استقبل د.أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مساء أمس، د.عبدالمجيد بن عمارة الأمين العام لاتحاد مجالس البحث العلمى العربية، بحضور د.جينا الفقي القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وذلك بمبنى التعليم الخاص بالقاهرة الجديدة.

في بداية اللقاء، رحب الوزير بالأمين العام لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية، مشيدًا بالدور المحوري الذي يلعبه الاتحاد في تعزيز الشراكات العلمية بين المؤسسات البحثية العربية؛ مما يساهم في خلق بيئة محفزة للابتكار والإبداع من خلال توفير سبل وآليات متعددة ومتنوعة للتعاون بين المؤسسات والهيئات البحثية العربية، ودعم مختلف الأنشطة العلمية المشتركة، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.


وأكد د.أيمن عاشور اهتمام مصر بالبحث العلمي والابتكار كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، مشيدًا بالتعاون العربي المشترك في هذا المجال، مؤكدًا الدور المحورى للهيئات والمنظمات والاتحادات العربية المعنية بالتعليم العالى، والبحث العلمى، والابتكار، والملكية الفكرية فى دعم واستحداث وتطوير الآليات الفاعلة فى العمل البحثى، والتى تجمع الباحثين العرب على هدف واحد رغم اختلاف أوطانهم، وتخصصاتهم لخدمة أهدافنا المشتركة، وعلى رأسها جامعة الدول العربية بإدارتها المختلفة والكيانات العربية ذات الصلة، مثل: اتحاد مجالس البحث العلمى العربية، واتحاد الجامعات العربية، والمؤسسات الأممية، مثل: اليونسكو، والإيسيسكو، والألكسو، وغيرهم.


وأشار الوزير إلى أهمية هذا اللقاء في تعزيز التعاون العلمي العربي لمواجهة التحديات المشتركة، مشيرًا إلى استعداد مصر لتقديم كل الدعم لاتحاد مجالس البحث العلمى العربية في هذا الصدد بما يُمكن الاتحاد من تعزيز مسيرة البحث العلمى فى المنطقة العربية.

خلال اللقاء، تناول الجانبان آليات التعاون المشترك في مجال البحث العلمي، وذلك من خلال الاستفادة من الإمكانات الهائلة التي يوفرها بنك المعرفة المصري؛ لدعم الباحثين العرب في مراكزهم البحثية، والتأكيد على أهمية تبادل الخبرات والمعارف بين الباحثين العرب، وكذا مناقشة آليات الاستفادة من التجربة المصرية في الارتقاء بالتصنيف الدولي للجامعات، من خلال تبادل الخبرات والمعارف مع الجامعات المصرية الرائدة.

كما تطرق اللقاء إلى مناقشة فكرة إعداد تصنيف موحد للمراكز البحثية العربية، على غرار تصنيف الجامعات العربية، بهدف تعزيز التنافسية والارتقاء بمستوى البحث العلمي في الوطن العربي.

ومن جانبه، أعرب د.عبد المجيد بن عمارة عن خالص شكره للحكومة المصرية على دعمها المتواصل للاتحاد، واحتضانها لمقره، مشيدًا بالتعاون المثمر في تنفيذ مبادرة (التحالفات العربية للبحث والابتكار) بمبلغ 100 مليون دولار، ومشاركة مصر بـ 153 مشروعًا من أصل 396 مشروعًا، واستفادة ما يقرب من 200 باحث عربي من المبادرة، لافتًا إلى مساهمة أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في تمويل 11 مشروعًا، مؤكدًا أن المبادرة تهدف إلى بناء فرق بحثية عربية مشتركة لمعالجة التحديات العربية المشتركة، مثل: الأمن الغذائي، والتغير المناخي، مشيرًا إلى أن هذه المشاركة تأتي إيمانًا من وزارة التعليم العالي المصرية بأهمية التعاون العربي في العلوم والتكنولوجيا والابتكار؛ لتعزيز التنمية الشاملة في الدول العربية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اتحاد الجامعات العربية أكاديمية البحث العلمي التعليم العالي والبحث العلمي تحقيق التنمية المستدامة جامعة الدول العربية رئيس أكاديمية البحث العلمي وزير التعليم العالي والبحث العلمي البحث العلمی البحث العلمى

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي العربي في زمن التحولات الكبرى

 

 

 

 

مرتضى بن حسن علي

 

في عصر تتغير فيه الخرائط المعرفية بوتيرة جنونية، وتتحول الجامعات حول العالم إلى مختبرات للأفكار واختراع الغد، وتسوده الثورة التكنولوجية الكاسحة والذكاء الصناعي، لا تزال مُعظم مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي محاصرة في قوالب الماضي، وتواجه تحديات جذرية تُعيقها عن أداء أدوارها كقاطرة للتقدم وابتكار المستقبل لأنها مُثقلة بكثير من المُعوِّقات التي تبعدها عن أداء رسالتها الحقيقية.

الجامعات هي مصادر للفكر والعلم ومراكز للأبحاث، مهمتها التعايش مع الحياة العملية والعلمية وأن تجعل الأجيال الجديدة على دراية بالواقع وتطوراته ودراسة همومه والتعرف على مشاكله الفعلية، وتطوير الطلبة علمياً وفكرياً وبكل ما تملك من قدرة على البحث والتشخيص والتحليل، وتكون على صلة وثيقة بينها وبين دنيا العمل والتكنولوجيا. وحتى تتحول من مجرد مانحة للشهادات إلى حاضنات للإبداع والخريجين قادة للتغير، فهي بحاجة إلى بيئة أكاديمية ورؤساء وعمداء ذوي رؤية واضحة وأكفاء يواكبون الاتجاهات الحديثة في التعليم على المستوى الدولي واختيار الموارد البشرية المؤهلة، واتباع مناهج حديثة، والاهتمام بالبحث العلمي.

والوظيفة الأساسية لمؤسسات التعليم العالي هي تأهيل الشباب علميا وسلوكيا وفكريا وأن تبتكر مع مرور الوقت، مسارات للتقدم ونقل المعرفة إلى مجتمعاتها وأن تكون مشاعل للتقدم. غير أن الأنظمة التي تخضع لها تحد من قدراتها على مواكبة التقدم العلمي الذي يحصل في مثيلاتها من البلدان المتقدمة.

 ولعلَّ قدرًا كبيرًا وملحوظًا لذلك يتصل بضعف مرحلة التعليم الأساسي، وافتقار المجتمعات العربية لمؤسسات إنتاج حقيقية من معامل ومصانع ومراكز للأبحاث الجادة. لقد اختزلت أدوار التعليم العالي في مجرد المانح للشهادات التي هي في أغلبها خالية من المحتوى وتعلق داخل البيوت والمكاتب كجزء من الديكور الداخلي الذي يستر عيوبا عديدة في البناء الداخلي، لا تنتج فكرا ولا تبني أُمَّة. وفي ظل هذا الوضع لم يكن غريباً أن يقوم كل من التعليم والعمل بنفي الآخر ومحاصرة أدواره.

التحديات التي تعيق التعليم العربي كثيرة منها:

المناهج البعيدة عن التقدم التكنولوجي:

لا تزال العديد من الجامعات العربية تعتمد مناهج قديمة في زمن جديد، نظرية تركز على الحفظ والتلقين، بدلًا من تنمية مهارات التحليل والتفكير النقدي. فمثلا في مجال الهندسة، يفتقد الطلبة إلى مختبرات متطورة أو التدريب العملي في الميدان، وينهون دراستهم دون أن يلمسوا مختبرا متقدما، أو يشاركوا في مشروع عملي واحد تهيئهم لسوق العمل، مما يخلق فجوة بين المعرفة الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل، ولا يزال الطالب يدرس نظريات القرن العشرين أو قبله، بينما العالم يتسابق في تطبيقات الذكاء الصناعي وعلوم البيانات.

بيروقراطية بدون أفق وتمويل بدون رؤية وضعف التمويل وطريقة صرفه:

تعاني الجامعات من هياكل إدارية معقدة وترهل إداري وقرارات متضاربة، ولا سيما الحكومية منها، تعيق تبني مشاريع بحثية مبتكرة؛ حيث تُهدر أشهر على إجراءات الموافقة على بحوث طلاب الدكتوراه، بينما تُوجه ميزانيات محدودة إلى فعاليات شكلية بدلًا من دعم الابتكار، أو تبني الأفكار الخلّاقة وموتها في مهدها، كما تفتقد إلى الأموال الأهلية "الوقف والخمس".

الانفصال عن قطاع الإنتاج وسوق العمل:

قلة المشاريع الإنتاجية وغياب الشراكة بين الجامعات والقطاع الصناعي الموجود يجعل الأبحاث الأكاديمية حبيسة الأوراق، في الوقت الذي نجحت ماليزيا مثلا في تحويل أبحاث جامعاتها إلى منتجات تجارية وصناعية عبر إنشاء "مدن التكنولوجيا" التي تربط بين الباحثين والمستثمرين.

في بيئة واحدة تُحول الأفكار إلى منتجات.

البطالة المُقنَّعة:

في مصر- على سبيل المثال- يُشكِّل خريجو الجامعات نحو 30% من الباحثين عن عمل، وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بسبب عدم مواءمة المهارات مع احتياجات سوق العمل المتغير. وأيضًا بسبب عدم وجود المؤسسات الإنتاجية الكافية.

البطالة والتطرُّف:

وجود خريجين عديدين ولمدة طويلة بدون عمل، يدفعهم للهروب إلى العالم الافتراضي. ولجوئهم إلى الجماعات المتطرفة أو الغرق في وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية هربًا من واقعهم، كما حدث مع عدد كبير من الشباب في عدد من الدول العربية الذين تحولوا إلى التنظيمات المُتطرِّفة بعد فشلهم في ايجاد فرص عمل. وهكذا فإن الشهادة الجامعية أصبحت عبئا بدلا من أن تكون جواز مرور إلى العمل.

نماذج نجاح تُلهم الحلول

جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في السعودية استثمرت في بناء شراكات دولية وإنشاء مراكز متطورة في الطاقة المتجددة، مما جعلها تحتل مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية في مجالات الطاقة والمياه والتقنية الحيوية. مبادرة "مليون مبرمج عربي" في الإمارات، والتي ربطت بين التعليم التقني واحتياجات سوق العمل المتبدلة عبر تدريب الشباب على مهارات البرمجة، مما خلق فرص العمل عن بُعد مع شركات عالمية. إنها تجربة ناجحة في ردم الفجوة بين التعليم التقليدي واحتياجات العصر الرقمي. تجربة الجامعة الأمريكية في بيروت؛ فرغم التحديات نجحت الجامعة في دمج البحث العلمي مع قضايا المجتمع، مثل تطوير حلول لمشكلة النفايات في لبنان وتحويلها إلى طاقة.

وفيما يلي نوضِّح كيفية الخروج من النفق واعادة بناء التعليم العربي العالي كمنصة للابتكار واعادة الاعتبار للجامعة:

تجديد الدماء في الإدارات الجامعية وتعيين قيادات شابة ذات رؤية استشرافية، كما فعلت جامعة زايد في الامارات بتعيين أكاديميين من خريجي جامعات مرموقة مثل هارفارد وستانفورد، لتطوير برامجها. ربط التمويل بالنتائج، من خلال منح الجامعات ميزانيات وفقا لجودة الأبحاث المنشورة وعدد براءات الاختراع المسجلة، كما يحدث في سنغافورة مثلًا. خلق مسارات مهنية مرنة، عبر متابعة ما يجري في العالم من تطورات علمية وتكنولوجية وادخال التخصصات الضرورية المتعلقة بتلك التطورات مثل "الذكاء الاصطناعي" و"الاقتصاد الرقمي" أو إدخال تخصصات مستقبلية، وتدريسها بمناهج قابلة للتحديث السنوي، كما تفعلها بعض الجامعات في العالم مثل جامعة "CODE" في المانيا مثلًا.

التعليم كاستثناء استراتيجي

لا يمكن لمجتمعاتنا أن تبني مستقبلًا دون تعليم عالٍ يُحرر طاقات الشباب ويحوّل أحلامهم إلى مشاريع ملموسة. آن الأوان لنتوقف عن التعامل مع الجامعة كمجرد مبنى أو عنوان على ورقة الشهادة، والتعامل معها كجبهة فكر، ومصنع للقيادات، ومحرك للتنمية. فكما قال نيلسون مانديلا: "التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكنك استخدامه لتغيير العالم".

لقد آن الأوان لنجعل من جامعاتنا منارات للفكر، لا مجرد جدران تُعلَق عليها الشهادات!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • البلبيسي: بنك المعرفة المصري الدولي يؤسس لعصر جديد من البحث العلمي العربي
  • مخاطر الذكاء الاصطناعي على التعليم والبحث العلمي
  • وزير التعليم العالي: حريصون على توقيع اتفاقيات تعاون مع الجامعات العربية والأجنبية المتميزة
  • وزارة التعليم العالي تطلق 5 منصات رقمية جديدة
  • مراسل سانا: وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي ‏يفتتح وحدة دعم النشر الأكاديمي الدولي في جامعة دمشق، كأول وحدة من ‏نوعها على مستوى المنطقة، بهدف تعزيز البحث العلمي والسمعة الأكاديمية ‏للجامعة، وذلك ضمن المعهد العالي للغات.
  • وزير التعليم العالي يبحث مع رجال أعمال ‏آفاق التعاون الاستثماري في ‏المجال العلمي
  • التعليم العالي العربي في زمن التحولات الكبرى
  • التعليم العالي: فتح باب التقدم لبرنامج التبادل العلمي المصري الألماني لتطوير التميز
  • بحثُ سبل التعاون في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي بين سلطنة عُمان والهند
  • نائب أمير حائل يستقبل الأمين العام لجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في العمل الاجتماعي