة ومؤثرة في مسرح الحدث الفلسطيني والإقليمي.
إذا ماذا يريد نتنياهو من وراء هذه السياسة الجديدة؟ ثمة أكثر من احتمال لتفسير هذا التصعيد وفهم أبعاده ومراميه:
الأول: إغلاق حساب، بمعنى أنه يريد طي صفحة الحرب التي بدأت تظهر آثارها الخطيرة على إسرائيل، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وبالتالي فهو يريد مخرجا من وزن اغتيال قادة مهمين ليعلن أن الحرب أدت أهدافها، غير أن ذلك قد يورطه في حرب أكبر إذا رأى حزب الله وإيران أن السكوت عن هذه الأفعال سيشكل إحراجا لهما وإعلانا لهزيمتهما في المنطقة.
الثاني: إعادة تشكيل الحرب، بمعنى تغيير كل قواعد الاشتباك التي انتظمت عليها الحرب طوال الشهور السابقة، وفرض قواعد اشتباك من طرف واحد، بحيث تقر إسرائيل وتفرض على الفاعلين الآخرين نمطا جديدا من الحرب لن يجدوا أمامه إلا التكيف معه، نظرا لفارق ميزان القوّة، وهذا أيضا تصوّر غير متسق مع مجريات الحرب ووقائعها، وقد يزيد من إشكاليات نتنياهو بدلا من حلها.
الثالث: دفع إيران الى الانخراط في الحرب، بعد تجاوز الخطوط الحمر، الأمر الذي سيستتبعه انخراط أمريكي مقابل، بعد أن سمع نتنياهو، ومن مستويات أمريكية عديدة، التزام أمريكا بأمن وسلامة إسرائيل، وبالتالي فلا داعي للاستنزاف والمراوحة الحاصلة الآن بدون آفق، والذهاب إلى الحسم، حتى لو كان ذلك يعني السير إلى حريق إقليمي كبير. أيضا هذا الاحتمال دونه وضع أمريكي غير مريح على المستوى الجيوسياسي، نظرا لأولويات واشنطن ومشاغلها العالمية والداخلية.
الملفت إزاء هذا المشهد المتدحرج بسرعة صوب الانفلات، الهدوء الذي يعم العاصمة الأمريكية، والتي عبر عنها أكثر من خبير ودبلوماسي وعسكري في واشنطن، بأنه لن تكون هناك حرب شاملة حتى بعد إقدام نتنياهو على مغامراته الطائشة، دون شرح وتحليل أسباب هذا التأكيد، مع أن النخبة الأمريكية ذاتها كانت قد توقعت في بداية الحرب أن احتمال توسعها الى حرب إقليمية أمر وارد بدرجة كبيرة
الرابع: حسابات خاطئة، من نوع أن إسرائيل وطوال الشهور العشرة قتلت شخصيات فاعلة ومؤثرة وكانت ردود حزب الله وحماس محدودة جغرافيا ولم تصل إلى حد التمرد على قواعد الاشتباك، وخاصة من قبل حزب الله. ويدخل ضمن هذه الحسابات، أن الاغتيالات المتدرجة قد يكون الهدف منها تعويد حزب الله وحماس على هذا النمط من الاغتيالات، وبالتالي، وخاصة حزب الله، عليه الاستعداد لاغتيالات من حجم كبير جدا.
الملفت إزاء هذا المشهد المتدحرج بسرعة صوب الانفلات، الهدوء الذي يعم العاصمة الأمريكية، والتي عبر عنها أكثر من خبير ودبلوماسي وعسكري في واشنطن، بأنه لن تكون هناك حرب شاملة حتى بعد إقدام نتنياهو على مغامراته الطائشة، دون شرح وتحليل أسباب هذا التأكيد، مع أن النخبة الأمريكية ذاتها كانت قد توقعت في بداية الحرب أن احتمال توسعها الى حرب إقليمية أمر وارد بدرجة كبيرة، فما الذي تغير؟ هل تعتقد واشنطن أن المنطقة باتت مستنزفة وبالتالي لا رغبة لدى أطرافها بالخوض في حرب تستنزفها أكثر من ذلك، أم أن واشنطن تدير قنوات اتصال خلفية مع الأطراف المختلفة وتعرف بالتالي تفاصيل أكثر مما هو معلن؟
بكل الأحوال، المنطقة ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تعيش في قلب الخطر، الذي كانت نتيجته قتل وجرح ما يزيد عن 130 ألف غزي وتدمير كامل القطاع، فإن لم يكن كل ذلك خطرا فماذا يعني الخطر أصلا؟
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله حماس نتنياهو الحرب إيران إيران حماس نتنياهو حزب الله الحرب مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله أکثر من
إقرأ أيضاً:
صحف عالمية: اغتيال عفيف يعكس مدى توسع هجوم إسرائيل ضد حزب الله
تناولت صحف عالمية التطورات الميدانية للحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة ولبنان، إضافة إلى نظرة تحليلية لمرشحي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب فيما يتعلق بالتعامل مع إيران.
وقالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن اغتيال إسرائيل للمسؤول الإعلامي في حزب الله محمد عفيف "يعكس مدى اتساع نطاق الهجوم الإسرائيلي ضد الحزب داخل الأراضي اللبنانية".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: خطة جديدة للديمقراطيين لمواجهة تسونامي ترامبlist 2 of 2لوتان: حكومة نتنياهو تتحدى الأمم المتحدة بدعم أميركيend of listوأشارت الصحيفة إلى أن اغتيال عفيف يأتي في وقت تدفع فيه الولايات المتحدة ودول أخرى نحو حل دبلوماسي للصراع، وفي وقت يدرس فيه القادة السياسيون في لبنان أيضا مسودة وقف إطلاق النار.
وأبرزت صحيفة كالكاليست الإسرائيلية تصريحات لقائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق عمير إيشيل تتحدث عن "غياب خطة واضحة لإنهاء الحرب في ظل سياسة إسرائيلية كارثية".
ووفق إشيل، فإن هناك حاجة إلى جهد سياسي لإنهاء الحرب "وإلا فستفقد الإنجازات العسكرية على الجبهتين الشمالية والجنوبية قيمتها"، لافتا إلى أن ترامب يريد إنهاء الحروب.
نتنياهو وحرب غزةبدورها، رأى مقال بصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبحث سبل وقف إطلاق النار في لبنان لكنه "غير مهتم بإنهاء الحرب على غزة حتى تحقيق ما يسميه نصرا كاملا".
وحسب المقال، فإن نتنياهو يحاول إيجاد قالب لإعلان نصر على الجبهة الشمالية رغم أن حزب الله لا يزال يمثل تهديدا لإسرائيل مع حديث أقل حماسة عن غزة، إضافة إلى أن خطط نتنياهو قد تصطدم بخطط ترامب.
من جانبه، سلط موقع ميديا بارت الفرنسي الضوء على محاولة إسرائيل القضاء على الهوية الثقافية داخل غزة، حيث لم تستهدف حربها السكان والبنية التحتية فحسب.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو) -وفق الموقع- أن القوات الإسرائيلية دمرت عشرات المواقع التراثية والتاريخية والأثرية بدعوى محاربة الإرهاب، وهذا يعكس سياسة ممنهجة لكسر الروابط الاجتماعية والقضاء على الذاكرة الجماعية.
أما صحيفة واشنطن بوست الأميركية فقد ذكرت أن دعاة ممارسة أقصى ضغط على إيران في إدارة ترامب الجديدة يبدون "أقل نفوذا".
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب يدرك أن منطقة الشرق الأوسط أقرب حاليا إلى مواجهة عسكرية كبرى.