موراي.. «لاعب التنس السابق» يسقط حقبة 18 عاماً بـ«شروطه الخاصة»
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
باريس (د ب أ)
خاض نجم التنس البريطاني المخضرم آندي موراي، الفائز بثلاثة ألقاب في بطولات (جراند سلام) الأربع الكبرى، والحاصل على الميدالية الذهبية الأولمبية مرتين، مباراته الأخيرة في منافسات التنس الاحترافية، بعد خسارته في دور الثمانية بمنافسات زوجي الرجال بأولمبياد باريس 2024.
وودع موراي، ومواطنه دان إيفانز منافسات زوجي الرجال بالأولمبياد، إثر هزيمتهما أمام الزوجي الأميركي المكون من تومي بول وتايلور فريتز بنتيجة 6/ 2 و6/ 4 في دور الثمانية للمنافسات، وبعد 21 عاماً من خوضه أول مباراة احترافية له بعمر 19 عاماً، عندما أعلن عن موهبته للعالم في بطولة إنجلترا المفتوحة ويمبلدون كمراهق ذي شعر جامح وقلب كبير، تبخرت آمال موراي في الفوز بميدالية في آخر مباراة له، بعدما فشل في التأهل للدور قبل النهائي في منافسات زوجي الرجال.
وهكذا تنتهي واحدة من القصص الرياضية البريطانية العظيمة، حيث خاض موراي 37 عاماً مسيرة حافلة بفوزه بلقبين في ويمبلدون، ولقب في بطولة أميركا المفتوحة (فلاشينج ميدوز)، فضلاً عن تألقه مع بلاده في الأولمبياد ومسابقة كأس ديفيز.
وعلى طريقة موراي المعتادة، قام بتغيير سيرته الذاتية بسرعة على موقع التواصل الاجتماعي (إكس) إلى «لاعب سابق للتنس»، وأضاف، «لم أحب التنس على الإطلاق على أي حال». وقال موراي، عقب وداعه أولمبياد باريس في ملاعب رولان جاروس: «أشعر بأنني في حالة جيدة. من الواضح أنني يتملكني إحساس بخيبة أمل من النتيجة الليلة والأداء حقاً». أضاف موراي في تصريحاته، التي نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) «أنا سعيد. لقد كانت مسيرة جيدة هنا، وختاماً رائعاً لمشواري. من الواضح أنها لم تكن النهاية المثالية، كان من الرائع الفوز بميدالية، وقد بذلنا قصارى جهدنا، لكنني أشعر بأنني على ما يرام».
أوضح النجم البريطاني «كنت أعلم أن هذه اللحظة قادمة، خلال الأشهر القليلة الماضية. وإذا لم تحدث اليوم، فستحدث بعد يومين، وكنت مستعداً لها. من الواضح أنها كانت عاطفية لأنها المرة الأخيرة التي سألعب فيها مباراة تنافسية». وتابع «أنا سعيد لأنني تمكنت من الظهور هنا في الألعاب الأولمبية، واختتمت مسيرتي بشروطي الخاصة لأنه في السنوات القليلة الماضية لم يكن ذلك مؤكداً في بعض الأحيان، وحتى قبل بضعة أشهر، قيل لي عندما ذهبت لأول مرة لإجراء فحص على ظهري أنني لن ألعب في الأولمبياد ولن أشارك في ويمبلدون»، وكشف «لذا أشعر أيضا بأنني محظوظ، لأنني حصلت على هذه الفرصة للعب هنا، وخوض بعض المباريات الرائع،ة وخلق ذكريات مذهلة».
وعانى موراي عدة إصابات منذ أن تسببت مشاكل الفخذ التي تعرض لها عام 2017 في إنهاء مسيرته الاحترافية قبل خمس سنوات ونصف العام. ورغم ذلك، فعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، بعد إصابته في الكاحل ثم إجراء جراحة في الظهر، حاول موراي بدء مرحلة جديدة من حياته، من خلال التواجد برفقة عائلته الصغيرة وملعب الجولف.
أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: موراي أندي موراي التنس الجراند سلام أولمبياد باريس 2024 الأولمبياد
إقرأ أيضاً:
حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج
يبدو أن دول الخليج أمام حقبة مختلفة عمّا كانت عليه في السابق. كمية الأموال التي تنفقها في أشياء قد تتجاوز الخيال على عكس ما كان الأمر قبل ثلاثة عقود أو أقل، يؤكد أنها قادمة بقوة إلى عالم الاستثمار، لتكون لاعبا أساسيا في الاقتصاد العالمي. هناك تفكير بين صناع القرار ليس في كيفية الوصول إلى المستقبل بتوظيف هذا الأموال، بل كيف نصل إلى الهدف دون ضجيج جيوسياسي.
تركيز الحكومات على الاستثمار بمبالغ ضخمة يعكس فهما عميقا بالنسبة إلى القادة الخليجيين و\خاصة السعوديين، والإماراتيين، والقطريين للميزة الإستراتيجية التي تتمتع بها المنطقة في الوقت الحالي. الجمع بين الموارد المالية الهائلة والموقع الجيوسياسي والترابط العالمي المتزايد يمثل فرصة فريدة لهذه الدول لوضع نفسها بطرق لا تستطيع الدول الأخرى، وخاصة المنشغلة بالتحديات الحالية، أن تفعلها.
المنطقة اليوم في وضع فريد يسمح لها بأن تقول لبقية العالم: “لقد حان الوقت لنوع مختلف من العمل،” بل “نحن نتصرف الآن، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها العالم.” منطقة لديها كثرة في الأموال، والفرص التي لم تُغتنم في السابق جاء وقت الاستمتاع في كيفية إنفاق السيولة عليها بعيدا عن ضوضاء السياسة والحروب والخلافات الإقليمية والدولية، التي بات التعايش معها أمرا لا مفر منه. من يديرون الحكم أنفسهم يعون ذلك جيدا.
هل يمكن اعتبار أن هذا التحول المذهل له ثمن؟ وما هو؟ أم أنه حنكة سياسية رسمتها قيادات المنطقة لتكوين قدرة استثمارية لم تحدث في التاريخ أبدا، بينما العالم منشغل بمشاكل لا حصر لها؟
إحدى الأفكار الرئيسة اللافتة هي أن هذه الدول تستطيع أن تركز على التحول إلى نفسها. لم يكن ذلك ضمن اهتماماتها في السابق. هذا يعني أن لها القدرة على الاستثمار في المشاريع والصناعات التي تضمن لها السيادة على المدى الطويل. لم يعد يُنظَر إلى الثروة الناتجة عن النفط والغاز باعتبارها مجرد سلعة لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، بل باعتبارها حجر الأساس لبناء اقتصاد قوي ومتنوع. القدرة الاستثمارية تسمح لها بتجميع ليس فقط رأس المال المالي، ولكن أيضا الأصول الإستراتيجية على مستوى العالم.
ومن خلال التركيز على بناء استثمارات داخلية ضخمة مستدامة طويلة الأجل مع التوسع في الخارج عبر صفقات مدروسة بعيدا عن الأموال الساخنة ضمن دبلوماسية الكل صديق لنا ما دمنا نربح ماديا وسياسيا، تستطيع هذه الدول أن تضمن أنها ليست مجرد لاعبين مهمين في الأسواق العالمية، بل ومهندسين نشطين لمستقبل الكوكب.
كل التحديات بالنسبة إليهم ستكسر عاجلا أم آجلا لا يهم الوقت. هناك احتياطيات مالية تفوق 4 تريليونات دولار، أكثر من نصفها عبارة عن أصول تديرها صناديقها السيادية العملاقة. هي فرصة لجعل تلك الثروة تنمو باطراد رغم المناخات السياسة المتقلّبة.
العالم يتعامل اليوم مع العديد من الأزمات، من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى التوترات الجيوسياسية، وتغير المناخ، والاضطرابات الاجتماعية. في المقابل، تمنح البيئات السياسية والاقتصادية المستقرة في الخليج هذه الدول ميزة تنافسية. فهي لا تتعثر في هذه الأزمات بنفس القدر الذي تتعثر فيه الدول الأخرى، ويمكنها استخدام مواردها للمضي في مشاريع طموحة قد يتردد الآخرون في متابعتها.
هذا الاستقرار، إلى جانب الحياد الإستراتيجي في السياسة العالمية، مثل تجنب التورط في صراعات غير ضرورية، وما أكثرها في منطقتنا، يمنح قادة الخليج موقفا متميزا وقويا. فدولهم تملك الأدوات الكافية للتصرف بشكل أكثر حزما وبسرعة أكبر من العديد من الدول الأخرى، التي غالبا ما تشتت انتباهها المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية المباشرة.
هي الآن تمتلك سيولة كبيرة تشغيلية وإستراتيجية، وعلاقات دولية واسعة النطاق. هذا المزيج يمنحها أفضلية للوصول إلى الفرص التي لا تستطيع معظم الدول منافستها، كالاستثمار في التقنيات الناشئة والبنية الأساسية وغيرها من الصناعات المتقدمة. إن صناديق الثروة مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة والقابضة (دي.إي.كيو) وهيئة الاستثمار القطرية من بين الأكبر في العالم، تعد أدوات حاسمة تمكنها من الاستثمار على نطاق عالمي وبلا توقف.
أضف إلى ذلك، تتمتع دول الخليج برفاهية بناء شبكة عالمية من العلاقات المتعددة تمتد عبر الشرق والغرب. تسمح لها هذه الروابط بإنشاء تعاون مبني على المصالح المفيدة للطرفين، ما يبني أسس استثمارات رائدة في كل شيء من المدن المستقبلية العملاقة مثل نيوم، مرورا بالطاقة البديلة إلى الذكاء الاصطناعي. والأهم من ذلك كله أن رسم حدود التوازن الاقتصادي الداخلي والعلاقات الدولية تشكل نقطة مفصلية. كيف ذلك؟
سياسة الصمت السياسي بعيداً عن أن يكون علامة على التقاعس لجعل رقعة الأعمال تتوسع دون خطر هو في الواقع إستراتيجية ذكية. في عالم حيث يمكن فحص كل خطوة سياسية وتسييسها، فإن قدرة دول الخليج على البقاء هادئة نسبيا على المسرح السياسي العالمي تسمح لها بالتركيز على ما هو مهم حقا: التنمية الاقتصادية والتكنولوجية. وعبر تجنب التورط في المناقشات السياسية التي لا نهاية لها، يمكن لهذه البلدان أن تولّد بيئة حيث يمكن لأعمالها أن تزدهر دون التشتيت أو التحديات التي تأتي مع المواقف الجيوسياسية.
يمكن اعتبار هذا التكتيك خيارا متعمدا لتجنب التدخل في الصراعات العالمية، وتوجيه الموارد بدلا من ذلك، نحو بناء شيء تحويلي ذي فائدة. فالسياسيون والمسؤولون الخليجيون يدركون جيدا أن التركيز والاهتمام بالرخاء الاقتصادي طويل الأجل اليوم سيوفر لبلدانهم مسارا للأجيال القادمة من الثروة والنفوذ مستقبلا. وفي حين قد تكافح دول أخرى مع عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فإن دول الخليج قادرة على استخدام ثرواتها ونفوذها للمضي قدما بطرق فعالة وقوية.
النهج الذي تتسلط عليه الأضواء والمتعلق بتوفير قدرة استثمارية لم يسبق لها مثيل من قبل، هو بالضبط ما تحتاج إليه دول الخليج. فهو لا يسمح لها فقط بتجاوز العواصف العالمية فحسب، وإنما أيضا باستخدام قوتها المالية وموقعها الإستراتيجي لإعادة تعريف دورها في العالم، الذي لطالما كان يركز باعتبارها تسبح على احتياطي هائل من النفط والغاز وتذهب مبيعاته للإنفاق الباذخ دون أيّ فائدة ترجى.