واشنطن- عاد أسلوب التراشق والحرب الكلامية ليخيّم على جوّ السباق المحتدم نحو البيت الأبيض. فخلال رحلته لاستعادة ثقة الناخبين، هاجم دونالد ترامب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس بسبب خلفيتها العرقية واتهمها بالالتفاف على تراثها الهندي.

وترامب، الذي لطالما واجه اتهامات بتأجيج التوترات العرقية في البلاد وعدم إدانة مزاعم تفوق العرق الأبيض، تساءل -خلال لقاء له الأربعاء مع الرابطة الوطنية للصحفيين السود بشيكاغو- عمّا إذا كانت هاريس فعلا "سوداء"، وتهكّم قائلا "لم أكن أعرف أنها سوداء حتى قبل سنوات عدّة عندما حدث أنها أصبحت سوداء".

وتابع "أنا أحترم الفئتين، لكن من الواضح أنها لا تفعل ذلك، لأنها كانت هندية طوال الوقت ثم فجأة قامت بالالتفاف وأصبحت سوداء"، وهو ما أثار موجة من الاستياء لدى الصحفيين والجمهور الذي حضر اللقاء.

"مبالغة" إعلامية

وتواجه حملة ترامب انتقادات عنيفة، بسبب تصريحاته التي وصفها البعض بـ"العنصرية" تجاه السود والأقليات، باعتبار كامالا هاريس أول امرأة من أصل أفريقي تترشح بشكل شبه رسمي للرئاسة، وتوصف بأنها النسخة النسائية للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

وعلّقت هاريس -التي تنحدر من أصول جامايكية وهندية وتعرّف نفسها بأنها "سوداء" وآسيوية- على تصريحات ترامب خلال مؤتمر منظمة "سيجما جاما رو" وهي إحدى أهم جمعيات النساء السود في أميركا، وقالت إنه "قدّم نفس العرض القديم من الانقسام وعدم الاحترام"، وأضافت "الشعب الأميركي يستحق الأفضل، يستحق قائدا يقول الحقيقة، قائدا لا يردّ بالعداء والغضب عند مواجهة الحقائق".

وفي حديثه للجزيرة نت، وصف مسعد بولس، صهر الرئيس السابق اللبناني ومنسّق حملته في ميشيغان، تفاعل وسائل الإعلام "الليبرالية" مع تصريحات ترامب بـ"المبالغ فيها". وقال إن "الرئيس ترامب لم يقم بأكثر من ذكر الحقيقة: وهي أن هاريس كانت فخورة جدا بتراثها الهندي عندما كان ذلك مناسبا لها، وتحوّلت مؤخرا إلى تراثها الأفريقي لأنه يناسب حملتها الرئاسية أكثر".

كما أكّد بولس أن تعليقات ترامب كانت تتعلق بـ"تخبّط منافسته في معظم القضايا، بما فيها خلفيتها العرقية، ولم تكن -في نظره- موجّهة بأي شكل إلى مجموعة عرقية معينة". وأضاف أن "شعبية ترامب بين الأقليات في تزايد، خاصة المجتمعات ذات الأصول اللاتينية والسود، حيث تشترك هذه الفئات في نفس القيم المحافظة وهم يقدّرون سياسات ترامب بشأنها".

ومن جانبه، هاجم جي بي بريتزكر، حاكم ولاية إلينوي الديمقراطي، ترامب في تصريح لقناة "سي إن إن"، واعتبر أن المرشح الرئاسي الجمهوري أكّد بتصريحاته مجددا على "عنصريته" وقال "عندما كنت مرشحا عام 2017 لمنصب الحاكم، كنت أصفه باستمرار بالعنصري لأنه كذلك فعلا، واليوم أثبت ذلك مرة أخرى".

دونالد ترامب يلوح بيده خلال تجمع انتخابي في نيو هولاند أرينا بولاية بنسلفانيا (الفرنسية) مخاوف

وتأتي تصريحات ترامب في سياق تتزايد فيه المخاوف من "تأجيج التفرقة" بين الأميركيين، ومن العنف السياسي الذي عاد إلى الواجهة بعد محاولة اغتياله الأخيرة، والعواقب التي يمكن أن تنتج عن محاولات التأثير على حملات الانتخابات الرئاسية.

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها ترامب الجدل بسبب مهاجمته لمنافسيه السياسيين على أساس العرق، إذ أيّدت حملته عام 2016 المزاعم حول "تزييف" شهادة ميلاد باراك أوباما، واتهمته بتزوير شرط أساسي من شروط تولّي الرئاسة في أميركا، قبل أن تتراجع وتعترف بمولده في هاواي.

وقبل أشهر قليلة من خسارته في انتخابات 2020 أمام جو بايدن، أثار ترامب حفيظة الكثيرين بعد مقتل المواطن الأميركي جورج فلويد، بسبب تهديده بإطلاق قوات الحرس الوطني النار على المخرّبين في الاحتجاجات المندلعة آنذاك ضد عنف الشرطة بولاية مينيسوتا.

ومن المواقف التي تطرح تساؤلا عن علاقة ترامب التاريخية بالأميركيين ذوي البشرة السوداء، عندما ألقي القبض عام 1989 على 5 فتية -4 منهم من أصل أفريقي- تتراوح أعمارهم بين 13 و16 سنة، واتهموا في قضية اغتصاب واعتداء على فتاة في حديقة "سنترال بارك" الشهيرة بنيويورك.

حيث قاد حينها دونالد ترامب حملة إعلامية ضخمة بهدف المطالبة بإعادة عقوبة الإعدام، ولم ينتظر بداية المحاكمة التي عرفت ثغرات قضائية، ليصف المتهمين بأنهم "مجرمون وقتلة"، كما أنه لم يقدم اعتذارا صريحا بعد الحكم عليهم بالبراءة في قضية هزّت الرأي العام الأميركي وتحوّلت لأعمال فنية.

ويعتقد محلّلون أن على ترامب أن يضاعف جهوده ليتغلّب على هاريس في استقطاب الأقليات التي تلعب دورا حاسما في الولايات المتأرجحة، خاصة أنها تحظى بدعم منظمّات ذات نفوذ كبير مثل أخوية "ألفا كابّا ألفا" التاريخية للنساء السود، والتي انضمّت إليها خلال فترة دراستها بجامعة هوارد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

إعلان انتخابي يثير الجدل في الهند بسبب الإسلاموفوبيا

أثارت حملة إعلان مصورة عبر الإنترنت لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، انتقادات واسعة بعد تحريضها ضد المسلمين في الهند.

ونشر الفيديو يوم السبت كجزء من حملة انتخابية في ولاية جاركند شرق الهند، ضمن سياق الانتخابات التشريعية في الولاية. وجرت المرحلة الأولى من التصويت في 13 نوفمبر/تشرين الأول الجاري، والثانية في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، على أن تُعلن النتائج في 23 نوفمبر/تشرين الثاني.

ويصور الفيديو مشهدا يُظهر مجموعة من المسلمين يدخلون منزل أحد مؤيدي المعارضة، حيث يظهر في الفيديو امرأة تتصرف وكأنهم يجلبون رائحة كريهة، فيما يُرى الأطفال المسلمون وهم يلوثون الأثاث، ونساء يرتدين الحجاب والنقاب وهن يستحوذن على المنزل.

وأثار الفيديو إدانة شديدة من مختلف الأوساط في الهند، حيث اتهم النقاد الحزب الحاكم بتعزيز خطاب الكراهية ضد المسلمين (الإسلاموفوبيا) والمجموعات الأقلية الأخرى.

ووصف الأكاديمي أشوك سوين الإعلان على منصة "إكس" بأنه مثال واضح على "دعاية إسلاموفوبية" في الحملة الانتخابية لحزب مودي، متسائلا عن صمت لجنة الانتخابات الهندية في مواجهة هذا النوع من الخطاب التحريضي.

كما أدانت محبوبه مفتى، زعيمة حزب الشعب الديمقراطي في جامو وكشمير، الإعلان ووصفته بـ "الطائفي بشكل مخجل" واعتبرته إساءة لـ "النسيج العلماني للأمة".

وأضافت في منشور على "إكس": "حملة بهاراتيا جاناتا في انتخابات جاركند ستثير قلق القيادة الكشميرية التي اختارت الانضمام إلى الهند العلمانية والديمقراطية رغم الأغلبية المسلمة في جامو وكشمير".

استجابة لجنة الانتخابات الهندية

بدورها، أمرت لجنة الانتخابات الهندية (إي سي أي) بإزالة الفيديو من منصات التواصل الاجتماعي التابعة للحزب يوم الأحد، مؤكدة أنه ينتهك "مدونة قواعد السلوك النموذجية" (إم سي سي) المعمول بها خلال الانتخابات. كما وجهت اللجنة القائد الانتخابي في جاركند بضمان إزالة الفيديو، وهو ما تم بالفعل.

وكانت التوترات في الحملة الانتخابية قائمة منذ فترة، إذ أثارت تصريحات سابقة لوزير الداخلية أميت شاه في سبتمبر/أيلول الماضي غضبا واسعا، لأنه وصف فيها البنغاليين والروهينغيا بـ "المتسللين".

وسبق للحزب أن نشر رسوم متحركة في انتخابات لوك سابها 2024، تدعي أن حزب المؤتمر يسهل هيمنة المسلمين على المجتمعات الهندية، مما دفع الشرطة المحلية لإصدار إشعار لإزالته.

وتعد إثارة المخاوف من الإسلام أحد ركائز حملات حزب بهاراتيا جاناتا الانتخابية، حيث نشر الحزب في وقت سابق مقاطع تحريضية على منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام تصور المسلمين على أنهم "غزاة"، مروجين لفكرة أن حزب المؤتمر يسعى لإعادة توزيع الثروات لصالح المسلمين. وقد تم حذف هذه المنشورات لاحقا بعد اعتراضات قانونية.

مقالات مشابهة

  • سمير فرج: قرار اعتقال نتنياهو نقطة سوداء في تاريخ دولة الاحتلال (فيديو)
  • سمير فرج عن قرار اعتقال نتنياهو: نقطة سوداء في تاريخ دولة الاحتلال
  • صبا مبارك تتعرض للظلم من الجميع بسبب مؤامرة في "وتر حساس"
  • هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
  • ألبوم غنائي يثير المخاوف حول الذكاء الاصطناعي.. ما قصة "كوما بروجكت"؟
  • إعلان انتخابي يثير الجدل في الهند بسبب الإسلاموفوبيا
  • التفرقة والوحدة: دروسٌ من توحد اليهود وصراعات الأُمَّــة
  • هروب ضابط إسرائيلي من قبرص بسبب غزة يثير تفاعلا واسعا
  • ترامب في عصر نهاية الاستثناء الأميركي
  • حين تلعب إيران في العالم الافتراضي