محللون: البرهان أمام خيارات ضيقة ومحدودة في ضوء تناقض مواقفه بشأن مفاوضات وقف الحرب
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
«خيارات ضيقة ومحدودة» أمام قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، هكذا وصف بعض المحليين تأرجح مواقفه بين الرفض والقبول المشروط، بـ«المشاركة في أي محادثات لإنهاء الحرب في البلاد»، وعلى حد قولهم: «يقع تحت ضغط كبير وحصار من الداخل والخارج».
فبعد يومين من إعلان الحكومة السودانية عبر وزارة الخارجية، استعداداها للانخراط في محادثات سويسرا لوقف إطلاق النار، بشرط عقد اجتماع سابق مع الحكومة الأميركية للتشاور بشأن أجندتها والأطراف المشاركة، خرج البرهان بعد نجاته من محاولة اغتيال بمسيّرة مجهولة خلال مشاركته الأربعاء في تخريج ضباط الكلية الحربية بمدينة جبيت شرق البلاد، بشروط جديدة من بينها «الاعتراف بالحكومة»، ودعا الوسطاء لمخاطبة «الدعم السريع» للانسحاب من المدن التي تسيطر عليها.
ويرى محللون أن رفض البرهان محادثات سويسرا «سيفقده المواقف المتوازنة لبعض دول الجوار الساعية لوقف الحرب، ومن ثم سيضع نفسه في مواجهة المجتمع الدولي، الذي سيسعى في المقابل، لزيادة الضغط عليه وعزله دولياً عن الذين يقاتلون إلى جانبه، ويرفضون أي اتجاه لوقف الحرب».
البحث عن الشرعية
وقال المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ: «إن البرهان يريد قبل الذهاب إلى أي محادثات، الاعتراف بشرعية حكومته والتعاطي معه على هذا الأساس»، بيد أنه استبعد أن يجد ذلك المطلب قبولاً من الدول النشطة في الملف السوداني، مرجعاً ذلك إلى«عدم وجود سلطة شرعية بعد انقلاب الجيش على الحكم المدني» في 2021.
ورأى أن ما ذكره قائد الجيش في جبيت بعد فشل استهدافه بالطائرة المسيّرة، «كان إشارات متناقضة حول موقفه الحقيقي من محادثات وقف إطلاق النار» التي دعت لها الولايات المتحدة بسويسرا في 14 من أغسطس (آب) الحالي.
وقال: «إن البرهان أمام خيارين: إما أن يذهب إلى محادثات ويضع تلك الشروط ضمن أجندة التفاوض في سويسرا، أو أن يرفض، ومن ثم يظهر أمام العالم أنه غير جاد في وقف الحرب، وخطورة هذا الموقف قد تدفع للتعامل مع قوات الدعم السريع بوصفه أمراً واقعاً، ونتائجه اشتعال حرب أكثر ضراوة، وربما يؤدي إلى تغير في المواقف الحيادية لبعض الدول، من الجيش السوداني».
وقال أبو الجوخ: «إن البرهان يحاول أن يمارس أكبر ضغط ممكن على الوسطاء والمجتمع الدولي لإضفاء شرعية على حكومته، لكن إعلان جدة عرف الطرفين بأنهما القوات المسلحة وقوات الدعم السريع... وما يعيق الموافقة على طلبه، أن (الدعم السريع) لا تعترف بأي شرعية لحكومة بورتسودان، وقد يدفعها ذلك إلى اتخاذ ردة فعل بالامتناع عن المشاركة في المحادثات».
وضع معقد
وبدوره، قال ضابط «متقاعد» برتبة رفيعة في الجيش: «إن وضع البرهان معقد جداً، من الناحية العسكرية على الأرض، من هذه الزاوية يمكن النظر إلى مواقفه التي تبدو في بعض الأحيان متشددة تجاه مواصلة الحرب حتى القضاء على تمرد ميليشيا الدعم السريع، وأحياناً أخرى يبدي مرونة مع وضع الشروط للحفاظ على تماسك مؤسسة الجيش».
وأضاف الضابط الذي طلب حجب هويته، أن قرار الذهاب إلى المفاوضات يجب ألا يكون حوله خلاف بين قادة الجيش، وأن يتم اتخاذه عبر التراتبية داخل المؤسسة العسكرية، وإلا فسُيحدث شرخاً داخلها... ورأى أن أي خطوة من الجيش للقبول بالمفاوضات مع «الدعم السريع»، يجب أن تسبقها تهيئة داخل المؤسسة العسكرية والرأي العام في الشارع، بيد أن ما يحدث في الواقع حملة مضادة لوقف الحرب.
ووفق المصدر ذاته، فإن للإسلاميين تأثيراً على القرار داخل الجيش، وتزايد بشكل أكبر بعد اندلاع الحرب الحالية وانخراط أعداد كبيرة منهم في القتال في صفوفه في كل المواقع العسكرية بالبلاد، مشيراً إلى أن اتخاذ قرار بالذهاب إلى المفاوضات وتجاوزهم، ستكون له ردة فعل خطيرة على تماسك الجيش.
وقال: «إن تكتيك البرهان حالياً هو: حارب أولاً ثم فاوض، وسيعمل على كسب أكبر وقت ممكن لخلق حالة من التوازن العسكري على الأرض لتقوية موقفه على طاولة المفاوضات، لكن وفقاً للخريطة العسكرية الحالية، فإن ذلك قد يأخذ وقتاً طويلاً».
الشرق الاوسط
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
البرهان يزور مصفاة الجيلي بالخرطوم ويتعهد بإعادة إعمار ما دمره الدعم السريع
قام رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم السبت، بزيارة تفقدية لمصفاة الجَيلي للبترول شمال الخرطوم، بعد أن أعلن الجيش في وقت سابق استعادة السيطرة عليها بعد معارك مع قوات الدعم السريع استمرت عدة أيام.
يأتي ذلك فيما أكد رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين أن تمكن القوات المسلحة أمس الجمعة من فك الحصار الذي كانت تفرضه قوات الدعم السريع على مقر "القيادة العامة" في الخرطوم منذ عام ونصف العام، هو بمثابة "بداية تاريخ جديد" للشعب والجيش السودانيين.
وتعهد البرهان -خلال زيارته- بـ"إعادة إعمار ما دمرته المليشيا حتى تعود المصفاة للعمل بصورة طبيعية كأحد الموارد الاقتصادية الهامة في الدولة".
كما أكد أن "ما اقترفته يد المليشيا من دمار وتخريب لهذه المنشأة الوطنية لن يمر دون حساب".
وأضاف "عهدنا مع الشعب أن نستمر في دحر هذا التمرد حتى تطهير آخر شبر دنسته مليشيا آل دقلو (محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي) الإجرامية".
وكان مصدر عسكري رفيع في الجيش السوداني قد أكد للجزيرة في وقت سابق أن الجيش تمكن من استعادة السيطرة على مصفاة الجيلي شمال الخرطوم.
وبث جنود للجيش السوداني صورا تظهر توغلهم داخل مصفاة الجيلي والتصنيع الحربي ومكاتب جهاز الأمن، وقال الجيش -في بيان مقتضب- إنه تمكن من طرد قوات الدعم السريع من المصفاة.
إعلانوتعتبر مصفاة الجيلي التي تقع على بعد نحو 70 كيلومترا شمال الخرطوم المصفاة الرئيسية للنفط، وظلت تحت سيطرة الدعم السريع منذ نشوب الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023.
وشهدت مدينة الجيلي اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الأيام الماضية، حيث سعى الجيش للسيطرة على آخر معاقل الدعم السريع الذي كان يتحصن بمقر المصفاة.
تاريخ جديد
من ناحية أخرى، اعتبر رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين أن تمكن القوات المسلحة من فك الحصار الذي كانت تفرضه قوات الدعم السريع على مقر "القيادة العامة" في العاصمة السودانية منذ عام ونصف العام، يعتبر "بداية تاريخ جديد" للجيش والشعب السودانيين.
وقال -في كلمة له لوسائل الاعلام من داخل مقر القيادة العامة- إن "هذه بداية تاريخ جديد بالنسبة للقوات المسلحة السودانية وللشعب السوداني لالتفافه حول الجيش في معركة الكرامة".
وأضاف "هذا النصر هو حافز للجميع لتطهير كل شبر متبق من أرض السودان (من سيطرة الدعم السريع)".
وذكّرت مصادر بالجيش السوداني أمس بأن الجيش فك الحصار الذي كان يفرضه الدعم السريع على مقر "القيادة العامة"، كما فك الحصار عن معسكر سلاح الإشارة، بعد معارك وسط الخرطوم بحري.
وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة -في بيان- إن قواتها أكملت المرحلة الثانية من عملياتها وذلك بالتقاء قوات محور الخرطوم بحري مع القوات المرابطة بالقيادة العامة.
وأضاف البيان "تهنئ هيئة قيادة القوات المسلحة قواتنا بكل محاور القتال بهذا الانتصار الذي امتزج مع دحر هجوم مليشيا آل دقلو الإرهابية الغادر صباح اليوم (الجمعة) على مدينة الفاشر الصامدة".
وفي تصريحات له مساء الجمعة، قال وزير الإعلام السوداني إن "انتصارات الجيش بالخرطوم وكردفان والفاشر نقطة فارقة بمسيرتنا لاستعادة الأمن والاستقرار".
إعلانفي المقابل، نفت قوات الدعم السريع -في بيان- تحقيق الجيش أي تقدم، واصفة المعلومات بأنها مجرد "رفع للروح المعنوية" لعناصره.
ويخوض الجيش والدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.