الحرب في السودان.. دور القوى الدولية ومخاطر النزاع
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
استمرار الحرب ألحق أضرارا جسيمة بالبنية التحتية وأجبر الملايين على النزوح
أدى الصراع الذي اندلع في السودان يوم 15 أبريل إلى موجات من العنف على أساس عرقي وتسبب في أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم ودفع الآن منطقة واحدة على الأقل في إقليم دارفور إلى المجاعة، بحسب تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تدعمه الأمم المتحدة.
ما الذي أدى إلى العنف؟
تصاعدت التوترات على مدى أشهر قبل اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في العاصمة الخرطوم يوم 15 أبريل 2023.
كانت الشراكة بين الجيش وقوات الدعم السريع هشة بعد الإطاحة بحكومة مدنية في انقلاب أكتوبر 2021، وهي الخطوة التي عرقلت انتقال السلطة من الحكم الاستبدادي لعمر البشير الذي أطيح به في عام 2019. بلغ الخلاف ذروته بسبب خطة مدعومة دوليا لإطلاق فترة انتقالية جديدة مع القوى المدنية.
كان الأمر يتطلب من كل من الجيش وقوات الدعم السريع التنازل عن السلطة بموجب الخطة، وظهر الخلاف بشأن مسألتين على وجه الخصوص، الأولى هي الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية. والثانية هي التسلسل القيادي بين الجيش وقادة قوات الدعم السريع ومسألة الإشراف المدني. كما تنافس الطرفان المتحاربان على مصالح تجارية تمتد إلى ما وراء حدود السودان.
من هم اللاعبون الرئيسيون على الأرض؟
الطرفان الرئيسيان في الصراع على السلطة هما الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الحاكم منذ عام 2019، ونائبه في المجلس قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
اكتسب حميدتي ثروة من مناجم الذهب ومشاريع أخرى. ويتولى أفراد عائلته وعشيرته أدوارا بارزة، وتشكل منطقة دارفور الغربية مركز قوة إذ تأسست فيها قوات الدعم السريع من ميليشيات قاتلت إلى جانب القوات الحكومية لسحق متمردين في حرب وحشية تصاعدت بعد عام 2003.
يقول محللون إن وضع البرهان على قيادة الجيش لم يعد قويا بما يكفي مع اكتساب الموالين للبشير من ذوي الميول الإسلامية والمخضرمين نفوذا منذ انقلاب 2021.
وتقول قوات الدعم السريع إنها تقاتل لتطهير السودان من بقايا نظام البشير، بينما يقول الجيش إنه يحاول حماية الدولة من المتمردين "المجرمين".
ويقول شهود إن قوات الدعم السريع وحلفاءها ارتكبوا انتهاكات على نطاق واسع تشمل الاستهداف بالقتل على أساس عرقي والعنف الجنسي والنهب. واتهم سكان الجيش بقتل مدنيين في قصف عشوائي وضربات جوية دون تمييز. ونفى الجانبان هذه الاتهامات إلى حد كبير.
من الفائز؟
رغم أن الجيش السوداني بدأ الحرب بقدرات متفوقة، مثل القوات الجوية، نمت قوات الدعم السريع في السنوات القليلة الماضية لتصبح قوة مجهزة تجهيزا جيدا منتشرة في أرجاء السودان.
وتمركزت وحدات قوات الدعم السريع خلال الأيام الأولى من الحرب في أحياء بأنحاء العاصمة. وأحرزت تقدما سريعا بحلول نهاية عام 2023 لتحكم قبضتها على دارفور وتسيطر على ولاية الجزيرة جنوبي الخرطوم، وهي منطقة زراعية رئيسية.
واستعاد الجيش بعض السيطرة في مارس بتقدمه في أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة الكبرى، لكن قوات الدعم السريع تقدمت من جديد في الفترة الأخيرة في ولايات سنار والنيل الأبيض والقضارف.
ما هي المخاطر؟
أحيت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالبشير الآمال في أن يتمكن السودان وسكانه البالغ عددهم نحو 50 مليون نسمة من التخلص من الاستبداد والصراع الداخلي والعزلة الاقتصادية على مدى عقود.
لكن استمرار الحرب لأكثر من 15 شهرا ألحق أضرارا جسيمة بالبنية التحتية وأجبر أكثر من 10 ملايين على النزوح وعرض نصف السكان لمستويات كارثية من الجوع مع خطر تفشي المجاعة في 14 منطقة.
وتعرضت منازل ومكاتب ومستودعات وبنوك للنهب، وتوقفت مستشفيات عن العمل، وتعطلت حركة التجارة والزراعة. وقُتل عشرات الآلاف، وفقا لتقديرات غير مؤكدة. واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب. وتقول وكالات إغاثة إن عمليات تسليم المساعدات يعرقلها القتال والنهب والبيروقراطية.
وأثار تصاعد الصراعات السياسية والعرقية في السودان مخاوف من انقسام البلاد، ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار منطقة مضطربة على حدود الساحل والبحر الأحمر والقرن الأفريقي.
وفر مئات الآلاف إلى مصر وتشاد وجنوب السودان وعبرت أعداد أقل إلى إثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى. ويستغل كلا الجانبين الذهب، أحد الموارد الأكثر قيمة في السودان والذي يتم تهريبه على نطاق واسع، لدعم جهودهما الحربية.
ما هو دور القوى الدولية؟
تحول الصراع إلى فرصة للتنافس على النفوذ في السودان والمنطقة المحيطة به بين قوى إقليمية ودولية تشمل الإمارات والسعودية ومصر وإثيوبيا وإيران وروسيا.
وفي السابق، سعت دول خليجية إلى ضخ استثمارات في قطاعات منها الزراعة، التي يتمتع السودان فيها بإمكانيات هائلة، والموانئ على ساحل البحر الأحمر.
وتسعى روسيا لبناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر.
ويقول خبراء من الأمم المتحدة إن الإمارات زودت قوات الدعم السريع بأسلحة، وتقول مصادر إن إيران أرسلت دعما عسكريا للجيش.
كما لدى مصر، في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، علاقات وثيقة مع البرهان والجيش. ودعمت القوى الغربية، ومنها الولايات المتحدة، الانتقال صوب انتخابات ديمقراطية بعد الإطاحة بالبشير. وخفت الاهتمام الدبلوماسي بالسودان بسبب الحربين في أوكرانيا وغزة.
ما هي الجهود التي بُذلت لإنهاء الحرب؟
أحضرت السعودية والولايات المتحدة وفدين من كلا الفصيلين إلى جدة العام الماضي لإجراء محادثات، لكن وقف إطلاق النار المتفق عليه لم يصمد أبدا وتعثرت العملية.
كما أطلقت مصر والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) مبادرات أخرى مما أثار مخاوف من تداخل الجهود الدبلوماسية والتنافس.
ويدفع المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان باتجاه استئناف المحادثات هذا الشهر في جنيف لكن ضربة بطائرة مسيرة على عرض عسكري كان يحضره البرهان ألقت بظلال من الشك على مدى نجاح هذه الجهود.
رويترز
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
مجزرة الصالحة صدمة سودانية جديدة واتهامات للدعم السريع بارتكابها
تصدر وسم "مجزرة_الصالحة" منصات التواصل الاجتماعي السودانية، بعد انتشار مقاطع فيديو تُظهر ما قيل إنها جرائم ارتكبها مقاتلون ينتمون إلى قوات الدعم السريع بحق مدنيين من أهالي منطقة الصالحة، جنوبي مدينة أم درمان.
فقد أظهرت مقاطع الفيديو اعتقال مجموعة من المدنيين في منطقة الصالحة من قبل عناصر مسلحة، بزعم أنهم يتعاونون مع الجيش ويرسلون إحداثيات له.
وأوضحت المقاطع مشاهد مروعة، حيث أُعدم عدد من المعتقلين أثناء احتجازهم، بينما أُجبر آخرون على السير عُراة ومعصوبي الأعين في طوابير، حيث جرى استعراضهم في شوارع الصالحة بهدف إرهاب السكان.
⛔⛔⛔
قامت مليشيا الجنجويد نهار اليوم الأحد بتصفية مواطنين عزل إقتادتهم من منازلهم بمنطقة الصالحة جنوب أم درمان، بحسب شبكة أطباء السودان بلغ عدد المواطنين المغدور بهم 31 مواطن من بينهم أطفال.
تواصل المليشيا إستهدافها الممنهج ضد المدنيين دون أي جرم إغترفوه. pic.twitter.com/YnL7CwoUCj
— أخبار شرق كردفان (@EastKordofan) April 27, 2025
كما أظهرت مشاهد أخرى قيام المسلحين بحرق بعض الجثث، وهي صور تمتنع الجزيرة نت عن نشرها نظرا لبشاعتها الشديدة.
وأشارت شبكة أطباء السودان إلى أن قوات الدعم السريع قتلت 31 شخصا، بينهم أطفال، في منطقة الصالحة جنوبي أم درمان، ووصفت الحادثة بأنها واحدة من أبشع المجازر التي شهدتها البلاد مؤخرا.
شبكة أطباء السودان: الدعم السريع ينفذ مجزرة بمدينة "الصالحة" بأمدرمان ويصفي 31 شخصا بينهم أطفال قصر.
ارتكبت قوى من الدعم السريع مجزرة جماعية بتنفيذها عملية تصفية ميدانية لعدد 31 شخصا من أبناء منطقة صالحة بينهم أطفال قصر في أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها منطقة صالحة بتهمة… pic.twitter.com/9A8z5zQKVi
— Sudan Doctors Network – شبكة أطباء السودان (@SDN154) April 27, 2025
إعلانولاقى التسجيل المصور، الذي يوثق الجريمة، صدمة عميقة في الأوساط السودانية. وعلّق مغردون ومستخدمو وسائل التواصل على المشهد المروع، معتبرين أن هذه الجرائم تجسد الانحدار البشري الخطير الذي تعيشه البلاد مع استمرار الحرب.
مقاطع الفيديو حول المجزرة التي ارتكبتها المليشيا الإجرامية بالصالحة مؤلمة وصادمة.
جريمة إبادة جماعية ضد مواطنين عزل.
ينبغي على الجهات العملية ملاحقة هؤلاء القتلة!#جنجويد_قحاطة #قحاطة_ياكوم_الرماد pic.twitter.com/QpJgQVFlkI
— ماهر احمد المبارك (@mahir0912411) April 27, 2025
وكتب أحد المغردين: "التسجيل الذي يظهر عناصر من قوات الدعم السريع وهم ينفذون تصفيات بدم بارد بحق أشخاص عزل، ويقفزون فوق جثثهم، يجسد الانحدار البشع الذي تجر إليه بلادنا يوما بعد يوم".
وأشار آخرون إلى أن هذه الجرائم لا ينبغي لها أن تصبح مشهدا عاديا نعتاد وجوده. يجب محاسبة مرتكبيها دون تهاون.
واعترف مصطفى محمد إبراهيم مستشار قائد قوات الدعم السريع على الهواء بالعملية التي وصفها بالنوعية.
اعتراف على الهواء مباشرة من مستشار مليشيا #الدعم_السريع الإرهابية :
الجنجويدي مصطفى محمد ابراهيم يعترف على الهواء مباشرة بتصفية المواطنيين في منطقة الصالحة في أمدرمان صباح اليوم وأوضح أنهم لا يريدون اي عبء إداري بمعنى( سنقتل الجميع اسرى او مدنيين مختطفين لدينا ) وأوضح انهم بصدد… pic.twitter.com/MMRZuVwUwe
— Mahmoud Hassan (@AL_70o0T_) April 27, 2025
وتعيش منطقة الصالحة أوضاعا إنسانية مأساوية، حيث فرضت مليشيا قوات الدعم السريع حصارا خانقا على السكان الذين أصبحوا محرومين من أبسط مقومات الحياة. وأفادت مصادر محلية بأن مليشيات الدعم السريع حولت الأحياء السكنية إلى مواقع عسكرية ومخازن للأسلحة، واستخدمت المدنيين دروعا بشرية، وأضاف السكان أن عدد المعتقلين بلغ 154 شخصا، بينهم نساء وأطفال، وسط تفاقم الجرائم الممنهجة من قتل، ونهب، وابتزاز.
إعلانوأصدرت قوات الدعم السريع بيانا تنفي فيه أي صلة لها بالعناصر التي ظهرت في مقاطع الفيديو.
ودعا بعض المغردين لجان المقاومة في المنطقة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لإنقاذ المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم المروعة.
وعبروا عن خوفهم من أن تصبح مثل هذه المشاهد جزءا من الحياة اليومية، في ظل الصمت الرسمي والتخاذل الدولي.
الإرهابي المدعو " جار النبي" وهو أحد القادة الميدانيين لمليشيا الدعم السريع في قطاع جنوب أم درمان، والذي أشرف بالأمس على تصفية عدد من المواطنيين العزل في غرب أم درمان بدم بارد.#السودان #جرائم_الدعم_السريع #مجزرة_صالحة pic.twitter.com/9nlgSf5eNj
— Sudan News (@Sudan_tweet) April 28, 2025