معرض الفضة في تيزنيت جسر اقتصادي بين المغرب وأفريقيا
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
تيزنيت- تحتضن مدينة تيزنيت جنوبي المغرب -التي توصف بأنها "عاصمة الفضة"- معرض تيميزار الذي يشمل مجوهرات وحليا وأواني منزلية وبنادق وخناجر وسروجا مطرزة، وهي منتجات تقليدية لها رمزية ثقافية وحضارية.
وخلال جولة الجزيرة نت في المعرض كانت الصائغة ليلى الأبيض تنهمك في ترتيب عدد من مجوهرات الفضة أمام طاولة صغيرة، في حين يراقب حركاتها التاجر النيجري سابيو ماني بكثير من الاهتمام.
وبسرعة ودقة تطوع ليلى بين أناملها خيوطا حريرية، لجمع قطع متناثرة وتنهي عمل قلادة أنيقة تلفت الأنظار.
وتقول ليلى للجزيرة نت وهي تظهر أحد الرسوم الدالة على تلك القلادة إنها مستوحاة من الثقافة الأفريقية جنوب الصحراء، مضيفة أن صناعة الفضة علاوة على أنها رمز دائم للتلاقح الثقافي لها أثر اقتصادي على المدينة.
أما ماني فيقول وهو يستحضر مرور القوافل التجارية قديما "أنتقل بين تيزنيت ونيامي مرات عديدة في السنة، وعلى الرغم من بعد المسافة فإني أحب لقاء الناس هنا وأشعر بطيبتهم وكرمهم وحبهم لعملهم وأتوق لرؤية إبداعاتهم".
مدخل معرض تيميزار للفضة بمدينة تيزنيت المغربية (الجزيرة)يحضر المعرض كل سنة نحو 50 عارضا اختيروا بعناية لأفكارهم الملهمة أو لمشاريعهم المبتكرة، ويتنافسون في جلب الزوار وإقناعهم باقتناء الجديد المبدع، في حين يراه سابيو القادم من نيامي عاصمة النيجر فرصة للاطلاع على الجديد من إبداعات الصناع والحرفيين وعرض سلعته الجديدة.
ويقول رئيس الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي التضامني في تيزنيت العربي عروب للجزيرة نت إن المعرض يساهم في الترويج الاقتصادي والسياحي للمدينة، كما يروج للاهتمام بالإرث الثقافي التي يشكله عالم الفضة.
ويؤكد أن المشاركة الأفريقية لها من الدلالات الرمزية ما يرسخ العمق الأفريقي لدى المؤسسات المغربية القطاعية والمنتخبة والمدنية بحكم الانتماء والقواسم المشتركة من أجل التنمية المستدامة المشتركة دوليا.
الفضة في المغرب
وتسأل ليلى عن تاريخ الفضة في المغرب، فيأتيها الجواب من بحث أستاذ الجيولوجيا بجامعة ابن زهر في أغادير مصطفى سوحسو أظهر وجود سلسلة كاملة للإنتاج بمنجم إميضر قرب تنغير (جنوبي البلاد)، كما أن تقنيات التعدين تعود إلى 150 سنة قبل الميلاد، وهي تشبه كثيرا تلك المستعملة بأحد مناجم لا سييرا مينرا جنوب إسبانيا.
ويضيف الأكاديمي في حديث للجزيرة نت أن قيام عدد من الدول في المدن الإمبراطورية المغربية ارتبط بوجود مناجم للفضة تخصصت في صناعة معينة، مثل منجم تودغة قرب سجلماسة (صك النقود) ومنجم جبل عوام (مريرت) قرب فاس ومكناس ومنجم تمدولت قرب تيزنيت (الحلي).
ويشير إلى أن ذلك جعلها تبني قوة اقتصادية وعسكرية كبيرة، وقد تأكد ذلك من خلال وجود مسكوكات فضية كما هو الحال في عهد الموحدين، مضيفا أن مدينة تمدولت مثلا والموجودة على جبل من الفضة هندستها أنيقة وحدائقها فائقة الجمال، كما ذكر المؤرخ حسن الوزان.
معرض تيميزار يشهد عرض مشغولات فضية من نحو 50 حرفيا (الجزيرة) إنتاج الفضةوتفتخر ليلى بأنها تطوع معدنا أصبح عنوان فخر للمغرب الذي يضم سابع أكبر منجم للفضة في العالم، مما يجعله الرائد في أفريقيا وأحد أهم المنتجين على مستوى العالم.
وتستخدم الفضة إلى جانب صناعة الحلي في صك النقود والاستثمار المالي وإنتاج الألواح الشمسية وتنقية المياه والصناعات الكيميائية.
وبفضل وجود منجم زكوندر (260 كلم شرق أغادير) -وهو الثاني من نوعه بعد منجم إيمضر- تلعب منطقتها دورا مهما في ترسيخ مكانة المغرب المتقدمة على خارطة الإنتاج العالمي.
وتوضح شركة "آيا غولد آند سيلفر" الكندية عبر موقعها الرسمي على الإنترنت قدرتها على إنتاج 1.97 مليون أوقية سنة 2023 في المنجم، مشيرة إلى تقديرات احتياطية عالية الجودة، والتي ستؤدي إلى زيادة الإنتاج.
ومن المقرر أن ينتج المنجم 6.8 ملايين أوقية سنويا على مدى عمر المنجم الممتد إلى 11 عاما، وأكثر من 8 ملايين أوقية سنويا خلال السنوات الخمس الأولى من زيادة الإنتاج.
ويقول الخبير الاقتصادي رشيد ساري للجزيرة نت إن ذلك يأتي كنتاج لمخطط المغرب في مجال التعدين (2021-2030) بعد تجاوز مجموعة من العقبات المرتبطة بتبسيط الإجراءات وتقديم الحوافز الضريبية، مما يساهم في جذب المزيد من الاستثمارات، علما بأن ثمة خططا مهمة للتنقيب على امتداد 430 كلم بين الدار البيضاء وآسفي تتيح فرصا أكبر.
ويضيف أن هذا النمو المتسارع يؤكد أهمية قطاع التعدين في الاقتصاد المغربي، إذ يساهم حاليا بنسبة تتراوح بين 8% و10% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل تقريبا مساهمة قطاعات أخرى مهمة مثل السياحة، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة إلى ما بين 15% و20% في المستقبل القريب، وفق قوله.
تمتاز المشغولات الفضية المحلية المغربية بالتصاميم التي تدل على البيئة المحلية (الجزيرة) جذب الاستثمارات الأجنبيةويقول الأكاديمي ساري إن الإستراتيجيات الحكومية الحالية تبدو أكثر توجها نحو جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع التصنيع والتصدير.
ويدعو إلى دعم سياحة التعدين لما تمثله من فرصة كبيرة لتطوير القطاع، فالسياح يبحثون عن المنتجات الفضية التقليدية أكثر من الذهب، والتي تعكس روح الحضارة المغربية.
وتفتخر ليلى -وهي تعمل لحسابها الخاص- بأن تكون حلقة في سلسلة إنتاج تساهم في اقتصاد مدينتها، لكن لا يمنعها ذلك من إبداء الأسف من اجتياح الماكينة سريعة الإنتاج صناعتها.
ويقول العربي عروب إن تنظيم المجال وتشجيع الشركات الناشئة كفيلان بأن يعيدا الروح إلى صياغة الفضة، مستشهدا على أهمية ذلك بالإبداعات التي تظهر في معرض تيميزار كل سنة.
عمق أفريقيولا يخفي سابيو ماني اندهاشه حين علم أن أحد بحوث الأكاديمي سوحسو تؤكد أن القوافل التجارية ابتداء من القرن السابع الميلادي -خصوصا القرن الـ13- والقادمة مما كانت تعرف في كتب التاريخ ببلاد السودان (دول جنوب الصحراء) -والتي تسلك طريق القوافل التجارية العابرة للصحراء (تمبكتو، سجلماسة، فاس، تلمسان)- كانت تتوقف في مدينة سجلماسة مستفيدة من قوة "الإمارة" لحمايتها، لتبادل الذهب وريش النعام بالملح أو النحاس.
ويؤكد ماني أن حجم المبادلات بين المغرب وأفريقيا عموما والنيجر خصوصا في تزايد بعد فتح معبر الكركرات من جديد وتأمينه، مبينا أن السلطات من الطرفين تقدم جميع التسهيلات القانونية من أجل تدفق السلع، كما أن منتجات الفضة تخضع لمراقبة الجمارك وتضع عليها خاتمها قبل أن تصبح قابلة للبيع والتسويق.
النيجري سابيو ماني في ورشته يعرض منتجات أفريقية (الجزيرة) إبداع وانفتاححين نعود إلى ورشة ليلى في اليوم التالي نجدها مهتمة بوضع اللمسات الأخيرة لحلية جديدة، وإلى جانبها تسمع طلقات البارود في محفل للفروسية التقليدية.
وفي جانب آخر متحف خاص بالمعرض تطل فيه تحف فنية على الزوار كأنها تحكي لهم حكاياتها الكثيرة، فهذا فارس يحمل خنجرا مرصعة بالفضة وتلك عروس تبدو مفتخرة بقلادتها وتيجان وأقراط وخلاخل تيزنيت، وذاك سور تاريخي بأبوابه السبعة من الفضة الخالصة صُنعت على يد صانع ماهر استعمل فيه تقنيات السلك الفضي والطلاء الزجاجي والنقش، ليحاكي السور السلطاني للمدينة.
وبواسطة مطرقة ومبرد وبتركيز كبير تحاول الشابة -التي اقتحمت مهنة عائلتها بعدما كانت حكرا على الرجال- أن تضع بصمتها الخاصة.
وتأمل ليلى كما ماني أن يستمر سفراء الفضة في مد الجسور الاقتصادية بين المغرب وعمق أفريقيا.
تعتبر حلي الفضة جزءا من لباس العروس في مدينة تيزنيت (الجزيرة)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للجزیرة نت الفضة فی
إقرأ أيضاً:
أحداث مسلسل وتر حساس الحلقة 40.. مفاجأة في مقتل «ليلى»
شهدت الحلقة 40 من مسلسل وتر حساس، التي عرضت أمس على قناة on، مفاجأة كبرى في قضية قتل ليلى التي تجسد شخصيتها الفنانة جنا الأشقر، حيث اتجهت أنظار الجمهور إلى كاميليا التي تجسد شخصيتها الفنانة إنجي المقدم، لاتهامها بأنها وراء الواقعة.
أحداث مسلسل وتر حساس الحلقة 40وتضمنت أحداث الحلقة 40 من مسلسل وتر حساس اكتشاف أن «كاميليا» خبأت «عبد الرحمن» الذي يجسد شخصيته الفنان شريف الشعشاعي، في مكان لا يعرفه أحد، حتى لا تصل إليه «سلمى» شقيقة «ليلى» التي تجسد شخصيتها الفنانة صبا مبارك، وتعرف حقيقة من وراء قتل شقيقتها.
عبدالرحمن يتجاهل تحذير كاميلياوعندما ذهبت كاميليا إلى عبد الرحمن، وجهت إليه اللوم لخروجه من مكانه وذهابه إلى مقابر ليلى رغم تحذيرها له، مشددة على عدم تكرار الأمر مرة أخرى لأن سلمى تبحث عنه في كل مكان، وإذا عثرت عليه ستنتقم منه لمقتل شقيقتها، موضحة وجود مستندات تدينه وإذا عثرت عليها سلمى ستبلغ عنه السلطات، قائلة: «موت ليلى كانت غلطة كبيرة أوي كلنا بندفع تمنها، ومش عايزاك تحس بالذنب إنك شهدت زور علشان تنقذ بني أدم يستحق فرصة تانية».