هل تجر اغتيالات نتنياهو واشنطن إلى حرب لا تريدها؟
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
واشنطن– مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط هذا الأسبوع بعد اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وقبلها اغتيال فؤاد شكر القائد العسكري بحزب الله في هجوم على العاصمة اللبنانية، تتزايد المخاوف في واشنطن من سيناريو الانجرار لحرب إقليمية شاملة، خاصة مع تعرض إيران لضغوط للرد على الهجوم الذي وقع على أراضيها.
وتراقب واشنطن ما إذا كان قتل هنية تحديدا قد يفتح الباب على رد فعل يتمثل في حملة منسقة في المنطقة تضم مختلف الجهات التابعة لإيران من العراق واليمن ولبنان، وربما حتى طهران نفسها، في رد مباشر على إسرائيل.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار ديفيد دي روش، المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني، إلى أنه "منذ الغزو الإسرائيلي لغزة ردا على 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان الهدف الرئيسي لسياسة بايدن الخارجية هو منع نشوب حرب إقليمية أوسع في الشرق الأوسط. وسعت واشنطن إلى إبقاء الصراع في غزة محصورا فيها ومنع نشوب صراع أوسع قد يؤدي إلى حرب مباشرة بين إيران والولايات المتحدة".
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة شاركت بحماية إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي عندما قتلت إسرائيل عددا من كبار القادة العسكريين الإيرانيين في غارة جوية على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، سوريا، إذ ردت طهران بإطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة على إسرائيل.
رد قادة إيران بغضب في أعقاب اغتيال هنية في طهران، وحذر علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية -الذي التقى شخصيا مع هنية اليوم السابق لاغتياله- من أن إسرائيل "أعدت عقابا قاسيا لنفسها".
وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى صدور أوامر من خامنئي بضرب إسرائيل مباشرة ردا على مقتل هنية على أراضيها.
وخلال زيارته للفلبين، قال وزير الدفاع الأميركي الجنرال لويد أوستن "سنساعد في الدفاع عن إسرائيل، لقد رأيتمونا نفعل ذلك في أبريل/نيسان. يمكنك أن تتوقع منا القيام بذلك مرة أخرى".
ودفع ذلك بتاريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي بواشنطن، للرد بالقول في تغريدة على موقع إكس إنه "لا توجد دولة أكثر احتمالا لجر الولايات المتحدة إلى حرب كارثية في الشرق الأوسط من إسرائيل. لا يمكنك معارضة الحروب الأبدية بالشرق الأوسط في ظل طبيعة العلاقات الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
وفي تحليل له، أشار بارسي إلى أن الاغتيالات الأخيرة تخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي من عدة نواح، منها القضاء على أي فرص لتجديد المسار الدبلوماسي بين واشنطن وطهران التي تفاءل الكثير من المعلقين بشأنها عقب انتخاب مسعود بزشكيان رئيسا جديدا لإيران.
وكانت حملة بزشكيان الانتخابية قد قامت على أساس يهدف لتجديد المسار الدبلوماسي بين الدولتين. ولكن مع تصاعد التوترات في أعقاب عمليات الاغتيال، فإن فرصة خلق انفتاح دبلوماسي بين البلدين قد تقلصت، على الأقل الوقت الحالي.
ويعتقد بارسي أن إسرائيل تبنت سياسة اختلاق أزمات سياسية ترفع تكلفة بدء المحادثات بين واشنطن وطهران، كطريقة فعالة لعرقلة هذه الجهود الدبلوماسية.
الضغط وحنق إيران
تمثل عملية اغتيال إسرائيل إسماعيل هنية -خلال مشاركته في احتفالات تنصيب الرئيس الإيراني- ضربة قوية لطهران تضعها في موقف شديد الحرج إستراتيجيا.
وعسكريا، قضت عملية اغتيال هنية على ادعاء إيران بأنها أعادت الردع في مواجهة إسرائيل في أعقاب قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية بدمشق مطلع أبريل/نيسان الماضي. وقد بعث نجاح عملية اغتيال هنية إلى حلفاء إيران رسالة صارمة بأنهم ليسوا آمنين ولا حتى داخل طهران، وأن إيران لا تستطيع حمايتهم.
ونتيجة لذلك، يرى بارسي أنه من المرجح جدا أن تنتقم إيران، وعندئذ من المرجح أن يكون نتنياهو قد نجح في خلق دوامة تصعيدية يمكن أن تؤدي إلى حرب إقليمية واسعة النطاق قد تجر الولايات المتحدة إليها أيضا.
ومن شأن أي حرب إقليمية جديدة أن تؤسس توازنا جديدا في المنطقة يعيد هيمنة إسرائيل وحريتها في المناورة بعد تلقيها ضربة 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكنها لا تستطيع إقامة مثل هذا التوازن بمفردها، إلا بدعم وتورط أميركي مباشر.
ويشير بارسي إلى أنه ومع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، ومع إشارة كامالا هاريس بأنها ستتبنى خطا أكثر صرامة ضد نتنياهو، فإن بدء حرب إقليمية قبل أن تصبح رئيسة سيعني أن نتنياهو لن يجبر الولايات المتحدة على الدخول في الحرب فحسب، بل سيحاصر هاريس أيضا ويزيل قدرتها على اتباع نهج أكثر تشددا تجاه إسرائيل.
الاغتيالات والتصعيد
عقب وقوع عمليتي الاغتيال، ثار الجدل بين المعلقين الأميركيين المحايدين، وبين أولئك الداعمين بشدة لإسرائيل. واعتبر فالي نصر، البروفيسور بجامعة جون هوبكنز، في تغريدة له على موقع إكس أن "عمليات الاغتيال الإسرائيلية، بغض النظر عن السبب وراءها، فقد تمت بطريقة استفزازية متعمدة تهدف إلى الانتقام التصعيدي".
وأضاف البروفيسور أن الولايات المتحدة "تسير نائمة في حرب أكبر لا تريدها. لقد وضعت نفسها في موقف مجنون على أمل ضبط النفس في بيروت وطهران".
ورد روبرت ساتلوف، مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وهو معهد شديد القرب من إسرائيل، وقال إن ثمة وجهة نظر بديلة مفادها أن عمليتي الاغتيال "قد نفذتا بطريقة منضبطة تهدف إلى التركيز على قادة الإرهابيين والحد من الخسائر في صفوف المدنيين".
ونبه إلى أن كليهما "كانا عربيين، وليسا إيرانيين، كما ينبغي للمرء أن يلاحظ. ويوفر هذا لإيران فرصة للاقتصار على رد شكلي وتهدئة تخدم طهران بدلا من مواجهة محفوفة بالمخاطر وغير مؤكدة".
ورأى أنه "في هذا السيناريو، فإن الدعم الأميركي لإسرائيل -سواء بإرسال سفن إلى المنطقة أو اتخاذ تدابير موازية ضد المليشيات المدعومة من إيران في العراق- سيعزز الردع ويجعل خفض التصعيد أكثر احتمالا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة الشرق الأوسط حرب إقلیمیة اغتیال هنیة إلى حرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل سحبت أميركا بحوارها مع حماس البساط من تحت أقدام نتنياهو؟
اتفق محللان سياسيان على أن الإدارة الأميركية الحالية لا تريد عودة الحرب إلى قطاع غزة، لذلك تدفع نحو مسار جديد قد يكون حلا وسطا بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.
وأعرب الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة عن قناعته بأن حماس قد تتعاطى بإيجابية مع المطالب الأميركية التي قد تشكل ضغطا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خاصة المتعلقة بالأسرى ذوي الجنسية الأميركية.
ووفق حديث عفيفة للجزيرة، فإن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تريد الحصول من واشنطن على ضمانات تتجاوز ما قام به نتنياهو في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وقال عفيفة إن مسارا جديدا يتبلور يتطلب اتخاذ قرارات من الأطراف المعنية، وقد يكون مقدمة للمرحلة الثانية، مرجحا أن تظهر نتائج هذا المسار خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو ما يفسر الاستفزاز الإسرائيلي إعلاميا وميدانيا.
وكانت "يديعوت أحرونوت" نقلت عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل تخشى اتفاقا بشأن غزة دون أن تكون هي من ينقل المعلومات لواشنطن، وتحدثت عن مصادر بالإدارة الأميركية تتهم إسرائيل بمحاولة عرقلة المحادثات المباشرة بين واشنطن وحماس.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن إنشاء مسار بين واشنطن وحماس جاء بسبب توقف مفاوضات المرحلة الثانية، وأن الحكومة الإسرائيلية عارضت وجود قناة منفصلة بين واشنطن وحماس بشكل مباشر.
إعلان
وأشار عفيفة إلى أن هناك تقديرات أميركية بأن نتنياهو يسعى لتخريب هذا المسار، متوقعا أن يطرح المبعوث الأميركي إلى المنطقة ستيفن ويتكوف مبادرة بعد لقاءات واشنطن مع حماس.
ورجح أن يكون الضغط على نتنياهو الفترة المقبلة "إذا تم التوافق على إطار وسيط قبل المرحلة الثانية" مشددا على أن الجميع يسعى إلى تفكيك الأزمة والابتعاد عن نقطة التصادم.
وخلص إلى أن الإطار التفاوضي الجديد يعتمد على ماذا ما يمكن للولايات المتحدة أن تقدم على طاولة المفاوضات، بعدما لم تقدم إسرائيل سوى خطاب الحرب والنصر المطلق ولم يعد ذلك مجديا.
وحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن ممثلي ترامب سافروا إلى الدوحة ولم يبلغوا إسرائيل بالمحادثات مع حماس، وإن قرار تفاوض واشنطن مع حماس جاء بعد معلومات عن استعداد إسرائيل لعملية عسكرية بغزة.
وأضافت "يديعوت أحرونوت" أن الحكومة الإسرائيلية تواصلت مع البيت الأبيض وأعربت عن غضبها من الاجتماع ومضمونه، وأن إخفاء المحادثات عنها جاء بعد إفشالها جولة كانت مقررة الأسبوع الماضي.
وكذلك، أشارت الصحيفة إلى أن بعثة واشنطن -التي زارت الدوحة الأسبوع الماضي- خططت للقاء مسؤول رفيع بحماس.
وبدوره، أكد الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى وجود مسار أميركي مختلف عن نظيره الإسرائيلي رغم الأهداف المشتركة، مشيرا إلى أن واشنطن تريد استنفاد كافة المسارات الدبلوماسية من خلال الاتفاق الحالي أو اتفاق جديد يمكن للطرفين الانخراط فيه.
وأوضح مصطفى أن إسرائيل تريد تمديد المرحلة الأولى والاستعداد لخيار استئناف الحرب، وهو ما يفسر التباين والخلاف بين وجهات النظر الإسرائيلية والأميركية.
وأكد أن إدارة ترامب تعلم أن حكومة نتنياهو تريد العودة للحرب، مشيرا إلى أن واشنطن غير ملتزمة بالمسار السياسي الذي تريده إسرائيل بعودة الحرب أو تمديد المرحلة الأولى.
إعلانووفق مصطفى، فإن أميركا تراهن على مسارات لبداية تفاوض بشأن الأسرى، ومن ثم الحديث لاحقا عن مستقبل قطاع غزة، في حين لا ترى إسرائيل هذا الطرح ضمن الأولويات وتضع إنهاء حكم حماس أولوية مطلقة.
وخلص إلى أنه من المتوقع أن يطرح ويتكوف إطارا جديدا لمسار يمكن الاندماج فيه، موضحا أنه بدأ بمباحثات مباشرة بين أميركا وحماس في قطر، وقد تنخرط فيها إسرائيل لاحقا.
وقد نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مسؤولين بفريق التفاوض أن المستوى السياسي والأمني يرفض خطوة المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس، كما أن الرفض الإسرائيلي لم يُنقل إلى كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.