سودانايل:
2024-12-26@16:05:35 GMT

السودان الجديد و التخلق من داخل الخنادق

تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن إشكالية النخبة السودانية ذات التفاعل مع المسرح السياسية، أنها تقدم العاطفة على حقائق الواقع، و تحاول البحث عن مبررات لفعل مستقبلي قبل الشروع فيه، لأنها على قناعة أن خبراتها و قدراتها الذاتية لا تساعدها على مواجهة التحديات بالصورة المطلوبة، أن الأزمة السياسية بعد ثورة ديسمبر كانت حالة فريدة في تاريخ السودان، أن تعجز القيادات السياسية على إدارة الإزمة السياسية التي تواجهها، و تخضع خضوعا كاملا للنفوذ الخارجي لكي يدير لها الأزمة من وراء ستار.

. و بدلا أن تواجه عقدتها لكي ترفع الحرج عن نفسها، لكنها تحاول أن تبحث لها عن شماعات لكي تعلق عليها فشلها في إعتقاد أنها لا تريد أن ينكشف ضعف قدراتها..
أن حالة الفشل وسط النخب كانت تزداد كل يوم نتيجة لطول فترات النظم الشمولية، التي خلفت قيادات منهوكة القوى و متواضعة فكريا، الأمر الذي لا يؤهلها أن تقدم مشاريع سياسية تفرضها على الساحة السياسية لكي تتحاور فيها مع القوى الأخرى، كل كان يحاول أن يفرض شروطا على الآخرين دون أن يكون له أداة ضغط عليهم. هذا الضعف المتواصل أكده الدكتور منصور خالد في كتابه "النخبة و إدمان الفشل" عندما يكتب ( تعود الأزمة النخبوية – في جوانبها الفكرية – إلي تصدع الذات، الذي يقود، بطبعه، إلي الفجوة بين الفكر و الممارسة؛ بين ما يقول المرء و ما يفعل، بين التصالح مع الواقع السلبي في المجتمع و الإدانة اللفظية لهذا الواقع) الآن تجد الوسائط الاجتماعية التي أصبحت حلبة صراع إعلامي مليئة بالمطاردة التي تحمل معلومات مزيفة، باعتبارها معلومات تستند على الرغبات المؤسسة على الذات، و ليست بهدف حل المشكل وفقا لمعطيات الواقع، و هناك الذين يعتقدون أن الحل لا يمكن أن يكون إلا على يد النفوذ الخارجي، و أصبح الداخل و الدعوة إليه توقع صاحبها في اتهام بأنه مساندا للكيزان و الفلول، أن النخبة إذا لم تستطيع أن تخرج من حالة الوهم و الإدعاء السالب الذي يهدف لتضخيم الذات دون أي مقومات موضوعية لا تستطيع أن تسهم في الحل..
أن وقف الحرب و حل المشكلة السياسية السودانية لن يتم خارج السودان، و لن تكون أمريكا و توابعها من دول الجوار و الدول العربية هي التي سوف تحل المشكلة، و هي السبب الأساسي الذي قاد للحرب، أن الحل يجب أن يكون داخل السودان، و وسط الشعب السوداني، و الذين لا يرغبون مواجهة الشعب هؤلاء لا اعتقد سوف يكون لهم حظا في تقديم شيئا مفيدا للحل. و قبل الحل؛ كل قوى سياسية يجب أن تراجع أفكارها، و تعيد بناء مرجعيتها الفكرية، لكي تستطيع أن تتعايش مع أفكار الأخر.. أن التجارب التاريخية منذ المهدي أكدت أن أي قوى لوحدها لا تستطيع أن تفرض قناعاتها و شروط العمل السياسي على الأخرين.. في الحل لا يتم البحث عن معلمين للتلقين، بل البحث عن منابر تجمع الكل للحوار المفتوح و الوصول لتوافق وطني، الذي يوافق سوف يشارك، و من يرفض عليه أن يعتزل العمل السياسي.
هناك أيضا الذين يعتقدون أن وقف الحرب بهدف الرجوع للثورة مرة أخرى، هل هؤلاء يعتقدون أن الحرب أقل شأنا من الثورة، هؤلاء ماذا يريدون أن يهدموا بالثورة الذي لم تهدمه الحرب، الحرب لم تهدم فقط المؤسسات و المشاريع و كل المكونات المادية، بل هدمت حتى القيم الربانية و القيم الروحية، و الأخلاق و الاعراف و التقاليد، و استخدمت كل أدوات التنكيل و القتل ، و النهب و السرقة و الاغتصابات و التهجير و الإبادة الجماعية، أن الذين ينادون بإعادة الثورة بعد الحرب هؤلاء يعلمون أنهم عاجزون في التعامل مع الواقع الجديدة و إفرازاته، و أن مرجعياتهم الفكرية عاجزة ان تقدم رؤى لواقع كانت بعيدة عنه عندما بدأ يتشكل في مواجهة المؤامرة على البلاد.. أن الحل يجب أن يكون في السودان من خلال الحوار الوطني الجامع، و التوافق و التناغم الكامل بين القوى المدنية و العسكرية، بهدف حفظ أمن البلاد و تأمينها من آهل الأجندة الخارجية و العملاء في الداخل و الخارج.. و هذه الأشياء لا تتم بوجود الميليشيا أو التسوية معها و خدامها، لابد من هزيمتها و عدم رجوعها مرة أخرى إلي الساحتين العسكرية و السياسية. هزيمة الميليشيا تعني معرفة الحقيقة عن الحرب و من كان وراءها و الداعمين لها و الذين تعاونوا مع الميليشيا في الداخل و تقديمهم للمحاكمة أمام القضاء..
أن وقف الحرب ليس تعني وقف لأصوات المدافع و البنادق و الطيران، أنما تعني بداية لتخلق سودان جديد فرضته حالة التلاحم بين المستنفرين و المقاومة الشعبية و بين طلائع الجيش و القوى النظام الأخرى، الذين جمعتهم الخنادق و تقديم الأروح و مزيج الدم السائل من الجميع، صورة جديدة تخلقت مع مأساة السودان و التأمر عليه بهدف تقسيمه و نهب ثرواته.. أن الذي غاب عن هذه الملامح الوطنية غير جدير أن يفرض على آهل السودان شروطا، أو خيارات لا رجاء منها.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تستطیع أن أن یکون

إقرأ أيضاً:

كم جيل نُضحي به لنواصل (حرب الكرامة)..؟!

يا أهل الخير ويا أيتها الضفادع التي تواصل النقيق (تحت الوحل والخبوب) ويا أيها المثقفون الجهابذة: لا تحرّضوا على مواصلة هذه الحرب الفاجرة (منزوعة الكرامة) ولا تتبعوا خطوات الشيطان رحمة بأولادنا وبناتنا وأطفالنا وأجيالنا القادمة..! فقد ذكرت التقارير أن أكثر من 90% من الأطفال في سن المدرسة وعددهم 19 مليون طفل في السودان لا يستطيعون الوصول إلى مدارس التعليم الرسمي..!
وأكدت هذه التقارير أن التعطيل المستمر للتعليم سيؤدي إلى أزمة (أجيال قادمة)..! وتتابعت التأكيدات من منظمات عالمية عديدة وعبّرت عن هذه المأساة بإشفاق بالغ وبعبارات حزينة، وتجاوبت مع هذه الكارثة الوشيكة حتى “وكالة شينخوا الصينية” التي (ليس لها في التور ولا في الطحين)..فهل انتم مُنتهون..؟!.
ومن جانبها تقول منظمة اليونسيف التي لا يمسّها (نصبٌ ولا لغوب من هذه الحرب) في احدث تقرير لها أن ملايين الطلاب في السودان يواجهون مصيراً غامضاً مع استمرار الحرب في عامها الثاني؛ حيث تعطلت العملية التعليمية كلياً في ظل نزوح واسع ودمار كبير للمؤسسات التعليمية، كما تحوّلت مئات المدارس في المناطق الآمنة لمعسكرات تؤوي الفارين من القتال على الرغم من أن الكثير منها قد تهدّم، وأن السودان يعاني الآن من (واحدة من أسوأ الأزمات التعليمية في العالم)..!
ونقلت الوكالة الصينية عن الإحصاءات الرسمية لوزارة التعليم العالي السودانية أن الحرب تسبّبت في إغلاق ما يزيد على 100 جامعة حكومية وخاصة، وتدمير العديد من الجامعات والمعاهد العليا..!!
هل هذا هو ما انتهت إليه انتصارات البرهان..و؟! وهل تحقق الهدف من انقلابه الذي كان شعاره (إصلاح مسار الفترة الانتقالية)..؟!!
هذا الواقع الخطير عن التعليم (عصب الحياة وترياق النهضة) يجب ألا نمر عليه مرور الكرام أو اللئام..! فاستمرار الحرب لا يعني فقط تدمير الجيل الحالي من الطلاب والأطفال والشباب...إنما أجيال وأجيال قادمة..!
كل الناس يعرفون صعوبة استدراك ومعالجة الاختلال في العملية التعليمية وتعطيل الدراسة ولو بمقدار فقدان (حصة) واحدة أو (سمستر) أو فصل دراسي واحد..أو تعطيل اختبار أو امتحان واحد للانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى..فما بالك عندما يتوقف التعليم لعامين..؟!
هذا جانب واحد من كوارث استمرار هذه الحرب اللعينة؛ ولكنه جانب عظيم الخطر ينذر بشر مستطير تتناثر من حوله الكوارث الأخرى والقنابل العنقودية..فبأي مطرقة أو أي قارعة أو (نصيبة زمان) نستطيع تنبيه الغافلين..؟!
هل يعنى هذا شيئاً أو (أمراً ذا بال) للبرهان ووزير تعليمه..؟! أو لياسر العطا وكرتي واحمد هارون والتوم هجو وخالد الإعيسر وجوقة العميان ووفد "الصحفيين المستقلين" إلى اريتريا..و(قائمة السفراء الجُدد).؟! الله لا كسّبكم..!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • كم جيل نُضحي به لنواصل (حرب الكرامة)..؟!
  • وحدة السودان بين تعددية الجيوش والمليشيات وتعددية المراكز الجغرافية السياسية
  • السودان: رمطان لعمامرة يشدد على أهمية تغليب روح الحل، ويتمنى للسودانيين عاما سلميا
  • ○ من الذي خدع حميدتي ؟
  • ???? إلى الحمقى الذين يطالبون بفصل دارفور
  • كودي يهنئ السودانيين بأعياد الميلاد ويدعو للوحدة والسلام
  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • ما الذي تخشاه دول عالمية وإقليمية من الوضع الجديد بسوريا؟
  • حرب غزة نظرة إلى الواقع واحتمالات المستقبل.. دراسات إسرائيلية
  • بين قاعة المحكمة وغرفة الحرب.. نتنياهو يعيش أخطر فصول حياته السياسية