العشاء الأخير قصة آخر وجبة تناولها المسيح مع تلاميذه
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
"العشاء الأخير" يُعرَف في الأوساط المسيحية بأسماء أخرى هي "مائدة الرَّب" و"كَسر الخُبز" و"العشاء الرباني" وهو آخِر وجبة تناولها المسيح عليه السلام مع تلاميذه قبل عيد الفصح في اليوم السابق لإلقاء القبض عليه ومحاكمته، وصلبه وفق التصور المسيحي.
وقد تطرقت أناجيل العهد الجديد الأربعة (مَتّى ومُرقص ولوقا ويوحنّا) بتفاصيل هذه الليلة، ويعتبر المسيحيون من جميع المذاهب "الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذوكس" أن هذا العشاء أسس لسر "الإفخاريستا" أو ما يسمى "القربان المقدس".
وتحول هذا الحدث إلى واحد من الطقوس الكنسية الأساسية في معظم كنائس العالم، إذ يحيونه سنويا في خميس الأسرار أو خميس العهد أو الخميس المقدس، وهو اليوم الخامس مما سمي أسبوع الآلام، ويسبق عيد الفصح وفق المعتقدات المسيحية، وفيه يستنسخ الكهنة حركات المسيح وكلماته. ويعد المكان التي تناول فيه المسيح العشاء مع تلاميذه من المزارات المسيحية المهمة في المدينة المقدسة في فلسطين.
قصة العشاء الأخيروفق الرواية المسيحية، دعا المسيح تلاميذه إلى العشاء في علية منزل يقع في جبل صهيون، والذي أصبح لاحقا -بالنسبة للمسيحيين- ثاني مكان مقدس بعد قبر المسيح.
وتوجد العلية في مبنى مكون من طابقين، يقع في الناحية الجنوبية الغربية من البلدة القديمة للقدس. وقد حوّل الاحتلال الإسرائيلي الطابق الأول من المبنى إلى كنيس لاعتقاد اليهود أنه يضم قبر النبي داود عليه السلام.
ولا يستطيع المسيحيون الاحتفال في العلية إلا مرتين في السنة، الأولى في خميس الأسرار الذي يحيون فيه ذكرى العشاء الأخير، والثانية عيد العنصرة حيث يقولون إن الروح القدس نزل على تلاميذ المسيح.
أحداث العشاء الأخيرجرت خلال العشاء الأخير للمسيح مع تلاميذه، وعددهم اثنا عشر، جملة من الوقائع التي تحولت إلى طقوس كنسية يمارسها رواد معظم كنائس العالم.
وحسب التصور المسيحي فقد قام المسيح عن مائدة الطعام وخلع ثيابه واتزر بها ثم صب ماء في مغسل وغسل أرجل جميع تلاميذه ومسحها، بمن فيهم يهوذا الإسخريوطي الذي قيل إنه خان المسيح وسلمه لليهود لمحاكمته بتهمة التجديف.
وتحول فعل المسيح إلى طقس كنسي، ففي كل عام وضمن قداس خميس الأسرار أو خميس العهد، تقام "صلاة اللقان" إذ تسكب المياه في وعاء ويصلى عليها لمباركتها ثم يقوم الكهنة والأساقفة بغسل أرجل المصلين من الرجال والنساء ورشهم بالزيت مثلما فعل المسيح مع تلاميذه.
واللقان كلمة يونانية معناها الوعاء الذي يوضع فيه الماء للاغتسال.
وبوصفه أعلى سلطة في الكنيسة الكاثوليكية، دأب البابا على اختيار بعض الفئات المهمشة مثل السجناء أو المهاجرين غير النظاميين أو المرضى لغسل أرجلهم في هذا الطقس السنوي اقتداء بالسيد المسيح، وهو طقس يرمز إلى التواضع والعطاء والمحبة.
ورغم اتفاق الطوائف المسيحية على إحياء هذا الطقس في خميس الأسرار، إلا أن تاريخه يختلف بين الكنائس التي تستخدم التقويم الغريغوري أو تلك التي تعتمد اليولياني.
وبالنسبة لنصارى مصر فإنهم يخصون الرجال بغسل الأرجل ويستثنون النساء، ووفق تصورهم فإن المسيح خلال العشاء الأخير لم يغسل أرجل أي سيدة، حتى أمه السيدة مريم عليها السلام.
وصية المسيحبعد أن غسل أرجل أتباعه، تحدث المسيح وهو على مادة الطعام مع تلاميذه عن طريق الألم التي سيخوضها وصلى معهم الصلاة الختامية، وأخبرهم أن أحدا منهم سيخونه وسيكون له مصير رهيب، وأوصاهم وصيتهم الأخيرة بأن يحبوا بعضهم البعض كما أحبهم وبالتواضع وخدمة الآخرين.
القربان المقدسفرض المسيح في هذا العشاء ما يسمى بـ"سر التناول" أو "سر القربان المقدس" وهو أحد أسرار الكنيسة، إذ قسم المسيح الخبز إلى كسرات ووزعه على تلاميذه ثم سقاهم من كأسه.
ووفق ما جاء في إنجيل مَتّى فقد قال المسيح لتلاميذه "خذوا كلوا هذا هو جسدي ودمي، اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد، يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مَتّى 26: 26-28).
وهكذا ففي التصور المسيحي، فإن الخبز الذي كسره المسيح ووزعه على تلاميذه كان يرمز إلى جسده الذي سيبذله ذبيحة، أما الشراب الذي سقاهم به من كأسه فهو يرمز إلى دمه الذي سفك ليدفع دين خطايا المؤمنين به ويعيشوا حياة أبدية.
لم يذكر القرآن الكريم العشاء الأخير في سرده قصة عيسى عليه السلام في عدد من المواضع، غير أنه بالمقابل يشير في سورة المائدة إلى حادثة بينه وبين حوارييه، وفيه مائدة طعام أخرى مختلفة عن تلك التي تناولتها التصورات المسيحية.
وفي سورة المائدة سأل الحواريون النبي عيسى عليه السلام أن ينزل عليهم مائدة من السماء يتخذونها آية ومعجزة لهم حتى تطمئن قلوبهم بالإيمان، فأنكر عليهم عيسى في البداية هذا الطلب ثم أذعن لهم ودعا ربه واستجاب له بأن أنزل عليهم مائدة طعام.
ولا توضح القصة القرآنية ولا التفاسير أنواع الطعام الذي احتوت عليه هذه المائدة.
لوحة العشاء الأخيرلوحة جدارية تاريخية رسمها الفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافنشي على أحد جدران قاعة الطعام في دير سانتا ماريا في ميلانو، وذلك بناء على رغبة عمدة المدينة عام 1495.
واستمر دافنشي في العمل على هذه اللوحة 3 سنوات، وتتميز بكبر حجمها ودقة تفاصيلها، إذ بلغ عرضها 8.83 أمتار وارتفاعها 4.57 أمتار.
وتتميز اللوحة بالدقة المتناهية، إذ تظهر بوضوح تعبيرات وجوه جميع الأشخاص، وتتراوح بين الخوف والغضب وعدم التصديق، بينما يظهر المسيح الذي يتوسط اللوحة بتعبير هادئ يوحي بالعظمة.
واستخدم دافنشي في الرسم بإحدى الطرق القديمة، وهي الأصباغ المائية، مما جعل الألوان تتلاشى مع مرور الزمن بسبب عوامل التعرية والإهمال.
ففي عام 1652 فتح سكان الدير بابا جديدا في جدار اللوحة، وأزالوا جزءا منها حيث كانت تظهر قدما المسيح من تحت مائدة الطعام.
وأواخر القرن الـ18، حول جنود نابليون بونابارت الدير إلى إسطبل واستخدموا جدران الغرفة للتدريب على الرماية، وخلال الحرب العالمية الثانية قصف النازيون الدير، مما أدى إلى سقوط السقف وبعض الجدران، إلا أن اللوحة نجت بفضل بعض أكياس الرمال التي كانت موجودة فوقها.
وخضعت اللوحة طوال تاريخها لعمليات ترميم متعددة كانت آخرها عملية ترميم طويلة ابتدأت عام 1977 وانتهت عام 1999، استعادت إثرها اللوحة معظم تفاصيلها، وسجلت لاحقا في قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونيسكو) للتراث العالمي إلى جانب كنيسة ودير سانتا ماريا.
محاكاة ساخرةفي حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت بالعاصمة باريس في يوليو/تموز 2024، ظهر مشهد لشخص يرتدي ملابس نسائية ويضع مساحيق تجميل ضمن محاكاة ساخرة للوحة "العشاء الأخير".
ويُعرف مشهد العشاء الأخير بقداسته الكبيرة عند المسيحيين حول العالم، وهو ما بدا واضحا في غضبهم من هذه السخرية، الأمر الذي أدى لانتشار حملات انتقاد واسعة ضد منظمي حفل الافتتاح، واعتبره كثيرون إساءة متعمدة للمسيحية والأديان.
وفي مكان من يُوصف بـ"السيد المسيح" بلوحة العشاء الأخير، ظهر شخص عار قال نقاد إنه يمثل "ديونيسوس" وهو إله الخمر والاحتفالات الماجنة في الأساطير الإغريقية القديمة والذي عرف أيضا بمواكبه واحتفالاته وطقوسه الوثنية المتحررة من القيم الأخلاقية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العشاء الأخیر خمیس الأسرار علیه السلام
إقرأ أيضاً:
يهدد حياة الأطفال.. مقترح برلماني يقضي بحظر «الإندومي» في مصر
تقدمت النائبة مي رشدي، عضو مجلس النواب، باقتراح برغبة، إلى المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، موجه إلى الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان، لإصدار قرار وزاري بحظر تداول منتج الإندومي في مصر، لما له من خطورة على الصحة العامة.
وتضمنت المذكرة الايضاحية أن وجبة المكرونة الجاهزة والتي يصاحبها توابل حارة جدًّا، تعد الوجبة المفضلة لكثير من الأطفال والكبار في مصر، وتُعد خيارًا مثاليًا للكثير من ربات البيوت، نظرًا لسرعة تحضيرها كما إنها رخيصة الثمن لا تتجاوز 5 جنيهات.
وأضافت المذكرة، أنه على الرغم من التحذيرات الدورية الصادرة من الأطباء في مصر، يكثر انتشار الإندومي في المنازل، والأخطر من ذلك تتواجد عربات الإندومي أمام المدارس والميادين والشوارع دون أي تحرك من الجهات المعنية.
وشهدت الفترة الأخيرة عدة وفيات في مصر أبلغ ذوو المتوفيين أنها كانت ناتجة عن تناول الإندومي، ومنها الطفلة "كاترين.ا"، 15 عاما، بقرية صدفا بمحافظة أسيوط، كما توفيت طالبة تدعى رحمة يوسف، 14 عاما، عقب تناولها وجبة أندومي، فيما لقيت طفلة تدعى "ندي.ش"، 13 عاما، مصرعها بتسمم غذائي، إثر تناولهم وجبة سامة، عقب وصولها مستشفى أبشواي المركزي.
كما تُوفيت طفلتان شقيقتان في مركز إدفو بمحافظة أسوان بعد تناولهما وجبة المكرونة المجهزة الإندومي، كما أصيبت 3 طالبات بتسمم غذائي، في إحدى المدارس الثانوية التابعة لإدارة أشمون التعليمية، بمحافظة المنوفية، وتبين بالفحص أن الطالبات تناولن وجبة "إندومى"، وفي شهر أبريل من عام 2022، أصدرت هيئة سلامة الغذاء قرارًا بسحب الإندومي من الأسواق بسبب وجود أضرار صحية شديدة الخطورة في أكياس الإندومي، كما أصدرت قرار بمنع تداول 3 أنواع من منتجات الأندومي، غير إنه على أرض الواقع مازالت هذه المنتجات متداولة.
وأكدت عضو مجلس النواب أن الإندومي يحتوي على مادة جلوتيمات أحادي الصوديوم ومكسبة نكهة وخطيرة جدًا وتصيب بضمور الأعصاب، كما تؤدي إلى الوفاة حال الإفراط في تناولها لسنوات، مشيرة إلى إلى أن هناك قرارات بحظر ومنع تداول منتج الإندومي في عدد من دول الإتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية مثل الإمارات، كما حظرت كلًا من ماليزيا وتايوان هذا المنتج بعدما اكتشفوا مادة يحتمل أن تسبب السرطان في ماركة إندومي الشهيرة للمكرونة سريعة التحضير.
وطالبت النائب مي رشدي، بسرعة التحرك، إزاء استمرار تناول أطفالنا هذا المنتج في ظل ما يشكله من خطر داهم على صحتهم في ضوء ما أثبتت دراسات علمية حديثة، ومن ثم يتعين منع تداول هذا المنتج في مصر.
اقرأ أيضاً«القومي للتغذية» يحذر من الإفراط في الإندومي: يسبب السكر والضغط والقلب
أستاذ جهاز هضمي يكشف حقيقة وفاة شاب بسبب تناوله "الإندومي"