في عيده التاسع والسبعين… الجيش العربي السوري سياج يصون كرامة الأمة وسيادتها
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
حمص-سانا
شكلت ذكرى تأسيس الجيش العربي السوري مناسبة وطنية غالية على قلوب السوريين، وفي مقدمتهم رجالات هذا الجيش الذين خاضوا معارك الشرف والبطولة في صفوفه خلال المعارك التي خاضها جيشنا الباسل منذ تأسيسه دفاعاً عن الوطن وعزته، فكان سياجا يصون حقوق الأمة العربية ومصالحها.
عن هذه المناسبة وأثرها العظيم في نفوس أبطال الجيش العربي السوري لفت رئيس رابطة المحاربين القدماء بحمص العميد المتقاعد فايز الشامي إلى أن “عيد الجيش العربي السوري كان وسيبقى شعلة تضيء درب النصر في كل ملحمة سطرها أبطال هذا الجيش دفاعاً عن الوطن ولصون عزته وكرامته”، مؤكداً أن أعضاء الرابطة يقفون إلى جانب رفاقهم في حمل السلاح والذود عن الوطن كي يبقى عزيزا منتصراً”.
بدوره أعرب العقيد المتقاعد علي السلوم عن افتخاره بذكرى تأسيس الجيش العربي السوري الذي “ناضل وقدم تضحيات في سبيل أن تبقى سورية قوية بجيشها وشعبها الصامد والحامل لراية الانتصار في شتى ميادين الحياة”.
واعتبر العقيد الركن المتقاعد يحيى ديبو أن العقيدة التي اتبعها الجيش العربي السوري أكدت على الدوام أنه “جيش الأمة العربية.. ومهمته الدفاع عن الوطن وحماية الشعب ومنجزاته، فحمل عقيدة رسخها القائد المؤسس حافظ الأسد الذي أكد أن الشهادة قيمة القيم فكان الجندي المقاتل مثالا للقدوة والاندفاع والتضحية في سبيل تحقيق النصر”.
ورأى العميد المتقاعد أحمد كوسا أن لعيد الجيش العربي السوري “قيمة حقيقية كبيرة ومعنوية تشمخ بالنفوس إلى السماء.. فرفع راية الوطن عالياً وجعله عصياً على أعدائه بفضل البطولات التي حققها منذ تأسيسه لنصرة البلدان العربية ومازال يواصل طريق الانتصار حتى تحرير آخر شبر من سورية من براثن المجاميع الإرهابية التي أطلقها مشغلوها في الخارج لتعيث فيه قتلاً وتخريباً لطمس حضارته وهويته العربية”.
وأعرب المقدم المتقاعد مصطفى عبد الهادي عن “اعتزاز كل سوري بهذه المناسبة العظيمة التي تضيء على إنجازات الجيش العربي السوري البطولية في كل مرحلة من مراحل الصراع مع العدو”.
وأشاد العقيد المتقاعد إبراهيم عبيدو بقوة الجيش العربي السوري “الذي أذهل العالم بمحطاته البطولية القومية منذ تأسيسه فكان اندفاعه لنصرة الشعب الفلسطيني عام 1948 ومشاركته في الدفاع عن مصر في وجه العدوان الثلاثي عليها عام 1956 ونصرة الشعب والمقاومة في لبنان في وجه الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وانتصاره في حرب تشرين عام محطات فخر واعتزاز بعقيدة هذا الجيش الجبار”.
حنان سويد
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الجیش العربی السوری عن الوطن
إقرأ أيضاً:
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )
في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .
لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.
عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .
هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.
فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.
ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .
أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)
اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .
النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.
Mujtabā Lāzim
إنضم لقناة النيلين على واتساب