سودانايل:
2024-12-22@12:19:18 GMT

حول شعار الجنجويد ينحل

تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT

رشا عوض

عند مناقشة السؤال حول من هو الطرف او الأطراف المسؤولة عن اشعال هذه الحرب، يأتي البلابسة والكيزان الظاهرون والمستترون فيجتهدون في إثبات ان قوى الحرية والتغيير مسؤولة عن اشعال الحرب ! لماذا؟ لأنها خانت شعار العسكر للثكنات والجنجويد ينحل! ويرددون بمنتهى البساطة : لو قحت حلت الجنجويد ما كان الحرب قامت!!
والمصيبة ان هناك من يوزع مثل هذا العلف باسم الثورة والثوار!
موزعو هذا العلف لا يجتهدون مطلقا في شرح الكيفية العملية التي كان يجب ان تتبعها قحت في حل الجنجويد وهي قوى مدنية لا جيش لها، ولكن السؤال المنطقي إذا كان حل الجنجويد امرا سهلا ويتحقق بمجرد الرغبة فيه واعلان هذه الرغبة في شكل قرار مذاع في وسائل الاعلام، لماذا لم يتم حل الجنجويد خلال هذه الحرب التي دخلت الان شهرها السادس عشر؟ هل من المنطق ان نحاصر المدنيين العزل بسؤال حل قوات عسكرية قوامها اكثر من مائة الف جندي ام نحاصر به الجهة السياسية التي تمتلك الجيش والاحتياطي المركزي وهيئة العمليات بجهاز الامن وكتائب الظل كالبراء بن مالك والبنيان المرصوص والمستنفرين! اي نحاصر به الجهة المسؤولة اساسا عن خلق واقع تعدد الجيوش في البلاد بانشاء قوات الدعم السريع وتقنين وجودها كجيش نظامي موازي للجيش ؟!
هذه الجهة هي نظام الكيزان وليس قحت التي وجدت الدعم السريع كامر واقع يستحيل ان يزال بجرة قلم كما اثبتت هذه الحرب!
بدليل ان كل الهيلمانة العسكرية من جيش وكتائب كيزانية وهيئة عمليات واحتياطي مركزي ومستنفرين انخرطت في حرب ضروس هدفها كما اعلنه الكيزان هو حل الدعم السريع وقد صدر قرار الحل من قائد الجيش شخصيا وهذا القرار قيد التنفيذ منذ 15 ابريل 2023 حتى الان فهل انحل الجنجويد؟ هل مؤشرات الميدان العسكري تشير الى ان الامور تمضي في اتجاه حل الجنجويد ام ان النتيجة الشاخصة امامنا هي ان الدعم السريع سيطر على اكثر من نصف مساحة البلد ويهدد ماتبقى من اقاليم ولو استمرت الحرب لن يكون الافق مفتوحا على حل الجنجويد واستعادة الكيزان لسلطتهم بواسطة الجيش وكتائب الظل كما يحلمون بل سيكون مفتوحا على تقسيم البلاد الى مناطق نفوذ متصارعة على احسن الفروض!
يعني باختصار الدرس المستفاد من هذه الحرب هو ان موضوع حل الجنجويد ليس بالتبسيط الطفولي والاستسهال الذي يتحدث به البعض لمجرد النكاية في الحرية والتغيير.


بمنطق القوى المدنية الديمقراطية الملتزمة بالنضال السلمي، الحل الوحيد الممكن لمعضلة “تعدد الجيوش” هو عملية اصلاح امني وعسكري تهدف لبناء جيش مهني قومي واحد في سياق دولة مدنية لا يسمح دستورها للجيش بممارسة السياسة، ولكي يتحقق ذلك بصورة سلمية لا بد من مساومة محسوبة بعناية مع قيادات الجيوش المتعددة الموجودة بالفعل في الساحة تتركز حول تعاون هذه القيادات في انجاح مسار التحول الديمقراطي والاصلاح الامني والعسكري مقابل عفو مشروط بمغادرة الملعب السياسي، وعدم مصادرة الاموال الخاصة بشرط بسط ولاية وزارة المالية على كل الشركات الامنية والعسكرية وتحصين المستقبل من اي سيطرة عسكرية على المال العام، وكل ذلك يحتاج لتصميم نموذج سوداني للعدالة الانتقالية هدفه شراء المستقبل دون نسيان الماضي بالكامل، ولكن بتقديم تنازلات محسوبة لتفادي المواجهات العسكرية الاستئصالية وما تجره على البلاد من دمار شامل.
أداء القوى المدنية في الفترة الانتقالية لم يكن بمستوى التحدي الذي يواجه البلاد، واهم مواطن التقصير كان في الالتحام بالشارع الثوري الحقيقي والاستثمار فيه لتنظيم وتكثيف الضغوط السياسية على العسكر، ولكن هذا ليس السبب الرئيس لفشل الفترة الانتقالية من وجهة نظري، السبب الرئيس هو ان الأطراف العسكرية لم تكن راغبة مطلقا في الخروج من معادلة السلطة، بل كان رهانها الاستراتيجي هو اضعاف المدنيين عبر تقسيمهم وشيطنتهم ثم الاطاحة بهم ثم الاستيلاء على السلطة كاملة ، اما الكيزان فكان رهانهم الاستراتيجي استغلال الجيش في الانقلاب على الثورة وتصفيتها نهائيا ولا مانع لديهم من استيعاب الدعم السريع كشريك اصغر كسابق عهده وفي حالة رفضه تتم ازاحته بالقوة.
هذه الرهانات العسكر كيزانية هي التي جعلت الحرب حتمية، اضف الى ذلك الايدي الخارجية التي كانت حاضرة بكثافة في الشأن السوداني، ورهان الاقليم كله على الحكم العسكري في السودان وإجهاض الحكم المدني.
من حق اي تيار سياسي ان يكون معارضا جذريا للحرية والتغيير، فهذا حق ديمقراطي، ومؤكد للحرية والتغيير اخطاء واخفاقات تستوجب المساءلة الصارمة، ولكن النزاهة تقتضي عدم التدليس السياسي وانكار الحقائق الموضوعية لمجرد إدانة الخصم! النزاهة تقتضي محاكمة القوى السياسية المدنية في حدود الممكنات الواقعية لا الممكنات المتخيلة، ومحاسبتتها على تقصيرها فيما تستطيع فعله ولكنها تخاذلت عن فعله.
الدعم السريع معضلة كبيرة من معضلات السياسة السودانية لم تصنعها قحت كما يحاول الكيزان ايهام الناس ويساعدهم في اشاعة هذا الوهم كثير من المتواطئين او المغفلين.
الكيزان الذين صنعوا هذه المعضلة اقتنع بعضهم الان، وبعد ان دمروا البلاد بالحرب بالحل التفاوضي ولكن بشرط ان يقود التفاوض الى استئصال اجندة الانتقال المدني الديمقراطي، وما زال البعض متمترسا في خندق استمرار الحرب وان ضاعت البلاد وانهارت تماما.
القوى المدنية الديمقراطية يجب ان تظل متمسكة براية لا للحرب، وان تعمل ما في وسعها لان تتوقف الحرب على اساس حل يحقق السلام المستدام والتحول الديمقراطي، اما ان توقفت الحرب على اساس استبداد عسكري جديد، او على اساس تسوية اليد العليا فيها للعسكر فعلى القوى المدنية ان توحد صفوفها من اجل خوض معركة التحول الديمقراطي وهي معركة تاريخية طويلة.
، لا معنى لان تكون القوى المدنية منخرطة في تخوين وتجريم بعضها البعض على خلفية الموقف من هذه الحرب في حين ان غاية الحرب هي استئصال الحياة المدنية الديمقراطية.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة الدعم السریع هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

علي الحاج: قادة الجيش والدعم السريع من أشعلوا الحرب ورئيس المؤتمر الوطني ونائبه ممن كانوا معي في السجن قالا ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة

سودانايل: اتهم الدكتور علي الحاج الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي قادة الجيش والدعم السريع وقيادة حزب المؤتمر الوطني المحلول بإشعال الحرب في 15 أبريل 2023، وقال الدكتور على الحاج للجزيرة مباشر مساء أمس السبت أن بعض قادة حزب المؤتمر الوطني ممن كانوا معه في السجن وأشار إلى رئيس حزب المؤتمر الوطني ونائبه كانوا يقولون إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة في إشارة أن السلطة التي انتزعت منهم بالقوة يجب استردادها بالقوة، ووصف علي الحاج الحرب الدائرة الان بانها حرب عبثية ووصف قائدي الجيش والدعم االسريع بأنهم دعاة حـرب.
وامتدح علي الحاج الاتفاق الإطاري وقال أنه جهد سوداني خالص يصلح لإيقاف الحـرب الدائرة في البلاد، وكشف علي الحاج أن الدعم السريع تواصل معه لتكوين حكومة ولكنه رفض ذلك.
وحول الخلافات داخل حزب المؤتمر الشعبي قال علي الحاج: نقول لمن يتحدث عن الشرعية داخل حزبنا إن القضية الآن هي أكبر من ذلك لأن بلادنا تدمر بفعل الحـرب.  

مقالات مشابهة

  • علي الحاج: قادة الجيش والدعم السريع من أشعلوا الحرب ورئيس المؤتمر الوطني ونائبه ممن كانوا معي في السجن قالا ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
  • عائلات المحتجزين بغزة: إنهاء الحرب ليس إخفاقا والأهم عودة أبنائنا
  • السودان يطلب من الولايات المتحدة الضغط على الإمارات بشأن الدعم السريع
  • خبير عسكري: قمة الثمانية هدفها الأساسي الحوار بدلا من الحرب
  • اتهامات بالخيانة وسط الجنجويد وفوضى تضرب الارتكازات
  • واشنطن تعيد تقييم مزاعم الإمارات حول عدم تسليح الدعم السريع
  • رغم تأكيد الإمارات.. واشنطن تعيد تقييم مزاعم أبو ظبي حول عدم تسليح الدعم السريع
  • النازحون اللبنانيون المهجرون قسراً الى العراق: لإرجاعنا الى البلاد
  • بوتين: لا نعرف ما الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها في غزة
  • بيان بمناسبة ذكرى ثورة ديسمبر من تحالف القوى المدنية لشرق السودان