كواليس المفاوضات السرية للصفقة الأهم بين موسكو والغرب
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
حينما أصدرت محكمة روسية حكما في يوليو الماضي ضد الصحفي الأميركي، إيفان غيرشكوفيتش، بالسجن 16 عاما، وبعده حكما آخر ضد الصحفية الأميركية الأخرى، ألسو كورماشيفا، كانت إشارة على ما يبدو إلى أن صفقة تبادل السجناء التي تطبخ على نار هادئة اقتربت من نهايتها.
وكشفت وسائل إعلام أميركية تفاصيل أشهر من المفاوضات المعقدة والدبلوماسية المحفوفة بالمخاطر، التي قادت إلى ما وصفت بأنها أكبر عملية تبادل سجناء بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة، إذ كانت تلك الأحكام بالسجن إشارة معتادة من روسيا على أنه سيتم العفو عنهم، ليدخلوا في صفقة التبادل.
وشمل الاتفاق الذي أعلن عنه، الخميس، ما لا يقل عن 16 شخصا محتجزا في روسيا، مقابل 8 روس سجناء في الولايات المتحدة وألمانيا والنرويج وبولندا وسلوفينيا.
وتضم قائمة المفرج عنهم 3 أميركيين ورابع يحمل الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، بينهم صحفيون.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن يوم 21 يوليو الماضي كان "غير عاديا" بالنسبة للرئيس الأميركي، جو بايدن، عندما تحدث في حوالي الساعة 12:09 ظهرا من منزله بولاية ديلاوير مع رئيس وزراء سلوفينيا، من أجل المضي قدما في "مقامرة دبلوماسية عالية المخاطر" لإبرام اتفاق صفقة تبادل سجناء معقدة ومتعددة الجنسيات.
وبعد 97 دقيقة فقط من تلك المكالمة، نشر رسالة عبر الإنترنت أعلن فيها تخليه عن مساعيه للترشح لمنصب الرئيس مجددا، ليتوج نهاية رئاسته بعد نصف قرن من الخدمة العامة بحل واحدة من أكبر الأزمات السياسية، وفق الصحيفة، التي أشارت إلى أن الصفقة تحقق "نصرا" للرئيس الديمقراطي.
قلق قرب النهايةعلى مدار الأسبوعين الماضيين، كانت الإدارة الأميركية واثقة من تأمين الصفقة، وبحسب تقرير صحيفة "واشنطن بوست"، كان التفاؤل كبيرا بين المسؤولين الأميركيين مع صعود المواطنين المفرج عنهم على متن طائرة في موسكو قبل الهبوط في أنقرة.
بايدن وهاريس يستقبلان المفرج عنهم في صفقة التبادل مع روسيا استقبل الرئيس الأميركي، جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، في قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن، مساء الخميس، المحتجزين الذين أفرجت عنهم روسيا بموجب صفقة تبادل، حسبما ذكرت وسائل إعلام أميركية عدة.وقالت الرئاسة التركية، الخميس، إن 26 شخصا كانوا محتجزين في سجون 7 دول مختلفة من بينها الولايات المتحدة وروسيا جرى مبادلتهم في عملية تبادل كبيرة تمت في أنقرة.
وأضافت في بيان أن هؤلاء السجناء جاءوا أيضا من سجون في ألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وروسيا البيضاء.
ولكن في ظل حالة الترقب، قال مسؤول أوروبي لأحد الصحفيين إن طائرة متجهة من موسكو إلى أنقرة عادت أدراجها، فكان القلق والمخاوف كبيرة من فشل الصفقة، لكن تبين خلال وقت لاحق أنه "إنذار كاذب".
ومع ذلك، ظل القلق مستمرا حتى حلقت الطائرة التي تحمل المحتجزين من موسكو نحو تركيا، وفق "واشنطن بوست".
وجرت المفاوضات من أجل إتمام الصفقة على مدار أكثر من عام شهد خلالها انهيارا كبيرا حينما توفيت الشخصية الأبرز ضمن التبادل، وهو المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني.
سلوك بوتين المحيّروذكرت "واشنطن بوست" أيضا أن الشخصية المحورية في الصفقة لم تكن الصحفي الأميركي أو ناشط داعم للحرية والديمقراطية، بل قاتل روسي مدان وهو فاديم كراسيكوف.
وأطلق كراسيكوف النار عام 2019 على مقاتل شيشاني سابق في العاصمة الألمانية برلين، بإيعاز من وكالة استخبارات روسية، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة عقب إدانته بالقتل باعتباره مارس "إرهاب دولة"، وفق الصحيفة.
وواصلت الصحيفة الأميركية رصد كواليس الصفقة مشيرة إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أشاد بكراسيكوف بعد جريمته وأصبح يركز بشكل كبير على القيام بكل الجهود من أجل إخراجه من سجنه بألمانيا.
وذكرت "واشنطن بوست" أن سلوك بوتين وإصراره على إطلاق سراح كراسيكوف "حيّر" المسؤولين الأميركيين، الذين قالوا إنهم غير متأكدين من سبب رغبة بوتين القوية في إخراجه من السجن.
سوليفان: لم نتعامل مباشرة مع بوتين في موضوع صفقة السجناء قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، الخميس، إن واشنطن لم تتعامل مباشرة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في موضوع صفقة السجناء.وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن كراسيكوف قال لحارس سجنه ذات مرة: "روسيا الاتحادية لن تتركني أتعفن في السجن".
وسبق وطرحت روسيا اسمه في صفقة التبادل عام 2022 حينما كانت الولايات المتحدة تعمل على إطلاق سراح عنصر المارينز السابق، بول ويلان، ونجمة كرة السلة، بريتني غرينر. وحينها كان هذا الاقتراح غير ممكن بسبب احتجازه في ألمانيا، ولم يكن الأمر بيد واشنطن، وفق "واشنطن بوست".
كما نقلت الأخيرة عن مسؤول أميركي مطلع على المفاوضات، قوله: "كنا نعمل على إطلاق سراح ويلان، ولكن لم نتمكن من إقناع الروس فقد أرادوا إطلاق سراح كراسيكوف، والألمان لم يكونوا ليخرجوه فقط مقابل إطلاق سراح مواطنين أميركيين".
وكانت آخر عملية تبادل كبرى بين الولايات المتحدة وروسيا في عام 2010 تضمنت إطلاق سراح 14 شخصا.
فيما أجرت الدولتان في ديسمبر 2022، عملية تبادل رفيعة المستوى، حيث تم مبادلة غرينر، التي حُكم عليها بالسجن 9 سنوات بتهمة العثور على زيت القنب في أمتعتها، بتاجر الأسلحة فيكتور بوت، الذي كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 25 عاما.
مفاوضات مع الألمانوصلت المفاوضات إلى طريق مسدود قبل أن يبدأ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مناقشات جديدة حول ما يمكن أن يرغب الألمان في إطلاق سراحه من سجون روسيا، لدفع برلين على إخراج قاتل مدان من سجونها.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الاسم الذي توصلت إليه الخارجية الأميركية هو نافالني، خصم بوتين الأكثر شهرة على وجه الأرض ورمز المعارضة الروسية، الذي كان يقضي عقوبة السجن بتهم اعتبرت ذات دوافع سياسية.
لكن في مارس 2023، تعقدت الأمور حينما اعتقلت روسيا مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" غيرشكوفيتش، لتكون عملية المفاوضات حول صفقة تبادل سجناء أكثر إلحاحا.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن والدة غيرشكوفيتش، إيلا ميلمان، وصلت إلى اجتماع عاجل، الخميس، في البيت الأبيض مع الرئيس بايدن بعد 491 يوما من القبض على نجلها، وتم إبلاغها وزوجها ميخائيل وابنتها دانييل ألا تبلغ أحدا بالأمر.
معلومات جديدة عن "علاقة" بوتين بوفاة نافالني توصل مسؤولو المخابرات الأميركية، إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لم يأمر -على الأرجح- بقتل زعيم المعارضة، أليكسي نافالني، وفقًا لمسؤول مطلع تحدث لوكالة أسوشيتد برس.وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاجتماع الذي تلقت فيه نبأ الصفقة، سبقه أشهرا لم تكن تدرك فيها أن إطلاق سراح ابنها سيكون مرهونا بقاتل مدان وبمجموعة شخصيات عملت في الظل لدفع عملية التبادل، من بينهم دبلوماسيين ومقدمي برامج تلفزيونية ومليارديرات بوادي السيليكون، بجانب دور أيضا لوزيرة الخارجية والمرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون.
وذكرت الصحيفة أن كلينتون ساعدت في الضغط على الحكومة الألمانية للتعبير عن إمكانية التوصل إلى صفقة. وبعد فترة وجيزة من اعتقال غيرشكوفيتش، تحدث الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، إريك شميت، إلى بايدن وأوضح له أن ألمانيا ستكون مستعدة لتبادل محتمل للسجناء مقابل نافالني.
وتواصلت المفاوضات حتى جاء النبأ الأصعب في فبراير الماضي، حينما توفي نافالني في سجنه، ليلقي بايدن خطابا ناريا من البيت الأبيض يدين فيه "وحشية بوتين".
ومع استيعاب الصدمة لفترة، عادت المفاوضات من جديد، وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، التقت برئيس الوزراء السلوفيني، روبرت غولوب، على هامش مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير، حيث تلقت ضمانات باستمرار التزام بلاده بدورها في الصفقة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الإدارة الأميركية أن هاريس التقت أيضا بالمستشار الألماني، أولاف شولتز، بمناقشة إطلاق سراح كراسيكوف.
بالعودة إلى المفاوضات مع الألمان، تواصل بايدن مع المستشار شولتز في نهاية مارس لإبلاغه بالخطوط العريضة للصفقة المقترحة، بعدما حصلت واشنطن على التزامات من الدول الأخرى المنخرطة وهي سلوفينيا والنرويج وبولندا التي ستفرج عن سجناء روس لديها.
مع بداية يونيو بدأت المفاوضات مع روسيا يحيط بها زخما كبيرا، وحصلت الولايات المتحدة على الضوء الأخضر من ألمانيا لإتمام الصفقة، وقدمتها بالفعل لروسيا في نهاية ذلك الشهر.
وافقت موسكو على الصفقة في مطلع يوليو الماضي لتبدأ مراحل التنسيق لإتمامها.
ولا يزال هناك أميركيون تحتجزهم روسيا بمن فيهم، مارك فوغل، الذي ألقي القبض عليه في مطار موسكو عام 2021، وأدين بتهريب مخدرات وحكم عليه بالسجن لمدة 14 عاما، وأكدت واشنطن أنها سوف تواصل جهودها لإطلاق سراحه.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة عملیة تبادل واشنطن بوست صفقة تبادل إطلاق سراح إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزيرة نمساوية سابقة تؤكد: واشنطن والغرب عجزوا أمام صاروخ "أوريشنيك" الروسي
شددت كارين كنيسل وزيرة خارجية النمسا سابقًا، على عجز الولايات المتحدة والغرب عن اعتراض صاروخ "أوريشنيك" الروسي.
وأضافت كنيسل في منشور عبر قناتها على "تلغرام": "ردت روسيا اليوم على العديد من استفزازات الناتو الأخيرة، لقد أدرك الكثيرون أن روسيا نفذت هجوما مشتركا على أهداف في أوكرانيا باستخدام صاروخ جديد متوسط المدى تفوق سرعته سرعة الصوت".
وأكدت وزيرة خارجية النمسا سابقًا: "لا تمتلك الولايات المتحدة ولا أية دول أخرى في العالم حاليا أنظمة دفاع جوي قادرة على اعتراض الصواريخ الروسية الحديثة".
وفي وقت سابق، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه "لا توجد وسائل لمواجهة أحدث أسلحة روسيا اليوم" كما كشف النقاب عن نظام صاروخي جديد متوسط المدى أجرى الجيش الروسي اختبارات ناجحة عليه يحمل اسم "أوريشنيك".
وأكد أن الاختبارات في الظروف القتالية لنظام الصواريخ "أوريشنيك" تجرى ردا على الأعمال العدوانية لدول "الناتو" تجاه روسيا.
وأضاف: "أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية، بما في ذلك الأمريكية في أوروبا، لن تكون قادرة على اعتراض صواريخ مثل أوريشنيك، أحدث الصواريخ الروسية تهاجم الأهداف بسرعة 2-3 كيلومتر في الثانية، ولا تعترضها أنظمة الدفاع الصاروخي".
وتابع أن "الولايات المتحدة هي التي دمرت نظام الأمن الدولي وليس روسيا، كما أنها تدفع العالم بأكلمه نحو صراع شامل"، وقال "نعتقد أن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ بانسحابها من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى من جانب واحد في عام 2019 تحت ذريعة واهية".
وأشار إلى أن "روسيا تعتبر نفسها صاحبة الحق في استخدام أسلحة ضد منشآت عسكرية لدول تستخدم أسلحتها ضدها"، وقال إن القوات المسلحة الروسية شنت ضربة على منشأة للصناعات الدفاعية الأوكرانية ردا على هجمات بأسلحة أمريكية وبريطانية على روسيا.