تداعيات جريمتي اغتيال في بـيـــروت وطــهـــــــران
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
جريمتان خلال ساعات قليلة، ترسمان أبعاد الحرب الجارية من دون توقف منذ عشرة أشهر.
هجوم في قلب الضاحية الجنوبية اللبنانية وقصف استهدف القائد العسكري لـ"حزب الله" فؤاد شكر، وأدّى إلى استشهاد أربعة وإصابة أربعة وسبعين، وعملية اغتيال أدّت إلى استشهاد رئيس حركة حماس إسماعيل هنية ومرافقه، في العاصمة الإيرانية طهران.
كانت إسرائيل قد سوّقت كذبة أخرى، سرعان ما أن تبنّتها واشنطن كما فعلت دائماً، حيث اتهمت الحزب بالمسؤولية عن سقوط صاروخ على ملعب في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، وأدّى إلى استشهاد 12 شبلاً سورياً.
عند وضع مقارنة بشأن مصداقية إسرائيل و"حزب الله"، فإنّ الأولى ليست فاقدة المصداقية وحسب بل إنها تكذب دائماً، فيما يعرف عن الحزب مصداقيته، وهو حين نفى مسؤوليته عن جريمة مجدل شمس، كان يعلم أنّ ثمة فتنة تقف خلف الرواية الإسرائيلية.
أهل مجدل شمس السوريون، الذين رفضوا الجنسية الإسرائيلية أدركوا منذ اللحظة الأولى، مزاعم
إسرائيل، ورفضوا التساوق معها أو استقبال الوزراء، وأعضاء الكنيست، وواجهوا بنيامين نتنياهو بعبارات سيئة يستحقها.
هل كانت إسرائيل بحاجة إلى ذريعة؟ نعم، فلقد عاد نتنياهو من واشنطن بخيبة أمل، لا يقلّل منها أو يغطّيها التصفيق له في الكونغرس، فلقد وجّه له الطرفان "الديمقراطي" و"الجمهوري" رسالة واضحة بضرورة وقف الحرب.
في كلّ مرّة، يحشر فيها نتنياهو بين خيارات ضيقة، يجد مهرباً عَبر ارتكاب جريمة خطيرة، تشدّ الأنظار والاهتمام، وتفتح أمامه الطريق لمواصلة الحرب.
بعد عودته من واشنطن، وجد نتنياهو نفسه أمام خيارين صعبين فهو إمّا أن يوافق على صفقة التبادل، ويخسر ائتلافه الفاشي الحكومي، وإما أن يواجه الضغوط الأميركية، والداخلية التي تدعوه لتسهيل التوصل إلى صفقة تبادل مع "حماس".
حتى يهرب من هذه وتلك ويفتح خياراته مرّة أخرى نحو الوجهة التي رسمها منذ البداية، ونجح في المواصلة باتجاهها وهي استمرار الحرب قام بتوظيف جريمة مجدل شمس، بتصعيد خطاب المواجهة، مدعوماً بإجراءات حربية، ولها علاقة بالجبهة الداخلية، ورفع سقف التهديدات إلى مستوى الاستعداد لعملية واسعة في لبنان.
في حقيقة الأمر، فإنّ التطوّرات قد أكدت أن إسرائيل بعد عشرة أشهر من الحرب على غزة والضفة، وتدخّل أطراف أخرى من المقاومة لا تملك القدرة على التعامل مع جبهات قتالية متعددة، وتحقق الانتصار.
لقد فقد الجيش الإسرائيلي قدرته على الردع، وخسر في قطاع غزة مئات الدبابات والآليات والمدرّعات، وأخذ يشكو من نقص الذخائر والدبابات، ومعنويات جنوده شبه منهارة، بسبب فداحة الخسائر، دون تحقيق انتصار، ولذلك فإنّه لم يعد يملك الإمكانية لإدارة معركة إقليمية واسعة.
نتنياهو مرتاح إلى وتائر الحرب الحالية، طالما أنها مستمرة ومنضبطة مع الجنوب اللبناني وفق قواعد أصبحت معروفة ومحكومة لمنطق الاشتباك، ولذلك هو لا يريد حرباً، إلّا إذا خرجت الأمور عن القواعد المرسومة، على أنّ نتنياهو تحدوه رغبة عارمة، في توسيع دائرة الحرب إلى أبعاد إقليمية، إن كان سينجح في توريط الولايات المتحدة بالدخول مباشرة وعلانية في مثل هذه الحرب، وهو لن يكفّ عن المحاولة.
الإدارة الأميركية ليست كما يبدو صاحبة مصلحة في توسيع دائرة الحرب، ولذلك هي تمارس ضغوطاً لا تتوقف على الأطراف المعنية بما في ذلك إسرائيل، حتى لا يقع المحظور، ولكن نتنياهو يحاول تجاوز المحظور وهو مطمئن أنّ الولايات المتحدة ستكون إلى جانبه دائماً.
التسريبات التي تحدثت عنها الحكومة اللبنانية قبل عملية اغتيال فؤاد شكر، كانت تقول، إنّ الضربة الإسرائيلية إن تجاوزت بيروت وضاحيتها الجنوبية ومطارها، فإنّها لن تؤدي إلى الانزلاق نحو توسيع الحرب.
فهل سيؤدّي قصف الضاحية إلى استمرار الاشتباك وفق القواعد المعمول بها؟ بعد اغتيال هنية الذي فقد نحو 60 فرداً من عائلته خلال الحرب الدموية والتدميرية التي ما زالت جارية على قطاع غزة، لم تعد جريمة قصف الضاحية هي التي تقرر وحدها، الجواب عن سؤال الاحتواء أو التوسع ولقد دخل على الخط مثلّث المقاومة الأساسي.
"حماس" تقاتل بصلابة، وبكل ما تستطيع في القطاع، ولكن لا يزال على الأرجح لديها رصيد من إمكانيات المقاومة التي لم تفعلها بعد في غير مكان.
وفيما يبدو أن الحكومة اللبنانية خضعت للخديعة، بشأن طبيعة ومكان الضربة الإسرائيلية، فإنّ "حزب
الله" سيردّ على الأقل ضمن معادلة العين بالعين بمعنى أنّ ضرب بيروت يقابله ضرب تل أبيب. على أنّ التوقّعات، قد تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، بعد أن أضيفت إلى جريمة قصف بيروت جريمة اغتيال هنية في طهران.
حين يتعلق السؤال بالردّ المحتمل من إيران، التي وقعت جريمة الاغتيال على أرضها وفي عاصمتها، فإنني لا أتوقع الكثير، فلقد اختبرنا الردّ الإيراني خلال اغتيال مسؤولين كبار، وما يقلّل من هذا الاحتمال من وجهة نظري، هو أنّ إيران تجاوزت، جريمة اغتيال رئيسها قبل أشهر قليلة حين اكتفت بتحقيقات سريعة غير مقنعة، وأغلقت الملف دون أن تجيب عن أسئلة كثيرة تنطوي على شبهة الفعل المخطط.
لهذا السبب، أعتقد أن عبء الردّ على الجريمتين سيقع بالدرجة الأولى على "حماس"، وعلى "حزب الله"، الذي قد يوسّع دائرة الاستهدافات بما يتجاوز ضوابط وقواعد الاشتباك المعروفة، ودون أن نتجاهل الإسناد من جبهتي اليمن والعراق.
إذاً، لا يزال احتمال توسّع الحرب قائماً، بدفع إسرائيلي، وتورّط أميركي إجباري. ومرة أخرى أمام احتمالات وقوع ردّ قوي من "حزب الله"، أو من إيران كاحتمال وارد.
يعلن لويد أوستن وزير الدفاع الأميركي، أنّ بلاده ستدافع عن إسرائيل وتعلن "الخارجية" الأميركية، أنّها لا تزال تفضّل وتعمل لعدم توسّع الحرب عبر الوسائل الدبلوماسية والسياسية لكنها بينما تنجح في محاصرة الآخرين تفشل في محاصرة نتنياهو ورغباته وأهدافه.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه هنية غزة فلسطين غزة هنية طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله مجدل شمس
إقرأ أيضاً:
باحثة: اتفاق سري بين واشنطن وطهران على تسليم سلاح «حزب الله» للجانب الإيراني
قالت زينة منصور، الباحثة السياسية، اليوم الثلاثاء، أن هناك بنودا سرية حول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، مشيرة إلى وجود اتفاق سري بين واشنطن وطهران ينص على تسليم سلاح حزب الله للجانب الإيراني، وليس إلى الجيش اللبناني.
وأضافت زينة منصور، خلال مداخلة هاتفية لقناة «القاهرة الإخبارية»: «كما أنه قد تكون إيران طرفًا في اللجنة الدولية المشتركة المؤلفة من الجيش اللبناني والقيادة الوسطى في الجيش الأمريكي والجيش الإسرائيلي».
وتابعت: «أن إيران قد تكون شريكًا في عملية تطبيق القرار 1701، إذ أن هناك اتفاقا أمريكيا إيرانيا على تصفية الجناح العسكري وبقاء السياسي»
وواصلت: «أن الاتفاق جرى التوصل إليه حتى لا يُثار إصدار جديد من مجلس الأمن، كما أن البنود السرية حول وقف إطلاق النار في لبنان تتضمن تفاهم إسرائيلي أمريكي، يمنح إسرائيل حق حرية الحركة والتدخل، إذا ما لم يقم الجيش اللبناني و(اليونيفيل) ولجنة الرقابة الدولية الثلاثية المشتركة بواجباتهم».
وأردفت: «كل الخيوط والمخارج الدبلوماسية والسياسية، تحاكي بأن يتم العودة إلى انتظام العمل المؤسساتي والدستوري في لبنان، بهدف إنقاذ أراضي لبنان من هذه الورطة».
اقرأ أيضاًوسائل إعلام إسرائيلية: وقف إطلاق النار في لبنان سيدخل حيز التنفيذ غدًا الأربعاء
إصابة 5 مواطنين جراء غارات عنيفة على بلدات وقرى جنوب لبنانتفاصيل الهدنة المرتقبة في لبنان وغزة.. هل وافق عليها نتنياهو؟