العراق.. سخط بسبب هجمات أميركية ومخاوف من انزلاق المنطقة للحرب
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
بغداد– طالبت هيئة الحشد الشعبي والفصائل المسلحة المنضوية تحت تحالف "المقاومة الإسلامية في العراق" الحكومةَ بالعمل على إخراج القوات الأجنبية من البلاد بشكل فوري بعد ليلة وصفت بـ"الدموية والغادرة" أمس الأول، جراء عدة هجمات نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل في العراق وسوريا ولبنان وإيران.
واستهدفت القوات الأميركية معسكرا لقوات الحشد الشعبي في محافظة بابل جنوبي بغداد، مما أدى إلى مقتل أربعة من منتسبيه، كما أسفرت هجمات إسرائيلية متزامنة عن استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والقيادي في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، وتلا ذلك ضربات استهدفت مواقع قرب العاصمة السورية.
ودعت هيئة الحشد -في أعقاب الضربات الجوية التي شنتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة شمالي محافظة بابل- السلطات العراقية إلى اتخاذ قرار فوري يقضي بخروج القوات الأجنبية.
وقال المسؤول الإعلامي للهيئة مهند العقابي للجزيرة نت إن الهيئة أصدرت بيانا أكدت فيه أن ما جرى من "عملية عدوانية غاشمة على قواتنا بالحشد الشعبي، يدعونا إلى القيام بكل ما علينا من مسؤوليات وطنية وقانونية وشرعية في الدفاع عن سيادة وكرامة العراق، وتوحيد الجهود، لاتخاذ قرار فوري بخروج القوات الأجنبية من بلادنا".
وأكد أن "الاعتداء تزامن مع العملية الإجرامية التي نفذها الكيان الغاصب باغتيال هنية يعري مخططات الأعداء بإشعال المنطقة وتوسيع دائرة الحرب والعدوان".
دوريات قتالية للحشد الشعبي داخل حدود العراق (العراقية) مسؤولية الحكومةمن جهتها، طالبت قوى "المقاومة الإسلامية في العراق" الحكومة بالدفاع عن سيادة البلاد، بحسب مهدي الكعبي عضو حركة النجباء العراقية، وهي إحدى أبرز فصائل "المقاومة الإسلامية".
وأكد الكعبي -في حديث للجزيرة نت- أن استهداف العراق من خلال القصف الأميركي المتكرر لقوات الحشد الشعبي التابعة للقوات المسلحة العراقية "عدوان سافر ومرفوض من قبل الشعب العراقي وحكومته" مطالبا الحكومة بالدفاع عن مؤسساتها الأمنية والعسكرية وإدانة العدوان الأميركي على سيادة العراق.
وفي السياق، تعهد الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول -في أعقاب الهجوم- باتخاذ إجراءات قانونية ودبلوماسية مناسبة لحفظ الحقوق.
وبين الجانب الأميركي أن قواته استهدفت بضربة جوية دفاعية مقاتلين في محافظة بابل العراقية حاولوا إطلاق مسيرات تهدد هذه القوات والتحالف الدولي، مما أسفر عن مقتل 4 عناصر من الحشد الشعبي.
وبحسب القيادة المركزية الأميركية، فإن الطائرات المسيرة تعتبر تهديدا للقوات الأميركية والتحالف الدولي، مؤكدة "حق الدفاع عن النفس واتخاذ الإجراءات المناسبة".
وتنشر الولايات المتحدة نحو 2500 عسكري في العراق و900 في سوريا ضمن التحالف الدولي لما تسميه محاربة تنظيم الدولة.
تصعيد متوقع
وحول التداعيات المحتملة في أعقاب الهجمات الأميركية الإسرائيلية في المنطقة، يرى الخبير بالشؤون العسكرية والإستراتيجية اللواء الركن المتقاعد عماد علو أن هذه الأحداث تؤشر إلى مرحلة جديدة من التصعيد والتوتر بالشرق الأوسط في إطار الحرب التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وبدعم من الولايات المتحدة.
ولفت اللواء المتقاعد بهذا الصدد إلى ردود الأفعال الغاضبة جدا على تلك الهجمات من قبل القيادة السياسية والعسكرية في العراق وإيران وحزب الله اللبناني، وكذلك الحكومة اللبنانية.
ويقول علو للجزيرة نت إن أصوات الدعوات للتهدئة وعدم توسيع نطاق الحرب تتراجع أمام إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على توسيع رقعة الصراع واستهداف محور المقاومة في منطقة الشرق الأوسط امتدادا إلى الحديدة في اليمن حيث مازالت النيران تشتعل في مينائها.
وأشار إلى أن السيناريوهات المتوقعة إزاء ذلك سوف تكون على شكل ضربات عسكرية مركزة من قبل الحرس الثوري الإيراني، لافتا النظر إلى ما جاء على لسان كتائب حزب الله في العراق من أنه ستكون هناك ضربات للمصالح الأميركية، مرجحا أن اعتبارات عدم إحراج الحكومة العراقية لم تعد موجودة بعدما أدان المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة هذا الاعتداء واعتبر ذلك جريمة نكراء.
وعبر الخبير العسكري عن اعتقاده بأن تشهد المنطقة خلال المرحلة المقبلة تصعيدا خطيرا، باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، وهذا ما سينعكس على المفاوضات التي يجريها العراق مع الولايات المتحدة بهدف انسحاب الأخيرة، وكذلك التهدئة التي يسعى لها الوسطاء في قطر ومصر لإنهاء الحرب الإسرائيلية الدائرة في غزة.
الضربة الأميركية للحشد الشعبي تزامنت مع ضربات إسرائيلية استهدفت قادة بحماس وحزب الله (الأناضول) خيار المواجهةوحول الخيارات المتاحة أمام العراق في أعقاب الهجمات الأخيرة، يرى الخبير الأمني صفاء الأعسم أن العراق والمنطقة في موقف خطر خاصة بعد اغتيال هنية وشكر، والهجمات على مقرات الحشد الشعبي، وعلى مواقع قرب السيدة زينب في سوريا، وهذه مؤشرات على أن هناك من يريد التصعيد.
وأِشار الأعسم -في حديث للجزيرة نت- إلى أن قوى المقاومة قد لا تحقق نتائج عالية في حال مهاجمتها للأميركيين وإسرائيل بسبب ضعف التقنية العسكرية.
وخلص إلى أن العراق أمام خيارين، إما التهدئة أو اللجوء إلى ردود الأفعال السريعة، وذلك قد يؤدي إلى حرب مفتوحة في المنطقة وربما إلى حرب عالمية ثالثة.
وكانت الحكومة العراقية قد وجهت دعوة عاجلة لمجلس الأمن الدولي على خلفية اغتيال هنية، لاتخاذ موقف حازم "بعدما تجاوز الكيان الصهيوني على سيادة البلدان واستهتاره بالقوانين الدولية" بحسب المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي.
وقال العوادي في بيان إن "الكيان الصهيوني يسعى إلى إشعال فتيل الأزمات وتوسعة الصراعات التي ستدفع حتماً إلى تداعيات خطيرة في المنطقة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة الحشد الشعبی للجزیرة نت فی العراق فی أعقاب
إقرأ أيضاً:
هل تترجم مذكرات التفاهم العراقية المصرية إلى منافع اقتصادية؟
بغداد- وقّع العراق ومصر أول أمس الخميس 12 مذكرة تفاهم، وذلك عقب انعقاد جلسة المباحثات الموسعة للجنة العليا المصرية العراقية المشتركة.
وخلال مؤتمر صحفي مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن التعاقدات مع الشركات المصرية وصلت إلى أكثر من 600 مليار دينار عراقي (460 مليون دولار).
وأشار مدبولي إلى أنه سبق أن تم توقيع 11 مذكرة تفاهم في يونيو/حزيران 2023، وتم تعزيزها بتوسعتها وتنويعها إلى نحو 12 مذكرة في مجالات مختلفة.
وفي ختام اجتماع اللجنة العليا العراقية المصرية بدورتها الثالثة في بغداد تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم، والتي شملت مجالات متنوعة:
مذكرة تفاهم للنقل البري للأشخاص والبضائع بين وزارتي النقل في البلدين. مذكرة تفاهم في مجال تعزيز المنافسة ومكافحة الممارسات الاحتكارية بين مجلس شؤون المنافسة ومنع الاحتكار في العراق، وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بمصر. توقيع بروتوكول تعاون في مجال التنمية المحلية بين أمانة بغداد ومحافظة القاهرة. وفي مجال الآثار والمتاحف تم توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للآثار والتراث بوزارة الثقافة العراقية والمجلس الأعلى للآثار المصرية. توقيع مذكرة تفاهم في مجال التقييس والسيطرة النوعية. مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تنظيم الرقابة والإشراف على الأسواق المالية. البرنامج التنفيذي بين وزارتي الثقافة في البلدين للأعوام من 2025-2027. إعلانوشملت الاتفاقيات أيضا توقيع مذكرة تفاهم بين دار الكتب والوثائق العراقية ودار الكتب المصرية، وأخرى للتعاون في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومشروع مذكرة تفاهم في مجال بناء وتشغيل وصيانة الصوامع، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم وتعاون بين اتحادي الغرف التجارية العراقية والمصرية.
السوداني (يمين) ونظيره المصري مصطفى مدبولي في بغداد في 30 يناير/كانون الثاني 2025 (الفرنسية) من صلاحيات السلطة التنفيذيةبدوره، أكد مظهر محمد صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء أن مذكرات التفاهم التي أبرمها العراق مع مصر لا تحتاج إلى موافقة برلمانية، كونها تدخل ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية الحصرية.
وأشار صالح في حديث للجزيرة نت إلى أن هذه المذكرات لا تخضع لقانون الاتفاقات والمعاهدات رقم 35 لسنة 2015، والذي يستوجب تصويت مجلس النواب، بل هي مقدمة لبناء علاقات متينة بين البلدين الشقيقين اللذين يشكلان محورا أساسيا في الشرق الأوسط والعالم العربي.
وأوضح أن عددا كبيرا من مذكرات التفاهم قد وُقّعت، مما يرسي الأسس للتعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وبناء جسور من الثقة طويلة الأمد، مؤكدا أن العراق بحاجة إلى خبرة مصر واستقرارها، وأن البلدين يمثلان ركنا أساسيا في المنطقة العربية.
وشدد صالح على أهمية زيارة رئيس وزراء مصر للعراق وتوقيع مذكرات التفاهم العديدة، والتي تعد اللبنة الأولى لاتفاقات أكبر في المستقبل، وستساهم في تحقيق التنمية المستدامة بالعراق، مشددا على أن مصر ستستفيد من قدرات العراق التاريخية وموارده الاقتصادية.
وأعرب عن اعتقاده بأن هذه المذكرات تمثل نقلة نوعية مهمة في العلاقات بين البلدين، وأن مجلس النواب سيطلع على هذه المذكرات التي تدخل ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية، مشيرا إلى أن أي تحول لهذه المذكرات إلى اتفاقات يتطلب موافقة البرلمان، لكن التطلع إلى علاقات إيجابية مع مصر يحظى بدعم جميع أعضاء مجلس النواب.
وختم صالح حديثه بالتأكيد على أهمية العلاقات العراقية المصرية، وعلى قوة واستقرار العراق ووزنه الكبير في المنطقة، مما يُنتج تلازما كبيرا بين البلدين في مختلف المجالات.
عوامل إنجاحهامن جهته، أكد الخبير الاقتصادي عامر الجواهري أن نجاح مذكرات التفاهم الموقعة بين العراق ومصر يعتمد بشكل كبير على مدى جدية الطرفين في تطبيقها ومتابعتها على أرض الواقع، مشددا على ضرورة تحويل هذه المذكرات إلى أعمال ملموسة من خلال عقد صفقات وتنفيذ مشاريع مشتركة.
إعلانوأوضح الجواهري في حديثه للجزيرة نت أن المذكرات الموقعة تهدف بشكل عام إلى نقل الخبرات وتوقيع عقود عمل تشجع الشركات المصرية للمساهمة في المشاريع العراقية.
وأشار إلى أن نجاحها مرتبط بشكل مباشر بما يريده الجانب العراقي من هذه الاتفاقيات، خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الخدمية والبنية التحتية التي سيتم تمويلها من قبل العراق.
ولفت الجواهري إلى أهمية متابعة تنفيذ اتفاقية التعاون بين بغداد والقاهرة، خاصة في ظل تدهور الخدمات بالعاصمة العراقية، مشيرا إلى ضرورة وجود آلية واضحة لربط الشركات العراقية بنظيراتها المصرية لتحديد الاحتياجات وتوفير الحلول المناسبة.
وشدد على أهمية جذب الاستثمارات المصرية المباشرة وغير المباشرة إلى العراق، ولكن بسقف طموحات معقول نظرا للتحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، مشيرا إلى أن الاعتماد على التمويل العراقي للمشاريع المشتركة قد يؤدي إلى زيادة الطلب على المواد الأولية والضغط على العملة لاستيراد تلك المواد.
طابع اقتصاديمن جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية سعدون الساعدي أن زيارة رئيس الوزراء المصري والوفد المرافق له إلى العراق كانت ذات طابع اقتصادي أساسي، وذلك من خلال توقيع العديد من مذكرات التفاهم والبروتوكولات التي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
ومع ذلك، لم تخلُ الزيارة من الجانب السياسي، إذ تم تناول العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وقال الساعدي للجزيرة نت إن الزيارة جاءت في وقت تشهد المنطقة والعالم أزمة كبيرة، وتزامنت مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مما دفع الطرفين العراقي والمصري إلى مناقشة هذه القضية والاتفاق على رفض الطرح الأميركي.
كما تمت مناقشة العديد من القضايا الأخرى، بما في ذلك التحضيرات لمؤتمر قمة بغداد المقبل في يونيو/حزيران المقبل.
إعلان