أخيرا.. فرنسا تعترف صراحة بمغربية الصحراء وتوجه ضربة قاضية للجزائر
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
بقلم: عبده حقي
ذكر بلاغ للديوان الملكي، يوم الثلاثاء 30 يوليو 2024 أنه في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون رسميا لجلالته أنه يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية .
وفي الرسالة ذاتها، والتي تزامنت مع تخليد الذكرى ال 25 لعيد العرش ، أكد رئيس الجمهورية الفرنسية لجلالة الملك ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة ، وأن بلاده تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي .
وتحقيقا لهذه الغاية، شدد فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون على أنه بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الأنسب الذي يجب من خلاله حل هذه القضية. وإن دعم فرنسا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت ، مضيفا أن هذا المخطط يشكل، من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة .
ويمثل هذا القرار الفرنسي الحكيم لحظة محورية في تاريخ المنطقة المغاربية . ومن المرتقب أن يخلف هذا الاعتراف الذي طال انتظاره منذ عشرات السنين آثاراً عميقة على شبكة العلاقات السياسية المعقدة بين المغرب والجزائر وفرنسا، فضلاً عن المشهد الجيوسياسي الأوسع في منطقة المغرب العربي.
ولكي نقدر أهمية هذا القرار الفرنسي برؤية شمولية، فمن الضروري أن نعود لنتفحص سياقه التاريخي حيث ظلت قضية الصحراء المغربية تشكل تصدعا وشرخا مهولا في جسد المنطقة المغاربية منذ خمسة عقود. وقد أدى تأكيد المغرب لسيادته على أقاليمه الجنوبية، والذي قوبل بمطالبة جبهة بوليساريو بتقرير المصير، إلى صراع طويل الأمد لم ينجو هو أيضا من معضلة التدويل. وقد كانت الجزائر من أشد المدافعين والمؤيدين لصنيعتها بوليساريو، حيث قدمت لها كل أشكال الدعم العسكري والسياسي واللوجيستي والمالي والمعنوي.
واليوم يمثل اعتراف فرنسا بمخطط الحكم الذاتي خروجا علنيا وتاريخيا عن مواقفها الحيادية السابقة. منذ ستينات القرن الماضي، حاولت باريس الحفاظ على توازن ديبلوماسي دقيق وذكي بين علاقاتها التاريخية مع الجزائر وشراكتها الاستراتيجية التنموية والمتنامية مع المملكة المغربية. ومع ذلك، فإن قرار دعم موقف المغرب اليوم بشكل علني ولا لبس فيه يشير إلى انعطاف واضح في السياسة الخارجية الفرنسية.
قد تكون ساهمت عدة عوامل في إصدار هذا القرار الجريء والشجاع، أولا، وفضلا عن الشرعية التاريخية للمملكة المغربية فقد لعبت الأهمية الاقتصادية والسياسية للمغرب كقوة صاعدة في المنطقة دورا هاما للغاية بلا شك. إن استقرار المغرب ونموه الاقتصادي الحثيث ومساره الديمقراطي الناجح يجعل منه شريكا أساسيا وجذابا لفرنسا بل والاتحاد الأوروبي.
ثانياً، ربما يكون المشهد الجيوسياسي المتغير في شمال أفريقيا، والذي اتسم بعشرية الربيع العربي وتداعياته، قد دفع فرنسا إلى إعادة تقييم استراتيجيتها الإقليمية.
ثالثاً قد يكون التعنت المتزايد للجزائر، إلى جانب دعمها للمشاعر والمواقف المعادية لفرنسا في المنطقة، قد أثر بشكل واضح على إصدار القرار الفرنسي في هذا الظرف بالذات المتزامن مع احتفالات الشعب المغربي بذكرى عيد العرش المجيد.
لقد استنكرت الجزائر بشدة القرار فور إصداره ، متهمة باريس بخيانة علاقاتهما التاريخية. ومما لاشك فيه أن هذا الخلاف سيؤدي بالفعل إلى تدهور كبير في العلاقات الثنائية بين البلدين والذي كان من بين ردود فعله القوية إعلان الحكومة الجزائرية سحب سفيرها لدى فرنسا "بأثر فوري"، بعد أن اعترفت الحكومة الفرنسية بمخطط المغرب للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل النزاع في الصحراء الغربية، حسبما أعلنت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية يوم الثلاثاء الفارط.
وقد تمتد تداعيات هذه الأزمة إلى ما هو أبعد من التوترات الدبلوماسية، وقد تتأثر العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مع تداعيات محتملة على التعاون في مجال الطاقة، علاوة على ذلك، قد تؤدي حلحلة هذا النزاع نهائيا إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي، حيث قد تسعى الجزائر إلى الرفع من ميزانية دعمها لجبهة بوليساريو وغيرها من الجماعات الإرهابية المعارضة للمغرب وأوروبا.
ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن يؤدي القرار الفرنسي إلى تعزيز العلاقات الفرنسية المغربية، إذ أن البلدين أصبحا بعد هذا القرار شريكين وثيقين بالفعل في مختلف المجالات، بما في ذلك الأمن والاقتصاد والثقافة ومحاربة الإرهاب. ومن المرجح أن يؤدي هذا المستوى الجديد من التوافق السياسي إلى تعميق تعاونهما التقليدي إلى ما هو أفضل في المستقبل.
ومع ذلك، فمن الضروري الإشارة إلى أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب منذ 2007 سيظل محركا ديناميكيا ورئيسيا في هذه العلاقة. وإذا كان للبلدين مصالح مشتركة، فإن المغرب سيواصل السعي لتحقيق أهداف سياسته الخارجية، خاصة فيما يتعلق بقضية صحرائه الجنوبية.
كما يمكن أن يؤدي قرار الاعتراف بخطة الحكم الذاتي إلى تأثير في جميع أنحاء القارة الأفريقية. وقد أعربت العديد من الدول التي كانت تدعم بوليساريو في السابق عن استعدادها لإعادة النظر في موقفها من هذه القضية، ويشكل هذا التحول في الدعم ضربة قاضية للجزائر وصنيعتها جبهة بوليساريو، لأنه سوف ينهي مسرحيتهما الدولية التي أسدل ستارها منذ نهاية الحرب الباردة وسقوط جدار برلين .
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: القرار الفرنسی الحکم الذاتی هذا القرار
إقرأ أيضاً:
رئيس هيئة الدواء: مصر الأولى إقليميا في تحقيق الاكتفاء الذاتي الدوائي
اصطحب الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، اليوم، سيليندا سوسا، وزيرة خارجية بوليفيا، في جولة تفقدية بمصنع جيبتو فارما في مدينة الدواء المصرية، بحضور الدكتور عمرو ممدوح، المدير التنفيذي للمصنع، والسفير أشرف منير، نائب مساعد وزير الخارجية لشئون أمريكا الجنوبية، وباولا إنكلان سيسبيديس، مستشار الوزيرة، وإدوين ريفيرو، القائم بأعمال سفارة بوليفيا بالقاهرة.
وأكد رئيس الهيئة في كلمته التي ألقاها أمام الوزيرة البوليفية، عمق الروابط بين البلدين، مشيدا بالمقومات الصناعية الهائلة التي تتمتع بها مصر بالقطاع الدوائي، وما شهده القطاع من نمو ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، ما جعل مصر الدولة الأولى إقليمًيا في تحقيق الاكتفاء الذاتي الدوائي بنسبة بلغت %91.3 وهذا الإنجاز لم يمر أبدا دون إشادة.
مصر تعزز مكانتها كأكبر منتج للدواء في الشرق الأوسطوأعلنت وكالة فيتش، أن مصر تعزز مكانتها كأكبر منتج للدواء في الشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك في ظل ما تبذله هيئة الدواء المصرية لتلبية المتطلبات العالمية والوصول إلى مستويات الأداء التي تضعها منظمة الصحة العالمية لقياس أداء السلطات التنظيمية، ما يعزز مكانتها كجهة تنظيمية يمكن للبلدان الأخرى الاعتماد عليها في اتخاذ القرارات التنظيمية الدوائية، وهو الأمر الذي تم تحقيقه بالفعل لدى عدد من الدول بأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وأعربت وزيرة خارجية بوليفيا عن إعجابها بالتقدم الكبير الذي حققته مصر في صناعة الدواء، مؤكدة حرص بلادها على تعزيز التعاون مع مصر والاستفادة من خبراتها المتقدمة في هذا المجال.
وأكدت أن مصر تطورت كثيرا وتعلن عن نفسها كواحدة من الدول الكبيرة في إنتاج الأدوية، وأن زيارتها الحالية ليست بهدف استيراد أدوية من مصر فقط، لكن هناك هدف آخر وهو توطين صناعة الدواء في بوليفيا، وأوضحت أن بوليفيا بها العديد من المواد الخام التي تدخل في صناعة الدواء، ويمكن توقيع اتفاقيات شراكة مع الجانب المصري في هذا المجال.
كما نقلت وزير خارجية بوليفيا تحية شعب بوليفيا ورئيس جمهوريتها إلى الشعب المصري، مؤكدة قوة ومتانة العلاقات الثنائية بين البلدين، التي امتدت لأكثر من 64 عاما، مشيرة إلى أن هذه الزيارة الأهم في تاريخ العلاقة بين البلدين.
وزيرة صحة بوليفيا تزور مصر قبل نهاية العاموشددت على أن وزيرة صحة بوليفيا تزور مصر قبل نهاية العام الجاري لتعميق التعاون في المجال الصحي، واختتمت «نعلم بعد المسافة بين مصر وبوليفيا لكن عندما توجد الرغبة لا توجد حدود ومسافات».
ومن جانبه، أكد الدكتور عمرو ممدوح، المدير التنفيذي لجيبتو فارما، أن القوة الإنتاجية للمدينة بعد تشغيلها بشكل كامل سوف تتراوح ما بين 150 إلى 200 مليون عبوة سنويا، والإنتاج الفعلي حاليا 65 مليون سنويا، وبنهاية العام الجاري يصل عدد المستحضرات التي تنتجها المدينة إلى 95 مستحضرا، ويجرى التصدير حاليا لـ8 دول.
كما أكد السفير أشرف منير، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون أمريكا اللاتينية، أن الدواء المصري يتمتع بجودة عالمية وأسعار تقل عن نظيراتها في الدول الأخرى، وبالتالي فإن هذه الميزة التنافسية تفتح الأسواق اللاتينية أمامه، وتتكامل الجهود بين كل أجهزة الدولة للوصول إلى تحقيق الزيادة المنشودة في صادرات الدواء.
وتأتي هذه الزيارة كخطوة جديدة نحو شراكة استراتيجية بين مصر وبوليفيا، تهدف إلى خدمة المصالح المشتركة لشعبي البلدين وتعزيز التعاون في مجالات الصحة والدواء.
جاء ذلك في إطار سعي الهيئة المستمر لتعزيز سبل التعاون مع جميع البلدان؛ انطلاقًا من ريادتها الإقليمية، ودعمًا للجهود الرامية إلى تحقيق نفاذية المستحضرات الدوائية المصرية في الأسواق الدولية.