على وقع محادثات العراق والولايات المتحدة، التي عقدت في واشنطن، الأسبوع الماضي، لبحث إنهاء القوات الأجنبية في العراق، المنضوية تحت عنوان "التحالف الدولي"، أعلنت المليشيات الشيعية إنهاء الهدنة مع القوات الأمريكية واستئناف الهجمات ضدها.

وقال عضو حركة "النجباء" العراقية، مهدي الكعبي، الثلاثاء، خلال تصريح صحفي ، إن "هدنة (المقاومة الإسلامية) الفصائل المسلحة في العراق مع القوات الأمريكية انتهت".



ونشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، قريبة من "النجباء" زعيم الحركة أكرم الكعبي، يطلق طائرة مسيرة على قاعدة عين الأسد غرب العراق، والتي يتواجد فيها العديد من مستشاري قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.


"تصعيد محدود"
وبخصوص أسباب إنهاء الهدنة، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، مهند الجنابي لـ"عربي21"، إن "الفصائل في العراق حتى إذا ذهبت مع خيار التصعيد فإنه سيكون محدودا، وهي في الوقت ذاته لا تريد أن تزعج واشنطن إلى الدرجة التي تدفعها للانتقام".

وأضاف: "الهدنة أعلنها فصيل واحد بشكل صريح إعلانها، وهو كتائب حزب الله، أما باقي الفصائل ضمن تشكيل ما يعرف بـ(المقاومة الإسلامية في العراق) فإنها كانت في هدنة غير معلنة أو سرية، وهذا حصل بعد مقتل 3 جنود أمريكيين بالأردن في شهر يناير الماضي".

وتابع الجنابي، قائلا: "لكن إيقاف العمليات كان ضمن مدة محددة وكانت حتى صيف هذا العام، وقد ورد مثل هذا الشيء على لسان قادة الفصائل أن الهدنة ليست مفتوحة، ولهذا السبب مسألة تعليق الهدنة والذهاب للتصعيد هو قرار سابق من هذه الفصائل".

ويضيف الخبير العراقي، أن "إنهاء الهدنة يرتبط مع موضوع انسحاب القوات الأمريكية، إضافة إلى مسألة استهدافهم للحكومة أو ابتزازها للحصول على عقود ومسائل أخرى تزيد من نفوذ الفصائل وهيمنتها وسطوتها على القرار الرسمي العراقي".

وأشار إلى أن ضربة التحالف الدولي في محافظة بابل الأخيرة ضد الفصائل كان استباقية، لأنه في العادة لا تستخدم الضربات الاستباقية تجاه الفصائل المسلحة، ولكن هذا يعكس جدية حقيقية من واشنطن في كبح هذه التهديدات".

وأعرب الجنابي عن اعتقاده بأنه "إذا ما ذهبت هذه الفصائل إلى المجازفة فإنها ستكون أمام ضربات استباقية وفقا للمتابعة الاستخباراتية  والمعلوماتية الكبيرة للغاية. وأن قادة الفصائل يدركون أنهم تحت أنظار أعدائهم المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية".

من جهته، قال أستاذ الإعلام في العراق، غالب الدعمي، لـ"عربي21" إن "قضية إخراج القوات الأمريكية مرتبطة بالحكومة العراقية ولا شأن لأي جهة أخرى بذلك، بغض النظر عن عنوانها".

وبيّن أن "إنهاء الهدنة مرتبط بقصف إيران ولبنان وجرف الصخر في بابل، وأعتقد أن الوضع لا يبشر بخير من الولايات المتحدة تجاه الفصائل، لأنه إذا قامت الأخيرة باستهداف القوات الأمريكية، فإن الأخيرة ستعود إلى نهج الاغتيالات ضد قادة الفصائل في العراق".

وأردف: "بالتالي هذا سيؤدي إلى خلق جو جديد من عدم الاستقرار في المنطقة وبالعراق تحديدا، ويبدو أن الأمور تسير باتجاه التصعيد من الولايات المتحدة والفصائل العراقية".


"الحكومة محرجة"
وعن تعامل الحكومة العراقية مع إنهاء الهدنة والرد الأمريكي، قال الجنابي إن "نهج الحكومة في التعامل مع الفصائل هو ثابت ومعلن، فهي تؤكد أن التصعيد من هذه المجاميع هو جزء مما تشهده المنطقة من تصعيد".

وبناء على ذلك، يضيف الجنابي، فإن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يعتمد على مقاربة الحوار والتوازن ما بين علاقة العراق مع واشنطن وتأثير هذه المجاميع على القرار السياسي العراقي".

وأكد الخبير العراقي أن "هذا الموقف لم يجد نفعا رغم أنه أقصى يمكن أن تذهب إليه الحكومة، لأن هذه الفصائل هي جزء من الكتلة الأكبر (الإطار التنسيقي الشيعي) التي شكلت حكومة السوداني، وبالتالي من غير المنطقي أن ينقلب الأخير على حلفائه".

وخلص الجنابي إلى أنه "رغم ذلك كله، كانت هناك بيانات حكومية تصف الهجمات على القوات والتواجد الدبلوماسي الأمريكي في العراق بأنها أعمال إرهابية، لذلك فإن هذا التحدي وإمكانية الحفاظ على التوازن أعتقد بأنه مهمة مستحيلة".

بدوره، أكد الدعمي أن "موقف الحكومة محرج جدا، فهي لا تستطيع أن تمنع الفصائل من استهداف القوات الأمريكية، ولا تستطيع أن توقف الولايات المتحدة من الرد، وهي ماضية في التفاوض مع واشنطن لإخراج القوات الأجنبية".

ولفت إلى أن "الحكومة تسعى إلى إخراج القوات الأمريكية حتى لا يبقى هناك مبرر لما تقوم به الفصائل من هجمات. الفصائل ملتزمة بمحور المقاومة المدعوم من إيران، والأخيرة لديها مشكلات مع أمريكا وإسرائيل، وأن جبهتها مفتوحة من اليمن وصولا إلى العراق وجنوب سوريا".

وزاد الدعمي قائلا: "اليوم حجة الفصائل في العراق، أنهم يضربون القوات الأمريكية لأنهم يحتلون البلد، وبالتالي الحكومة تقوم بمحادثات مع الجانب الأمريكي لإنهاء هذا المبرر. لكن أعتقد أن الموضوع أكبر، لأن البعض من الفصائل تعلن أنهم سيبقون يقاومون الأمريكيين حتى تحرير فلسطين".

ضغط أمريكي
وفي السياق ذاته، أفاد تقرير نشرته إذاعة "مونت كارلو" الدولية، الاثنين، بأن الجانب الأمريكي طلب من الحكومة العراقية تحريك دعاوى قضائية ضد قادة الفصائل، بمعنى اعتقالهم بواسطة مذكرات قضائية بتهمة مخالفة إرادة وهيبة وسلطة الدولة العراقية.

ويأتي هذا التصعيد بعد ذهاب وفد عراقي رفيع المستوى برئاسة وزير الدفاع ثابت العبادي إلى واشنطن لبدء الحوار الأمني المشترك بين الولايات المتحدة والعراق، حيث ناقش الطرفين مستقبل مهمة التحالف الدولي وتعزيز التعاون الأمني بين بلدينا.


وفي بيان مشترك نشرته وزارة الدفاع العراقية، الأربعاء، أكد الطرفين أن البعثة الاستشارية (العسكرية الأمريكية) موجودة في العراق بدعوة من الحكومة العراقية لدعم قوات الأمن العراقية، وأن الممثلين العراقيين أكدوا التزامهم المطلق بحماية الأفراد والمستشارين والقوافل والمرافق الدبلوماسية للولايات المتحدة ودول التحالف الدولي.

وأفادت "رويترز" نقلا عن مصدرين أمنيين، الخميس الماضي، بأن أربعة صواريخ من طراز كاتيوشا أُطلقت في وقت متأخر الخميس، على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق التي تتمركز فيها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وفي 16 تموز/ يوليو الجاري، استهدفت طائرتان مسيرتان قاعدة تستضيف قوات أميركية ودولية غربي العراق، إذ كشف مسؤول عسكري عراقي أن "أنظمة الدفاع الجوي التابعة للتحالف الدولي أسقطت إحدى الطائرتين المسيرتين قرب محيط قاعدة عين الأسد الجوية".

ومنذ 30 كانون الثاني/ يناير 2024، أوقفت المليشيات هجماتها على القوات الأميركية، وذلك بعد مقتل اثنين من قادة "كتائب حزب الله" العراقية بمسيّرة أميركية في بغداد، ردا على هجوم استهدف قاعدة عسكرية بالأردن قتل فيه ثلاثة جنود أمريكيين في 28 من الشهر نفسه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراق واشنطن الهدنة الهجمات العراق واشنطن هجمات الهدنة الفصائل الشيعية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الأمریکیة الولایات المتحدة الحکومة العراقیة التحالف الدولی إنهاء الهدنة قادة الفصائل فی العراق

إقرأ أيضاً:

حسابات داخلية تغض طرف الفصائل العراقية عن أحداث سوريا - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

أثارت الأحداث الدامية في الساحل السوري ردود فعل واسعة على المستويين الإقليمي والدولي، إلا أن الفصائل العراقية التزمت الصمت حيال ما جرى، مما فتح الباب أمام التكهنات حول أسباب هذا الموقف.

وفي ظل تعقيدات المشهد السوري، يطرح هذا الصمت تساؤلات حول ما إذا كان يعكس موقفاً محايداً أم أنه جزء من ستراتيجية أوسع لتجنب الدخول في صراعات إقليمية قد تؤثر على الوضع الداخلي العراقي.

وهنا يكشف الخبير في الشؤون الأمنية صادق عبد الله، عن الأسباب التي حالت دون إصدار فصائل المقاومة العراقية أي بيانات بشأن الأحداث الأخيرة في الساحل السوري.

وقال عبد الله لـ"بغداد اليوم"، اليوم الثلاثاء (11 آذار 2025)، إن "الفصائل العراقية بكل مسمياتها منشغلة حاليًا في ترتيب أوراقها الداخلية من خلال حوارات شاملة ومهمة مع حكومة السوداني، ولا تعد طرفًا في أحداث الساحل السوري التي كانت مفاجأة للجميع خاصة بعد أن تحولت إلى ارتكاب مجازر مروعة بحق مكون من مكونات الشعب السوري، مما جعلها فتنة".

وأضاف، أن "الفصائل العراقية لا ترغب في الانخراط في هذا المسار، سواء بشكل مباشر أو إعلامي، مع الإشارة إلى أن قيادات مقربة من الفصائل من نواب وساسة قد أدانوا ما حدث في مدن الساحل للطائفة العلوية، والتي أسفرت عن سقوط نحو ألف ضحية".

وأوضح عبد الله، أن "وجود تأثير إيراني على بعض الفصائل لا يعني أنها لا تمتلك آراء وخيارات وطنية داخليًا، لذا فإن الفصائل العراقية لا ترغب في فتح جبهة إعلامية، حيث إن إصدار أي بيان قد يعتبر تدخلاً ويُستغل بطرق متعددة".

وأشار إلى أنه "وفقًا للقراءات الحالية، هناك متغيرات داخل الفصائل من حيث بوصلة الأهداف حيث تسعى الفصائل إلى تهدئة الأحداث بشكل عام وحسم خارطة الطريق مع الحكومة العراقية لضمان وضع يعزز الأمن والاستقرار الداخلي ويخفف من الضغوط الخارجية على بغداد".

وأضاف أن "إصدار البيانات من قبل الفصائل قد يعتبر تدخلاً ويؤكد ما تروج له بعض القنوات المقربة من نظام الحكم في سوريا، وبالتالي محاولة خلط الأوراق والادعاء بأن هناك عاملًا خارجيًا وراء ما حدث في مدن الساحل". 

وتابع، أن "أحداث الساحل لم تكن ممنهجة أو مخططًا لها، ولكن ما تبعها من مجازر مروعة أوجد شكوكًا كبيرة حيال طبيعة الأحداث في سوريا وقدرة الحكام الجدد على ضبط الوضع ومنع الفتن".

واختتم عبد الله حديثه بالقول: إن "هذه الحادثة ستغير الكثير من الآراء العامة الدولية حيال ما يحدث في دمشق".

وكانت السلطات في سوريا، أعلنت السبت الماض، تعزيز انتشار قوات الأمن في منطقة الساحل بغرب البلاد وفرض السيطرة على مناطق شهدت مواجهات، هي الأعنف منذ إطاحة بشار الأسد في الثامن من ديسمبر كانون الأول.

هذا وقال محافظ اللاذقية محمد عثمان إنه تم رصد انتشار أعداد كبيرة لفلول النظام تفوق 4 آلاف شخص في طرطوس واللاذقية، مؤكدا تنفيذ عمليات تمشيط في مدينة القرداحة ومحيطها.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان مساء يوم السبت، بارتفاع كبير في عدد القتلى، مشيرا إلى أن "عدد القتلى بلغ حتى مساء السبت 1018 شخصا بينهم 745 مدنيا جرى تصفيتهم وقتلهم بدم بارد في مجازر طائفية".


مقالات مشابهة

  • القوات المسلحة العراقية: البدء بملاحقة مرتكبي الاعتداءات على السوريين في البلاد
  • القوات المسلحة العراقية: نلاحق مرتكبي الاعتداءات على السوريين
  • لردع الحوثيين : القوات الامريكية تبدأ تحركا واسعا باليمن
  • حسابات داخلية تغض طرف الفصائل العراقية عن أحداث سوريا
  • حسابات داخلية تغض طرف الفصائل العراقية عن أحداث سوريا - عاجل
  • أكثر من (95) مليون برميل نفط حجم الصادرات العراقية لأمريكا خلال 2024
  • الحكومة العراقية تعزز خططها لتأمين الكهرباء الصيف المقبل
  • الحكومة العراقية تعزز خطط تأمين الكهرباء الصيف المقبل
  • العقوبات الأمريكية على الفصائل العراقية .. هل المواطن في مأمن؟
  • العقوبات الأمريكية على الفصائل العراقية .. المواطن في مأمن- عاجل