أقام مهرجان  المسرح المصري برئاسة الفنان محمد رياض، ندوة بعنوان  " راويات السيرة.. قديما وحديثا " ضمن المحاور الفكرية التي تحمل عنوان " المرأة المصرية والفنون الأدائية "، بحضور د. محمد حسن عبد الحافظ، والفنانة فاطمة عادل، والفنانة صفا الهلالي، وأدار الجلسة الدكتور عبد الكريم الحجراوي الذي أكد علي أن المرأة هي من ألفت السيرة الهلالية، وهي سيرة عالمية على الرغم من أنها سيرة شعبية.

ندوة روايا السيرة 


وقدم الدكتور عبد الكريم الحجراوي فنانة الربابة صفا الهلالي كنموذج لأشهر عازفات الربابة التي عزفت وأمتعت الحضور في الندوة، كما قدمت الفنانة فاطمة عادل فقرة فنية وغنت كثير من مقاطع من السيرة الهلالية، ونالت إعجاب كل الحضور بصوتها وأدائها القوي المميز.


وتحدث  الدكتور محمد حسن حافظ قائلا: إن المرأة لها شفرة في السيرة لا يمكن إنكارها أو طمسها من قبل الرجال مثل "رحلة خضرة" التي تناولتها في الباب الأول من دراستي بعنوان "الربابة"، ورغم أننا لم نجد في التراث المصري أنثى تعزف الربابة، ولكن مع ذلك نجدها موجودة في بلدان متعددة مثل الفنانة الإيرانية "نرجس دهقاني" التي تعزف الربابة باقتدار،ومن معزوفاتها " لوعة القلب ".


وأضاف: بالربابة نستطيع أن نجمع شعوب العالم، خاصة وأنها آله فرعونية بالأساس وانتشرت بعدها في بلدان عديدة من العالم،وقد وثقت عدد من هذا التراث عبر رحلة في صعيد مصر،حيث تمتلك مصر كنز كبير من السيرة الهلالية بمختلف أشكاله، ثم قدم نموذج تسجيلي لإحدى راويات السيرة في صعيد مصر " أم ثابت" التي ورثت حفظ السيرة عن اجدادها.

واستطرد قائلا: لا بد من الحفاظ على هذا التراث؛ فحس النساء له دور عظيم، ولعل دور الفرق المستقلة عظيم في الحفاظ علي هذا التراث من بينهم حسن الجريتلي وفاطمة بلال،التي حفظت أغاني البدو في أفراحهم ومناسبتهم المختلفة، والتي كانت من أهم الاكتشافات بالنسبة لي.

وأشار الدكتور عبد الكريم الحجراوي، أنه لا بد أن نشكر د. محمد حسن حافظ علي تبنيه توثيق وإعادة إحياء فن الربابة مرة أخرى، ولا بد من الاهتمام بهذه الثقافة الشعبية ومراعاتها وإعادة إحياء هذا التراث من خلال العروض والمهرجانات، وختم د. أحمد مجاهد رئيس لجنة المحاور الفكرية الندوة قائلا: دور المرأة كبير في خلق وحفظ هذا التراث وكل الأدلة التي تم عرضها خلال الندوة أكبر إثبات على ذلك،خاتما حديثه بمقولة " الماضي ليس كل ما مضى ولكنه بعض النقاط المضيئة التي نستطيع البناء عليها".

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مهرجان المسرح المصري محمد رياض سميحة أيوب

إقرأ أيضاً:

الشيخ ياسر مدين يكتب: التشكيك في السيرة النبوية (7)

عرضنا فيما سبق لمراحل تدوين السيرة العطرة منذ عهد الصحابة الكرام حتى وصلنا إلى الجيل الرابع الذى منه موسى بن عُقبة (ت 141هـ)، ومعمر بن راشد (ت 153هـ)، ومحمد بن إسحاق بن يسار (ت 151هـ)، صاحب السيرة المشهورة، والتى زعم البعض جهلاً أو كذباً أنها أول ما كُتب فى السيرة!

وقد تحدثنا عن منهج ابن إسحاق فى كتابة السيرة وتوثيقها، وقد استطاع ابن إسحاق أن يُقدّم لنا من هذه المادة الغزيرة سيرة حسنة التنظيم والعرض تحت عنوان «المغازى»، أى: مغازى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد سبق أن بيَّنا أن المراد بالمغازى هى السيرة النبوية، وإنها تُعنون ببعض أحداثها وهى المغازى باعتبارها من أهم الوقائع، وإطلاق اسم البعض على الكل من عادات لسان العرب، وقد بيَّن صاحب كتاب «المغازى الأولى ومؤلفوها» أن كتاب المغازى كان ثلاثة أقسام هى المبتدأ والمبعث والمغازى، حيث إنه اشتمل على تاريخ الرسالات السابقة، وفترة شباب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونشاطه فى مكة، وأخيراً الفترة المدنية.

وقد انتشر كتاب ابن إسحاق، وصار يُروى عنه، ومعنى رواية الكتاب أن تلاميذه بعد أن نسخوا «نقلوا» الكتاب، قرأوه على الشيخ، فصارت نُسخُهم موثقةً؛ لأنهم بعد أن نقلوها من نسخته قرأوها عليه دَرءاً لأى خطأ أو تحريف قد يقع أثناء عملية النقل.

وقد صارت سيرة ابن إسحاق معتمدة لدى العلماء المؤرخين من بعده، وهذا يدل على ثقتهم فيها، وتقديرهم للجهد المبذول فى تنقيحها والعناية بتوثيقها.

وقبل أن نبين كيف أن سيرة ابن إسحاق آلت إلى سيرة ابن هشام، ينبغى أن نقف عند أمر أثاره البعض تشكيكاً فى السيرة المنقولة، ألا وهو أن الإمام مالك بن أنس (ت 179هـ) إمام المذهب الفقهى المشهور، رضى الله عنه وأرضاه، قد وصف ابن إسحاق بأنه «دجَّال من الدجاجلة»، والحق أن هذه الكلمة لا تدل على ما ذهب إليه هذا الزاعم، وذلك لأن مالكاً لم يتهم محمد بن إسحاق بالكذب، ولكن كان بينهما معاداة سببها أن محمد بن إسحاق كان ممن يقول بمذهب القَدَرية فى العقيدة، واشتد هذا بينهما، حتى إن محمد بن إسحاق قال: اعرضوا علىَّ عِلم مالك [يقصد كُتبَه]، فإنى بَيْطاره. فلما بلغ مالكاً هذا القول قال: انظروا إلى دجالٍ مِن الدجاجلة يقول: اعرضوا علىَّ علم مالك!

وهذه الواقعة ثابتة فى المراجع العلمية، والإمام مالك يقصد بوصفه محمد بن إسحاق بأنه (دجال من الدجاجلة) أنه خرَج من المدينة المنورة، والمدينة المنورة لا يدخلها الدجال آخر الزمان، فكأن الإمام مالكاً، رضى الله عنه، يشير بهذه الكلمة إلى أن آراء ابن إسحاق الزائغة فى العقيدة كانت سبب إخراجه من المدينة، فصار منفياً منها كما لا يدخلها الدجال.

وقد وردت روايات فى المراجع العلمية نصت على هذا، يقول فيها الإمام مالك، رضى الله عنه: دجال من الدجاجلة يقول هكذا! نحن نفيناه من المدينة.

إذن، ليس المقصود بالكلمة رمى ابن إسحاق بالكذب فيما نقله من السيرة النبوية.

وجدير بالذكر أن المستشرق الألمانى يوسف هوروفتس فى كتابه القيم «المغازى الأولى ومؤلفوها» الذى ترجمه أستاذنا الدكتور حسين نصار، رحمه الله تعالى، قد ذكر هذا.

وماذا يظن بمن يذكر هذه الكلمة فى معرض التشكيك فى السيرة؟ هل جهل ما ذكرناه فقالها، ويكون حينئذٍ معذوراً بالجهل، أم رآه واطلع عليه ولكنه لم يذكره تدليساً على السامعين، لتشكيكهم فى تراثهم، وتاريخهم، وسيرة نبيهم، صلى الله عليه وسلم؟!

ليس لنا أن ننقب عن النية الكامنة وراء ما يقول ويفعل، ولكن يعنينا أن نبين لمن سمع ذلك الكلام أن قائله إما أن يكون معذوراً بالجهل أو متهماً بالكذب، وهل تؤخذ المعرفة عن أحد هذين؟!

مقالات مشابهة

  • المرأة في قانون الجنايات المصري: تطور وتحديات
  • حماية المرأة ومواكبة التقدم التكنولوجي.. تطورات قانون الجنايات المصري
  • كاتبة روائية: الفنان الراحل حلمي التوني له دور كبير في الحفاظ على التراث المصري
  • شهادات في محبة عبدالله السعداوي بمهرجان المسرح التجريبي
  • رحلة بصرية عبر التاريخ والأسطورة.. وفاة الفنان التشكيلي المصري حلمي التوني
  • الدكتور سعيد العيسائي يدشن صالونه الثقافي الأول بالقاهرة
  • «مجلس محمد بن حمد الشرقي» ينظم جلسة «ذاكرة الأجداد»
  • الشيخ ياسر مدين يكتب: التشكيك في السيرة النبوية (7)
  • الدكتور محمد كمال يكتب: الاستثمار في رأس المال البشري
  • ماستر كلاس بالمهرجان التجريبي| عمر المعتز بالله يتتبع أصول المسرح المصري القديم