أزواد في مالي … أزواغ في النيجر ..فأين ازواد الجزائر ؟!
تأملات في مالي والنيجر ..
القضايا العادلة يمكن أن تستغل من قبل من صنعوها ومهدوا لها وبذروا بذورها.
كتبنا سابقا عن قضية أزواد شمال مالي وهي تعادل ربما 60% من مساحة البلاد وهي باختصار مطالبة سكان ذلك الجزء الشمالي ومكوناتهم الأساسية الطوارق والعرب والفلاتة وأقليات أخرى في مواجهة باماكو العاصمة في الجنوب بإثنياته المختلفة.

الفضاء الجغرافي للطوارق والعرب والفلاتة يشمل جنوب الجزائر ، وفي شمال غرب النيجر إسمه أزواغ وفي الجزائر لاتوجد قضية أزواغية ولا أزوادية ربما لأن المطالبات الاحتجاجية تنشط في الفراغات الهشة.

المتاح والمتوافر معلوماتيا لدينا حتى اللحظة أن مكونات أزواد وأزواغ القبائلية لا علاقة لها بمكونات الدعم السريع العابرة للحدود المباشرة وأن قبائل عرب ازواد متشاركة كثيرا مع قبائل موريتانيا وهؤلاء معروفين عندنا بالشناقيط منذ الأزل والصورة الذهنية للشنقيطي في أعرافنا ومجتمعاتنا السودانية هي صورة العالم الوقور والمقبول والمعترف به ولو جاء بالأمس ويكفيك شارع الشنقيطي أطول وأهم شوارع أم درمان.

مالي :
هناك قضية قديمة منذ الستينات مع استقلال مالي في 1960م في أزواد لجأت لرفع السلاح مبكرا جدا ، وبعد وصول النظام الإنقلابي بقيادة هاشمي غويتي رفع شعار التخلص من المواريث الاستعمارية في الإقتصاد واللغة وهذا مقبول ولكنه مارس أيضا التنصل من إتفاقات سلام وحكم ذاتي لأزواد وقع عليها النظام السابق.

هنا مربط الفرس ، أن الإنقلابيين قوميين متشددين ومتناقضين يريدون التخلص من مواريث فرنسا في الإقتصاد واللغة ولكنهم يتمسكون بمواريثها في السيادة والأرض في أزواد والعدالة لا تتجزأ ولا تتناقض ولا تقبل الكيل بمكيالين.

ولهذا لو كنت في مكان فرنسا وشعرت بأن الإنقلابيين سيصادرون مواريثي الإقتصادية واللغوية فليس هناك خيار أفضل من تقديم الدعم للأزواديين ( الذين صنعنا مظلمتهم ذات يوم )نكاية في نظام الإنقلابيين التحررين ، ونقول ذلك من قبيل الاستنتاج لا الجزم.
النيجر :
وفي النيجر حيث أزواغ فإن أزواغ هادئة لا تزال ولكن بعد إنقلابهم على الرئيس العربي بازوم في يوليو 2023م فقد إندلعت ثلاث حركات مسلحة.

ثلاث حركات مسلحة مرة واحدة وكلها تطالب بعودة الرئيس بازوم والحكم المدني المنتخب.
وهكذا تبدو النيجر وبعد عام من الإنقلاب على الرئيس محمد بازوم وهي تعاني من المعادلة السياسية الصعبة وهي أيهما أفضل للشعوب : حكومات مدنية مروضة ومتحكم بها أم حكومات عسكرية تسعى لاستعادة الموارد والتحرر الحقيقي إقتصاديا وسياسيا ؟

حين بدأت دول أفريقيا تنال إستقلالها في بدايات الستينات في الغالب لم تكن الإنقلابات العسكرية مستنكرة بل كانت غالبا الوسيلة الأفضل لإبعاد أبطال الاستقلال ممن كانوا يحاولون صناعة استقلال حقيقي.

كانت جيوش دول أفريقيا عموما قد تم تكوينها خلال حقبة استعمار أوروبا من القرن التاسع عشر إلى سنوات نيل الاستقلال ، ونشأت وتشربت بالولاء للمؤسسين وتقولبت بقوالبهم وتسلحت بأسلحتهم.

ولكن الآليات تتطور مع الزمن ولأن موضة العصر هي الحكم المدني والديموقراطية ظهرت إنتخابات فاسدة متحكم بها ورؤساء مدنيين يحرسون نفس المنظومة القديمة ويدينون لها بالولاء وصارت المعادلة تحريم الإنقلابات العسكرية لأن الوضع المدني المتحكم به أفضل كثيرا فهو مستوف للشروط من حيث الشكل والمضمون.

في هذه المضامين وفي خطابه يوم 27 يوليو 2024م بمناسبة الذكرى الأولى للإنقلاب على بازوم وضح رئيس المجلس العسكري النيجري مبرراتهم قائلا:

(بلدنا وُضع تحت وصاية القواعد العسكرية الأجنبية ودُفع به نحو ظلمات الإرهاب المحدق ونُهبت ثرواته).

وقال : ( إن أسباب انقلاب الجيش على الرئيس محمد بازوم متعددة، منها تهديدات وجودية كالإرهاب ووصاية القواعد العسكرية الأجنبية …و أن ثروات بلاده كانت عُرضة للنهب من قِبل نظام يدور في فلك القوة الاستعمارية السابقة …وإن “التهديدات الوجودية التي كان يتعرض لها بلدنا، الذي وُضع تحت وصاية القواعد العسكرية الأجنبية ودُفع به نحو ظلمات الإرهاب المحدق، ونهب الثروات أمور دفعتنا إلى تحمل مسؤولياتنا).

وأوضح أن الأسباب سالفة الذكر يضاف إليها “الحكم غير القانوني وكبت الحريات والديمقراطية المزيفة التي كان النظام المخلوع يتباهى بها، وتتحكم فيها وتسوق لها القوة الاستعمارية السابقة للتغطية على تحكمها بالنظام المخلوع”.

وخلال عام واحد فقط كانت الخطوات العملية هي : طرد المجلس العسكري الحاكم القوات الفرنسية العام الماضي، ويُتوقع أن تستكمل القوات الأميركية رحيلها من النيجر في أغسطس 2024م.

بالمقابل تواجه الحكومة العسكرية النيجرية تدشين ثلاث حركات مقاومة مسلحة تشترك جميعها في هدف رئيسي هو إعادة الرئيس المنتخب محمد بازوم ، ويقود إثنين منهما زعماء من التبو وواحدة يقودها زعيم من الطوارق كان مستشارا أمنيا لبازوم علاوة على كونه متمرد سابق ومتمرس في تمردات ازواغ النيجر الملاصقين جغرافيا لأزواد مالي.

هل لفرنسا علاقة دعم بالحركات المسلحة الجديدة في النيجر ؟ الله أعلم فلا معلومات مؤكدة متاحة لدينا ولكن يمكنك أن تدرك بسهولة أنهم يعرقلون خطى النظام الجديد للتحرر خاصة وأن بعض قادتها أعلن صراحة أن المنشئات النفطية النيجرية ستكون من أهدافهم لمنع الحكومة العسكرية من الاستفادة الإقتصادية منها ، وهذه هي أفريقيا وهذا هو مستوى فهم حركات معارضاتها المسلحة التي لا تفرق بين معارضة الحكومة ومعارضة الوطن !
#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی النیجر

إقرأ أيضاً:

اكتشاف عشرات الجثث بالقرب من معسكر كوالا غربي مالي

اكتشف مواطنون في مالي الثلاثاء جثثا لعشرات القتلى من المدنيين بالقرب من معسكر كوالا التابع للجيش، والواقع في منطقة كوليكورو غربي البلاد.

وتم اكتشاف القتلى خلال عمليات بحث يقوم بها المواطنون من أجل العثور على أقاربهم الذين اعتقلتهم قوات فاغنر والجيش المالي في 12 أبريل/نيسان الجاري، وقادتهم إلى جهات مجهولة.

وكان الجيش المالي مدعوما بمليشيات فاغنر قد نفذ عمليات مداهمة واسعة في عدد من القرى الواقعة غربي البلاد منتصف الشهر الجاري بحثا عما يسميهم "الخونة المتعاونون مع الإرهابيين".

وفي مناطق كوليكورو، ونارا، ونيورو، الواقعة على الحدود المشتركة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، اعتقل الجيش المالي وقوات فاغنر 60 مدنيا في 12 أبريل/نيسان الجاري واقتادهم إلى جهات مجهولة.

ويزيد هذا الاكتشاف من معاناة أهالي الضحايا، إذ لم يستطع أحد التعرف على القتلى بسبب تحلل الجثث وتغيرها.

ولم يصدر الجيش المالي بيانا حول الحادثة، ولا خبرا عن المدنيين الذين تم اعتقالهم قبل أسبوعين.

وتعتبر منطقة الحدود المشتركة بين دول الساحل الثلاث من أخطر الأماكن، حيث ظلت طيلة السنوات الماضية مسرحا للقتل والاختطاف والهجمات المنظمة.

والعام الماضي شهدت المنطقة مواجهات عنيفة بين جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة من جهة، والجيش المالي المدعوم من قوات فاغنر من جهة أخرى.

إعلان

ويشار إلى أن دولة مالي شهدت تصاعدا في الهجمات المتبادلة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة منذ أن تولى المجلس العسكري الحالي الحكم في البلاد عام 2021، وأعلن عزمه تحرير كامل الأراضي، وخرج من اتفاق السلام والمصالحة الموقع مع تنظيمات أزواد سنة 2015 في العاصمة الجزائر.

مقالات مشابهة

  • الدار البيضاء تحافظ على ريادتها كمركز مالي إفريقي
  • إلى المسيرية بعد فقدان أبيي لقد خاب المسعى فأين المرعى؟
  • أكبر عملية طرد: الجزائر ترحّل إلى النيجر 1800 مهاجر إفريقي غير شرعي في يوم واحد
  • وفد طلابي اكاديمي في سيرلانكا يتضامن مع أطفال غزة ويقدم دعمًا ماليًا
  • الرئيس تبون: هذا المشروع هو “حلم” تحقق ..والعمل جاري لتمكين الجزائر من الالتحاق بركب الدول الناشئة
  • فيلم الرقيب الخالد… يصور جرائم النظام البائد في الغوطة الشرقية
  • انهيار النظام الصحي في غزة: نقص الأدوية وتكثيف العمليات العسكرية يهددان بكارثة إنسانية​
  • يا جنحويد دارفور، إذا أتتكم الريح من كل مكان وكل ناحية فأين تجعلون رؤسكم؟
  • لبنان يتلقى دعمًا ماليًا بقيمة 17 مليون يورو لدعم الوحدات العسكرية في الجنوب
  • اكتشاف عشرات الجثث بالقرب من معسكر كوالا غربي مالي